الجزائر - عاطف قدادرة بلغ عدد الجزائريين المتورطين في قضايا إرهابية والمراقَبين من وزارة العدل 54 ألف شخص وفق الأرقام التي أعلنها وزير العدل الجزائري الطيب لوح أول من أمس، وعُلم من مصادر رفيعة أن جزءاً من تلك البيانات سُلِّم إلى أجهزة أمن أجنبية ضمن إطار التعاون الأمني تتعلق غالباً بمستفيدين من المصالحة الوطنية (الإفراج).
وأكد وزير العدل أن الغاية من هذه المراقبة هي تسيير ومتابعة قائمة الأشخاص الملاحقين قضائياً من أجل وقائع ذات طابع إرهابي. وهذه أول مرة تكشف فيها الجزائر عن هذه القاعدة الخاصة بالبيانات وعدد الأشخاص المراقَبين ضمنها.
ويُعتقد بأن المراقبة تشمل تجديد بيانات هؤلاء الملاحَقين لدى أجهزة الأمن، بخاصة تلك التي تخص تنقلاتهم وعلاقاتهم لاسيما في المساجد والتجمعات، إضافة إلى مراقبة تدويناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال وزير العدل خلال جلسة في مجلس الأمة، إن العدد الإجمالي للأشخاص الملاحقين بجرائم إرهابية، بمَن فيهم المــستفيدون من إجراءات قانون المصالحة الوطنية، المسجلون بقاعدة المعطيات التابعة لوزارة العدل تجاوز الـ 54 ألف شخص إلى غاية 21 كانون الأول (ديسمبر) الجاري ما يعني أن القائمة يتم تحديثها يومياً.
وأفرجت الجزائر عن نحو 2600 سجين استفادوا من «ميثاق السلم والمصالحة» في النصف الأول من عام 2006، إلا أن أجهزة أمنية أجنبية طالبت حينها بتسلم القائمة لاسيما الاستخبارات الفرنسية، ووافقت الجزائر على التعاون «حالة بحالة» إذا لاحظت انخراط أحد المفرَج عنهم بقضايا تتغلق بالإرهاب الدولي. وسجلت المحاكم الجزائرية بضع عشرات من المستفيدين من المصالحة عادوا إلى النشاط الإرهابي والتحقوا مجدداً بجماعات إرهابية ومنهم حتى مَن نفذ عمليات انتحارية بين عامَي 2007 و 2009.
وتحاول الجزائر تقليص حالات السجن الموقت في قضايا عدة، ما يضع قاعدة البيانات هذه في السياق، تزامناً مع إطلاق تجربة السوار الإلكتروني للأشخاص الموضوعين تحت الرقابة القضائية. وتنتقد هيئات حقوقية جزائرية الإفراط في استعمال الحبس الموقت.
ويقول فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، التابعة للرئاسة، إن الجزائر على قائمة أكبر الدول التي تلجأ إلى الحبس الموقت و «هذا أمر غير مقبول». ويعود ذلك وفقه إلى «الكم الكبير من القضايا على ظهر القضاة ما يدفعهم إلى اللجوء إلى صيغة الحبس الموقت تفادياً للخطأ».
وعمّمت الجزائر ما يعرف بـ «مراكز الأمن الجوارية»، ويمكن ملاحظة أن كل الأحياء الشعبية والفقيرة زوِدت بمقار أمنية، وهي فكرة أطلقها مدير الأمن السابق علي تونسي (قتل في مكتبه منذ 6 سنوات) لمراقبة حركة التجنيد داخل الجماعات الإرهابية في ضواحي المدن الكبيرة تحديداً.
بوتفليقة يتصدّى للاستياء من الغلاء والضرائب
كلّف الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، رئيس الحكومة عبد المالك سلال أمس، بتوجيه رسالة إلى الجزائريين فور توقيع قانون المالية في اجتماع مجلس الوزراء، في خطوة للتهدئة مع دخول بنود القانون حيز التنفيذ مطلع العام الجديد بما يقره من زيادات وضرائب.
ودعا بوتفليقة، الحكومة إلى اجتماعها الأخير لهذا العام، الذي يُعقد عادة ضمن تقاليد بروتوكولية لتوقيع قانون المالية. وعُلم من مراجع حكومية أن الرئيس كلّف سلال بتوجيه رسالة إلى الجزائريين لـ «شرح أسباب سن هذا القانون والوضعية المالية للبلاد». ويُعرَف أن قانون المالية للعام 2017 يشمل زيادات مفرطة في أسعار المواد الغذائية وأسعار البنزين وزيادة في الضرائب المفروضة على السلع. وقابل هذه الزيادات نداءات مجهولة المصدر لتنظيم احتجاجات «صامتة» بدءاً من 2 كانون الثاني (يناير) المقبل.
وعلمت «الحياة» من مصادر قضائية أن قيادة الشرطة وجهت تعليمات لأجهزتها بـ «تأجيل» عمليات الهدم وإخلاء المساكن وغيرها من القضايا التي يأمر بها وكلاء الجمهورية تنفيذاً لأحكام قضائية، وهذا ضمن «سياسة تهدئة إلى حين تمرير القانون وبدء تنفيذه». ونقلت مواقع جزائرية عن مصادر حكومية أن «رئيس الجمهورية سيدلي بتصريح مهم خلال اجتماع مجلس الوزراء» من دون إعطاء تفاصيل أكثر حول طبيعة هذا التصريح أو القرار. وعُلم أن الرئيس وجّه دعوة إلى الطاقم الحكومي، لحضور مأدبة غداء قبل الاجتماع وهي سابقة في تاريخ انعقاد المجالس الوزارية، التي تُحصَر الدعوة إليها بالرئيس دون سواه وفق صلاحياته الدستورية.
وذكرت مصادر مأذونة لـ «الحياة» أن رسالة سلال للجزائريين قد تُبثّ عبر التلفزيون الحكومي، كما يُعتقد أنها سُجلت قبل انعقاد مجلس الوزراء بطلب من الرئاسة على أن تُبث بعد ختام اجتماع الحكومة.
ولم تنف الحكومة إدراج زيادات ضريبية جديدة تُضاف إلى زيادات العام الماضي، لتعويض تراجع مداخيل البلاد من العملة الصعبة بما يفوق الـ60 في المئة. وقال سلال، إن حكومته ماضية في مشروع إخراج البلاد من الوضع الاقتصادي الذي تعيش فيه خلال العام 2017. وذكر أن «الحكومة ماضية نحو الدخول في مخطط استعجالي لإنقاذ الاقتصاد الوطني في مجال صناعة التكنولوجيات الحديثة وصناعة المعرفة لتفعيلها ولتغيير الذهنيات». وبدأ تجار جزائريون في تنفيذ الزيادات الجديدة حتى قبل التوقيع الرئاسي على القانون، وجاء في تقرير لوكالة الأنباء الرسمية، أن عشرات المواد الأساسية سجلت زيادات «غير مبررة» بين 2 و10 في المئة ما خلق حراكاً اجتماعياً محدوداً قد يتطور، مقابل إعلان سلال عن إغلاق فرص التوظيف الحكومي بدءاً من نهاية الشهر إلى حين ظهور مؤشرات اقتصادية إيجابية.
|