التاريخ: شباط ٢٣, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
مرشّحو الحراك المدني في لبنان: ننجح إذا اقترع مؤيدونا بكثافة
بيروت - أمندا برادعي 
يراهن «التحالف الوطني» الذي يُمثّل حركات المجتمع المدني على مشاركة فعالة للناخبين الذين يرفضون التصويت للوائح الحزبية والسياسية التقليدية ويؤمنون بالتغيير عبر انتخاب نواب يمثلون تطلعاتهم.

ويخوض التحالف الانتخابات في كل الدوائر، بحسب قدرات كل مكوّن من مكوّناته، ويتوقّع التحالف الحصول على أكثر من 20 في المئة من عدد المقاعد. لكنه يربط ذلك بتحرّك القاعدة الشعبية المؤمنة بالتغيير في شكل كثيف وبعدم تعرّضها للضغوط.

وكان التحالف أعلن المشاركة في الانتخابات بلوائح مشتركة تضم المكونات الآتية: تجمع أبناء بعلبك، حراك المتن الأعلى، حزب سبعة، حقي- الشوف وعاليه، صح، طلعت ريحتكم، لبلدي، لقاء الهوية والسيادة، لقاء الدولة المدنية، متحدون والمرصد الشعبي لمحاربة الفساد. ويعتبر التحالف أن تلك المجموعات تشكل «نواة لقوى التغيير في لبنان».

ترك هذا التحالف، كما يقول أحد ناشطيه، الباب مفتوحاً أمام كيانات أخرى تحمل الأفكار التغييرية نفسها لتنضم إلى حملته كما يُرحّب بالتعاون مع «الحزب الشيوعي» الذي يطرح مبادئ وأفكار مماثلة لأفكاره: دولة مدنية ديموقراطية عادلة وقادرة، محاربة الفساد السياسي وسن التشريعات الضرورية، ملاحقة المرتكبين ومحاكمتهم لاسترجاع المال العام والأملاك العامة المنهوبة، استحداث لامركزية إدارية توازن بين الحاجات المناطقية للسلطات المحلية وبين دور الدولة القوية المركزية، تأمين الخدمة العامة والحقوق الاجتماعية، سلطة الدستور وحكم القانون، إضافة إلى التعددية والعدالة والحريات الفردية والعامة والتشاركية والشفافية.

آلية الترشيحات

سيعتمد التحالف على آلية دقيقة لاختيار المرشحين، كما يقول مؤسسوه، تقوم على اختيار المرشحين والسؤال عنهم وإجراء تقويم أولي لمعرفة ما إذا كانوا تابعين لأحزاب في السلطة. وبعدها يعدّ تقرير عن كل مرشح ويرسل إلى الهيئة العامة في مكتب التحالف السياسي الذي أنشئ لهذا الغرض، وتجرى مناظرة داخلية واستطلاع رأي الناس في كل مرشح في منطقته إضافة إلى معرفة شعبيته. ويضع المؤسسون احتمال انسحاب مرشّحين لمصلحة زملائهم.

يتحضّر «حزب 7» الذي يقول عن نفسه إنه «عصري» إلى خوض الانتخابات النيابية المقبلة، ويقوم قياديوه بجولات في المناطق، كما يؤكد أمينه العام جاد داغر لـ «الحياة». أما الحملة فتحمل شعار: «ورشة الأمل». وفتح الحزب المجال «لمن يرغب من المواطنين في الترشح خارج المحادل الانتخابية المعمِّرة»، يؤكد داغر من دون أي شرح إضافي، باستثناء أن «الحزب سيأخذ على عاتقه مصاريف العملية الانتخابية وأن مموّليه الرئيسيين هم قياداته والمنتسبون إليه». ويؤكد أن «سبعة» لن يرفع شعاراً مطلبياً لا اليوم، ولا لاحقاً... إنما عمله «يدور في إطار مختلف يرتكز على التواصل المباشر مع المواطنين في كل منطقة والاستماع إلى مطالبهم ثمّ إدراجها ضمن ملفات يتابعها المختصّون داخل الحزب لتكون من أهداف أعمالهم وبرنامجهم الانتخابي». ويقول إن «هدفنا تطهير الدولة من الفساد وخلق طبقة سياسية بعيدة عن الزعامة من خلال جدّيتنا، ولدينا خبراء وعدد المنتسبين للحزب بلغ 8000 منتسب منذ سنة استقطبناهم بمبادئنا التي نشرناها في مختلف الوسائل وبعدما تعبوا من تبعية الأحزاب القائمة للخارج».

سيكون للحزب مرشحون على مستوى كل الدوائر، منهم الإعلامية بولا يعقوبيان عن دائرة بيروت الأولى، ويقول داغر لـ «الحياة»: «مرشحونا يمكنهم أن يكونوا من كل الفئات، وليس بالضرورة معروفين إعلامياً أو فنياً». ويلفت إلى أن «لدينا ماكينة انتخابية منظّمة في كل المناطق وبرامج معلوماتية متطوّرة لاحتساب لوائح الشطب وإدارة العملية اللوجستية لليوم الانتخابي...»، مشيراً إلى أن «كوادرنا يخضعون منذ سنة إلى تدريب حول القانون الجديد وهم يعقدون اجتماعات متواصلة».

ويرى أنه إذا احتضن اللبنانيون التغيير وأخذوا زمام المبادرة يمكن إحداث خرق»، مؤكداً أن «الفرق بيننا وبين الأحزاب الأخرى أن حزبنا ليس مبنياً على زعيم ولدينا شفافية مالية وانتخاباتنا الداخلية مراقبة من جهة مستقلة ودرسنا الثغرات في الأحزاب التقليدية».

وإذا كان حزب سبعة استطاع أن يستقطب بعض الأسماء ويظهر إعلامياً أكثر من غيره من مكونات الحراك المدني فإنه واجه حملة إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي حول حقيقة تمويله، على رغم تأكيده لبنانيته وتمويله الذاتي، ومبادئه والأطروحات التي رأى فيها كثيرون تماهياً مع أطروحات أحزاب تقليدية.

خبرات سياسية

ويملك الحراك المدني خبرات منها الناشط زياد عبس الذي خاض معارك انتخابية مع «التيار الوطني الحر» وهو اليوم مرشحّ للانتخابات عن دائرة بيروت الأولى على لائحة مجموعة «صح» المنضوية في التحالف، وهو لا يتواصل مع القياديين الحزبيين الحاليين في التيار، لكنه «يحترم كل شخص في التيار مؤمن حقيقة بالتغيير ويتوق إلى دولة القانون والدولة القوية»، كما أكد لـ «الحياة». وأشار عبس إلى «أننا نتشارك مع الحزب الشيوعي الرؤية السياسية ولدينا نقاط مشتركة كالدولة المدنية ومقاربة موضوع الفساد والشفافية في الحكم». وأكد أن «الباب مفتوح للتعاون مع أي مجموعة أو أي شخص ليس جزءاً من السلطة التقليدية».

وأكد أن مجموعة «صح» لديها مرشح أو أكثر عن كل دائرة وينتسب إليها أفراد كانوا في «حزب الله» و «القوات اللبنانية» و «الكتائب» و «المستقبل» و «الحزب الاشتراكي». وقال: «على رغم أننا لا نتجنّب النقاش السياسي لكننا التقينا جميعاً على العناوين العريضة نفسها ومنها مفهوم الدولة العادلة والقوية ولدينا رؤية دفاعية وهناك ورقة مكتوبة». وأكد «أننا لسنا مجموعة تقف في وجه التيار إنما مجموعة تطلّع إلى التغيير الفعلي»، مشيراً إلى أنها ليست حالة حزبية جامدة مرتبطة ببطاقة. وبحسب استطلاعات للرأي قامت بها «صح» فإن 25 في المئة من الناس يريدون تغيير الوجوه السياسية الحالية لكن هذه النسبة تبقى محصورة بآرائهم بانتظار جدّيتهم في الاقتراع، على ما قال عبس.

جيلبير ضومط المرشح المنتسب إلى لائحة مجموعة «لبلدي» الانتخابية التي تركّز على دائرتي بيروت الأولى والثانية أكد لـ «الحياة» أنه مرشح عن الدائرة الأولى، متوقعاً خرق اللوائح المقابلة بمقعد أو اثنين. ويعمل ضومط مديراً لشركة تعمل في مجال الأبحاث والاستشارات لتطوير الإدارة والسياسات العامة، وهو أيضاً أستاذ جامعي. وشدد على نقاط أساسية في برنامج المجموعة الانتخابي: استعادة حقوق المواطنين الاجتماعية والاقتصادية، استرجاع دور المجلس النيابي وتفعيله، إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي واعتماد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة.

في منطقة بعلبك- الهرمل يعمل «تجمّع أبناء بعلبك- الهرمل» على تشكيل لائحة تأخذ في الاعتبار واقع المنطقة. فمن المعروف أن لهذه المنطقة خصوصية لأن الطابع الغالب للشيعة في المنطقة (البقاع الشمالي) عشائري، بخلاف العائلات الشيعية في بقية المناطق. يقول رئيس بلدية بعلبك السابق غالب ياغي لـ «الحياة»: «نحن جزء من المجتمع المدني لكننا نراعي خصوصية المنطقة وحاجاتها الأمنية والاقتصادية. فمطالبنا تختلف عن المطالب التي يطالب بها المجتمع المدني». وأكد «أننا نطالب بقيام دولة عادلة تفرض سلطتها على الأراضي اللبنانية ومع حصرية السلاح بيدها».

في المقابل، تسعى مجموعة «من أجل الجمهورية»، إلى خوض معركتها في أماكن محددة مع مستقلين، وحتى الآن حسمت أمرها بمرشحين اثنين: عماد بزي في دائرة الجنوب الثانية (بنت جبيل- النبطية- مرجعيون- حاصبيا) ومروان معلوف في الكورة. وهدفها تشكيل بديل سياسي، لكنها تجزم بأن من المبكر الحديث عن تحالفات لأن الصورة لم تنضج بعد. وأكد بزي لـ «الحياة»، «أننا سنخرج مع مستقلين بلوائح مشتركة».

غالبية المجموعات تجمع على أنها ستواجه المشكلات نفسها وهي تتمثّل بأن لدى الأحزاب التقليدية مقدرات كبيرة وأموالاً وحضوراً وخدمات. فهي لا يمكنها أن تعد الناس من اليوم بـ «تزفيت الطرق في مناطقها».