التاريخ: آذار ٥, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
ضغوط دولية لتفعيل هدنة الغوطة و المعارضة تتراجع أمام «الأرض المحروقة»
باريس، بيروت - رندة تقي الدين، «الحياة»، رويترز 
كثفت فرنسا اتصالاتها الدولية والإقليمية لمحاولة تطبيق وقف النار في سورية، ووجهت دعوة مباشرة إلى إيران أمس، للضغط على حليفتها دمشق من أجل وقف الهجوم على الغوطة الشرقية المحاصرة. واعترفت المعارضة بأن ربع الغوطة الشرقية (آخر معاقلها قرب دمشق) بات تحت سيطرة القوات النظامية، نتيجة سياسة «الأرض المحروقة» التي ينتهجها النظام في هجومه الدموي.

وشدّدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ضرورة أن تستخدم روسيا نفوذها لدى دمشق لوقف الحملة على الغوطة. وورد في بيان صادر عن مكتب ماي أمس، أن لندن وواشنطن تحملان موسكو ودمشق مسؤولية المعاناة في الغوطة الشرقية.

وأجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالاً هاتفياً بنظيره الإيراني حسن روحاني أمس، مشدداً على ضرورة أن تمارس طهران «الضغوط الضرورية» على النظام السوري «لوقف الهجوم العشوائي» على المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية والإفساح في المجال أمام إدخال مساعدات إنسانية، إضافة إلى إخراج الجرحى والذين يعانون من أوضاع طبية حرجة. وأورد في بيان صادر عن قصر الرئاسة الفرنسية أنه «نظراً إلى علاقة إيران بالنظام السوري، تقع عليها مسؤولية الضغط على دمشق لتنفيذ الهدنة الإنسانية التي يفرضها القرار 2401 الصادر عن مجلس الأمن».

وأشار البيان إلى أن الرئيسين اتفقا على «التعاون في شكل عملي في الأيام المقبلة مع الأمم المتحدة والنظام والدول المؤثرة للتوصل إلى نتائج على الأرض لتحسين أوضاع المدنيين وتنفيذ فعلي لوقف النار»، على أن يعيد الزعيمان في الأيام المقبلة «تقييم» ما تم تنفيذه فعلياً من مضمون محادثاتهما. ويأتي هذا الاتصال عشية زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لطهران.

وأجرى لودريان سلسلة اتصالات هاتفية تمحورت حول سورية، خصوصاً مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون للبحث في كيفية ممارسة ضغوط من أجل تطبيق الهدنة الإنسانية في الغوطة. كما تشاور مع نظيريه التركي مولود جاويش أوغلو والسعودي عادل الجبير. وشكّلت فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والأردنية أخيراً «مجموعة صغيرة» سعياً إلى إعادة إطلاق عملية السلام في سورية تحت إشراف الأمم المتحدة.

وأعلنت الأمم المتحدة أمس، نيتها إرسال مساعدات اليوم (الإثنين) إلى الغوطة. وورد في بيان صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، أن القافلة المرتقبة إلى دوما تتألف من «46 شاحنة تقل حاجات طبية وغذائية، فضلاً عن طعام لـ27500 شخص»، على أن يتم إرسال قافلة أخرى بعد أيام قليلة.

ميدانياً، تعهّد حمزة بيرقدار الناطق باسم «جيش الإسلام» أكبر فصائل الغوطة الشرقية، بطرد القوات النظامية من الأراضي التي سيطرت عليها في الغوطة خلال الأيام الماضية، مشيراً إلى أن المعارضة تعمل على «إعادة الصفوف وترتيبها وتحصين المواقع من جديد لمواجهة» النظام. وأوضح بيرقدار أن قوات المعارضة اضطرت للتقهقر «بعد اتباع النظام سياسة الأرض المحروقة» في المنطقة.

وباتت القوات النظامية تسيطر على أكثر من 25 في المئة من الغوطة بعد تقدمها على جبهات عدة. ودفع التقدّم والقصف الجوي العنيف مئات المدنيين إلى النزوح في اتجاه مناطق سيطرة الفصائل المعارضة. وأوضح رامي عبدالرحمن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قوات النظام تبعد نحو ثلاثة كيلومترات عن دوما» أبرز مدن هذه المنطقة المحاصرة، كما باتت على أطراف بلدتي بيت سوى والأشعري.

وأوضح عبدالرحمن أن «التقدم السريع يعود إلى كون العمليات العسكرية تجري في شكل أساسي في مناطق زراعية، فضلاً عن التمهيد (بالقصف) الجوي العنيف»، مشيراً إلى أن «مستشارين روساً يدعمون العملية». وتبلغ المساحة التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة في الغوطة نحو مئة كيلومتر مربع وتشكل نحو ثلث المساحة الكلية للغوطة.

وفي أول تعليق رسمي للجيش السوري، نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن «وحدات الجيش تقدمت على أكثر من اتجاه وطهرت العديد من المزارع والبلدات في اتجاه حرستا (غرب) ودوما».

طهران تدعو دمشق إلى مواكبة «الهجمات» بالسياسية

دَعَت إيران النظام السوري إلى إرفاق ما سمته «الجهاد المسلّح» بالمساعي السياسية الرامية إلى حلّ الأزمة. وقال يحيى رحيم صفوي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، إنه «يجب على الجيش السوري ومحور المقاومة الاستمرار في عملياتهم المظفرة، لكن من وجهة نظري إلى جانب الجهاد المسلح للشعب والجيش وحكومة الرئيس بشار الأسد، ينبغي السعي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة».

ولفت صفوي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية أمس، إلى أهمية موقع سورية للتنافس الجيو-إستراتيجي بين القوى العالمية، مضيفاً أنه «من النادر أن نجد منطقة في العالم بأهمية غرب آسيا تجتمع فيها العوامل الجيوسياسية والجيواقتصادية والجيوإستراتيجية، حيث تحولت هذه المنطقة حالياً إلى مكان للتنافس الجيوإستراتيجي للقوى العالمية والإقليمية، وسورية هي إحدى ساحات ظهور هذا التنافس».

ورأى أن «أعداء سورية» فشلوا «فشلاً ذريعاً» في إسقاط نظامها واستهداف استقلالها ووحدة أراضيها. وكرّر موقف طهران من الوجود العسكري الأميركي في سورية واصفاً إياه بأنه «مخالفة للقانون الدولي وعدم اكتراث لمجلس الأمن». وأعرب عن أمله بأن تتمكن القوات النظامية السورية و «القوات الشعبية» الرديفة لها من «طرد الأميركيين من شرق الفرات والحفاظ على وحدة الأراضي السورية».

ولفت إلى أن إيران «تقدّمت» في مجال الطائرات من دون طيار والصواريخ بالغة الدقة، مضيفاً أن هذه الطائرات «حلقت ليلاً في دير الزور خلال عمليات قصف صاروخي ضد مقرّ للإرهابيين الداعشيين فأصابت أهدافها بدقة عالية. واعتبر أن «هذا النجاح يبشر بدقة وقوة عتادنا الصاروخي».