التاريخ: كانون ثاني ٣, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
رئيس البرلمان المصري يتعهد «نقاشاً مفتوحاً» لاتفاق «تيران وصنافير»
القاهرة – أحمد مصطفى 
وعد رئيس البرلمان المصري علي عبدالعال بـ «الانفتاح على كل الآراء» خلال مناقشة نواب البرلمان اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته مصر مع المملكة العربية السعودية، وتسلمه من الحكومة أول من أمس، ويتضمن نقل تبعية جزيرتي «تيران وصنافير» إلى المملكة، ويواجه معارضة ناشطين وسياسيين.

وكانت الحكومة المصرية أحالت الخميس الماضي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وُقعت في نيسان (أبريل) الماضي، على البرلمان لمناقشتها، ودعم حكم قضائي صدر السبت الماضي القرار بعدما أيد وقف تنفيذ حكم أول درجة ببطلان الاتفاق. لكن محامين طعنوا أمام القضاء الإداري، على قرار الحكومة إحالة الاتفاق على البرلمان، وحددت جلسة 7 الشهر المقبل لنظر أولى جلسات الطعن.

وأكد الأمين العام للبرلمان المستشار أحمد سعد الدين تسلم البرلمان الاتفاق أول من أمس، لكنه أشار إلى أنه لم «يتحدد حتى الآن توقيت مناقشة الاتفاقية وطرحها على النواب».

من جانبه، أكد رئيس البرلمان، على هامش ترؤسه أمس اجتماع لجنة العلاقات الخارجية، أن البرلمان سيدرس ملف الاتفاقية «من كل زواياه وسيأخذ وقته كاملاً في النقاش والدراسة»، مشدداً على أنه «ليس هناك أي عجلة أو استعجال، وستتم الاستعانة بالخبراء المتخصصين في هذا المجال. وتعهد بأن يتعامل البرلمان في هذا الملف بـ «عقل وقلب مفتوحين، سواء داخل البرلمان أو أمام الرأي العام».

في المقابل، انتقدت المؤسسة المصرية لحماية الدستور التي يقودها الديبلوماسي المخضرم عمرو موسى، إحالة الاتفاقية على البرلمان من دون انتظار حكم المحكمة الإدارية العليا النهائي في الطعن المقدم من الحكومة على حكم بطلان الاتفاقية في ١٦ الشهر الجاري. ورأت أن الإجراء «ينطوي على مخالفات لأحكام الدستور الذي ألزم بـ «تنفيذ الأحكام القضائية، ويتعارض مع مبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء». ودعت سلطات الدولة إلى «التمسك باحترام الدستور وتفعيل أحكامه حرصاً على دولة القانون في مصر واستقرارها».

من جانبه، صعد تحالف «التيار الديموقراطي» الذي يقوده المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، من لهجته ملوحاً بالدعوة إلى التظاهر رفضاً لمناقشة البرلمان اتفاق ترسيم الحدود. وأعلن التيار الذي يضم مجموعة من الأحزاب المحسوبة على الثورة المصرية، في أعقاب اجتماع له مساء أول من أمس، رفضه قرار الحكومة إحالة الاتفاق على البرلمان. واعتبر في بيان أن الإجراء «مخالف للقانون والدستور ومبدأ استقلال السلطة القضائية»، لافتاً إلى أنه سيؤدي إلى «صدام بين السلطات وخلق أزمة دستورية، وجر مجلس النواب إلى انتهاك الدستور والقانون».

ولوح بالدعوة إلى التظاهر، مشدداً على «حق التظاهر السلمي»، ومحذراً من استعمال «العنف واعتقال المتظاهرين السلميين». وأوضح البيان أن الأحزاب والقوى المنضوية في التيار اتفقت على «دعوة المصريين إلى استخدام كل أشكال النضال الديموقراطي السلمي لإسقاط هذه الاتفاقية، والضغط على نواب البرلمان لرفض مناقشة الاتفاقية في البرلمان لجهة المبدأ، إضافة إلى تنظيم حملات سلمية وجمع توقيعات ضد الاتفاقية». كما أعلنوا «تنظيم وقفة احتجاجية» أمام البرلمان رفضاً لانتهاك الدستور والقانون، وتوجيه خطاب مفتوح إلى النواب يحذر من مغبة نظر البرلمان لهذه الاتفاقية.

وكانت لجنة العلاقات الخارجية عقدت اجتماعاً أمس ترأسه رئيس البرلمان تناول «العلاقات المصرية - الأميركية قبيل تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصب الرئاسة. وأكد عبدالعال في بيان أن العلاقات الثنائية «تحكمها المصالح والعلاقات المشتركة»، مشيراً إلى «دور الديبلوماسية البرلمانية في التواصل مع مراكز اتخاذ القرار في الولايات المتحدة».

وأوضح أن الاجتماع تطرق إلى مشروع قانون المساءلة الأميركي الخاص بوضع الكنائس المصرية المقدم من أحد أعضاء الكونغرس، ودعا إلى «الانتظار حتى وضوح طريقة تعاطي الإدارة الأميركية الجديدة مع هذا الملف، خصوصاً في ضوء الزيارة المرتقبة للجنة العلاقات الخارجية للكونغرس والتواصل مع مراكز البحث والفكر هناك»، مؤكداً أن البرلمان «يتحرك في كل الاتجاهات، ومنها التعامل مع الكتلة الشرقية والغربية من العالم».

من جهة أخرى، عقد الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس اجتماعاً مع وزيرة التعاون الدولي الدكتورة سحر نصر التي عرضت «جهود توفير التمويل اللازم لدعم عملية الإصلاح الاقتصادي، خصوصاً في ما يتعلق بالتوسع في شبكات الحماية الاجتماعية ومساندة الفئات الأكثر احتياجاً». وأوضحت أن الوزارة «تركز خلال العام على الحصول على منح لتمويل مشاريع تنموية جديدة في قطاعات مختلفة تمس حياة المواطن المصري وتهدف الى تحسين مستوى الخدمات المقدمة إليه، خصوصاً في مجالات الكهرباء والطاقة، والإنتاج الزراعي والأمن الغذائي، والنقل وشبكات الطرق، والإسكان الاجتماعي والمرافق، والخدمات الصحية والتعليم والتدريب المهني، وتمكين الشباب».

وأعلنت أن التفاوض جارٍ مع شركاء التنمية للحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي لدعم الموازنة، ومن بنك التنمية الأفريقي لتطوير العشوائيات، فضلاً عن الاتصالات الجارية بالدول المانحة، مثل الصين لتمويل إنشاء المعهد الفني الصيني ومركز للتدريب المهني بالسويس، وكوريا الجنوبية لإنشاء جامعة مصرية-كورية في بني سويف، واليابان لتطوير التعليم، إضافة إلى العديد من مؤسسات التمويل والدول الأخرى.

من جانبه، طالب السيسي بـ «مراعاة الحد من الاستدانة، والإسراع في تنفيذ المشاريع التي يتم الحصول على تمويل خارجي لها، وضمان تحقيقها أفضل النتائج، مع تعظيم المكون المحلي في تلك المشاريع بما يحقق أقصى استفادة من عائدها لتنمية الاقتصاد القومي وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين». كما عرضت نصر خلال الاجتماع جهود الاستفادة من برنامج مبادلة الديون من خلال استخدام ديون الجهات المانحة في مشاريع تنموية جديدة، إذ أشارت إلى التوقيع أخيراً على منحتين من إيطاليا بقيمة 90 مليون جنيه لتمويل توسعات جديدة في مجمع التعليم التكنولوجي المتكامل الإيطالي- المصري، فضلاً عن إنشاء فرع آخر للمجمع في محافظة الجيزة.

وشدد السيسي على ضرورة «إيلاء مزيد من الاهتمام لمكافحة الفقر وللمناطق الأكثر احتياجاً، والتوسع في دعم الصناعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر لدورها في توفير مزيد من فرص العمل للشباب والتركيز على البرامج التي تهدف الى مساعدة وتمكين المرأة، مع تعميق مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص في الجهود التي تقوم بها الدولة».

تحالف «دعم مصر» ينتقد إقحام القضاء في اتفاق «تيران وصنافير»

آخر تحديث: الإثنين، ٢ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) القاهرة – أحمد مصطفى 
انتقد تحالف «دعم مصر» الذي يمتلك الغالبية النيابية، إقحام القضاء في ملف اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته مصر والمملكة العربية السعودية، ويتضمن نقل تبعية جزيرتي «تيران وصنافير» إلى المملكة، مشدداً على «الحق الأصيل» للبرلمان في مناقشة الاتفاق. في الوقت نفسه، تصاعدت الخلافات الداخلية في حزب «المصريين الأحرار»، صاحب أكبر كتلة حزبية داخل البرلمان المصري، الأمر الذي يهدد مستقبل الحزب، خصوصاً مع اقتراب إجراء انتخابات في المجالس المحلية (البلدية).

وكانت الحكومة المصرية أحالت الخميس الماضي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية التي وُقعت في نيسان (أبريل) الماضي، على البرلمان لمناقشتها. ودعم حكم قضائي صدر أول من أمس، القرار بعدما أيد وقف تنفيذ حكم أول درجة ببطلان الاتفاق، لكن محامين طعنوا أمام القضاء الإداري على قرار الحكومة إحالة الاتفاق على البرلمان، وحددت جلسة في 7 الشهر المقبل لنظر أولى جلسات الطعن.

وأكد رئيس ائتلاف «دعم مصر»، زعيم الغالبية البرلمانية النائب محمد السويدي من جانبه، أن فحص الاتفاقات الدولية «حق أصيل لمجلس النواب (البرلمان) وفقاً للمادة 151 من الدستور». ورأى في بيان صادر عن الائتلاف أمس أن الاتفاقية التي لم تعرض على البرلمان «لا نفاذ لها، ولا يكتمل تركيبها القانوني والتشريعي السليم، وبغير موافقة مجلس النواب وفقاً للدستور فإننا لا نكون أمام اتفاقات نافذة». وأشار إلى أن إحالة مجلس الوزراء اتفاقية تعيين الحدود مع السعودية على مجلس النواب «هي من أخص العلاقات السياسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية»، مبدياً دهشته ممن يحاولون «منع البرلمان من ممارسة اختصاصاته». ودعا إلى «احترام اختصاص البرلمان وعدم التغوّل عليه، وعدم استباق الأحداث»، وقال: «البرلمان لم يوافق أو يرفض، وكل الاحتمالات متاح وقائم بناء على الأوراق والمستندات، ولا يجب التأثير على آراء أعضاء البرلمان قبل أن تصل الاتفاقية لهم ويفحصوا أوراقها ويقرروا بأنفسهم».

وأوضح السويدي أن الاتفاقات الدولية تُنظر على مرحلتيْن: «الأولى مرحلة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، وفيها تقرر اللجنة ما إذا كانت أحكام الاتفاقية تخالف الدستور أو تتضمن تنازلاً عن جزء من إقليم البلاد، فإذا انتهت من الإجابة عن هذا التساؤل، انتقلت إلى فحص هل تحتاج الاتفاقية الدولية إلى استفتاء أم تكفي موافقة البرلمان، وبعدها تأتي المرحلة الثانية، وهي إحالة الاتفاقية على اللجنة المختصة أو إلى لجنة مشتركة من مجموعة من اللجان النوعية في البرلمان». وأشار إلى أن الاتفاقات الدولية «لها إجراءات مركبة وتمر بمراحل عدة، وهي المفاوضات، ثم توقيع الحكومة، ثم الإحالة على البرلمان للموافقة أو الرفض، ثم تصديق رئيس الجمهورية، ثم النشر في الجريدة الرسمية»، مشدداً على أن «البرلمان هو المكان الطبيعي للتعبير عن الآراء السياسية، لا قاعات المحاكم».

ودعا رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان إلى «عدم التعجل في إصدار قرار في شأن الاتفاقية، وفتح باب الاستماع للخبراء والمختصين والجميع حتى تتضح الحقائق». كما دعا جميع القوى السياسية إلى «النظر فى الأوراق والمستندات، والاستماع الى آراء الخبراء والمختصين، والحكم على الموضوع بالعين المجردة غير المتأثرة بالصخب الإعلامي الدائر حالياً»، منبهاً إلى أن الاتفاقات الدولية «خاضعة لرقابة المحكمة الدستورية العليا، ومن ثمّ لا يجب القلق لأن جميع المؤسسات تتكامل، وكل مؤسسات الدولة هدفه وغرضه تحقيق الصالح العام».

في موازاة ذلك، تصاعدت حدة الانقسامات داخل حزب «المصريين الأحرار»، صاحب أكبر كتلة حزبية داخل البرلمان، على خلفية اللائحة الداخلية للحزب، بين مجلس أمناء الحزب بزعامة مؤسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، ورئيس المصريين الأحرار عصام خليل ومجموعة من قيادات الحزب من جهة أخرى.

وكان فريق رئيس الحزب تحدى مجلس الأمناء وعقد الجمعة الماضي اجتماعاً للجمعية العمومية التي قررت تمرير اللائحة الداخلية للحزب، وإلغاء مجلس الأمناء الذي يترأسه صلاح فضل، بتصويت 645 عضواً في الجمعية العمومية، وفي حضور عدد من الهيئة البرلمانية للحزب رأسها النائب علاء عابد.

وأعلن مجلس أمناء «المصريين الأحرار» رفضه القاطع لجميع القرارات، وأكد في بيان أنه «سيلجأ إلى لجنة شؤون الأحزاب والقضاء الإدراي لمنع تنفيذ قرارات الجمعية العمومية الأخيرة».

في المقابل، أصدر رئيس «المصريين الأحرار» عصام خليل بياناً أمس أكد فيه موافقة أعضاء المؤتمر العام للحزب، على تعديلات لائحة النظام الأساسي، وإلغاء مجلس الأمناء، كما أعلن عن مقر رئيس جديد للحزب بدلاً من المقر الذي كان يملكه رجل الأعمال نجيب ساويرس. وأكد في بيانه «قانونية إجراءات انعقاد الجمعية العامة للحزب»، مشدداً على أن أعضاء الحزب «هم الذين يحددون توجهاته ومساره».

على صعيد آخر، وجه رئيس حزب الإصلاح والتنمية النائب محمد أنور السادات رسالة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي دعاه فيها إلى تبني «تحرير الخطاب السياسي لنشهد لقاءات وحوارات جادة مهما كان الاختلاف، وتطبيقاً للديموقراطية بمفهومها الواسع وتشجيعاً للمجتمع المدني والأهلي للقيام بدوره ورسالته في تنمية المجتمع وإزالة العوائق والتدخلات التي تقف حائلاً دون القيام بهذا الدور كما ينبغي».

ولفت إلى أن المجتمع المدني «شريك أساسي في عملية التنمية، وعلينا أن نمنحه الفرصة ونشجعه ونقدم له مزيداً من التسهيلات في إطار سيادة القانون ودولة المواطنة والعدالة والمساواة». وأكد أن نواب البرلمان والمعارضين والسياسيين «مستعدون لبذل المزيد والمشاركة بكل طاقاتهم وإمكاناتهم للمساهمة في إعادة بناء هذا الوطن من جديد». ورأى «أننا في مرحلة فارقة في عمر هذا الوطن تتطلب أن يقوم كل منا بدوره بإخلاص، وأن يتم إنصاف المخلصين ومحاربة الفاسدين، وألا ننغلق على أنفسنا».