التاريخ: كانون الأول ٢٣, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
قوات أمن تفرّق المتظاهرين الأكراد بالقوة واشتباكات في كركوك
تظاهر الأكراد، لليوم الخامس على التوالي، في مناطق متفرقة من محافظة السليمانية للمطالبة بسقوط الحكومة ومحاربة الفساد وإطلاق الذين اعتقلتهم قوات الأمن.

وشهدت مدن وبلدات في كردستان، غالبيتها في ثاني محافظات الإقليم، تظاهرات حاشدة خلال الأيام الأربعة الماضية تخللتها مواجهات مع قوات الأمن أسفرت عن قتل خمسة أشخاص وإصابة حوالى 200.

وتجمع أمس في ساحة السراي وسط السليمانية مئات عند منتصف النهار، بينهم ثلاثة نواب من حركة «التغيير»، أحدهم في البرلمان الاتحادي. لكن قوات الأمن سارعت الى تفريقهم بإطلاق النار في الهواء وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى الى إصابة عدد المتظاهرين بينهم النواب الثلاثة بحالات اختناق، نقلوا إثرها الى المستشفى، على ما أكد عثمان، وهو نائب سابق في برلمان الإقليم.

بعدذاك، نفذت قوات الأمن حملة اعتقالات شملت عدداً من المتظاهرين وفرضت إجراءات مشددة في عموم مدن المحافظة ومنعت خروج تظاهرات جديدة.

وشهدت مدينة رانية التي يسكنها 100 ألف نسمة، على بعد 130 كيلومتراً شمال غربي السليمانية، تظاهرة شارك فيها مئات ورشقوا قوات الأمن بالحجارة. وهتفوا: «سلموا مَن أطلق النار على المتظاهرين إلى العدالة»، كما طالبوا بـ «إطلاق الذين اعتقلتهم قوات الأمن».

وفي بلدة جمجمال، على بعد 70 كيلومتراً جنوب السليمانية، خرج مئات المتظاهرين وهتفوا: «تسقط الحكومة الفاسدة» و «لا للفساد» ورشقوا قوات الأمن التي أطلقت النار في الهواء والغاز المسيل للدموع لتفرقة المتظاهرين.

وأكد عناصر في حركة «التغيير» (كوران) اعتقال حوالى 200 شخص خلال الأيام الثلاثة الماضية في السليمانية وحدها، فيما اعتقل عشرات آخرون في مناطق متفرقة في المحافظة.

وتسبب تصاعد التظاهرات في أزمة داخل حكومة الإقليم، وأعلن حزبان هما حركة «التغيير» و «الجماعة الإسلامية» انسحابهما منها.

ويعيش إقليم كردستان الذي تمتع خلال المرحلة الماضية باستقرار كبير مقارنة ببقية مناطق العراق، أوضاعاً مضطربة، خصوصاً بعد الاستفتاء على الانفصال الذي أجراه الرئيس السابق مسعود بارزاني في 25 أيلول (سبتمبر) الماضي، وقوبل برفض المجتمع الدولي والحكومة المركزية وانتهى بفشل، على رغم الانتصار الكبير لأنصار الـ «نعم».

إلى ذلك، أكدت مصادر سياسية بدء الحوار، برعاية الأمم المتحدة، بين بغداد وأربيل مطلع العام المقبل، وأضافت أن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم يشرف على التحضير لهذا الحوار، فيما أفادت معلومات بأن الحكومة الاتحادية ستصرف رواتب موظفي كردستان بعد الانتهاء من التدقيق في الأسماء للتأكد من أنها «حقيقية».

ولم يحدد تاريخ لإطلاق الحوار، لكنه «سيكون بعد أعياد رأس السنة الميلادية برعاية بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)»، وأضافت المصادر أن «مكتب رئيس الجمهورية فؤاد معصوم يعمل على ترتيب الأمر بالتشاور بين الطرفين». ورجحت أن «تكون الأولوية بالنسبة إلى الإقليم حسم مسألة الرواتب والحدود وإدارة المطارات». ولفتت الى أن «ديبلوماسيين غربيين يعملون في العراق يضغطون من أجل إطلاق الحوار، بسبب مخاوف من أن تحول الأزمة دون سير إعادة البناء بعد داعش».

إلى ذلك، أعلن مصدر مقرب من الحكومة الاتحادية أنها «ستطلب من الإقليم صرف رواتب الموظفين بعد التدقيق في الأسماء، على أن ترسل المبالغ إلى حساباتهم في مصارف حكومية».

وأكد السياسي الكردي برهم صالح، خلال اجتماع مع وفد من بعثة الأمم المتحدة أن «التظاهر المدني والسلمي حق مشروع للمواطنين الذين يطالبون بحكم رشيد عادل وتحسين أوضاعهم المعيشية». وطالب «السلطات والأجهزة الأمنية بحماية المحتجين». اعتبر أن «إجراء انتخابات نزيهة وشفافة والعودة الى قرار الشعب الطريق الصحيح للتداول الديموقراطي والسلمي للسلطة». وشدد على ضرورة «حل المشكلات ومعالجتها عبر الحوار والتفاهم، بما يصب في خدمة العملية السياسية والأمنية بخصوصاً في ما يتعلق بالوضع المعيشي».

إلى ذلك، دعا المرجع الديني محمد تقي المدرسي، المسؤولين إلى مساعدة كردستان. وقال في بيان: «نهيب بالمسؤولين في العراق أن يهرعوا إلى مساعدة إخواننا في الإقليم وذلك وحل القضايا العالقة، وإصلاح ذات البين كي لا تتحول التظاهرات المطلبية شرخاً كبيراً يضر بالسلم الأهلي ليس في الإقليم وحده وإنما في العراق كله». وتابع: «نذكر المسؤولين في كردستان بأن الدستور يكفل حق الناس في التظاهرات السلمية، وهكذا فإن أي استخدام للقوة ضد المتظاهرين مرفوض جملة وتفصيلاً»، مشيراً الى أن «الزلزال المؤسف الذي أصاب الإقليم بسبب الاستفتاء الذي لطالما حذرنا منه كما حذر منه كل الحكماء، ما زال يتسبب في ارتدادات مزعجة وعلى الجميع أن يتمتع بسعة الصدر والصبر لاحتواء الموقف».

اشتباكات في كركوك بين الجيش الاتحادي و «مجهولين»

شهدت مدينة كركوك مواجهات مسلحة بين القوات الاتحادية ومسلحين مجهولين. وأكد قيادي تركماني أن «الانفصاليين» يقفون وراء الخروقات والهجمات. وتواصلت الخلافات بين الكتل السياسية على تغيير قادة الأمن في المحافظة.

وهاجم مسلحون القوات الأمن في شارع «الأورزدي»، واندلعت اشتباكات استمرت ساعات فر على أثرها المهاجمون. وقال القيادي التركماني مسؤول محور الشمال في منظمة «بدر» محمد مهدي البياتي: «قمنا بزيارة قيادة جهاز مكافحة الإرهاب في محافظة كركوك وكان في استقبالنا اللواء الركن معن السعدي وبحثنا في الأوضاع الأمنية»، وأكد أن «ما يحدث من خروقات وهجمات من الانفصاليين تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وقد تصدى لهم الجهاز بكل قوة». وأوضح أن «لقيادة الجهاز قدرة السيطرة على الأوضاع وبسط الأمن والحفاظ على أرواح المواطنين، وهذه مسؤولية الجميع، ولمحافظة كركوك أهمية كبيرة، كونها تمثل نموذجاً للتعايش السلمي بين الأديان والمكونات».

وجاء في بيان لـ «المجلس العربي في كركوك» أنه «بعد أكثر من شهرين من بداية خطة فرض القانون وسلطة الدولة، وبعد النجاحات الكبيرة التي حققتها الأجهزة الأمنية الاتحادية، خصوصاً قوات الجيش، كان الدور الأكبر للفرقة 20 وضباطها ومراتبها وجنودها وقائد الفرقة الحالي الذي عمل بمهنية وكفاءة في قاطع مسؤوليته وحقق الواجبات الموكلة إليه». وأضاف: «إننا كمجلس عربي يمثل كل القوى السياسية والمجتمعية الوطنية، نعلن دعمنا وتأييدينا لكل القوى العسكرية والأمنية الوطنية العاملة في المحافظة بخاصة قائد الفرقة 20». وطالب القائد العام للقوات المسلحة بـ «دعم هذه الفرقة وقائدها وتوفير الإمكانات اللازمة لها كي تستمر في عملها فنجاحها يمثل قمة الالتزام والشجاعة في المحافظة على الأمن والتصدي للقوى المعادية المتربصة بكركوك وأهلها». وتابع: «نرفض أي إجراء يؤدي إلى تغيير قائد الفرقة لأننا نجزم بأنها تقوم بواجبها على أكمل وجه».

إلى ذلك، قطع متظاهرون من بلدة طوز خرماتو في صلاح الدين الطريق بين كركوك وبغداد، مطالبين بإرسال قوات إضافية لحماية المدينة. ووجه رئيس مجلس محافظة كركوك، ريبوار طالباني، خلال مؤتمر صحافي رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي، يدعوه إلى «تطبيع الأوضاع». وشدد على ضرورة «تحقيق المصالحة بين كل الأطراف». وتابع: «لولا التنسيق العالي بين أربيل وبغداد لما تحقق هذا النصر». وحض على «وجوب الاحتكام إلى الدستور والجلوس إلى طاولة الحوار».