| | التاريخ: شباط ٤, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | أردوغان يعلن الاقتراب من تحقيق أهداف «غصن الزيتون» في عفرين | أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تقترب من تحقيق هدف عمليتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين، قائلاً إنه «لم يبقَ سوى القليل». أتى ذلك فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إجراء مباحثات «نشطة» مع السلطات التركية في شأن منطقة منبج في ريف محافظة حلب، والتي هدّدت تركيا بمهاجمتها ودعت الولايات المتحدة إلى سحب قواتها المنتشرة داخلها.
وكرّر رئيس الوزراء بن علي يلدريم عزم تركيا على مواصلة عملية «غصن الزيتون» حتى «تطهير المنطقة من الإرهابيين وتنظيم داعش من دون الاكتراث لما يقوله الآخرون». وشدّد في تصريحات أمس على أن العملية «مسألة أمن قومي بالنسبة إلى تركيا، وكذلك تأمين حياة وممتلكات مواطنيها»، مضيفاً أن العملية تهدف أيضاً إلى «رفع ظلم التنظيمات الإرهابية عن قرابة نصف مليون شخص من الأكراد والعرب والتركمان الذين يعيشون في المنطقة».
ورأى المسؤول التركي أن «بعض الأطراف» التي لم يحددها، «تحاول تشويه الكفاح المشروع الذي تنفذ أنقرة ضد الإرهاب»، مشيراً إلى أن «هناك من يرعى الإرهابيين في بعض الدول»، من دون أن يقدّم تفاصيل أخرى.
واتّهم المقاتلين الأكراد بـ «تشويه عمليات» الجيش التركي، قائلاً إن «التنظيمات الإرهابية لا تعرف حدوداً في تشويه عمليات جيشنا، واتهامه بقتل المدنيين، هي بارعة في تقديم مشاهد وأحداث قديمة وقعت في مناطق أخرى من العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أنها وقعت اليوم».
في سياق متصل، قال وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس في مؤتمر صحافي في البنتاغون مساء الجمعة، إنه بحث التطورات في سورية مع نظيره التركي نور الدين جانيكلي. ورفض ماتيس تقديم إجابة واضحة على سؤال إن كانت القوات التركية ستدخل منطقة منبج، قائلاً إن «الوقت ليس مناسباً للتصريح في شأن هذا الأمر أمام الرأي العام»، لكنه أضاف: «لا استطيع إلا القول إن هذا الأمر موضع نقاش نشط مع حليفتنا تركيا».
في غضون ذلك، حذّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من أن الدعم العسكري الذي يقدّمه الجيش الأميركي إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية «ليس من شأنه تعريض أمن تركيا للخطر وحسب، بل تسميم الشراكة المستمرة منذ مدة طويلة بين أنقرة وواشنطن».
واعترف أوغلو في حوار مع مجلة «أوتاوا لايف ماغازين» الكندية نقلته وكالة «الأناضول» أمس، بأن العلاقات التركية- الأميركية تمرّ بـ «مرحلة حرجة» في ظل الخلافات في وجهات النظر بين البلدين، لا سيما في شأن دعم الولايات المتحدة للمقاتلين الأكراد ونشاط منظمة «فتح الله غولن» التي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل عام 2016.
وفي ما خصّ الأوضاع في سورية، أكد أوغلو أن تركيا ستواصل «جهودها المكثفة لضمان نجاح مسارات آستانة وسوتشي وجنيف، ليكون 2018 العام الأخير في الصراع السوري»، مؤكداً أن «مستقبل سورية سيحدده السوريون أنفسهم، وأن التاريخ يقول لنا إن إرادة الشعب تنتصر في نهاية المطاف».
وأضاف: «عندما يتم إيجاد حل سياسي دائم ذو مصداقية للصراع، ينبغي على المجتمع الدولي الاستعداد للتعامل مع تحديات صعبة أخرى، لإعادة إعمار البنية التحتية لسورية المتضررة من الحرب، وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين، وتقديم المساعدة الاقتصادية».
إلى ذلك، دعا كمال كيليجدار أوغلو زعيم «حزب الشعب» الجمهوري المعارض، حكومة بلاده إلى التواصل بشكل فوري مع «الحكومة السورية»، وإقامة علاقات معها للحفاظ على وحدة الأراضي السورية ولوقف سفك الدماء فيها. وقال في كلمة له خلال أعمال المؤتمر العام العادي للحزب أمس، إن على أنقرة «التواصل بشكل فوري» مع دمشق، مضيفاً أن النظام السوري «يقف مع وحدة الأراضي السورية كما نحن مع وحدتها أيضاً، إذا كان المراد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ووقف سفك الدماء، فإنه تنبغي إقامة علاقات مع الدولة والحكومة السورية».
ميدانياً، واصلت القوات التركية وفصائل «الجيش السوري الحر» العملية العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن قوات «غصن الزيتون» تستميت للوصول إلى بلدة راجو والسيطرة عليها، بعد تمكنها من السيطرة على أول بلدة في منطقة عفرين. ونفذت الطائرات التركية قصفاً كثيفاً على مناطق في ناحية راجو الواقعة في القسم الغربي من منطقة عفرين، تزامناً مع قصف مدفعي استهدف محيط مقبرة الشهداء وأماكن أخرى في ناحية جنديرس الواقعة في القسم الجنوبي الغربي من عفرين.
وأشارت مواقع محسوبة على المعارضة السورية، إلى أن الفصائل تمكنت من السيطرة على قرية بليليكو شمال عفرين أمس، وبدأت بدخول التلال الاستراتيجية الواقعة في محيط قريتي زاتن والخليل قرب ناحية راجو، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع المقاتلين الأكراد.
في المقابل، أطلقت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) قذائف صاروخية على مناطق في مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي، ما أسفر عن إصابة 3 أشخاص على الأقل. وأشارت وكالة «الأناضول» التركية إلى أن القذائف سقطت على سوق شعبي في المدينة الخاضعة لسيطرة «الحر».
الجيش السوري الحر يحقق
إلى ذلك، أعلن «الجيش السوري الحرّ» تشكيل لجنة للتحقيق في اتهامات وُجّهت إلى عناصر من الفصائل المشاركة في عملية «غصن الزيتون»، بإقدامهم على التمثيل بجثة مقاتلة كردية بعد مقتلها في اشتباكات في منطقة عفرين شمال غربي سورية.
وأكّدت هيئة الأركان العامة لـ «الحرّ» في بيان أمس، إصدارها قراراً بتشكيل «لجنة متابعة وتقصي حقيقة هذه الادعاءات والتحقق في شكل مباشر وبالدليل القطعي حول الحادثة وحقيقة التمثيل بجسد المقاتلة من جانب عناصر الجيش الوطني» الذي يساند القوات التركية في عمليتها ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية. وشدّد البيان على أن قيادة الأركان «لن تتوانى عن محاسبة من يثبت تورطه في الحادثة إن ثبت صحتها ضمن الشرع والأصول والمبادئ التي نعتمدها ونتعامل بها».
بمن جهة أخرى، طالب «الائتلاف الوطني السوري» المعارض بـ «فتح تحقيق فوري في ما نشر واتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ومنع حدوث ذلك»، معرباً عن إدانته «كل من ساهم في هذه الأعمال الإجرامية». ودعا الأطراف كافة إلى «الالتزام بحماية المدنيين واحترام الخصوصيات القومية والدينية والوصول إلى الحلول السياسية والمبادرة إلى الحوار البنّاء حقناً للدماء ولقطع الطريق أمام أي محاولة لخلق صراع عربي - كردي وعرقي».
وكانت «الإدارة الذاتية» التي يرأسها الأكراد في شمال شرقي سورية، اتهمت المقاتلين المدعومين من تركيا بالتمثيل بجثة مقاتلة كردية من «وحدات حماية المرأة» تُدعى بارين كوباني، استناداً إلى فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر جثة مخضبة بالدماء ملقاة على الأرض. ويبدو أن أجزاء من نصف جسدها الأعلى بُترت. وحمّلت الإدارة الحكومة التركية «مسؤولية هذا العمل البشع».
وأفادت «وحدات حماية المرأة» في بيان بمقتل بارين وثلاث مقاتلات أخريات «بعد أن أبدين مقاومة بطولية» خلال المعارك قرب الحدود في شمال عفرين. وأضافت أن النساء الأربع «وقعت جثامينهن في أيدي الغزاة الذين مثلوا بجثثهن، في تعبير صارخ أمام الإنسانية جمعاء يعبر عن هوية هؤلاء الغزاة وحجم الوحشية».
واعتبرت القيادية في «وحدات حماية المرأة» أمد كندال أن هذه الأعمال هي «موروث تنظيم داعش وهم يعيدون ما فعله في كوباني»، في إشارة إلى المنطقة التي مُني فيها التنظيم الإرهابي بأولى هزائمه في مواجهة المقاتلين الأكراد أواخر عام 2014. وأكّدت أن «تصرفات مماثلة ستزيدنا إصراراً على المقاومة والانتصار وسننتقم لهنّ ولن نستسلم».
| |
|