التاريخ: تشرين الثاني ٢٦, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
قرار التقسيم قبل 70 عاماً سجل بداية مأسوية للفلسطينيين
باريس - أ ف ب 
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية. وإن كانت هذه الخطة أتاحت تجسيد المشروع الصهيوني لإقامة دولة إسرائيل فقد سجلت بداية تاريخ مأسوي طويل للشعب الفلسطيني.

أدى هذا القرار التاريخي بعد ستة أشهر إلى قيام إسرائيل في 14 أيار (مايو) 1948، لكن الدولة الفلسطينية المستقلة لم تر النور بعد.

بعد الحرب العالمية الثانية لم تعد بريطانيا الدولة التي انتدبتها عصبة الأمم على فلسطين منذ عام 1922 تسيطر على زمام الوضع.

لقد غيرت المحرقة التي تعرض لها اليهود والتدخل الأميركي في الشرق الأوسط وتشكيل جامعة الدول العربية وضغوط الجماعات السرية الصهيونية الوضع تماماً على الساحتين المحلية والدولية.

وفي شباط (فبراير) 1947، أحالت لندن ملف فلسطين إلى الأمم المتحدة.

وفي 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك على القرار 181 الذي حاز على تأييد 33 دولة بينها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وفرنسا، وعارضته 13 دولة بينها الدول العربية، وامتنعت 10 دول عن التصويت بينها بريطانيا. ولم يستغرق التصويت أكثر من ثلاث دقائق.

وقسمت فلسطين، التي كان يعيش فيها 1.3 مليون عربي و600 ألف يهودي، إلى ثلاثة كيانات كان ينبغي أن تصبح مستقلة في الأول من آب (أغسطس) 1948، وهي:

دولة يهودية على 14 ألف كيلومتر مربع وتشمل شريطاً يمتد من اصبع الجليل الشمالي إلى ضفاف بحيرة طبريا، والساحل الأوسط من حيفا إلى تل أبيب، وصحراء النقب.

وأعطى التقسيم الفلسطينيين ثلاث مناطق تبلغ مساحتها 11500 كيلومتر مربع، إحداها في الجليل الغربي والثانية في قطاع غزة مع جزء من الحدود مع سيناء، والثالثة في الضفة الغربية.

وشكلت القدس والبلدات المجاورة لها كياناً مستقلاً يخضع لنظام دولي خاص تحت إشراف الأمم المتحدة.

وبذلك حصل اليهود على 54 في المئة من الأراضي في حين كانوا يمثلون 30 في المئة من السكان.

وتنص الخطة على التدابير الواجب اتخاذها من أجل الاستقلال في مجالات مثل المواطنة وحق المرور والاتحاد الاقتصادي والإعلان الذي يفترض أن تصيغه كل حكومة موقتة لكل من هذه الكيانات المقترحة في ما يتعلق بدخول الأماكن المقدسة وحقوق الطوائف الدينية والأقليات.

رفضت بريطانيا، على رغم أنها كانت الداعية إلى عقد الجلسة الخاصة للجمعية العامة، المشاركة في تطبيق الخطة. وكانت لندن، التي ظلت مواقفها متقلبة، تميل إلى تأييد العرب. لكن ونظراً لإدراكها للطابع المتفجر للمسألة، اختارت الامتناع عن التصويت.

وقررت فرنسا بعد تردد تأييد الخطة.

وعارضت الدول العربية في الأمم المتحدة حتى النهاية التقسيم مطالبة بإقامة دولة فلسطينية واحدة ديموقراطية ومستقلة. ولكنها ووجهت بالتحالف غير المتوقع في تلك الفترة من الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وهو الذي أمّن غالبية ثلثي الأصوات الضرورية لتمرير القرار.

ففي حين كان السوفيات يرغبون في إخراج بريطانيا من فلسطين، أيد الأميركيون القرار نظراً لتنامي النفوذ اليهودي لديهم.

وافق زعماء الوكالة اليهودية على الخطة. لكن بعض الصهاينة رفضوها لأنها بعيدة عن إسرائيل الكبرى التي يسعون لإقامتها. وفي تل أبيب، حبس اليهود أنفاسهم، لكن الجموع صفقت مطولاً من الفرح بعد تبنيها.

أما الفلسطينيون فشعروا بالغبن والظلم. ورفضت الدول العربية الخطة.

بعدها توالت الأحداث في فلسطين مع سعي كل طرف إلى تغليب موقفه.

في 14 أيار (مايو) 1948، أعلن ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل مباشرة بعد انتهاء الانتداب البريطاني. واندلعت في اليوم التالي الحرب العربية- الإسرائيلية الأولى.

وفي نهاية النزاع، باتت إسرائيل تحتل 78 في المئة من أراضي فلسطين تحت الانتداب، في حين اضطر أكثر من 760 ألف فلسطيني للجوء إلى الدول المجاورة أو إلى الضفة الغربية وغزة.

وفي حزيران (يونيو) 1967، اندلعت الحرب الثانية التي احتلت خلالها إسرائيل هضبة الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء التي استعادتها مصر في 1982، والضفة الغربية وكذلك القدس الشرقية التي ضمتها، وقطاع غزة الذي انسحبت منه في 2005 بعد تفكيك المستوطنات.