التاريخ: آذار ٤, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
النظام «يفتت» مناطق المعارضة في الغوطة
مجلس حقوق الإنسان يصوّت غداً على قرار في شأن الغوطة
بيروت، دوما (سورية) – «الحياة»، أ ف ب 
تسارعت التطورات الميدانية على جبهتين رئيستين في سورية، في أوضح مؤشر إلى أن وقف العمليات القتالية الذي طالب به مجلس الأمن الأسبوع الماضي نسف تماماً. وعلى رغم مناشدات دولية لروسيا بالضغط على الرئيس السوري بشار الأسد لالتزام وقف النار، كثّف النظام أمس معركته البرية في الغوطة الشرقية المحاصَرة في محاولة لفصل مناطق سيطرة المجموعات المعارِضة بعضها عن بعض، فيما برز استهداف هو الأوسع حتى الآن من الطائرات التركية لمقاتلين موالين للنظام السوري في عفرين أدى إلى مقتل أكثر من 35 عنصراً منهم، في حادث هو الثالث من نوعه في غضون يومين.

وحققت قوات النظام أمس تقدماً إضافياً في شرق الغوطة الشرقية وجنوب شرقيها، إثر معارك عنيفة خاضتها ضد الفصائل المعارضة لتسيطر على بلدتي الشيفونية وأوتايا اللتين تعرضتا لغارات وقصف مدفعي كثيف. وكانت سيطرت في الساعات الأخيرة على قريتي حوش الظواهرة وحوش الزريقية إضافة إلى قاعدتين عسكريتين سابقتين. وتزامن التصعيد مع تعزيزات لقوات النظام في محيط المنطقة، ما أكد نية دمشق شنّ هجوم بري واسع. ولفت «المرصد السوري» إلى أن قوات النظام تحاول التقدم «لعزل كل من منطقتي المرج ودوما التي تضم العدد الأكبر من المدنيين، عن بقية البلدات في غرب الغوطة الشرقية المحاصرة.

وأوضح حمزة بيرقدار الناطق باسم «جيش الإسلام»، أبرز فصائل الغوطة، أن قوات النظام تتبع «سياسة الأرض المحروقة»، مؤكداً انسحاب المقاتلين من نقاطهم في حوش الظواهرة والشيفونية، كونها «مكشوفة أمام القصف الهستيري».

وأتى التصعيد غداة إعلان روسيا هدنة إنسانية يفترض أن يبدأ تطبيقها الثلثاء لمدة خمس ساعات يومياً، إلا أنه لم يسجل خروج أي من المدنيين أمس، فيما أحصى المرصد مقتل ستة مدنيين من بينهم طفل بقصف النظام قبل سريان الهدنة.

إلى ذلك، وجه مدير صحة دمشق وريفها عماد قبادي، نداءً إلى أطباء العالم للتواصل مع أطباء الغوطة والاطلاع على الوضع الطبي المزري وتقديم المساعدة. وأشار إلى نقص حادّ في المستلزمات الطبية والأدوية التي تُستنزف يوماً بعد يوم في ظل استقبال مستشفيات المنطقة عشرات الضحايا يومياً.

وفي شمال سورية، استهدفت طائرات تركية موقعاً لقوات موالية للنظام في قرية كفرجنة في عفرين تساند المقاتلين الأكراد منذ نحو أسبوعين في التصدي لهجوم تشنه أنقرة وفصائل سورية موالية لها على شمال سورية، ما أدى إلى مقتل 36 مسلحاً.

وتعدّ هذه المرة الثالثة التي تستهدف فيها طائرات تركية مواقع تابعة للمقاتلين الموالين لدمشق خلال يومين، بعد مقتل 18 عنصراً يومي الخميس والجمعة في غارات تركية على قريتين شمال غربي عفرين، ما رفع حصيلة القتلى الإجمالية إلى 54 مقاتلاً على الأقل منذ مساء الخميس.

وأتت هذه الغارات في وقت تمكنت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها من السيطرة على أجزاء واسعة من بلدة راجو الاستراتيجية شمال غربي عفرين، كما أحرزت تقدماً على جبهة أخرى شمال شرقي عفرين، حيث سيطرت على أجزاء من جبل استراتيجي يشرف على العديد من البلدات والقرى.

النظام السوري يتجاهل الهدنة ويكثّف هجماته على الغوطة

حققت قوات النظام السوري تقدماً في جنوب الغوطة الشرقية المحاصَرة وجنوب شرقها، بعد معارك عنيفة خاضتها ضد فصيل «جيش الإسلام» المعارض، على رغم دعوة مجلس الأمن إلى وقف الأعمال القتالية في أنحاء سورية لـ30 يوماً وهدنة إنسانية أعلنت عنها روسيا لخمس ساعات يومياً في الغوطة لم تؤدّ إلى خروج مدنيين من المنطقة.

وأعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن أن قوات النظام وحلفاءها كثفوا في الساعات الـ48 الأخيرة هجماتهم على مواقع الفصائل وتمكنوا من التقدم والسيطرة على قريتي حوش الظواهرة وحوش الزريقية. وأضاف أن «قوات النظام سيطرت كذلك على قاعدتين عسكريتين سابقتين جنوب بلدة الشيفونية كانتا تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام أكبر الفصائل المعارضة في المنطقة».

ولم يتضح إذا كان تصعيد الهجمات بمثابة انطلاق للهجوم البري على الغوطة، بعد التعزيزات العسكرية التي حشدتها قوات النظام.

وقال عبدالرحمن إن «قوات النظام تحاول التقدم لعزل كل من منطقتي المرج (جنوب شرقي الغوطة) ودوما (شمال الغوطة) التي تضم العدد الأكبر من المدنيين، عن بقية البلدات في غرب الغوطة الشرقية المحاصرة.

ووفق «المرصد»، يشارك مستشارون روس إلى جانب قوات النظام في المعارك العنيفة التي تترافق مع غارات كثيفة وقصف مدفعي، فيما قتل منذ بدء الاشتباكات في 25 شباط (فبراير) الماضي 60 عنصراً من قوات النظام وحلفائها مقابل 34 مقاتلاً من «جيش الإسلام».

ووثّق «المرصد» أمس مقتل مدنيين اثنين قبل بدء تطبيق الهدنة الروسية، بعد غارات عنيفة استهدفت ليلاً مناطق عدة في الغوطة، في وقت بلغت آخر حصيلة للقتلى الجمعة 19 مدنياً.

وتتعرض مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة منذ ثلاثة أسابيع لقصف كثيف من قوات النظام أدّى إلى مقتل أكثر من 630 مدنياً من بينهم 150 طفلاً. وتزامن مع تعزيزات عسكرية لقوات النظام في محيط المنطقة، ما شكل مؤشراً الى نية دمشق شنّ هجوم بري واسع.

وتسيطر الفصائل المعارضة على ثلث مساحة الغوطة بعدما تمكنت قوات النظام خلال السنوات الأخيرة من استعادة العديد من المدن والبلدات.

وتتزامن المعارك العنيفة مع هدنة إنسانية أعلنتها روسيا وبدأ تطبيقها الثلثاء لمدة خمس ساعات يومياً، ويتخللها فتح ممر لخروج المدنيين. وفيما لم يسجل خروج أي من المدنيين وفق «المرصد»، تتراجع وتيرة الغارات والقصف إلى حد كبير خلال فترة سريانها.

في غضون ذلك، اتهم مركز المصالحة الروسي في سورية أمس المسلحين بـ «بقصف نقاط تفتيش الخروج من الغوطة الشرقية»، مشيراً إلى وقوع 3 جرحى من المدنيين بالقصف. وذكر المركز «أن المسلحين في الغوطة يفتشون منازل المدنيين، ويصادرون منهم أطعمتهم والبطاقات التي تسمح لهم بالخروج من المدينة»، لافتاً إلى أن ذلك «يؤدي إلى تعقيد الوضع الإنساني بشكل مصطنع في المنطقة.

في المقابل، أفاد الإعلام الرسمي بسقوط قذائف عدة على أحياء في ريف دمشق خاضعة لسيطرة النظام. وأشارت وكالة أنباء «سانا» إلى «اعتداء التنظيمات الإرهابية المنتشرة في الغوطة بـ13 قذيفة على مستشفى البيروني وضاحية الأسد السكنية في حرتسا» في ريف دمشق. ونقلت الوكالة عن مصدر في قيادة الشرطة قوله أن «الإرهابيين استهدفوا مستشفى البيروني في ريف دمشق بـ8 قذائف سقطت في محيطه وتسببت بوقوع أضرار مادية، وأطلقوا 5 قذائف على محيط ضاحية الأسد ما أدى إلى وقوع أضرار مادية». وأوضحت الوكالة أن 3 أطفال أصيبوا أول من أمس بسقوط 10 قذائف على ضاحية الأسد.

مجلس حقوق الإنسان يصوّت غداً على قرار في شأن الغوطة

أرجأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، التصويت على مشروع قرار قدمته بريطانيا يطالب بتطبيق قرار مجلس الأمن الذي ينصّ على وقف للنار 30 يوماً في سورية «من دون تأخير»، لإتاحة المجال أمام إدخال المساعدات وإجلاء المرضى، إلى يوم غد بسبب «عدم انتهاء النقاش».

وتطالب بريطانيا أيضاً في المشروع بفتح تحقيق عاجل في شأن التطورات الأخيرة في الغوطة الشرقية لدمشق. إلى ذلك، أعلن المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية بيتر سلامة أن حوالى 100 مريض في الغوطة الشرقية من بينهم أطفال، لهم الأولوية القصوى في الإجلاء الطبي من بين أكثر من ألف حالة إنسانية في المنطقة المحاصرة.

وأشار إلى أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة تأمل بتسليم إمدادات طبية وجراحية ضرورية قريباً للمنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة، والتي يقطنها حوالى 400 ألف شخص.

وقال سلامة إن «ما تدعو إليه منظمة الصحة العالمية هو على الأقل موافقة فورية من الحكومة السورية وكل الأطراف المتحاربة، على إجلاء المرضى أصحاب الحالات الحرجة بدءاً بالمرضى الأربعة والثمانين الذين سجلتهم المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة والصليب الأحمر على أن حالاتهم هي الأخطر»، مشيراً إلى أن «الرقم يشمل أطفالاً ونساء وحالات مختلفة مرتبطة بالصراع في الغوطة الشرقية».

وأضاف: «نحن مستعدون لعملية تسليم فورية على نطاق كبير جداً لإمدادات طبية وجراحية ومواد لعلاج سوء التغذية الحاد والصحة الإنجابية ومسكنات ومضادات للصرع ومضادات حيوية، أي مجموعة شاملة من الأدوية والأمصال والاحتياجات الأساسية».

وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن بعض المرضى المدرجين على قائمة من لهم الأولوية في الإجلاء الفوري يعانون السرطان أو أمراض القلب أو الفشل الكلوي، إضافة إلى آخرين يحتاجون الى عمليات جراحية عاجلة، بسبب انفصال في شبكية العين أو لاستبدال مفصل.

وكان مدير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في الشرق الأوسط، توقع سماح النظام بدخول قافلة مساعدات لحوالى 180 ألف شخص في بلدة دوما بالغوطة الشرقية.

وتحاصر قوات النظام الغوطة الشرقية، منذ أواخر عام 2012، حيث تمنع دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية لهم، ما أدى إلى أزمة إنسانية خانقة حذرت منظمات دولية عدة من تداعياتها.