التاريخ: كانون الأول ٢٧, ٢٠١٦
المصدر: جريدة الحياة
حكومة لبنان أمام البرلمان اليوم طلباً لثقته: قانون الانتخابات والاقتصاد حاضران بقوة
يبدأ البرلمان اللبناني اليوم مناقشة حكومة الرئيس سعد الحريري في بيانها الوزاري الذي طلبت الثقة على أساسه، وشعارها «استعادة الثقة» من قبل المواطن اللبناني والخارج، بعدما اهتز الإيمان بالدولة ومؤسساتها الدستورية والإدارية نتيجة انعكاس الأزمة السياسية في البلاد فراغاً في الرئاسة وتعطيلاً لأعمال الحكومة والعمل التشريعي والرقابي، أكثر من سنتين ونصف السنة، تداخلت خلالها العوامل الداخلية مع الإقليمية التي ساهمت في بلوغ التأزم ذروة غير مسبوقة.

ومع أن إنجاز تشكيل الحكومة، وصوغ بيانها الوزاري سريعاً قياساً إلى تجارب سلبية في العقد السابق من الحياة السياسية اللبنانية، حصلا في مناخ توافقي أطلق موجة من الانفراج النفسي والإعلامي، بفعل التسوية على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، فإن إعادة الأزمة السياسية إلى كنف قبة البرلمان ستكشف حجم المشاكل التي سيثيرها النواب، والتي على الحكومة التصدي لها بعد تجميد المعالجات المطلوبة لها.

وتقول مصادر نيابية إنه ينتظر أن يثير النواب في مناقشاتهم عناوين وتفاصيل هذه المشاكل، ومعظمها اقتصادي واجتماعي وحياتي، وتطرح تحديات كبيرة على حكومة عمرها قصير لبضعة أشهر إلا إذا حتم الاتفاق على قانون انتخاب الذي كان أبرز عناوين الخلاف في السنوات الماضية، تمديد عمرها بضعة أشهر أخرى للتأقلم مع متطلباته.

وينتظر أن يحتل قانون الانتخاب جزءاً رئيساً من المداخلات النيابية في ظل الخلاف بين وجهتي نظر حول اعتماد النسبية الكاملة فيه، أو الوصول إلى تسوية في شأنها تنتج قانوناً مختلطاً يدمج بين النظامين النسبي والأكثري في الاقتراع، فيما الخلاف بين القوى السياسية في هذه الحال قائم على درجة اعتماد النسبية الجزئية. وستكون المناقشات النيابية التي يمكن أن تمتد 3 أيام وفق الدعوة التي وجهها إليهم رئيس البرلمان نبيه بري، مختبراً مدى القدرة على التوفيق بين الفرقاء المختلفين حول القانون الموعود، خصوصاً أن مشاريع عدة مطروحة نتيجة اتفاقات ثنائية أو ثلاثية بين أحزاب عدة حصلت في شأنه.

وتتوقع مصادر نيابية أن تحضر التطورات الإقليمية في بعض المداخلات أيضاً، لا سيما في سورية، ومنها مسألة العلاقة مع النظام السوري بعد سيطرته على مدينة حلب والوضع المأسوي الذي رافق المعارك فيها، خصوصاً أن وزير الدولة رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصو، الحليف للنظام، أثار هذه المسألة أثناء إقرار مجلس الوزراء البيان الوزاري السبت الماضي، سائلاً عن سبب عدم تضمينه أي شيء عن التنسيق مع دمشق التي لنا معها اتفاقات، بحسب قول مصدر وزاري لـ «الحياة». وقال المصدر إن قانصو طلب إدراج التنسيق مع دمشق في البيان، إلا أن أياً من الوزراء لم يأخذ برأيه، أو يعلق على طلبه. بل إن وزير المهجرين طلال أرسلان تحدث عن أهمية العلاقة مع سورية، لكنه اعتبر أن البيان كاف في مضامينه. كما تمنى على وزراء «القوات اللبنانية» إزالة تحفظهم عن عبارة «حق المواطنين في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي» الواردة في نص البيان.

وكان البيان الوزاري ردد العبارة التي جاءت في خطاب القسم للرئيس عون بضرورة الابتعاد عن الصراعات الخارجية واحترام ميثاق الجامعة العربية.

وتقول المصادر النيابية إنه يفترض رصد المواضيع التي سيـــثيرها بعض من الفرقاء الذين لم يتمثلوا في الحكومة، وأبرزهم حزب «الكتائب» والوزير السابق النائب بطرس حرب.

توقع جلسة هادئة والسنيورة المسافر يمنح ثقة مسبقة

وفيما تمثل الحكومة، أمام البرلمان اعتباراً من اليوم، فان رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أعلن منحها الثقة مسبقاً، وقال مكتبه الإعلامي في بيان «إنه وبسبب التزامات سابقة اضطرته للوجود خارج البلاد فإنه لن يكون موجوداً في لبنان أثناء مناقشة البيان الوزاري للحكومة، لكن الرئيس السنيورة يؤكد أنه يمنح الحكومة الحالية برئاسة الرئيس سعد الحريري كامل ثقته، ويتمنى لها التوفيق الكامل في أعمالها ومهماتها وهو سيكون مع كامل أعضاء كتلة المستقبل النيابية إلى جانبها داعمين ومؤيدين لها».

وأكد السنيورة أنه يتطلع إلى «أن تبذل الحكومة خلال ولايتها كل الجهد اللازم من أجل تنفيذ ما التزمته في بيانها الوزاري وستعمل على تحقيق مصالح لبنان واللبنانيين بأفضل وجه».

ولفت وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان إلى أن «الأمور المتعلقة بالمرأة وردت في صفحة كاملة من أصل ثماني صفحات في البيان الوزاري»، مؤكداً «العمل على تعزيز دور المرأة في الحياة العامة، خصوصاً في التعيينات الإدارية وقد تم التركيز على موضوع الكوتا».

ودعا إلى «إنعاش الاقتصاد وخلق بيئة ملائمة لإحياء قضية الاستثمارات الخارجية»، مشدداً على أننا «بحاجة لرفع مستوى النمو من صفر في المئة إلى 5 في المئة»، معتبراً أنه «لم يعد من الممكن الاستمرار بالصرف العشوائي»، ومؤكداً أن «الوضع الاقتصادي أخذ حيزاً من اهتمام الرئيس ميشال عون والرئيس الحريري».

وأكد وزير الصناعة حسين الحاج حسن أن «الاستقرار في لبنان لم يكن ليحصل لولا التصدي الوطني الجامع للإرهاب»،

وقال: «هذا الأمن وفر قاعدة لاستقرار سياسي تحقق من خلال انتخاب الرئيس عون، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وضعت بيانها الوزاري الذي ستبدأ مناقشته لمنح الحكومة الثقة من المجلس النيابي. ومن أولى مهمات الحكومة قانون انتخابي من أجل تعزيز الاستقرار السياسي، ونحن موقفنا اعتماد النسبية الكاملة في دوائر موسعة، ولكن البعض يرفض ذلك، المهم أن يكون هناك قانون جديد تجرى على أساسه الانتخابات، بدلاً من قانون الستين الذي يرفضه الجميع، والوقت يسمح بإعداد قانون، فالمسألة ليست مسألة وقت ولكنها قصة قرار سياسي». واعتبر أن «من مهمات الحكومة التصدي للقضايا الضاغطة على الناس، ونحن نصر على أن يكون هناك برنامج تنموي واقتصادي واضح للحكومة ولو كانت مدتها قصيرة، والحكومة التي ستأتي بعد الانتخابات هي استمرار لعهد الرئيس عون تستكمل تنفيذ البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي».

وأوضح وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني أن «الأجواء أجواء وحدة وطنية ومريحة وسهلة بالنسبة إلى أخذ الثقة للحكومة التي أنجزت بيانها الوزاري الذي يعبر عن وحدة وطنية قوية جداً تجاه هذا الشعب الذي انتظر مدة طويلة لإعادة تكوين القيادة السياسية في لبنان».

ورأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى أن «السيناريو في جلسات الثقة سيكون هادئاً وستكون الجلسات مختصرة ولن يكون هناك كلام صاخب»، مشيراً إلى أن «الحكومة هي حكومة وفاق ومن الطبيعي أن تتكون معارضة».

واعتبر أن «الملف الأصعب الذي سيواجه الحكومة هو ملف قانون الانتخاب لأن هناك توجهات مختلفة».

ورأى عضو «كتلة المستقبل» النائب هادي حبيش أن «الإرادة السياسية واضحة من قبل كل الأفرقاء، وهذا ما بدا جلياً من خلال السرعة في إنجاز البيان الوزاري». وقال خلال استقباله فاعليات هنأته بالأعياد: «ننتظر قانوناً انتخابياً جديداً يصحح التمثيل في بعض المواقع، ومن الضروري أن تكون أولوية الحكومة تعيين الهيئة الناظمة للطيران المدني ليصار إلى فتح مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض في القليعات، وهذا الموضوع سيكون مطلبنا الأساسي كفريق سياسي في عكار، وسنعمل أيضاً على فتح فروع للجامعة اللبنانية في عكار بأقرب فرصة ممكنة».

وفي شأن قانون الانتخابات، قال: «الاتجاه المتفق عليه هو القانون المختلط على رغم بعض التعقيدات الموجودة وطريقة استيعابه عند الناس، لأنه مقسم إلى قسمين انتخاب على أساس قانون الستين ونسبي. ونحن مع أي قانون يحسن التمثيل أفضل من القانون الحالي، وعلى استعداد للتعاون مع الأفرقاء السياسيين لإقرار القانون الذي سيتفق عليه للوصول إلى إجراء الانتخابات في موعدها».

واعتبر عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان أن «الإبقاء على الستين هو فشل للعهد الجديد، وقانون انتخاب جديد هو مدخل لإعادة تكوين السلطة»، مشدداً على أن «القوات لا تريد قانون الستين وستحاربه». ولفت إلى أن «الاتصالات قطعت شوطاً كبيراً في الوصول إلى قانون الممكن وليس النموذجي»، مضيفاً: «القانون المختلط هو الممكن حالياً ويمكن أن يمر في الأيام المقبلة وسيكون لدينا قانون جديد قبل المهل المطلوبة»، مؤكداً أننا «نتواصل مع جميع الأفرقاء بعيداً من الإعلام من أجل الوصول إلى قانون جديد ولن نقبل لا بالتمديد ولا بقانون الستين».