التاريخ: كانون الأول ٢٨, ٢٠١٦
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: الثقة اليوم والنسبية تاهت في البيان الوزاري
لو توافر العدد المطلوب من الحاضرين في قاعة مجلس النواب مساء أمس، لحصلت الحكومة على الثقة بأكثرية تقرب من 90 في المئة من الاصوات. وإذا كانت الثقة بحكومة "استعادة الثقة" مضمونة الى حد كبير، فإن احداً لم يتوقع أن تدخل في سباق مع الوقت، حتى بدا كلام المداخلات في اليوم الاول، كأنه رفع عتب لا أكثر، وتمرير للوقت الضروري. وكان النواب توافقوا على ان يتحدث واحد من كل كتلة اختصاراً للوقت، لكن الاتفاق سقط أمام رغبة البعض في الاطلالة الاعلامية. ولولا السجال بين النائبين خالد الضاهر ورياض رحال، والذي استعمل فيه الاول اهانات شخصية، وبعض "الشغب" الطريف للنائب سيرج طورسركيسيان، لاعتبرت جلسة مملة، وخصوصا ان اياً من الافرقاء لم يشأ تسجيل اعتراض اساسي على حكومة كادت ان تكون حكومة وحدة وطنية لولا غياب حزب الكتائب عنها، وجاءت نتيجة توافق سياسي تجسد في انتخاب الرئيس وتأليف الحكومة، وربما ينسحب الامر في الاتفاق على قانون انتخاب جديد او قديم معدل يراعي مصالح الاحزاب والمذاهب.

وإذ بدا لافتاً سقوط كل ما يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان من النسخة المطبوعة الموزعة على النواب، بسبب "السهو والغلط"، فإن الرئيس نبيه بري استدرك الامر قبل بدء الجلسة ووزع ملحقاً ولفت الى أخطاء طباعية عدة.

وفي ما يتعلق بقانون الانتخاب، أدرجت مصادر زيارة وفد من "حزب الله" للنائب وليد جنبلاط في كليمنصو في إطار تأكيد ما كان اعلنه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، ان الهواجس في شأن القانون لها مكان للبحث والتفاوض انطلاقا من إدراك الحزب أن النسبية الشاملة التي يطالب بها لن ترى النور على الارجح، وان المهم الذهاب الى قانون انتخاب لا يظلم أحدا ولا يكون مشكلة في البلد، وتاليا فإن التشديد على أن النسبية هي ممر الزامي للانتخابات المقبلة قد تم التخلي عنه، والدليل البارز هو عدم الاشارة الى ذلك في البيان الوزاري، مما يؤشر لغياب الاتفاق على اعتمادها او اعتبارها ممرا الزاميا وضروريا لإجراء الانتخابات. ويدرك الحزب ان اي قانون انتخابي لن يصير نافذا ما لم يتوافق عليه الجميع، شأنه في ذلك شأن جميع المسائل والامور الاساسية الكبيرة في البلد، ولذلك نحا الحزب في اتجاه التأكيد أن لهواجس البعض من النسبية الكاملة والشاملة مكانها. ومعلوم أنه سبق لـ"حزب الله" والحزب التقدمي الاشتراكي ان توافقا في جلسة سابقة على ان عدم القدرة على الاتفاق على الامور او المسائل الاساسية لا يعفي من تفعيل العمل الخدماتي والاجتماعي.

من جهته، لا يزال بري على موقفه من النسبية، وهو لا ينفك يردد "قلنا مراراً وتكراراً ان النسبية هي باب الخلاص للبنان، وانا ارى هناك من يعمل على نسفها وخنقها في المهد. وبناء على كل هذه التحديات سأبقى مستمرا على تحقيق هذا المطلب الوطني حتى لو بقيت وحدي".

الحكومة
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" عشية نيل الحكومة الثقة اليوم في جلسة تعقد الساعة 11.00 قبل الظهر، أن جدولا حافلا بالمهمات سينطلق مجلس الوزراء الى تنفيذه مع مجلس النواب. وفي طليعة هذه المهمات إعداد مشروع موازنة هي الاولى بعد أعوام، وهي ستأخذ طريقها بعد إدخال تعديلات على المشروع الذي سبق أن أعده وزير المال علي حسن خليل في عهد الحكومة السابقة. وتوقعت المصادر أن تستغرق مناقشة الموازنة وإقرارها في البرلمان الاشهر الفاصلة عن الربيع المقبل، على أن تتضمن إقرار سلسلة الرتب والرواتب بعد توفير مواردها، ولا سيما برفع طفيف للضريبة على القيمة المضافة.

أما المهمة التالية والتي تتصدر الأولويات أيضا، فستكون إنجاز قانون جديد للانتخاب. وفي وقت يدور النقاش حول مبدأ القانون المختلط (أكثري ونسبي) لفتت المصادر الى أن المهلة المتبقية قبل انتهاء ولاية المجلس الممدد له في 20 حزيران المقبل تبدو قصيرة نسبيا، مشيرة الى ان الامتحانات الرسمية ستنطلق في 7 أيار المقبل وتستمر أسابيع، وسيكون إنجازها أمرا ضروريا للذهاب الى الانتخابات، باعتبار أن المؤسسات التربوية الرسمية تشكل مراكز اقتراع والاساتذة فريق العمل للاشراف على الانتخابات، فضلا عن أن هناك تحديا يتمثل بالقدرة على تطبيق قانون جديد. وقالت المصادر إن إمكان فتح دورات استثنائية لمجلس النواب أمر وارد، من أجل بقاء التشريع بوتيرة مناسبة لوضع قوانين تتطلبها المرحلة.

الحريري : انتخاب الرئيس بداية عودتنا إلى تأكيد الثقة بنظامنا 
البيان الوزاري: أولويات اقتصادية وقانون الانتخاب وأزمة النازحين

ألقى رئيس الوزراء سعد الحريري قبيل تلاوته نص البيان الوزاري لحكومته، قبل ظهر امس في مجلس النواب كلمة جاء فيها:
"اجتمع مجلسكم الكريم بكامل أعضائه في 31 تشرين الأول وانتخب فخامة الرئيس العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. لم تكن تلك الجلسة هي السادسة والأربعين لملء الشغور الرئاسي، بل كانت الجلسة الأولى لعودتنا جميعاً الى الانتظام تحت قبة البرلمان لإعادة تأكيد ثقتنا بنظامنا الديموقراطي البرلماني وبالشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة التي يمارسها عبر المؤسسات الدستورية، ومن أجل الانتقال بدولتنا وأهلنا ووطننا من الانقسام الحاد الى الوحدة الوطنية ومن الخصومة والانقسام الى التنوع والاختلاف.

إن جلستنا اليوم تختصر كل ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وكل إنجازاتنا وتألقنا، وأيضاً كل عثراتنا وأزماتنا، لأن كل تلك التحديات في النجاح أو الفشل تُختصر بكلمة واحدة هي الثقة، فكلما ارتفع منسوب الثقة لدى المجتمعات، كان الازدهار والاستقرار والنجاح، وعندما تبدأ الثقة بالتراجع يكون الواقع في طريقه نحو الفشل.

دولة الرئيس، الزميلات والزملاء، قبل ان أبدأ بقراءة البيان الوزاري لحكومتنا، اسمحوا لي أن أقول ان عملية استعادة الثقة تبدأ بالاتفاق على الواقع الذي نحن فيه، ولأن الوقت غير متاح لتفصيل الواقع بالأرقام أكتفي بلفت نظر مجلسكم الكريم الى ان نسبة الفقر في بلدنا تخطت الثلاثين في المئة ونسبة البطالة وصلت الى 25 بالمئة والى 35 بالمئة بين الشباب فيما النمو الاقتصادي لهذه السنة سيكون اقل من 2%. كل هذا فيما بلدنا يستضيف مليون ونصف مليون من إخواننا النازحين الهاربين من جحيم النار السورية. على خلفية هذا الواقع الخطير أنتقل الآن لقراءة البيان الوزاري الذي على اساسه تطلب حكومتنا اليوم الثقة من مجلسكم الكريم."

ثم تلا الرئيس الحريري البيان الوزاري، وهنا نصه:
"لقد اخترنا لحكومتنا عنوان "استعادة الثقة" لأن الثقة هي أغلى ما يمكن أن يملكه بلدنا واستعادتها هي أسرع ما يمكن أن ننجزه بالتعاون مع مجلسكم النيابي الكريم وسائر المخلصين.
حق اللبنانيين علينا أن نعيد اليهم الثقة بالوفاق الوطني، وبدولتهم ومؤسساتها، وحق لبنان علينا أن نعزز الثقة باستقلاله وسيادته وبسط سلطة دولته على كامل أراضيه. وحق دستورنا علينا أن نعيد تأكيد ثقتنا به، وبوفاقنا الوطني المكرس باتفاق الطائف، وبنظامنا الديموقراطي، وبقدرتنا جميعا على حل أي مشكلة تواجهنا، عبر الحوار، ولا شيء غير الحوار، تحت سقف المؤسسات الدستورية وروح الميثاق، وعدم اللجوء الى العنف والسلاح والإبتعاد عن كل ما هو تحريض طائفي ومذهبي والتصدي لكل فتنة. كما ان حق اللبنانيين علينا أن تعود ثقتهم بقدرة دولتهم على تقديم الخدمات الأساسية لهم على امتداد الأراضي اللبنانية بطريقة مستدامة ومتوازنة وإدارة شفافة ونزيهة.

ان مجلسكم النيابي الكريم أطلق "استعادة الثقة" عندما أنهى عامين ونصف من الفراغ بانتخاب فخامة الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية، ونقف أمامكم اليوم طالبين ثقتكم لاستكمالها، من أجل ترجمة الأمل والتفاؤل بإقرار قانون انتخاب جديد وبنهوض في اقتصادنا الوطني يعيد اليه النمو ويلبي حاجات جميع اللبنانيين ويوفر فرص العمل لهم وللشباب منهم بشكل خاص.

وللوصول الى هذا الهدف، تضع حكومتنا في الأشهر القليلة المتاحة لها سلسلة أولويات وعلى رأسها إقرار موازنة 2017 وإقرار التشريعات الجاهزة أمام مجلسكم النيابي الكريم، وتقديم مشاريع قوانين من شأنها أن تسهل بيئة العمل الاقتصادي في لبنان وتعزيز دور القطاعات الإنتاجية (الصناعية والزراعية والسياحية) وتنظيمها وتطويرها، والتخطيط للاصلاحات والمشاريع البنيوية والإقتصادية والإنمائية من دون إغفال الخطط الحكومية الموضوعة سابقا.

كما تلتزم الحكومة تسريع الاجراءات المتعلقة بدورة التراخيص للتنقيب عن النفط واستخراجه، بإصدار المراسيم والقوانين اللازمة مؤكدة حق لبنان الكامل في مياهه وثروته من النفط والغاز، وبتثبيت حدوده البحرية، خصوصا في المنطقة الاقتصادية الخاصة.

كما تولي حكومتنا أهمية خاصة لقطاع تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات لما يمتلكه من قدرة تحفيز للاقتصاد الوطني ولكونه مدخلا أساسيا للاقتصاد الجديد المسمى اقتصاد المعرفة حيث لبلدنا امكانات غير محدودة بما يملكه من رأسمال بشري وقدرة اللبنانيين المعترف بها دوليا على الإبداع والمبادرة والإبتكار، وهو ما يدفعنا لتحسين الخدمات نوعا وكلفة وسرعة في هذا المجال.

بموازاة ذلك ولتحقيق كامل الطاقة الكامنة في اقتصادنا تلتزم الحكومة بدء العمل فورا لمعالجة المشاكل المزمنة التي يعاني منها جميع اللبنانيين، بدءا من الكهرباء وصولا الى المياه مرورا بأزمات السير ومعالجة الملفات البيئية وأبرزها مشكلة النفايات ومشكلة تلوث مياه نهر الليطاني.

ان تحقيق النهوض الاقتصادي لا يكتمل الا بتحسين وتوسعة شبكة الأمان الاجتماعية وتأمين حق الوصول للطبابة والتعليم لجميع اللبنانيين. وفي هذا المجال ستولي الحكومة اهتماما خاصا للشرائح الأكثر فقرا عبر استكمال البرنامج الوطني لمكافحة الفقر وتأمين التمويل اللازم لمكافحة الفقر المدقع على الأخص، وتأمين التعليم النوعي لجميع الأطفال الموجودين على الأراضي اللبنانية.

وفي العموم تؤكد الحكومة ان الاستقرار الماكرو - اقتصادي كان ويبقى حجر الزاوية في سياسة لبنان الاقتصادية، كما المحافظة على الاستقرار النقدي.

تتعهد الحكومة وضع استراتيجية وطنية عامة لمكافحة الفساد واتخاذ إجراءات سريعة وفعالة في القطاعات الأكثر عرضة للفساد، وأولها رفع اليد السياسية عن الأجهزة الرقابية المعطلة والتي تحتاج الى تفعيل وتطوير في إدائها. كما ستعمل الحكومة على ملء الشواغر في الإدارات والمؤسسات العامة بأصحاب الكفاءات، بعدما تسبب الفراغ فيها بالتسيب وتعطيل أعمال المواطنين.

ستعمل الحكومة ما يلزم لإنهاء ملف المهجرين والتقدم بمشروع قانون لتأمين الإعتمادات المطلوبة له تمهيدا لإلغاء وزارة المهجرين.

لقد نجح الشعب اللبناني من خلال وحدته الوطنية أن يثبت انه ليس في لبنان بيئة أو موئل حاضن للارهاب فكان خير داعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية في عملها الإستباقي والردعي في مواجهة الإرهاب بإمكانات متواضعة وتضحيات كبيرة.

لذلك فإن الحكومة، إذ تنبه الى ان لبنان لا يزال في عين عاصفة الإرهاب التي تضرب العالم، تتعهد بأن يكون من أولى مهماتها تكثيف الجهود والإتصالات لتأمين مستلزمات الأجهزة العسكرية والأمنية عدة وعديدا، لكي تقوم بواجباتها على أكمل وجه حماية للدولة والشعب والأرض من الحرائق المنتشرة حولنا بعد أن ثبت ان الاستثمار الأمني هو الأنجح في مردوده على اللبنانيين.

وفي هذا المجال تلتزم الحكومة العمل على وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب على كامل الأراضي اللبنانية، اما الاستراتيجية الدفاعية الوطنية فيتم التوافق عليها بالحوار.

تحرص الحكومة على تأمين استقلالية القضاء وتحصينه من التدخلات.

ان الحكومة انطلاقا من احترامها القرارات الدولية، تؤكد حرصها على جلاء الحقيقة وتبيانها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وستتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشئت مبدئيا لإحقاق الحق والعدالة بعيدا عن أي تسييس او انتقام، وبما لا ينعكس سلبا على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الأهلي.

وفي جريمة إخفاء الإمام موسى الصدر وأخويه في ليبيا، ستضاعف الحكومة جهودها على كل المستويات والصعد وستدعم اللجنة الرسمية للمتابعة بهدف تحريرهم وعودتهم سالمين.

ستقوم الحكومة بالتعاون مع مجلسكم الكريم بالعمل على إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية في أسرع وقت ممكن، على أن يراعي هذا القانون قواعد العيش الواحد والمناصفة ويؤمن صحة التمثيل وفعاليته لشتى فئات الشعب اللبناني وأجياله وذلك في صيغة عصرية تلحظ الإصلاحات الضرورية.

ان الإدارات الحكومية المعنية ستعمل على تنظيم العملية الانتخابية في موعدها القانوني بدءا من تأمين سرية الاقتراع الى حق الاقتراع لغير المقيمين من اللبنانيين وتسهيل اقتراع ذوي الحاجات الخاصة وغير ذلك من الاجراءات التي تسهل للناخبين مشاركة فعالة في الاقتراع. كما تلتزم الحكومة متابعة اقرار قانون اللامركزية الإدارية بالتعاون مع المجلس النيابي الكريم.

ان الحكومة تلتزم ما جاء في خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من ان لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النار المشتعلة حوله في المنطقة بفضل وحدة موقف الشعب اللبناني وتمسكه بسلمه الأهلي. من هنا ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي حفاظا على الوطن ساحة سلام واستقرار وتلاق.

وستواصل الحكومة بالطبع تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وتأكيد الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في إطار الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، كما انها تؤكد احترامها المواثيق والقرارات الدولية كافة والتزامها قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 واستمرار الدعم لقوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان.

أما في الصراع مع العدو الإسرائيلي فإننا لن نألو جهدا ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية وذلك استنادا الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، وتؤكد الحكومة واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع تأكيد الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة.

اذ تؤكد الحكومة التزامها مواصلة العمل مع المجتمع الدولي لمواجهة اعباء النزوح السوري واحترام المواثيق الدولية، فان الدولة تشير الى انها لم تعد تستطيع وحدها تحمل هذا العبء الذي اصبح ضاغطا على وضعها الاجتماعي والاقتصادي والبنيوي بعد ان وصل عدد النازحين الى اكثر من ثلث مجموع سكان لبنان.

لهذا فان المجتمع الدولي مطالب ان يتحمل مسؤوليته تجاه التداعيات التي اصابت شرايين الخدمات والبنى التحتية من كهرباء وماء وطرق ومدارس ومستشفيات وغيرها التي لم تعد تستوعب والوفاء بالتزاماته التي اعلن عنها في المؤتمرات المتلاحقة خصوصا في ما يخص دعم وتطوير هذه البنى.

تعتبر الحكومة ان الحل الوحيد لأزمة النازحين هو بعودتهم الآمنة الى بلدهم ورفض اي شكل من اشكال اندماجهم او ادماجهم في المجتمعات المضيفة والحرص على ان تكون هذه المسألة مطروحة على رأس قائمة الاقتراحات والحلول للأزمة السورية.

اننا نؤكد التزام الحكومة أحكام الدستور لجهة رفض مبدأ توطين اللاجئين وخصوصا الفلسطينيين ونتمسك بحقهم بالعودة الى ديارهم، والى ان يتم ذلك على الدول المنظمات الدولية الاضطلاع بكامل مسؤولياتها والمساهمة بشكل "دائم وغير منقطع" بتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين واستكمال تمويل اعادة اعمار مخيم نهر البارد.

ان لبنان الرسمي يؤكد تعزيز الحوار "اللبناني - الفلسطيني" لتجنيب المخيمات ما يحصل فيها من توترات واستخدام للسلاح الذي لا يخدم قضيته وهو ما لا يقبله اللبنانيون شعبا وحكومة.

لا يستوي نظام ديموقراطي ما لم يكن المجتمع المدني بشاباته وشبابه، شريكا في صنع القرار، لذلك فان حكومتنا تتعهد بتعميق روح الشراكة مع المجتمع المدني.

كما انه لا يمكن فصل حقوق المرأة عن التوجهات السياسية والاقتصادية والثقافية للحكومة، لذلك تلتزم حكومتنا العمل على تعزيز دور المرأة في الحياة العامة، بما في ذلك على صعيد التعيينات الادارية وفي المؤسسات الرسمية، لا سيما في المواقع القيادية انطلاقا من النصوص الدستورية ومضامين الاتفاقات الدولية التي انضم اليها لبنان والتوصيات التي وافق عليها وابرزها القضاء على جميع انواع التمييز ضد المرأة.

وستحرص الحكومة على تعيين اعضاء الهيئة الوطنية لحقوق الانسان لتنفيذ الخطة الوطنية الموضوعة لهذه الغاية.

وعلى صعيد تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية ستعمل الحكومة مع المجلس اللبناني الموقر على ادراج كوتا نسائية في قانون الانتخابات المنوي اقراره، كما ستعمل على انجاز خطة استراتيجية لشؤون المرأة تشمل اطلاق ورشة عمل لتنزيه القوانين للقضاء على التمييز ضد المرأة والتقدم بمشاريع قوانين جديدة تحقيقا للعدالة والمساواة وتنفيذا للتعهدات التي التزم بها لبنان.

انني اتعهد امامكم وامام اللبنانيين ان اعمل بالتعاون مع فخامة الرئيس والوزراء على ان تكون القضايا الوطنية التي تعني جميع اللبنانيين من دون استثناء في رأس جدول اعمال مجلس الوزراء يليها القضايا التي تعني المناطق الاكثر حرمانا والفئات الاكثر تهميشا.

كما اتعهد ان تقدم الحكومة دوريا تقريرا مختصرا عن اعمالها باستمرار، من اجل مساعدة مجلسكم الكريم على ممارسة صلاحياته في الرقابة والمساءلة، ومن اجل استعادة ثقة اللبنانيين بحكومتهم ودولتهم.

واتمنى ان نصل قريبا الى اليوم الذي تصبح فيه وزارة الشباب هي الوزارة السيادية الاولى التي نتنافس على حقيبتها، لانني عندها سيكتمل اطمئناني الى مستقبل لبنان".