واصلت موسكو اتصالاتها مع المعارضة المسلحة السورية وطهران ودمشق بهدف حلحلة «العقد» لترتيب نجاح الحوار السوري- السوري في آستانة عاصمة كازاخستان الشهر المقبل، في وقت جرى سباق بين عمليتي «درع الفرات» بدعم من الجيش التركي للسيطرة على مدينة الباب معقل «داعش» الأخير في ريف حلب الشمالي و «غضب الفرات» التي تضم قوات كردية وعربية بدعم واشنطن لعزل مدينة الرقة معقل «داعش» شمال شرقي سورية.
وأعلن الكرملين أن اتصالاً هاتفياً جديداً جرى أمس بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان تناول الوضع في سورية، وسط توقعات بأن يكونا بحثا الجهود التركية لعزل الفصائل السورية «المعتدلة» عن «الإرهابيين» وتحديداً «جبهة فتح الشام» («النصرة» سابقاً)، وأيضاً العملية التركية الجارية منذ أسابيع لطرد «داعش» من معقله في الباب. وأفيد بأن تركيا نشرت الأحد مدافع ودبابات إضافية على حدودها مع سورية وسط معارك ضارية تدور مع عناصر «داعش». وتحدثت وكالة أنباء الأناضول عن تعزيزات أرسلت إلى سورية ضمت دبابات وعربات نقل عسكرية و10 قطع مدفعية على الأقل ونشرت في اوغوزلي وكركميش على الحدود السورية.
ويأتي هذا الانتشار الجديد في وقت تضيّق القوات التركية وفصائل سورية مشاركة في عملية «درع الفرات» الخناق على الباب. وقتل 16 جندياً تركياً في أطراف هذه المدينة الأربعاء الماضي، في اليوم الأكثر دموية للجيش التركي منذ العملية التي بدأها في آب (أغسطس) عبر الحدود مستهدفاً «داعش» وأيضاً المقاتلين الأكراد.
وأعلن الجيش التركي الأحد انه قتل «12 ارهابياً من تنظيم داعش» في هذا القطاع.
وكان أردوغان قال السبت إن «العملية في الباب شارفت على الانتهاء»، مؤكداً أن القوات التركية ستتجه لاحقاً الى مدينة منبج شرقاً حيث «وحدات حماية الشعب» الكردية المدعومة من واشنطن. وتقع مدينة كركميش حيث نشر جزء من القوات التركية الأحد على بعد 40 كلم شمال منبج.
وأعلنت تركيا أنها ترفض دعم أي هجوم على الرقة معقل «داعش» في سورية اذا شاركت فيه القوات الكردية، علماً أن هذه القوات تشارك حالياً في هجوم واسع يُعرف بـ «غضب الفرات» يهدف إلى «عزل» الرقة قبل طرد «داعش» منها. ووصلت قوات «درع الفرات» إلى مسافة خمسة كيلومترات فقط من سد الفرات، ما يعني أنها باتت على أبواب مدينة الطبقة واقتربت أكثر من مدينة الرقة.
في غضون ذلك، صرح قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري، الأحد، بأن «حلب السورية تشكل الخط الأمامي للثورة الإسلامية» الإيرانية، على ما أوردت قناة «العربية» أمس. وفي إشارة إلى تدخلات إيران العسكرية في الأزمات الحالية في المنطقة، قال جعفري إن «نطاق الأمن تخطى حدودنا الجغرافية» معتبراً ما سماها بـ «تصدير الثورة الإسلامية» أحد منجزات بلاده بزعامة المرشد علي خامنئي. ولاحظت «العربية» أن الصفحات العربية والإنكليزية في الوكالات الإيرانية المعروفة مثل «فارس نيوز» و «تسنيم»، تجنبت ترجمة الفقرة التي عبّر فيها جعفري عن مدينة حلب حيث اعتبرها «الخط الأمامي للثورة الإسلامية».
ميدانياً (رويترز)، قال معارضون سوريون وسكان إن طائرات روسية كثفت غاراتها على بلدات في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة وريف حلب بعد يومين من إجلاء مقاتلي المعارضة من آخر جيوبهم في مدينة حلب. وأضافوا أن ثماني ضربات على الأقل استهدفت بنش وسراقب وجسر الشغور وهي بلدات رئيسية في محافظة إدلب (شمال غربي سورية). ووردت تقارير عن سقوط قتلى وجرحى لا سيما في صفوف المدنيين.
وأشار الجيش السوري إلى أن الحملة الرئيسية المقبلة بعد انتصاره في حلب ستستهدف إلحاق الهزيمة بالمعارضة المسلحة في معقلها في إدلب حيث تنضوي جماعات معظمها إسلامية تحت لواء تحالف معروف باسم «جيش الفتح».
وقال سكان ومقاتلون من المعارضة إن طائرات روسية وسورية شنت أيضاً ضربات مكثفة على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في الريف الغربي والجنوبي لحلب لليوم الثاني منذ أن غادر مقاتلو المعارضة آخر جيب لهم في مدينة حلب.
وقال عنصر من المعارضة ينتمي لجماعة «جيش المجاهدين» إن الطائرات أغارت بقنابل عنقودية على بلدة خان العسل على بعد حوالى 14 كيلومتراً إلى الغرب من حلب. وتعرضت بلدة الأتارب القريبة أيضاً للقصف.
وعلى رغم أن الجيش السوري تمكن بمساعدة مدعومين من إيران من استعادة السيطرة الكاملة على مدينة حلب بعدما نفذت روسيا مئات الغارات الجوية التي سحقت المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة لا تزال مناطق واسعة من غرب ريف حلب وجنوبه في أيدي مقاتلي المعارضة.
وقال مقاتلو المعارضة إنهم صدوا السبت هجوماً لمقاتلين مدعومين من إيران حاولوا السيطرة على أراضٍ في منطقة الراشدين إلى الغرب من مدينة حلب.
وقد واصل الجيش السوري تمشيط المناطق التي استعاد السيطرة عليها في شرق حلب الخميس. وقال الإعلام الحربي التابع لجماعة «حزب الله اللبناني» إن مخابئ أسلحة خلّفتها فصائل المعارضة انفجرت ما تسبب في مقتل شخصين وإصابة العشرات. لكن تقارير أخرى تحدثت عن عشرات القتلى والجرحى في انفجار هذه المخابئ.
|