التاريخ: شباط ١٩, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: أحزاب السلطة أطلقت صفارة الانتخابات وحملة "نص المجتمع - نص البرلمان" متعثرة

اذا كان "حزب 7" سبق الاحزاب أشواطاً في حركته التنظيمية، فان ذلك لا يعني الوصول أولا، ولا يعني انتظام قوى المعارضة في لوائح تشكل خطراً على الاحزاب، أو تمهد لاختراق كبير توفره قوانين النسبية، ذلك ان احزاب السلطة هي الاقدر والافعل على تحريك الماكينات الانتخابية والتأثير في الناخبين لأمساكها بالخدمات والوظائف والمنافع، وللعبها على الوتر الطائفي المذهبي المناطقي، الذي يفعل فعله في الناخب اللبناني وخصوصاً مع اقتراب موعد الاستحقاق وارتفاع منسوب التوتر الذي تحركه غريزة الخوف الوجودي الفاعل. وأحزاب السلطة انطلقت دفعة واحدة بعدما اتمت الاستعدادات الأولى باختيار اسماء مرشحيها دون اللوائح التي سترتبط بتحالفات ظرفية وموضعية تختلف من منطقة الى اخرى تبعاً لتوزع الاصوات والقوى.

وبعدما تقدم الحزب التقدمي الاشتراكي بلائحة مرشحيه الى وزارة الداخلية الجمعة الماضي، وبعد اطلاق رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل الترشيحات الاولى من زحله مساء أمس (سليم عون) ، تتجه الانظار اليوم الى المؤتمر الصحافي الذي يعقده رئيس حركة "امل" الرئيس نبيه بري في عين التينة ظهراً. وأوضح بري لـ"النهار" انه لن يكتفي بتسمية مرشحي لائحة "التنمية والتحرير" بل سيتنأول "نقاط البرنامج الانتخابي الذي ستعمل على اساسه الكتلة وتطبقه في الدورة المقبلة، وهذا ما تفعله الاحزاب التي تحرص على النهوض بمجتمعاتها مع تشديدنا الدائم على تلبية طموحات ناخبينا وسائر اللبنانيين وجبه التحديات التي تواجههم والعمل على كل ما يساعد في نهوض الاقتصاد وحماية ثروات لبنان والتصدي للاخطار الاسرائيلية".

كذلك يطل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في السادسة والربع مساء لإعلان مرشحي الحزب من دون الحلفاء الذين سيتم تبني ترشيحاتهم في وقت لاحق في ما عدا اللواء جميل السيد الذي بكر الحزب في اعلان دعمه له قبل أيام.

ويعلن حزب "القوات اللبنانية" اسماء مرشحيه في ١٤ اذار بمهرجان يقيمه في مسرح "البلاتيا" بجونية. وأكد نائب رئيس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني أن موعد الرابع عشر من آذار للتذكير بأن النهج السيادي لهذه القوى مستمر على رغم كل محأولات ضربه.

أما "تيار المستقبل"، فبات أكيدا أنه سيخوض الانتخابات بلوائح "مستقبلية" مكتملة ومقفلة، وخصوصاً في الدوائر التي يتمتع فيها بثقل وازن يتيح له ترف هذا الخيار. في حين سيتحالف مع آخرين أبرزهم مرشحو "التيار الوطني الحر" في دوائر اخرى منها صيدا - جزين، وزحله، والبقاع الغربي- راشيا. لكن اسماء مرشحي التيار الازرق لم تتظهر حتى اليوم في ظل عدم ابلاغ اي من النواب الحاليين عدم الرغبة في اعادة انتخابه، أو ابلاغ آخرين الاستعداد للمعركة.

في المقابل، وعلى رغم الضجة المفتعلة حول ما بات يسمى طفرة في ترشح النساء، يبدو واضحاً ان تمثيل العنصر النسائي تعرض لسقطة مع الغاء مشروع "الكوتا النسائية"، وامتناع الاحزاب اللبنانية عن ترشيح سيدات أو تبني هذا الترشيح. فالحزب التقدمي الاشتراكي لم يرشح أي سيدة، ومثله سيفعل "حزب الله"، فيما ستسجل حركة "أمل" خطوة متقدمة في هذا المجال بترشيح الوزيرة عناية عز الدين. أما باقي الاحزاب، فيتوقع ان تضم بعض لوائحها سيدة واحدة، بما لا يتجأوز عشر مرشحات في كل لبنان. يبقى ان المجتمع المدني يسجل نسبة عالية من المرشحات النساء يمكن ان تبلغ 25 في المئة وفق ناشطة تفضل الانتظار قليلاً ريثما تتضح الصورة أكثر، علماً ان الارقام المتدأولة لم تكن تشير حتى السبت الى ترشيح أكثر من 15 سيدة في كل لبنان.

ويذكر ان قانون الانتخاب أقر بالحقوق السياسية للمرأة انتخاباً وترشيحاً عام 1953، وكانت المرأة الأولى التي دخلت البرلمان اللبناني ميرنا البستاني عام 1963 وذلك بعد فوزها بالتزكية في انتخابات فرعية لملء المقعد الذي خلا برحيل والدها أميل البستاني. واذا كانت المرأة تشكل حاليا 54 في المئة من حجم الناخبين، فان اللافت ان مجلس النواب يضم اربع سيدات فقط، ومجلس الوزراء سيدة وحيدة. وقد اطلقت قبل مدة حملة "نص المجتمع، نص البرلمان" لحض السيدات على الانخراط اكثر في الحياة السياسية وخصوصا البرلمانية، وينشط على هذا الصعيد وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان الذي لفت إلى أن "تغييب المرأة عن مجلس النواب أو عن مجلس الوزراء خسارة لأن التجربة العالمية أثبتت أن وجود المرأة والرجال في مواقع القرار، يحقق نتائج أكثر إيجابية على صعيد تطور المجتمع والإقتصاد وابتكار الحلول".

الحدود البحرية والموازنة

واذا كان الاستحقاق الانتخابي يطغى على ما عداه، فان ملفات داخلية وحدودية تحضر بقوة، منها خصوصاً الاطماع الاسرائيلية في مياه لبنان الاقليمية مع اقتراب موعد التنقيب عن النفط والغاز والمضاعفات المترتبة على الامر. وبدا واضحاً ان مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد الذي يزور اسرائيل في اطار وساطة بين البلدين تقوم بها بلاده، لم ينل أي تعهد واضح باستثناء تصريح لوزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينتس قال فيه ان "الحل الديبلوماسي هو المحبذ لدى الجانبين"، واتفاق الرجلين على اللقاء مرة اخرى خلال الاسبوع الجاري.

في المقابل، يستعد مجلس النواب من خلال لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه للدخول على خط مواجهة الأطماع الإسرائيلية في مياه لبنان، بتقديمه اقتراح قانون معجّلاً مكرراً عن الحدود البحرية يُدعمّ فيه الموقف اللبناني الرافض لـ"خط هوف". وصرح عضو لجنة الاشغال النائب جوزف المعلوف: "اننا قررنا في الاجتماع الاخير للجنة ان نُصعّد في هذا الاتجاه عبر تقديم اقتراح قانون لترسيم الحدود البحرية". واضاف: "التعدي الاسرائيلي موجود في مساحة الـ860 كلم2، وكل البلوكات النفطية التي تم ترسيمها تعود ملكيتها الى لبنان"، كاشفاً "ان الحكومة ستناقش في جلستها المقبلة مسألة اللجوء الى التحكيم الدولي لفضّ النزاع النفطي-البحري".

وفي ملف آخر له ابعاده الانتخابية، لمن يؤمل منه أيضاً مساعدة لبنان في التحضير لمؤتمرات الدعم الدولية المرتقبة في الشهرين المقبلين، تقرر ان تعقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم في بعبدا، لبدء مناقشة مشروع موازنة 2018، بعدما عدلته وزارة المال لجهة خفض النفقات بنسبة 20 في المئة، انسجأما مع رغبة رئيس الوزراء سعد الحريري. وأوضح وزير المال علي حسن خليل "انه سيطلع مجلس الوزراء على حقيقة الوضع المالي والاقتصادي في البلد. هناك زيادة في الانفاق وفي العجز، وفي رأيي ان لم تكن هناك إجراءات كبيرة نتخذها فمعنى ذلك أننا ذاهبون الى مشكلة".

وأكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أن المهل لا تزال متاحة لاقرار موازنة 2018 على رغم التخوّف من انعكاس الاجواء الانتخابية على تأمين النصاب والبحث الجدّي فيها. وقال إن المطلوب أن تسرع الحكومة في اقرار المشروع واحالته على مجلس النواب اذا ما كانت النية جدية لاقرار الموازنة، وألا يتم تقاذف المسؤوليات ووضع العراقيل، داعياً مجلس الوزراء الى أن يكون جدياً في تضمين الموازنة الاصلاحات التي ليست مطلباً للجنة المال فقط، بل هي حاجة لدلولة في ضوء المؤتمرات الدولية ليتمكن لبنان من الحصول على الدعم المطلوب. وشدد كنعان على أن ارتفاع الانفاق الى 28 ألفاً و500 مليار ليرة بزيادة نحو 2000 مليار عن موازنة 2017 مؤشّر غير مقبول، وقال: "هناك 21 بنداً اصلاحياً تعهدت الحكومة احترامها باعداد مشروع 2018، والمطلوب أولاً ضبط العجز اذ لا يمكن الاستمرار بعجز تصاعدي والمطلوب كذلك ضبط الهدر من المصاريف الثابتة والتجهيزات والايجارات والجمعيات بالاضافة الى ضبط الفوائد".