التاريخ: شباط ٢٤, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
الأمم المتحدة تعد لملاحقة 41 مسؤولاً في جنوب السودان
جوبا - أ ف ب 
حدّدت لجنة متخصصة في حقوق الانسان في الأمم المتحدة 41 مسؤولاً في جنوب السودان، متورطين في ارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية، منها اغتصاب وقتل على خلفية عرقية في البلاد التي تعيش حرباً منذ كانون الاول (ديسمبر) 2013.

وفي موقف حازم ولافت لها منذ بدء الصراع المدمّر، وجهت هذه اللجنة الدولية أمس (الجمعة)، أصابع الاتهام إلى القوات التابعة للرئيس سالفا كير والموالية لزعيم المتمردين النائب السابق للرئيس رياك مشار.

ويعبر هذا التقرير عن تشديد في اللهجة التي اعتمدها المجتمع الدولي الذي ضاق ذرعاً بقادة جنوب السودان الذين حملهم مسؤولية معاناة شعبهم وانتهاكات وقف اطلاق النار.

وأوضحت اللجنة في تقريرها أن «هناك أدلة كافية بما يدعو إلى الاستنتاج بأن (هذه الفصائل المسلحة وحلفاءها) تستهدف المدنيين على خلفية انتمائهم العرقي وترتكب اعمال قتل وخطف واغتصاب وغيرها من اعمال العنف بالاضافة إلى تدمير ونهب القرى»، مؤكدة «أن هذه الاعمال تشكّل جرائم حرب وضد الانسانية».

واعتمدت اللجنة على أحداث واعمال عنف «مشهودة» وقعت ما بين تموز (يونيو) وكانون الأول (ديسمبر) 2017.

وشبهت اللجنة بعض الجرائم بتلك التي وقعت في البوسنة في بداية التسعينات، لافتة الى حالات أجبر فيها الضحايا على اغتصاب أفراد من عائلاتهم.

وأورد التقرير شهادات أخرى عن حالات اغتصاب وتعذيب قام بها مسلحون لجاوا الى اقتلاع عيون ضحاياهم وتقطيع أوصالهم. وروت سيدة كيف احتُجزت في غرفة بين أشلاء بعضها عائد لزوجها.

ويعد الاطفال أكثر المتضررين من هذا الصراع.

وأكدت لجنة التحقيق انه «اذا استمر الصراع بحدة العنف نفسها، سيتمكن فقط طفل واحد من 13 طفلاً من الذهاب الى المدرسة في جنوب السودان، ما يهدّد مستقبل جيل بأكمله»، وشجبت أعمال العنف التي تستهدف العاملين في منظمات الإغاثة الانسانية واستخدام المدارس والمستشفيات قواعد عسكرية.

وحدّدت اللجنة التي اعتمدت في تقريرها على ملف يتضمن 58 الف وثيقة و230 شهادة، ثلاثة ولاة و38 ضابطاً، 33 منهم برتبة جنرال وخمسة برتبة كولونيل، قد يحاكمون بموجب مبدأ «المسؤولية العليا»، من دون ان تكشف عن أسمائهم. وسلمت اللائحة إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان في جنيف.

وفيما عددت اللجنة أمثلة على «فشل الانضباط العسكري»، فإنها أشارت إلى التزام التراتبية العسكرية في قوات المتمردين والحكومة على حد سواء.

وترى اللجنة ان هؤلاء المسؤولين «كانوا يعرفون أو لديهم كل الأسباب التي تتيح لهم أن يعرفوا» بارتكاب هذه الجرائم ولكنهم لم يقوموا بأي شيء لمنعها أو لمعاقبة الفاعلين.

ونتيجة لذلك، وبسبب ضعف القضاء في جنوب السودان، دعت اللجنة الاتحاد الافريقي «على الفور» الى انشاء محكمة مختلطة مستقلة تعتمد التشريع المحلي وتهتدي بالقانون الدولي والمنصوص عليها في اتفاق السلام الموقع في آب (اغسطس) العام 2015، والذي ظل حبراً على ورق.

وأكدت رئيسة اللجنة ياسمين سوكا في تصريح: «يمكن انشاء المحكمة فوراً وان يبدأ المدعي العام بالعمل على لوائح الاتهام»، واضافت: «في النهاية، تبقى هذه الوسيلة الوحيدة لوضح حد لتهديد حياة ملايين الاشخاص من قبل قادة جنوب السودان».

ودخل جنوب السودان، بعد سنتين ونصف السنة على استقلاله، في كانون الأول (ديسمبر) 2013 في حرب أهلية أدت الى سقوط عشرات آلاف القتلى وتسببت بنزوح أربعة ملايين شخص وبأزمة انسانية مروعة.

وقالت اللجنة إن «واقع الجوع والدمار الذي ألحقه القادة السياسيون والعسكريون بالبلاد بات غير مقبول». لكن على عكس هؤلاء، هناك العديد من المواطنين في جنوب السودان برهنوا عن شجاعة ونُبل من خلال رعاية الأطفال التائهين بعد فرارهم، أو باختيارهم عدم اللجوء الى الانتقام اذا استطاعوا ذلك».