التاريخ: كانون ثاني ١٢, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
هجوم معاكس للمعارضة السورية يبعد النظام عن مطار أبو الضهور
في معركة أطلقت عليها تسمية «رد الطغيان»، تمكّنت فصائل المعارضة السورية و «هيئة تحرير الشام» من إبعاد القوات النظامية والجماعات المتحالفة معها عن مطار أبو الضهور العسكري في ريف إدلب، شمال غربي سورية، مستعيدةً السيطرة على عدد من البلدات إثر معارك ضارية.

وكانت القوات النظامية اقتحمت المطار ليل الأربعاء– الخميس من الجهة الجنوبية في سعي للسيطرة عليه، لكن فصائل المعارضة شنّت هجوماً معاكساً لإبعادها انطلق من محاور عدة بعدما أعلنت فصائل عدة تابعة لـ «الجيش السوري الحر» هي «جيش النصر»، و «جيش إدلب الحر»، و «جيش النخبة»، و «فيلق الشام» و «الجيش الثاني» تشكيل غرفة عمليات تحت اسم «رد الطغيان»، وقالت إن هدفها استعادة ما سيطر عليه النظام في حماة وإدلب، فيما بدأت فصائل أبرزها «حركة أحرار الشام الإسلامية» و «جيش الأحرار» و «حركة نور الدين الزنكي»، عميلة عسكرية ضد القوات النظامية في جنوب إدلب وشمال حماة تحت تسمية «إن الله على نصرهم لقدير».

وأفادت وكالة أنباء «الأناضول» بأن قوات النظام السوري تراجعت حتى مسافة 4 كيلومترات عن المطار، فيما أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل 35 عنصراً من قوات النظام في المعارك وأسر 11 آخرين، في مقابل مقتل 16 عنصراً من الفصائل»، إضافة إلى سيطرة الفصائل على 12 بلدة. وأعلن «مركز إدلب الإعلامي» مقتل قائد مجموعات الاقتحام في القوات النظامية العقيد ماهر قحطان إبراهيم، في المعارك الدائرة حول أبو الضهور.

تزامناً، شنت فصائل عدة، بينها «الحزب الإسلامي التركستاني» و «حركة أحرار الشام» هجوماً على الخطوط الخلفية لقوات النظام خارج المطار، مستهدفةً مناطق تقدمت فيها قوات النظام في بداية هجومها عند الحدود الإدارية بين إدلب وحماة، وفق «المرصد»، الذي أوضح أن الهدف «هو تخفيف الضغط عن جبهة مطار أبو الضهور وقطع أوصال قوات النظام وفصل القوات المتقدمة عن الخطوط الخلفية.

وللمرة الأولى، استخدم مسلحو المعارضة عربات تركية مصفحة في الهجوم المعاكس في ريف إدلب الجنوبي، كما ظهر في صور نشرها فصيل «فيلق الشام». وقالت مصادر عسكرية من الفيلق إن خمس عربات مصفحة وحديثة تركية استلمها الفيلق منذ حوالى خمسة أشهر استخدمت في المعارك.

وسجّلت الساعات الأخيرة دخول تنظيم «داعش» الإرهابي على خط المعارك، إذ أظهر تسجيل مصور بثته وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم، 4 أسرى للقوات النظامية في محيط المطار. وقال أحد الأسرى في التسجيل: «جئنا إلى ريف حماة وإدلب لقتال هيئة تحرير الشام وتفاجأنا بهروبها ووجود تنظيم داعش مكانها». وأعلن «داعش» مساء أول من أمس، مقتل ثلاثة من عناصر قوات الأسد وأسر خمسة آخرين في مواجهات قرب المطار العسكري. وكانت «هيئة تحرير الشام» ضيقت الخناق على التنظيم في المنطقة، في تشرين الثاني (أكتوبر) الماضي، بعد اتهام النظام بتسهيل وصوله إلى المنطقة، إلا أنه توسع مجدداً في المنطقة مطلع العام الجاري، وسط اتهامات لـ «الهيئة» بتنفيذ انسحابات عسكرية متكررة أمامه على الجبهات مع القوات النظامية.

وتزامنت المعارك مع قصف مكثف على الريف الجنوبي الشرقي لإدلب. وقتل 3 مدنيين على الأقل في قصف على مدينة معرة النعمان وخان شيخون وأم جلال وجرجناز، كما أصيب عدد من المدنيين بجروح، فيما قصفت المعارضة بعشرات الصواريخ بلدة أبو دالي التي تسيطر عليها القوات النظامية والمسلحون الموالين لها.

وأشارت مصادر عسكرية لموقع «عنب بلدي» الإخباري، إلى أن المعارضة تراهن على انسحاب قوات الأسد خوفًا من الحصار مع استعادتها القرى الواقعة جنوب المطار. في المقابل، ذكر «الإعلام الحربي المركزي» التابع للقوات النظامية، أن «الجيش وحلفاءه يصدون هجوماً عنيفاً شنته جبهة النصرة والفصائل المرتبطة بها انطلاقًا من تل أغبر وتل سكيك نحو عطشان والخوين وتل مرق».

وسيطرت فصائل المعارضة في أيلول (سبتمبر) عام 2015 على مطار أبو الضهور العسكري بعد حصاره نحو عامين، وكان يُشكل وقتها آخر مركز عسكري لقوات النظام في محافظة إدلب. وبدأت القوات النظامية منذ 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، هجوماً يهدف إلى سيطرة على الريف الجنوبي الشرقي لإدلب، وتأمين طريق استراتيجي شرق المطار يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق. ووثقت الأمم المتحدة في تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أول من أمس نزوح حوالى مئة ألف شخص منذ بدء المعارك.

وفي الريف الجنوبي الشرقي لريف حماة، أكد «المرصد» تقدم المعارضة شرق خان شيخون وسيطرتها على مناطق استراتيجية في المنطقة في محاولة لقطع أوصال النظام الذي يحاول التقدم من المنطقة في هجومه. وذكر المرصد أن «المعارضة كسرت هجوم النظام العنيف».

ونقلت مواقع سورية مقربة من المعارضة، عن «حركة أحرار الشام الإسلامية» قولها، إن «التمهيد للهجوم بدأ بمختلف أنواع الأسلحة على مواقع النظام ونقاطه في قرية عطشان التي ركز النظام آلياته فيها لشن هجوم على مطار أبو الضهور، ما أدى إلى السيطرة على معظم القرية خلال ساعات».

من جانبها أفادت وكالة أنباء «سانا» الرسمية، بأن «الجيش السوري بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية تصدّت لهجوم مجموعات إرهابية من تنظيم جبهة النصرة والتنظيمات التكفيرية التابعة له على نقاط عسكرية في محيط عطشان والخوين في ريف حماة». وأكدت الوكالة وقوع اشتباكات عنيفة مع من وصفتهم بـ «الإرهابيين» الذين هاجموا النقاط العسكرية على محور قريتي عطشان والخوين الشمالي، فيما لم تذكر تفاصيل عن المعارك في ريف إدلب.

وتشكل محافظة إدلب مع الريف الشمالي لحماة والريف الغربي لحلب، إحدى مناطق خفض التوتر، التي توصلت إليها محادثات آستانة، بضمانة من تركيا وروسيا وإيران. واستدعت الخارجية التركية سفيري روسيا وإيران لدى أنقرة، للتعبير عن «انزعاجها» جراء هجمات النظام السوري على إدلب، فيما دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أول من أمس، طهران وموسكو إلى الضغط على النظام السوري، وتحمل مسؤولياتهما إزاء مناطق خفض التوتر المتفق عليها.