التاريخ: تشرين الثاني ٣٠, ٢٠١٧
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
عشراوي لـ"النهار: لا عملية سلام وإنما المبادرة العربية مقلوبة
أسرار شبارو 
بعد توقفِها منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، عادتْ إلى الواجهة محاولات إحياء مفاوضات السلام الفلسطينية–الإسرائيلية، مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي أطلقها قبل أشهر مضت، وما يحكى خلف الكواليس عن أن "مبادرة شاملة" لحل النزاع، هي بذرة جهود مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنير والمبعوث جايسون غرينبلات التي سترى النور في المدى المنظور. 

سبق ورحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بتصريحات ترامب حول ضرورة إحياء المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل، مؤكدة تواصل تعاونها بكل إيجابية مع جهوده، لكن ما يحكى الآن عن مبادرة جديدة تلوح في الأجواء، فإن، بحسب ما قالته عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" الدكتورة حنان عشراوي لـ"النهار"، "ما نسمعه تكهنات، تسريبات وتصريحات، لكن لا ترقى للقول أن ثمة عملية سلام مطروحة، بل مجرد كلام عن أن أميركا تثير مبادرة أو رؤية وتناقش مع كل الأطراف من بينها الدول العربية بشأنها، من دون أن نرى حتى اللحظة أي مشروع متكامل وواضح". 

مبادرة"مقلوبة"

المبادرة بحسب التسريبات، تتضمن تصور أميركا للتسوية النهائية، على أن يكون للدول العربية الصديقة لواشنطن دور كبير في دعمها ونجاحها والحفاظ عليها. على ذلك، علقت عشراوي "هي محاولة لجعل الجانب العربي يقبل أن تصبح المبادرة العربية مقلوبة على رأسها، أي التطبيع مع العرب، ومن بعده حل القضية الفلسطينية وجعل العرب يدفعون تكاليف هذه العملية"، هل هذا يعني أن التسوية هذه المرة عربية - إسرائيلية وليس فقط فلسطينية – إسرائيلية؟ عن ذلك أجابت "هكذا يبدو، ليس لديّ معلومات دقيقة، لكن بحسب ما يرشح فإن العرب سيكونون ضمن التسوية، من خلال التعاطي على أن العدو إيران وليس إسرائيل، وأن هناك مصالح عربية وخاصة خليجية مشتركة مع إسرائيل بما فيها مواجهة ما يسمى بالخطر الإيراني. أنا ارى أن هذا الاستقطاب ليس من صالح العملية السياسية، لا بل المنطقة بأكملها، إذ لا نرى أن إسرائيل حليف استراتيجي لأي أحد أو عنوان أمني واقتصادي، بل إن معظم مشاكل المنطقة والإقليم، بما فيه التطرف والعنف، ناتج عن الغطرسة الإسرائيلية والمعاملة الخاصة والمتميزة التي تلقاها، وعدم إخضاعها للمساءلة والملاحقة القضائية، فهي دولة مارقة تعيش فوق بل خارج القانون".

قضية لا سلعة تجارية

ترى عشراوي أن ما يدورُ خلف الكواليس هو"محاولات لإيجاد حلٍ اقتصادي من خلال تقديم خطوات اقتصادية لفلسطين لرفع نوع من المعاناة، مع تقديم الجوائز والحوافز لإسرائيل والقضايا الإيجابية لحثِها على المفاوضات، بما في ذلك مكاسب استراتيجية من الدول العربية حول علاقات اقتصادية أو فتح المجال الجوي لها، أي مكاسب لإسرائيل وضغوطات وابتزاز لفلسطين"، لكن هل تخشى من مساومة بعض الدول العربية على حقوق الفلسطينيين؟ أجابت "من بعض الدول والقيادات التي تريد الانتهاء من أزمة عالقة منذ سنوات تؤثر سلباً على وضعها ومقدراتها والمنطقة، كون لديها قضايا أخرى، لكن أي إنهاء يجب أن يكون عن طريق حل عادل ومنصف للفلسطينيين وليس من باب الخلاص والتطبيع مع إسرائيل، القضية الفلسطينية لا تزال قضية اختبار جدارة ووجدانية العالم العربي وحقوق وضمير الإنسانية وليس سلعة للتجارة فيها ".

صعوبة الحل العادل

الرؤية الفلسطينية لعملية السلام لم تتغير منذ زمن، كررتها عشرواي "أن تكون مرجعيتها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة، بما فيها عدم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، أن يكون لها شركاء وليس فقط حكراً على الولايات المتحدة، وأن يكون لها سقف زمني لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 الذي هو تنازل تاريخي من قبلنا، والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، والحل العادل لقضية اللاجئين على أساس القرار 194، بما فيه عدم القبول بالاستيطان وسرقة الأراضي وتهويد القدس"، ما يطرح السؤال: ماذا تغيّر الآن كي يتفاءل البعض بالمبادرة الجديدة؟ وعما إن كانت ستولد ميتة كسابقاتها؟ عن ذلك أجابت" لا أرى أي إمكانية للضغط على إسرائيل التي لم تدفع أي ثمن إلى الآن، بل على العكس أخذت مكافآت، وإعفاء من المساءلة والعقاب، فهي ترفض بشكل واضح حل الدولتين وتعتبر فلسطين أراضي إسرائيل اليهودية، بما معناه أراضٍ توراتية، وتريد فرض إسرائيل الكبرى على كل فلسطين التاريخية. أما نحن فيمكن أن نبقى كتجمعات سكانية من دون حق سيادة، فهي تريد أن تحوّلنا إلى قضية داخلية تحت السيادة الإسرائيلية".

"إسرائيل خطفت الأجندة، وضعت جدول الأعمال وصاغت الأولويات وفرضت رؤيتها على كل المبادرات"، قالت عشراوي قبل أن تختم "للأسف لم نرَ أي طرف لديه الشجاعة والجرأة ليقف بوجهها قائلاً لها يجب أن تلتزمي بالقانون الدولي وبمتطلبات العدالة والسلام، وطالما أن الأمر هكذا، فمن الصعب أن نجد حلاً عادلاً ينصف الفلسطينيين على الأقل يضع أسساً لدولة ذات سيادة قابلة للحياة".