| | التاريخ: آذار ٤, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | لبنان: التحقيق في قضية زياد عيتاني يتشعب ويبرّئه؟ | عادت قضية الممثل والمخرج والكاتب المسرحي اللبناني زياد عيتاني الذي أوقفه جهاز أمن الدولة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بشبهة «التخابر والتواصل والتعامل مع العدو الإسرائيلي» لتشغل الرأي العام اللبناني، وذلك بعد التطورات المتسارعة التي سُجّلت في هذا الملف في الساعات الماضية، إثر نقل التحقيق فيه إلى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي أوقفت مساء أول من أمس المُقدّم في قوى الأمن سوزان الحاج، التي كانت ترأس مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، على خلفية ما وصف بأنه «فبركة» ملف عيتاني.
إعادة التحقيق في القضية من جانب فرع المعلومات، والتي جاءت بموجب استنابة قضائية كان سطرها قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، الذي يتابع تحقيقاته غداً «لوجود ثغر في الملف المحال عليه من المديرية العامة لأمن الدولة»، ركزت وفق ما سرب من معلومات على التدقيق في القضية من زاوية تحديد شخصية المرأة التي ورد في ملف التحقيق لدى أمن الدولة أنها ضابطة إسرائيلية (تردد أن اسمها كوليت) جنّدته للعمل لحساب استخبارات العدو، والتي ورد في المحاضر أنه التقاها في تركيا، حيث كلّفته بالتجسس».
وأفادت التسريبات عن نتائج توسع فرع المعلومات في التحقيقات التي أجراها جهاز أمن الدولة بأنه «بعد تدقيق تقني من جانب فرع المعلومات، من خلال ملاحقة الحسابات الإلكترونية «المشبوهة» التي كانت تراسل عيتاني، تم تحديد «قرصان إنترنت» لبناني يعمل مخبراً لجهاز أمن الدولة»، وأكدت أن فرع المعلومات أبلغ الأمر إلى معاون مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني الحجار، الذي أشار بتوقيف «القرصان». وجرى التحقيق مع الأخير، والتدقيق في حاسوبه وهاتفه حيث عثر على ملف باسم «زياد عيتاني»، هو الذي استخدم من أجل الإيقاع به. وأضافت أن القرصان اعترف بأنه اخترع اسم كوليت، وزور حساباً يتم تشغيله من فلسطين المحتلة. وأشارت التسريبات إلى أن «القرصان» قدم إلى جهاز أمن الدولة المعطيات التي افتعلها بهدف الإيقاع بعيتاني، بناءً على طلب المقدم سوزان الحاج، لأنها رغبت في الثأر منه بعدما تسبب بتعليق عملها في قوى الأمن بعد نشره صورة «إعجابها» (لايك) بتغريدة مسيئة للسعودية للمخرج شربل خليل على موقع «تويتر». وتتهم التسريبات الحاج بأنها «سعت للإيقاع بأشخاص آخرين».
وبناءً على إشارة القاضي الحجار، تم توقيف الحاج مساء أول من أمس، وخضعت للتحقيق لدى شعبة المعلومات. وأفادت التسريبات بأن ما قاله الموقوف بحقها مثبت بتسجيلات لرسائل صوتية بين الحاج و «القرصان». وفيما أفادت التسريبات بأن المقدم الحاج أنكرت كل التهم والوقائع المنسوبة إليها بعد التحقيق مع القرصان، أشارت معلومات أمنية إلى أن الوقائع التي عرضت أمامها واضحة ولو لم تعترف.
«فبركة الـ ip»
وقال النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، إنه «أثناء تنفيذ فرع المعلومات الاستنابة القضائية في ملف عيتاني تبين وجود شبهات وأدلة في جرم فبركة الـ ip الذي تم التواصل فيه مع عيتاني وبعض النقاط الفنية، ما استدعى إشرافي شخصياً على الملف».
وأضاف إنه «أعطى إشارة بتوقيف شخص ويتم الاستماع إلى إفادة شخص آخر، على أن يتخذ الإجراء المناسب في ضوء استكمال التحقيق». وأشار في حديث إلى «صوت لبنان» إلى أنه تحقيقاً «لشفافية التحقيق كلّف طبيباً شرعياً الكشف على الموقوف في هذا الملف بناء على طلبه».
وتعليقاً على هذا التطور، سارع وزير الداخلية نهاد المشنوق ليل أول من أمس، إلى كتابة تغريدة عبر «تويتر» قال فيها: «كل اللبنانيين يعتذرون من زياد عيتاني والبراءة ليست كافية. الفخرُ به وبوطنيته هو الحقيقةُ الثابتة والوحيدة. والويلُ للحاقدين، الأغبياء، الطائفيين، الذين لم يجدوا غير هذا الهدف الشريف، البيروتي الأصيل، العروبي الذي لم يتخلّ عن عروبته وبيروتيته يوماً واحداً».
وردّ وزير العدل سليم جريصاتي عبر حسابه على «تويتر» على وزير الداخلية من دون أن يسميه، وقال: «الشعب اللبناني لا يعتذر من أحد، ولا يليق بأي مسؤول تقديم أوراق الاعتماد الانتخابية من طريق طلب مثل هذا الاعتذار، وإعلان البراءة أو الإدانة من اختصاص القضاء وحده، الذي يلفظ أحكامه وحيداً باسم الشعب اللبناني».
جنبلاط: اعتذروا يا أهل السلطة
كذلك غرد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط على كلام المشنوق، قبل أن يعود ويحذف تغريدته التي قال فيها: «لا علاقة للبنانيين بالاعتذار من زياد عيتاني وما من أحد فوض الوزير بالتحدث باسمهم. على السلطة الاعتذار من اللبنانيين لكثرة الفساد والفوضى في مطبخها الممغنط».
وإثر حذف التغريدة، عاد جنبلاط وغرد ثانية قائلاً: «لا علاقة للبنانيين بالاعتذار من زياد عيتاني. اعتذروا أنتم يا أهل السلطة من هذه الفضيحة الأمنية والقضائية واستقيلوا. والفضائح لا تعد ولا تحصى في جعبتكم، لكن الأخطر أنكم خلقتم مناخاً من التشكيك في الأجهزة سيستفيد منه الإسرائيلي إلى أقصى حد، وبالتالي تعرضون الأمن الوطني بجهلكم للخطر».
المشنوق: الحكم الإثنين أو الثلثاء
من جهته، وفي تعليق آخر، رفض المشنوق الحديث عن «صراع بين الأجهزة الأمنية في ملف عيتاني». وقال: «أترك الأمر للقاضي رياض أبو غيدا، وأتوقّع صدور الحكم الإثنين أو الثلثاء». وقال لـ «أم تي في»: «أنا لم أستبق القضاء بإعلان براءة عيتاني وما قلته كان من منطلق شخصي وليس من منطلق سياسي وانتخابي كما أوحى (الوزير) جريصاتي». وأضاف: «لست بحاجة إلى خوض معركتي الانتخابيّة بهذه الطريقة وعيتاني بريء».
وأوضح أن «مجموعة معيّنة من الأشخاص بعضهم معروف نصبوا الفخّ لعيتاني وأوحوا بأنّه متّهم بالتعاون مع إسرائيل».
ورد على تغريدة جنبلاط قائلاً: «ما قاله من بنات أفكاره وليس هناك شيء ممغنط وفساد في وزارة الداخلية، لكن على أي حال حذف تغريدته وليست المرة الأولى التي يكون فيها مخطئاً ويعود عن خطئه».
وبعد تغريدة وزير الداخلية، التي أشعلت مواقع التواصل بين مؤيد ومنتقد، كتب المخرج المسرحي يحيى جابر على «فايسبوك»: «مبروك البراءة لزياد عيتاني، وشكراً للعدالة أخيراً، وأعتذر لزلة لسان، والله يجازي اللي كان السبب لهذا البلغم، مبروك مبروك».
أمن الدولة
وفور إثارة قضية عيتاني مجدداً، سارع قسم الإعلام والتوجيه في أمن الدولة إلى إصدار بيان مساء أول من أمس جاء فيه:
«نشر بعض الوسائل والمواقع الإلكترونية أخباراً مغلوطة عن توقيف المدعى عليه زياد عيتاني في تاريخ 23/11/2017، وحاولت الأقلام المأجورة التشكيك بصدقية التحقيقات التي أجرتها المديرية مع الموقوف، قبل إحالته على القضاء العسكري في 28/11/2017». وقالت: «يؤسفنا أن تبلغ السجالات الإعلامية حداً متدنياً من المناقبيات التي تخالف ميثاق الشرف الإعلامي، وأن تروج لتبرئة من ثبت عليهم جرم التواصل والتخابر مع العدو بهدف التطبيع...». وذكّرت «بأن التحقيقات التي أجريت مع المدعى عليه تمت بإشراف القضاء، وفي حضور مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، الذي قام شخصياً باستجوابه، قبل الادعاء عليه، استنادا إلى اعترافاته الموثقة بالصوت والصورة».
وأكـــدت أن «المدعى عليه لم يتعرض خـــلال التحقيق لأي نوع من التعذيب الجسدي أو النفسي، خلافاً لما يشاع على لسان محاميه، لأن المديرية لا تعتـــــمد أساليب غير إنسانية للضغط علــــى الموقوفين...»، وقالت: «لا يخفى علـــى أحد أن إثارة قضية عيتاني من جديد، في هذا التوقيت المتزامن مع اقتراب الاستحقاقات النيابية، هي خدمة كبرى لإسرائيل يسديها إليها أطراف وجهات مشكوك في انتمائهم الوطني وبثقتهم بالمديريات الأمنية». | |
|