التاريخ: كانون الأول ١٠, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
الفلسطينيون يسعون لاستبدال الرعاية الأميركية بأخرى دولية
ارتفاع عدد الشهداء في غزة إلى 4
رام الله - محمد يونس 
بدأت المؤسسات الفلسطينية أمس سلسلة اجتماعات للبحث في الخيارات السياسية للمرحلة المقبلة، لمواجهة الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إليها، فيما تواصلت الاحتجاجات في القدس المحتلة وبيت لحم لليوم الثاني على التوالي.

وعقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اجتماعاً لها برئاسة الرئيس محمود عباس، يتبعه اجتماع للجنة المركزية لحركة «فتح»، واجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يمثل البرلمان المصغر لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وتعد لجنة سياسية مؤلفة من أعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وأخرى مؤلفة من أعضاء في اللجنة المركزية لحركة «فتح»، مجموعة من الاقتراحات لعرضها على المؤسسات القيادية لإقرارها.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، المقرب من الرئيس عباس، إن المؤسسات الفلسطينية تدرس استبدال الرعاية الأميركية المنفردة للعملية السياسية الرامية إلى إيجاد حل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي برعاية دولية، مثل مؤتمر دولي أو صيغة خمسة زائد واحد أو ما شابه.

وأضاف: «أخرجت الإدارة الأميركية نفسها من رعاية العملية السياسية، وعلينا أن نبحث عن البديل». واعتبر الدعم الدولي الذي يحظى به الموقف الفلسطيني، والتنديد الدولي بموقف الإدارة الأميركية مؤشرا مهماً على نجاح التوجه الفلسطيني المطالب برعاية دولية للقضية الفلسطينية.

وأوضح أن من بين الأفكار الجاري بحثها إنهاء المرحلة الانتقالية، أي اتفاق أوسلو. وأضاف أن «المرحلة الانتقالية والتزاماتها لم تعد ممكنة»، مشيراً إلى التنسيق الأمني مع إسرائيل وقيود اتفاق باريس الاقتصادي وغيره.

وسيتوجه عباس إلى الدول الرافضة للخطوة الأميركية، بخاصة الدول الأوروبية الفاعلة، لمطالبتها بالاعتراف بفلسطين على حدود العام 67، رداً على هذا القرار.

وأصدر عباس بياناً رحب فيه بما سماه «الإجماع الدولي الكبير» المندد بالقرار الأميركي اعتبار مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، كما ظهر في جلسة مجلس الأمن التي عقدت مساء الجمعة، لمناقشة القرار الأميركي المذكور.

وجاء في البيان أن الرئيس الفلسطيني «حيا مواقف الدول التي أكدت رفضها لهذا القرار الأميركي الخطير المخالف لكل قرارات الشرعية الدولية، وللأسس التي قامت عليها عملية السلام باعتبار مدينة القدس إحدى قضايا الوضع النهائي، محذرة من تداعياته الخطيرة على المنطقة، وما سيؤدي إليه من زعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم».

وشدد الرئيس، في بيانه، «على أن هذا الإجماع، على رفض القرار الأميركي، هو بمثابة رسالة دعم قوية لحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في أرضه وعلى رأسها مدينة القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين».

وقال إنه سيواصل جهوده واتصالاته ومساعيه للتصدي لهذا القرار. وأضاف البيان: «أكد الرئيس الرفض المطلق لما ورد على لسان ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن خلال الجلسة، والذي خالفت فيه موقف الإجماع الدولي الرافض للقرار الأميركي». وجدد «رفضنا للموقف الأميركي تجاه مدينة القدس»، مؤكدا أن الولايات المتحدة بهذا الموقف «لم تعد مؤهلة لرعاية عملية السلام»

وبدأت القيادة الفلسطينية تطبيق التوجه الجديد الرامي إلى إنهاء التفرد الأميركي برعاية العملية السياسية، إذ أعلن مسؤولون أن عباس رفض استقبال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي يزور المنطقة في 17 الشهر الجاري.

وقال مستشار عباس للشؤون الديبلوماسية مجدي الخالدي، إن الرئيس الفلسطيني «لن يستقبل نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي يزور المنطقة في النصف الثاني من الشهر الجاري». وأضاف الخالدي في تصريح لإذاعة صوت فلسطين إنه «لن يكون هناك لقاء مع بنس، وإن المسألة أكبر من مجرد لقاء، لأن الولايات المتحدة بقراراتها المتعلقة بالقدس اجتازت خطوطاً حمراء ما كان يجب أن تجتازها».

ورفض الخالدي التحذيرات الأميركية من تبعات إلغاء هذا اللقاء قائلاً: «إن شعبنا وقيادته يرفضان أي تهديد من أي مصدر كان».

لكن مراقبين يشككون في قدرة القيادة الفلسطينية على استبدال الرعاية الأميركية برعاية دولية، وإلغاء اتفاق أوسلو، بسبب عدم وجود دعم عربي ودولي جدي لها.

وأخفقت السلطة الفلسطينية في محاولات سابقة بإنهاء قيود اتفاق أوسلو بسبب تحكم إسرائيل في الحركة اليومية في الأراضي الفلسطينية، سواء كانت للأفراد أو للسلع.

ويضطر كبار المسؤولين الفلسطينيين، مثل الرئيس ورئيس الوزراء، لإجراء تنسيق مسبق مع السلطات الإسرائيلية في حال انتقالهم من مدينة إلى أخرى، أو خارج البلاد. ويضطر الفلسطينيون أيضاً إلى الالتزام بقيود ضريبية إسرائيلية بسبب سيطرة إسرائيل على المعابر التجارية.

وتجبي إسرائيل الجمارك عن البضائع التي تدخل إلى الأراضي الفلسطينية، وتحولها في نهاية الشهر إلى السلطة الفلسطينية. وفي حال عدم تحويل هذه الأموال التي تصل إلى أكثر من 120 مليون دولار شهرياً، تظل السلطة الفلسطينية عاجزة عن دفع رواتب موظفيها.

وتستخدم إسرائيل سيطرتها على المعابر والطرق لتهديد الفلسطينيين في حال إلغاء أي التزام عليهم مثل التعاون الأمني وغيره.

وميدانياً تواصلت أمس، الاحتجاجات الشعبية في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية على القرار الأميركي. وفرقت قوات الاحتلال مسيرتين كبيرتين في كل من القدس وبيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.

وبدأت الاحتجاجات في بيت لحم في ساعة مبكرة من صباح السبت، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يعزز قواته في الضفة الغربية وينشر كتائب جديدة تابعة ويضع قوات أخرى في وضع تأهب، في إطار «الاستعداد لتطورات محتملة».

ارتفاع عدد الشهداء في غزة إلى 4

غزة - فتحي صبّاح 
تواصلت الاحتجاجات أمس في قطاع غزة رفضاً لقرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، بعد ليلة شهدت قصفاً اسرائيلياً على مواقع في القطاع ورد صاروخي فلسطيني على اسرائيل.

وارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي الى أربعة بعد العثور على جثتي مقاتلين من «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس» في موقع تابع لها في مدينة خان يونس جنوب القطاع، بعد شن إسرائيل ضربات جوية جديدة على قطاع غزة السبت.

وفي غزة، وسط هتافات الغضب ودعوات إلى الانتقام من اسرائيل وإطلاق النار في الهواء، شيع الآلاف فلسطينيّيْن استشهدا في مواجهات قرب الحدود الجمعة وعنصرين من «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس» استشهدا في غارات السبت.

وأصيبت سيدة فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي اثر تجدد المواجهات على الحدود بعد جنازة شارك فيها الآلاف في خان يونس بقطاع غزة.

وأطلقت ثلاثة صواريخ الجمعة من قطاع غزة باتجاه اسرائيل، سقط احدها ليل الجمعة في مدينة سديروت الإسرائيلية وقالت الإذاعة الإسرائيلية انه لم ينفجر.

وتبنت «ألوية الناصر صلاح الدين- لواء التوحيد» وهي جماعة غير معروفة يرجح انها سلفية، مسؤوليتها عن اطلاق الصاروخ في بيان أفادت فيه بأن الهجوم «رد على الإعلان الأميركي ان القدس عاصمة دولة اليهود».

إلا أن الجيش الإسرائيلي حمل «حماس» المسؤولية. وأفاد بأن «الصواريخ التي تستهدف المدنيين الإسرائيليين تعد عدواناً شديداً»، مضيفاً أن «حماس مسؤولة عن هذه الهجمات التي تستهدف حياة المدنيين وكل الأفعال الصادرة من قطاع غزة».
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن طائراته «استهدفت أربع منشآت تابعة لحماس في قطاع غزة». وأضاف أن 4500 فلسطيني شاركوا في الاحتجاجات على الحدود بين غزة وإسرائيل. وتابع أن قواته أطلقت النار على «عشرات» وصفهم بأنهم يقودون الاضطرابات.

إلى ذلك، طالبت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» القيادة الفلسطينية بإعلان الانسحاب من اتفاق أوسلو والتزاماته الأمنية والسياسية والاقتصادية ووقف التنسيق الأمني، وسحب الاعتراف بإسرائيل، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي المنعقد في آذار(مارس) 2015.
وجاءت مطالبة «الشعبية» خلال مسيرة جماهيرية حاشدة شارك فيها الآلاف من قياداتها وكوادرها وأنصارها أمس انطلقت من وسط مدينة غزة الى شارع فلسطين في حي الرمال غربها، في وقت عاد هدوء نسبي الى قطاع غزة بعد ساعات من العدوان والقصف الإسرائيلي على منشآت مدنية فلسطينية، ورد فصائل المقاومة بالصواريخ، توجت «يوم الغضب» على قرار الرئيس الأميركي.

وتقدم المسيرة، قيادات الفصائل الوطنية والإسلامية وفرق الكشافة ومجموعة من مقاتلي كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى الذراع العسكرية لـ «الشعبية». وأحرق مشاركون في المسيرة العلمين الإسرائيلي والأميركي ودمية لترامب.

وقالت «الشعبية» إنها قررت تنظيم المسيرة الرافضة لقرار ترامب، بدلاً من الاحتفال بذكرى انطلاقتها الخمسين، التي تصادف الحادي عشر من الشهر الجاري.

وقال عضو المكتب السياسي لـ «الشعبية» مسؤول فرعها في قطاع غزة جميل مزهر إن «مدينة القدس ستبقى عاصمة دولة فلسطين الأبدية، ولا تفريط بأي ذرة تراب منها أو أي بقعة من أرض فلسطين، وأنها بالنسبة إلينا جوهر الصراع ضد العدو الصهيوني ورمزه، وتتجسد فيها كل مدننا من حيفا ويافا وصفد وغزة ورام الله وكل قرية ومدينة في فلسطين المحتلة».
واعتبر مزهر أن قرار ترامب «بمثابة إعلان حرب على شعبنا الفلسطيني، ومقدمة لتنفيذ المخططات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية عبر ما يُسمى صفقة القرن أو الحل الإقليمي».
ووصف مزهر الولايات المتحدة بأنها «رأس الشر في هذا العالم والشريك الدائم للكيان الصهيوني في جرائمه بحق شعبنا»، وأنها تضع نفسها من خلال هذا القرار «في دائرة الاستهداف وتعريض مصالحها كافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الاستهداف المشروع».
وجدد مزهر تأكيده قرار «الشعبية» اعتبار ذكرى انطلاقتها الخمسين والذكرى الثلاثين للانتفاضة الشعبية الأولى (87 الى 93) «بداية لإشعال انتفاضة العودة والحرية والاستقلال».

ودعا القيادة الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية «إلى استلام زمام المبادرة بقيادة الانتفاضة وتصعيدها في إطار استراتيجية توحد الفعل والجهد الوطني، وتوفر مقومات ومرتكزات استمراريتها، وإلى تشكيل لجان الحماية الشعبية للتصدي لإرهاب الاحتلال والمستوطنين».
وأكد أهمية «عقد اجتماع وطني عاجل للتباحث في دلالات وتبعات هذا القرار على مدينة القدس وأهلها، وتبني برنامج عمل وعلى كل المستويات وفي المحافل الدولية للتصدي له، بما يساهم في تعزيز صمود أهلنا في القدس».
واعتبر أن قرار ترامب «أطلق رصاصة الرحمة في شكل كامل ونهائي على ما يُسمى حل الدولتين وأوهام ما يُسمى عملية التسوية، ما يستوجب من القيادة الفلسطينية المتنفذة استخلاص العبر والدروس، وإعلان الانسحاب من اتفاق أوسلو والتزاماته الأمنية والسياسية والاقتصادية ووقف التنسيق الأمني، وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي المنعقد في آذار 2015».

وشدد مزهر على أن الرد على القرار الأميركي «يفرض على الجميع التمسك بالشراكة الوطنية والمضي قدماً في إنجاز المصالحة»، مؤكداً أن «الجبهة ستواصل جهودها من أجل تشكيل أوسع اصطفاف وطني وشعبي كحاضنة شعبية لحماية المصالحة، ومواجهة أي محاولات لتعطيلها تزامناً مع نضالنا الميداني واشتباكنا المفتوح مع الاحتلال».
كما شدد على أن «الشعبية ستستمر بمقاومتها بكل الأشكال الممكنة والمتاحة والمشروعة حتى طرد آخر جندي ومستوطن من أرضنا، وإقامة المجتمع الديموقراطي في دولة فلسطين وعاصمتها القدس على كامل التراب الوطني مهما طال الزمن أو قصر».
ودعا مزهر الحكومة الفلسطينية الى «إنهاء إجراءاتها المفروضة على القطاع فوراً، وإعداد رؤية لحل الأزمات المستعصية».

وطالب القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» خضر حبيب في كلمة باسم القوى الوطنية والإسلامية السلطة الفلسطينية «بوقف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، وسحب الاعتراف بالكيان كي يبقى منبوذاً وغريباً في المنطقة».
ووصف حبيب القرار الأميركي «بالباطل والمرفوض والمدان من كل قوى شعبنا».
وقال حبيب إن «الكيان الغاصب سيبقى غريباً في هذه المنطقة، فلا شرعية لوجوده، والقدس باقية والمسجد الأقصى باق وكيان الاحتلال هو من سيزول، بأيدي شعبنا والأحرار من أمتنا العربية والإسلامية».
وطالب حبيب الرئيس محمود عباس والسلطة بأن «تمضي قدماً في خيار المصالحة ورص صفوف أبناء شعبنا جميعاً».

وأعلنت كتائب المقاومة الوطنية الذراع العسكرية للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين حال الاستنفار القصوى في صفوف مقاتليها، مشددة على أن «كل الخيارات مفتوحة لديها»، وإنها على «جاهزية تامة للتصدي لأي عدوان على الشعب الفلسطيني والقدس».

وشدد الناطق الإعلامي لكتائب المقاومة الوطنية «أبو خالد» خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في حديقة الجندي المجهول غرب مدينة غزة، على «خياري الانتفاضة والمقاومة بكل أشكالها بما فيها المقاومة المسلحة وصولاً إلى العصيان الوطني الشامل ضد الاحتلال وقطعان المستوطنين، في حرب شعبية مفتوحة مع الكيان الإسرائيلي».
وطالب «أبو خالد» السلطة الفلسطينية «بوقف كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال، والتحرر من الارتهان لاتفاق أوسلو العبثي وسحب الاعتراف بإسرائيل»، وطي صفحة المفاوضات العقيمة والعبثية، وإطلاق العنان للمقاومة بكل أشكالها بما فيها المقاومة المسلحة في الضفة الفلسطينية والقدس».

وأحرق مقاتلون من كتائب المقاومة الوطنية العلم الأميركي بعد المؤتمر.

وحملت حركة «حماس» الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تبعات العدوان على القطاع ونتائجه.
وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم في تصريح صحافي أمس إن الاحتلال يتحمل «المسؤولية الكاملة عن تبعات هذا التصعيد الخطير ونتائجه، الذي لن يفت من عضد شعبنا وإرادته ومقاومته وانتفاضته المباركة لنصرة القدس والدفاع عنها وإفشال كل المخططات التي تستهدف حقوقه ومقدساته».
واعتبر برهوم أن «استهداف العدو الصهيوني وقصفه المدنيين والمؤسسات ومواقع المقاومة في الضفة وغزة في شكل متعمد جريمة إضافية تضاف إلى جرائمه وانتهاكاته بحق شعبنا، وتجرؤ على الدم الفلسطيني نتيجة الغطاء والدعم الأميركي اللا محدود لهذه الجرائم والانتهاكات».