التاريخ: كانون الأول ٢٦, ٢٠١٦
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: جلسات الثقة انجاز الاسبوع الاخير من السنة
لم يكن مستغربا ان يواكب مناخ الانفراج السياسي الذي تشهده البلاد الاحتفالات بعيد الميلاد خصوصا انها تميزت هذه السنة بعودة التقليد الذي يقضي بحضور رئيس الجمهورية قداس الميلاد في بكركي بعد انقطاع سنتين بفعل ازمة الفراغ الرئاسي التي طالت سنتين ونصف سنة . وساهم تشكيل الحكومة وانجاز اقرارها بيانها الوزاري استعدادا لمثولها امام مجلس النواب في الايام الثلاثة المقبلة ايضا في ارتفاع نبرة التفاؤل لدى رؤساء الطوائف المسيحية الذين اجمعوا تقريبا في عظاتهم في مناسبة عيد الميلاد على ابراز ايجابية التطورات التي تشهدها البلاد منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتشكيل الحكومة بسرعة . وهو الامر الذي برز في عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في قداس بكركي الاحتفالي في حضور الرئيس عون وعدد من الشخصيات الرسمية والسياسية ، اذ أعرب عن الامل ان " يكون عهدكم عهد الاستنارة من اجل تبديد الظلمات عن الوطن والاقتصاد والأمن الاجتماعي " مبرزا الحاجة الى مصالحة وطنية شاملة والنهوض بكل قطاعات البلاد . كما ان ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة عبر بدوره في عظته عن " املنا الكبير في سيد هذا العهد ان يكون حامي الدستور والساهر على تطبيقه من اجل انتظام المؤسسات " كما امل في نجاح الحكومة في انقاذ البلاد من وضعها الصعب.

الرئيس عون بدا مقتضبا للغاية في تصريحه من بكركي فوعد اللبنانيين بالعمل على سد الفراغات الكثيرة والعمل بجهد لتحقيق الوعود . ولكن يبدو واضحا ان الاسبوع الاخير من السنة الذي يبدأ اليوم سيشهد الفصل النهائي من فصول استكمال المسار الدستوري لانطلاقة الحكومة بما يعني ان السنة الجديدة ستطل ببرمجة الاولويات التي لحظها البيان الوزاري للحكومة كما أقره مجلس الوزراء السبت الماضي . وهي اولويات ستجد متسعا من الوقت للنقاش المستفيض في ثلاثية جلسات مجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة النيابية بالحكومة التي ستبدأ من غد الثلثاء وتستمر الى الخميس . ومع ان لائحة طالبي الكلام من النواب في جلسات مناقشة البيان الوزاري لم تكتمل بعد فان المتوقع ان يكون العدد كبيرا نظرا الى افتقاد المجلس النيابي جلسات المناقشة العامة منذ زمن بعيد وهو الامر الذي ستعوضه جلسات مناقشة البيان الوزاري بحيث يتوقع ان يكون الإقبال كثيفا على المداخلات . ومن المتوقع ان تتمحور مناخات الجلسات في أيامها الثلاثة على مجموعة اولويات يأتي في مقدمها قانون الانتخاب الجديد وكذلك القضايا الاقتصادية والخدماتية الاساسية وموضوع مكافحة الفساد وهي قضايا تناولها البيان الوزاري . اما البحث الفعلي في قانون الانتخاب فسيكون موعد انطلاقته الكبيرة بعد رأس السنة حيث يبدأ السباق مع الوقت بما يلزم القوى السياسية الإسراع في بت الخلافات حول قانون الانتخاب تحت وطأة سريان مهل قانون الستين .

فضل الله: لدينا "متّسع من الوقت" لوضع قانون انتخاب جديد

شدد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، على "ان حزب الله لا يتعاطى مع الحكومة على مستوى المسؤوليات بالمدى الزمني، وخصوصا أن أمامها العديد من المسؤوليات أولاها الاسهام بوضع قانون جديد للانتخاب، ولا سيما أننا كنا قد فصلنا في المسارات بين تشكيل الحكومة وبين إنجاز قانون الانتخاب، وبالتالي هناك حوارات ثنائية بين مختلف الأطراف في الداخل على القانون الأفضل والممكن الذي يسهم في إعادة إنتاج سلطة جديدة، والذي من شأنه بناء الدولة".

وقال، خلال احتفال تأبيني في حسينية بلدة ياطر: "إن القانون القائم على النسبية وفق لبنان دائرة واحدة هو الذي يعبر عن الدستور وينتج لنا مجلسا نيابيا وطنيا، لأن هناك مادة في الدستور تقول إن النائب يمثل الأمة جمعاء، أي أنه يجب أن يساهم في انتخابه كل لبناني، وعندها يصبح هذا النائب معنيا بكل المناطق اللبنانية. من المؤكد أننا مع النسبية الكاملة سواء كان لبنان دائرة واحدة أو دوائر موسعة، واننا منفتحون على القوانين الأكثر تمثيلا وعدالة، والتي تطبق الدستور والطائف، وتراعي بعض الهواجس في لبنان".

أضاف: "هناك من يقول في العلن إنه يريد قانونا جديدا للانتخاب، وفي المضمر يريد أن يبقى على قانون الستين، لأنه يوفر له كتلا نيابية منتفخة لا تعبر عن حجمه الحقيقي، وهذا هو الوهم، وسيما أن كل الذين لديهم كتل نيابية منتفخة لا تعبر عن حقيقة تمثيلهم، لم يقدروا على تغيير أو فعل شيء في البلد طوال السنوات الماضية سوى التعطيل وإنتاج الأزمات، وعليه فإن العودة إلى قانون الستين هو عودة إلى الأزمات".

وتابع: "هناك الكثير من المسؤوليات أمام هذه الحكومة، وبالأخص تلك التي لها علاقة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي والمالي، فضلاً عن معالجة قضايا الناس ومكافحة الفساد، ونحن سنظل نطالبها من داخلها ومن خلال المجلس النيابي للقيام بمسؤولياتها المطلوبة، ولا يتحججن أحد من الوزراء بالقول إن الوقت قصير وغير كاف، بل إن المطلوب هو قيام الجميع بوظائفهم وأدوارهم على أكمل وجه".

وقال إن رئيس مجلس النواب نبيه بري "سارع إلى الدعوة بين العطلتين إلى جلسات مناقشة البيان الوزاري والذي كان إنجازه بسرعة أمرا جيدا، كي لا يتذرعن أحد بالوقت ويقول إنه لا يكفي للعمل على إنجاز ما هو مطلوب، ونحن كما أسهمنا في إنجاز البيان الوزاري، سنسهم من خلال المجلس النيابي ورئيسه في الاسراع بإعطاء الثقة لهذه الحكومة، لا سيما بعد مشاركة أغلب الكتل في صياغة هذا البيان، وذلك من أجل أن تذهب هذه الحكومة إلى العمل مع بداية السنة الجديدة.

وختم فضل الله: "لدينا متسع من الوقت في شهر كانون الثاني، أي 30 يوما من أجل أن نضع قانونا جديدا للانتخاب كقوى سياسية وكحكومة، ولا سيما أن كل الأفكار والهواجس والمطالب واضحة، وهذا جزء من المساهمة من قبلنا كفريق سياسي في حزب الله وحركة أمل في تسريع الخطوات لتسهيل مهمة الحكومة لتقوم بواجباتها ومسؤولياتها".

المطران عودة في قداس الميلاد: لتنافس سياسي شريف وخطاب يبني شعباً متماسكاً

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة خدمة قداس الميلاد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في وسط بيروت.
بعد قراءة الإنجيل المقدس، ألقى عودة عظة دينية، وفي الشقّ السياسي، قال: "أملنا كبير في سيد هذا العهد أن يكون حامي الدستور والساهر على تطبيقه من أجل انتظام عمل المؤسسات، إن نظامنا قائم على "مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها"، لا تدخل الواحدة بالأخرى وتداخلها فعسى تحترم السلطات بعضها بعضا وتقوم كل سلطة بعملها دون التدخل في عمل غيرها وذلك بحسب ما جاء في دستورنا. أما تطبيق القوانين من قبل المواطنين بدءا بقانون السير وصولا إلى احترام كرامة الآخرين وصون حريتهم واحترام التنوع في المجتمع وفي الجامعات فأملنا كبير أن يعمل المسؤولون على تربية المواطنين على ذلك".

وقال: "لقد كان فرح اللبنانيين كبيرا بولادة الحكومة بعد طول مخاض، ونحن نصلي من أجل أن يوفقها الله في تأدية مهماتها على أحسن وجه من أجل خدمة هذا الشعب الذي يعاني، الوضع صعب والمطلوب إنقاذ هذا البلد الذي هو وطننا جميعا وانخراط الجميع في ورشة إعادة بناء الدولة والمؤسسات، أكانوا داخل مجلس الوزراء أو خارجه واستدراك ما ضاع من وقت وفرص وإعادة لبنان إلى خريطة الدول المتطورة، المطلوب تنافس سياسي شريف لا عدائية وانتقام واعتماد خطاب سياسي يبني شعبا لبنانيا واحدا، متماسكا ينتمي إلى الوطن لا شعوبا طائفية متفرقة، المطلوب إصلاح إقتصادي مع تطوير القطاعات الإنتاجية وحماية الإنتاج المحلي ووضع خطط استراتيجية للبنان الغد في كل المجالات: البيئة، الصحة، التعليم، الصناعة، الزراعة، الكهرباء، الماء، النفايات والنفط، المطلوب وضع حد للهدر والفساد واستغلال المؤسسات العامة وإيجاد فرص عمل للبنانيين لكي لا يصيبهم اليأس ويهجروا هذا البلد، لبنان بحاجة إلى أبنائه وخاصة الشباب والشابات في مقتبل العمر الذين يحصلون على الشهادات هنا ويستثمرونها في الخارج، المطلوب إصلاح الإدارة والقضاء على كافة أنواع الفساد فيها وفخامة الرئيس رافع شعار الإصلاح والتغيير خير من يستطيع القيام بذلك مع رئيس مجلس الوزراء والوزراء الذين على عاتقهم تقع مسؤولية ذلك، وما يبشر خيرا استحداث وزارات تحمل عناوين تبث الأمل في نفوس المواطنين وتعيد إليهم الثقة بدولتهم".

وشدد على "ان الدولة الناجحة ترتكز على إدارة ناجحة وعناصر كفوءة، كما ترتكز على مبدأ المحاسبة والثواب والعقاب، لذا أملنا أن تفعل أجهزة الرقابة لكي لا يعود أحد يستهين بوظيفته أو يسخرها لمصالحه، كما نأمل أن ينظر إلى المرأة على أنها مواطنة كاملة الحقوق والواجبات، ما يعني أن عليها أن تتحمل المسؤولية إلى جانب الرجل لا وراءه في الوظائف العامة وفي النيابة والوزارة، حان الوقت لكي نرى في مجلسنا النيابي عشرات النائبات فنتساوى بذلك ليس فقط مع البلدان الأوروبية بل مع بعض البلدان العربية التي سبقتنا، كما نأمل أن تعطى النساء عدة حقائب ولم لا نصف الحقائب في مجلس الوزراء هل تعجز من تربي الأجيال وتمنطقها بالقيم والأخلاق والعلم عن القيام بمهام وزيرة أم أننا نفتقر إلى نساء كفوءات متعلمات وذوات خبرة، دعاؤنا في هذا اليوم المبارك أن يحفظ الرب الإله حكامنا ويلهمهم القيام بكل عمل صالح ويعضدهم في ورشة البناء والإصلاح ومكافحة الفساد، كما نصلي من أجل أن يعم السلام العالم وأن تنمو المحبة في قلوب الجميع فينتفي البغض والحقد والتعصب والقتل والتدمير والتهجير وتعم العدالة والاستقرار والفرح".