التاريخ: شباط ٢٦, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
سورية: 4 أيام من المداولات المحمومة تمخضت عن قرار بتفسيرات متناقضة
نيويورك - أ ف ب 
استمرت المداولات التي أفضت ليل السبت- الأحد إلى تبنّي مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في سورية، على مدى أربعة أيام شهدت تطورات يحمل بعضها على الابتسام لولا مأساوية الحدث.

كانت البداية في السادس من الجاري عندما طالبت منظمات إنسانية في سورية بهدنة إنسانية لإيصال مساعدات خصوصاً إلى 400 ألف مدني عالقين في الغوطة الشرقية، آخر معاقل المعارضة المسلحة قرب دمشق والمحاصرة منذ نحو خمس سنوات.

بعدها بيومين عُقد اجتماع أول لمجلس الأمن الدولي حول المسألة، لكنه انتهى بخروج السفراء واجمين وإعلان موسكو أنه «من غير الممكن تنفيذ» وقف لإطلاق النار. تلى ذلك إطلاق السويد والكويت التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس مفاوضات حول نص قرار. وروى ديبلوماسي: «في البدء سارت الأمور على ما يرام وروسيا كانت تحاور»، لكن وبعدها بعشرة أيام أي في مطلع الأسبوع الحالي، اشتدت اللهجة كما تضاعفت حدة القصف خصوصاً على المستشفيات في الغوطة الشرقية. وأضاف المصدر «وذلك لم يكن مصادفة».

وتحت ضغوط صور مروّعة من الغوطة حيث قُتل أكثر من 500 مدني في غضون سبعة أيام، توصلت الكويت والسويد الأربعاء إلى صيغة نهائية لمشروع قرار ودعتا إلى التصويت لكن من دون تحديد موعد. عندها بدأ صبر بعض الديبلوماسيين ينفد، وقال أحدهم «لو كنا نحن من أعد النص لكنا طالبنا بتصويت مع موعد منذ زمن». الخميس، بدلاً من التصويت، عُقد اجتماع «لتبادل الآراء» بناء على طلب من روسيا التي تريد كسب الوقت في شكل واضح.

موسكو اقترحت تعديلات جديدة اعتبر السفراء الغربيون بعضها «غير مقبول»، من بينها أن تخضع كل قوافل المساعدات الإنسانية لموافقة دمشق. وتدخل السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر محتجاً على المماطلة قائلاً «لنحذر ألا تتحول المأساة السورية إلى مقبرة للأمم المتحدة».

وقبيل مساء الخميس عرضت الأمم المتحدة بمبادرة من فرنسا والبعثة الديبلوماسية الألمانية فيلم «آخر الرجال في حلب» المرشح للأوسكار. وتوالت على الشاشة صور أطفال غارقين في الدماء لا يتحركون بينما ينتشلهم متطوعو «الخوذ البيضاء» من تحت الأنقاض. الفيلم أثار استنكار الحاضرين.

في الوقت ذاته، شهد مقر الديبلوماسيين الروس حفل استقبال فاخر مع 150 إلى 200 مدعو من بينهم ديبلوماسيون صينيون ومن الدول العشر غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وفق شهود.

وعادت أجواء العمل ليلاً مع إعلان التصويت على مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في سورية مدة ثلاثين يوماً عند الساعة «11.00 ت غ» الجمعة. إلا أنه إرجئ مرة أولى وثانية قبل أن يتم إلغاؤه لذلك اليوم.

المحادثات تكثفت عندها بين روسيا والكويت والسويد وتمت بين البعثات وعبر الرسائل الإلكترونية والهواتف والرسائل القصيرة وبين العواصم. وغصّ مطعم الأمم المتحدة بديبلوماسيين دول أخرى وصحافيين لا يجدون ما يفعلونه. وبعد أن كانت فرنسا تقوم بدور استشاري قبل يوم، انتقلت إلى التسهيل والوساطة بين الدول الثلاث.

أما السفيرة الأميركية نيكي هايلي فأعربت عن نفاد صبرها وكتبت على حسابها في «تويتر»: «كم يجب أن يموت من الناس حتى يوافق مجلس الأمن على التصويت؟ لنقم بذلك هذا المساء الشعب السوري لا يمكنه الانتظار».

وفي النص الذي تم التصويت عليه بالإجماع مساء السبت اكتفت الأمم المتحدة بـ «المطالبة» بهدنة «من دون تأخير» بينما سمحت باستمرار الأعمال الحربية ضد «المجموعات الإرهابية وشركائها»، ما يفتح الباب أمام تفسيرات متناقضة لتعريف هذه المجموعات.