التاريخ: كانون الأول ٢٣, ٢٠١٦
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
إحاطة سعودية - فرنسية - إيرانية بالحكومة اللبنانية
فيما تكاد اللجنة الوزارية المكلفة اعداد البيان الوزاري للحكومة تنجز مهمتها في وقت قياسي عاكسة التوافق السياسي على استعجال الخطوات الحكومية، طبعت حركة ديبلوماسية واسعة المشهد الداخلي أمس بدلالات بارزة حيال الاحاطة الدولية والاقليمية للوضع في لبنان عقب تشكيل الحكومة. واسترعت الانتباه في هذا السياق الزيارتان المتزامنتان لوزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت ومستشار وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين جابر الانصاري لبيروت، بينما جاء الاتصال الذي تلقاه رئيس الوزراء سعد الحريري مساء من ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ليرسم دلالة بارزة على اندفاع الديبلوماسية السعودية في اتجاه لبنان منذ انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، علماً ان وزير الخارجية الفرنسي كان سمع من رئيس الجمهورية أمس تأكيداً جديداً لاعتزامه القيام قريباً بزيارة للمملكة العربية السعودية. واكتسب اتصال الأمير محمد بالرئيس الحريري طابع تأكيد الدعم السعودي له ولحكومته اذ هنأه بتشكيلها، متمنياً له "النجاح والتوفيق في مهماته، لما فيه مصلحة وخير لبنان وشعبه". وتخلل الاتصال عرض لآخر المستجدات المحلية والعربية، وأكد ولي ولي العهد السعودي "وقوف المملكة إلى جانب لبنان وحرصها على تقوية وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين".

أما وزير الخارجية الفرنسي الذي اتسمت زيارته السريعة بحرارة الرسائل التي نقلها الى المسؤولين الكبار فاختصر مضمون الرؤية الفرنسية المتفائلة بالواقع اللبناني الناشىء بقوله "إن الشمس تشرق مجدداً على لبنان وهذا مؤشر ايجابي يدعو الى التفاؤل". وأكد "دعم بلاده للبنان بعدما تجاوز مرحلة مهمة جدا بانتخاب الرئيس عون وتكليف الرئيس الحريري وتشكيل الحكومة"، مشدداً على ان فرنسا ستواصل تقديم المساعدات للبنان وخصوصاً للجيش والقوى الأمنية وللمساعدة في تأمين رعاية اللاجئين السوريين. وقال: "سنعمل كل ما في وسعنا لكي يبقى لبنان خارج النزاع السوري والبقاء الى جانبه في محاربته للارهاب". كما برز تشجيعه للبنان على مواصلة الحوار مع الدول المجاورة ولا سيما منها المملكة العربية السعودية ودول الخليج وكذلك مع ايران، مبدياً "رغبة فرنسا في ان تستمر في لعب دور المسهل". وأشار الى انه علم ان الرئيس عون سيزور قريباً المملكة السعودية "وهذا امر نرحب به وانا كذلك سأزور المملكة في كانون الثاني المقبل".

واتخذ لقاء الرئيس الحريري والموفد الايراني دلالة مهمة اذ كان الأول له لمسؤول ايراني بعد تشكيل الحكومة. ونقل أنصاري اليه تهنئة المسؤولين الايرانيين بتأليف الحكومة، كما حرص على ابراز "تجربة المقاومة اللبنانية الباسلة". وقال: "نحن نعتبر ان هذا التوافق والانسجام بين الفئات السياسية والاجتماعية المؤثرة والفاعلة في الساحة اللبنانية قد أدى في نهاية المطاف الى وضع حد للشغور الرئاسي الطويل وانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وتولي الرئيس الحريري رئاسة الحكومة وولادة حكومة الوفاق الوطني وهذا التوافق هو صدى لصوت العقل والحكمة والدراية في أبهى تجلياتها".

كذلك بحثت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ مع الرئيس الحريري في موضوع عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية للبنان وتحدثت عن "صفحة جديدة فتحت في لبنان ويمكننا ان نتطلع بثقة نحو مستقبله واستغلال كل الامكانات المتاحة أمام البلد".

بري وجلسات الثقة
في غضون ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره إنه اتصل بالرئيس سعد الحريري وأبلغه انه اذا تم الانتهاء من البيان الوزاري وانعقد مجلس الوزرا ء غداً (اليوم) سيرسل البيان الى مجلس النواب ويوزع قبل 48 ساعة على النواب "وأدعو عندها إلى جلسات أيام الثلثاء والأربعاء والخميس في الأسبوع المقبل لمناقشة البيان ونيل الثقة".
وأفاد أن "الأجواء التي تتعلق بقانون الانتخاب تحصل وسط حراك جدي وقد بدأنا مع "حزب الله" و"تيار المستقبل" النقاشات المطلوبة وعقدنا جلستين حتى الآن".
أما بالنسبة الى المواقف المعلنة من القانون فقال: "ما زلت عند قولي إن قلوبهم مع الستين وقلت وكررت أن لا خلاص الا بقانون جديد".
أما موقف حزب الله فهو متطابق ويؤيّد المشروع الذي قدمناه (64 أكثري و 64 نسبي) أو مشروع إجراء الانتخابات على مرحلتين التأهيل على أساس القضاء (أكثري) والنسبية على المحافظة".

من جهة أخرى، لم يرَ برّي ان الكلام الأخير للنائب وليد جنبلاط المناهض للنسبية "هو بمثابة إطلاق نار في اتجاه عين التينة وهو لا يقصدني بل يقصد المبدأ وأنا أفهمه".
ورأى برّي أن "الوضع الأمني جيد ونأمل ان شاء الله أن يتجه الى الأحسن والوضع السياسي جيد وعلينا ان نستفيد من هذا المناخ.
واستبعد حصول انعكاسات من حلب على لبنان"، لكنه دعا إلى "الحذر من الذين يدعمون ويؤون الإرهابيين. والمهم أن نحافظ على وحدتنا والتنبه جيداً من الأخطار الإسرائيلية".

آيرولت جدّد دعم بلاده للبنان وسياسة "النأي بالنفس"وعون يلبي دعوة هولاند بعد زيارته دولاً عربية

أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أنه "حريص على تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها"، لافتا إلى أنه "سيلبي الدعوة الرسمية التي تلقاها لزيارة فرنسا بعد زيارات ينوي القيام بها لعدد من الدول العربية".

وأشار إلى "أهمية تعاون الدول في ما بينها لمكافحة الإرهاب"، مؤكدا "نجاح الإجراءات الاستباقية التي تقوم بها الأجهزة اللبنانية". واعتبر أن "عودة النازحين السوريين إلى أرضهم هي الحل الأمثل لهذه المأساة"، وأن "الحل السياسي للأزمة السورية يحقق الغاية المنشودة". وكان آيرولت نقل إلى عون رسالة شفوية من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قال فيها : "إن لبنان اجتاز مرحلة مهمة في الاتجاه الصحيح وانتخاب الرئيس عون وضع لبنان في أجواء إيجابية"، مؤكدا أن "بلاده ستواصل تقديم المساعدات، لا سيما إلى الجيش والقوى الأمنية، ولتأمين رعاية النازحين".

واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري الوزير الفرنسي الذي قال: " كان اللقاء مثمراً ومفيداً خصوصاُ للدور المهم جداً الذي يؤديه الرئيس بري في المؤسسات الدستورية اللبنانية بصفته رئيساً للبرلمان، وكذلك لاطلاقه ورعايته الحوار الوطني. وقال لي انه يرغب في تسهيل الامور لكي ينتقل البرلمان في عمله إلى إصلاح قانون الانتخابات من أجل اجرائها، ولبنان اليوم بسبب من ذلك على المسار الصحيح، وقد أكد الرئيس بري كما فعل من قابلتهم من المسؤولين التزام لبنان النأي بالنفس عن الصراع في المنطقة وخصوصا في سوريا".

والتقى الوزير الضيف رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. وقال بعد اللقاء: "أتيت لأعبر عن دعمي الكامل لرئيس مجلس الوزراء، الذي يتولى مهمة صعبة مع حكومته التي عليها أن تعدّل قانون الانتخابات النيابية وتحضّر لإجراء الانتخابات". وتابع: "فرنسا ستواصل مساعدتها للبنان على الصعيد الاقتصادي حيال وجود هذا العدد الكبير من اللاجئين. ولبنان هو البلد الذي يحظى بأعلى نسبة مساعدة مالية من فرنسا على هذا الصعيد، ونحن مستمرون في ذلك. كما أننا سنعمل كل ما في وسعنا لكي يبقى لبنان خارج النزاع السوري والبقاء إلى جانبه في محاربته للإرهاب. ونأمل أن يتمكن لبنان من مواصلة حواره مع الدول المجاورة، ولا سيما المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وكذلك مع إيران، وفرنسا ترغب في أن تستمر في دور "المسهّل"".

وسئل عن الهبة السعودية للجيش ، فأجاب: "علمت بأن الرئيس عون سيزور قريبا السعودية، وهذا أمر نرحب به، وأنا كذلك سأزور المملكة في كانون الثاني المقبل، حيث سأتطرق إلى كل هذه المسائل. ولكن الجو ملائم ويدعو إلى التفاؤل".

والتقى آيرولت نظيره اللبناني جبران باسيل الذي أكد " ضرورة تعزيز الروابط بين بلدينا لمواجهة التحديات المشتركة، مثل الإرهاب وقضية النزوح الكبير".
من جهته قال آيرولت: "الجميع يدرك أن العمل السليم والطبيعي للمؤسسات وحده يسمح للبنانيين بإطلاق إصلاحات منتظرة واستجابة المتطلبات الاقتصادية، وكذلك الحفاظ على لبنان في منأى عن الأزمة السورية، وخلق شروط للمجتمع الدولي في دعم نمو مستقبل لبنان وتطويره".
وسئل عن اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان، هل تتوقعون برنامجا معينا او انه تم تأجيله؟ ، فأجاب : "لم يتأجل، وهذا جزء من المحادثات التي أجريناها وجزء من المبادرة"، بينما ذكر باسيل ان "هذا الموضوع يخضع لاعتبارات عدة، أولها جهوزية لبنان اللوجستية والخطة الاقتصادية المطلوبة ، وثانيا الجهوزية الفرنسية والدولية، آخذين في الاعتبار أن أمام فرنسا انتخابات رئاسية وان الادارة الاميركية الجديدة سوف تتسلم مهماتها مطلع السنة المقبلة".