| | التاريخ: كانون ثاني ٢٧, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | اجتماع باريس زوّد دي ميستورا بـ «أفكار» لطرحها في المحادثات | باريس - رندة تقي الدين أكّد مصدر فرنسي بارز لـ «الحياة» أن أهمية محادثات فيينا السورية التي انطلقت أمس، تكمن في أنها اختبار لما يقوله الجانب الروسي منذ أسابيع حول التزام موسكو بمسار سياسي للحل في سورية، وأن الطريقة الوحيدة لإطلاق المسار فعلياً هو بدخول النظام السوري في المفاوضات على مستقبل سورية. مشيراً إلى أن اجتماع «باريس الخماسي» زود المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بأفكار لطرحها في محادثات فيينا.
ففي جميع جولات جنيف السابقة، تمسّك النظام السوري بموقف الرافض للتحاور مع أي كان والإدلاء بأي رأي في شأن الوثائق السياسية التي طُرحت خلال المفاوضات، بحجة الاستمرار بـ «مكافحة الإرهاب» ورفض أي شرعية للمعارضة السورية. وأوضح المصدر أن فرنسا وبريطانيا الولايات المتحدة والسعودية والأردن، التي عقدت اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية في باريس الأربعاء الماضي حول سورية، في انتظار نتائج محادثات فيينا التي تسبق مؤتمر «الحوار الوطني السوري» المرتقب في سوتشي نهاية الجاري.
وتابع إنه في حال أظهر النظام في محادثات فيينا تغييراً في نهجه، فذلك قد يشير إلى أن «هناك شيء ما يتم إعداده من الجانب الروسي»، أما إذا بقي على موقفه فذلك يعني «أن ليس هنالك أي ضغط عليه». وأضاف المصدر أن وزراء الخارجية الذين اجتمعوا في باريس بحثوا فكرة المسار الانتخابي وكيفية الوصول إلى هذه الانتخابات وإنشاء بيئة حيادية تسمح بالتصويت بحرية. وأشار إلى أنه إذا كانت روسيا صادقة بتنظيم انتخابات نزيهة، فينبغي أن تعمل مع الولايات المتحدة وحلفائها وفرنسا، وأن تقنع النظام والمعارضة بالتفاوض أولاً في إطار سورية المستقبل، وثانياً كيفية تنظيم هذه الانتخابات، وثالثاً كيف ستكون أجواؤها.
وأكد المصدر وجوب التفاوض حول دستور جديد، في حين أن روسيا ترغب في تعديل الدستور السوري القائم. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شدّد على وجوب أن تتحمل الأسرة الدولية مسؤوليتها وتنتج أوراق عمل في شأن هذا المسار.
وتابع أن ما تم القيام به خلال اجتماع وزراء الدول الخمسة في باريس (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن) حول سورية، هو بلورة أفكار وتقديمها إلى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، إلى جانب المبادئ المعروفة للمفاوضات والتي لم يوافق عليها النظام السوري يوماً. ووفق المصدر، فإن هذه الأفكار تعبّر عن الاحتياجات المؤسساتية الضرورية لإرساء أرضية وفاق سياسي في سورية مقبولة من المكونات السورية كافة، أي توزيع السلطات واستقلال القضاء واللامركزية في الحكم.
وكشف أن وزراء الخارجية الخمس قدّموا لدي ميستورا هذه الأفكار، كي يتمكن من عرضها في المفاوضات الجارية في فيينا اليوم، مستخدماً نفوذه وسيطاً دولياً ودعمه من مجموعة دول مؤثرة.
وأكد المصدر رفض باريس لمشروع قانون انتخابي يستثني اللاجئين والنازحين والمهاجرين، مشدداً على ضرورة ضرورة إعادة سنّ قانون انتخابي يسمح لجميع السوريين في الداخل والخارج بالمشاركة. ولفت إلى أن هذه المسألة تتطلب ضمانات أساسية مثل الإفراج عن معتقلين سياسيين وإنهاء المعارك تماماً وإعادة أملاك النازحين واللاجئين والمهاجرين. وتابع أن روسيا تملّكت مقولة «البحث عن حل لسورية» عبر محادثات آستنانة ومؤتمر سوتشي المرتقب، واعتبر أن إيران «لا تبالي» بالتوصل إلى حلّ في سورية، فيما تحاول تركيا حماية مصالحها الجيوستراتيجية. وأضاف: «إذا أردنا العودة إلى مفاوضات جنيف لتصبح المسار الرئيسي للحلّ السياسي في سورية، فينبغي بذل جهود لإقناع الروس بذلك».
ورأى أن استقبال موسكو رئيس «هيئة التفاوض» نصر الحريري أخيراً، يشير إلى تطور في الموقف الروسي الذي كان في الماضي يحتقر «المجلس الوطني السوري» المعارض، في حين أن مظاهر استقبال الحريري الجيّد هذه المرة، تشير إلى أن موسكو قررت اعتبار «المجلس الوطني» والحريري مجموعة معارضة شرعية.
وأضاف أن اجتماع الوزراء الخمسة حول سورية في باريس يؤكد أن مشروع الرئيس الفرنسي لإنشاء مجموعة اتصال حول سورية «هو في طريقه إلى التبلور شيئاً فشيئاً، لأن الراغبين بالتوصل إلى حل سياسي يدركون أن ذلك لن يتم بالحوار الثنائي بين الروس والأميركيين فقط، بل أنه يجب إشراك دول المنطقة وأعضاء مجلس الأمن، لممارسة ضغط على الأطراف ودفع جهود المبعوث الدولي إلى الأمام.
وتابع المصدر أن هناك «إعادة التزام أميركي» في ملف الحل السياسي، بعد أن تركزّت أولوياتهم في الماضي لمحاربة تنظيم «داعش». وأضاف أن حالياً كل ما يقوله وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والمسؤولون في الإدارة الأميركية في حوارهم مع باريس، إن واشنطن «استأنفت التحرك للضغط من أجل التوصل إلى حل».
ورأى أن السبب الأول الذي دفع بالولايات المتحدة إلى التحرّك هو افتقار روسيا لوسائل تساعد في التوصل إلى حلّ سياسي مستقرّ ومقبول، والسبب الثاني هو قناعة لدى الإدارة الأميركية بأن غيابها عن الساحة السورية سيؤدي إلى «سيطرة إيران على الوضع». | |
|