التاريخ: كانون الأول ٢٢, ٢٠١٦
المصدر: جريدة الحياة
البرلمان المصري يناقش تجريم الإفتاء بلا ترخيص
القاهرة - أحمد مصطفى 
بدأ البرلمان المصري مناقشة مشروع قانون يعاقب بالسجن والغرامة على إصدار فتاوى دينية «من دون تصريح» خوّل هيئة كبار العلماء في الأزهر ودار الإفتاء منحه للدعاة، في إطار خطة «تجديد الخطاب الديني» التي طلبها الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وكان رئيس البرلمان علي عبدالعال أحال على لجنة مشتركة من نواب اللجنة التشريعية ولجنة الشؤون الدينية، مشروع القانون الذي يضم ست مواد فقط، وكان قدمه نواب ودعمه وزير الأوقاف مختار جمعة، ويحظر بأي صورة «التصدي للفتوى، إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء في الأزهر ودار الإفتاء المصرية، ومن هو مرخص له بذلك من الجهتين». ويعاقب القانون المقترح المخالفين لأحكامه بالسجن «مدة لا تزيد على 6 شهور، وغرامة لا تزيد على 2000 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حال تكرار المخالفة تكون العقوبة هي الحبس والغرامة التي لا تتجاوز 5 آلاف جنيه». لكن القانون أعطى الأئمة والوعاظ ومدرسي الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس الحق في «أداء مهمات الوعظ والإرشاد الديني العام بما يبيّن للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة».

ولفتت أستاذة فلسفة العقيدة في جامعة الأزهر النائب آمنة نصير إلى أن «نجاح أي قانون يحتاج إلى ضوابط في التطبيق». ورأت أنه «لابد من مراقبة تطبيق القانون على أرض الواقع، على من يصرح له بالفتوى، كونه ملتزماً المنهج الوسطي للإسلام والبعد من الهوى». وقالت لـ «الحياة»: «نحتاج إلى صرامة في تطبيق القانون، وليس فقط إلقاء القانون على الوجوه... أتمنى أن تكون لدى دار الإفتاء اليقظة الكاملة حتى لا يذهب القانون سُدى».

لكن الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية ناجح إبراهيم اعتبر أن مشروع القانون «هزلي، ومحاولة لتأميم الفتوى مثلما تم تأميم المساجد. أسوأ شيء في مصر أن كل معضلة تواجهنا نسن لها قانوناً. لدينا ترسانة من القوانين التي لا علاقه لها بأرض الواقع». وقال لـ «الحياة» إن «انتشار التكفير ليس حله إصدار تشريع، فهذه الفتاوى تصدر من أي مكان وعابرة للحدود».

وأضاف أن «حل المشكلة يكمن في تنمية العقل وأن نُعلم الناس أصول الدين وضوابط الفتوى. المشكلة في الفهم، وليست في القوانين». ولفت إلى أن «وزارة الأوقاف تمكنت من السيطرة على المساجد في مصر، فماذا فعلت؟ التكفير لا يزال موجوداً والتطرف يزداد. المساجد باتت خاوية على عروشها ولم يعد لها نشاط».

لكن نصير ردت على حديث إبراهيم بالدعوة إلى «تجربة القانون، وترك التجربة تظهر الميزات والعيوب التي حدثت وما إن كان القانون حقق الردع لأصحاب التطرف والجمود».

وكان وزير الأوقاف مختار جمعة طالب النواب خلال اجتماع عُقد الأسبوع الماضي بتمرير القانون، فيما بدا أن الأزهر يؤيد أيضاً تلك الخطوة، إذ أكد شيخ الأزهر أحمد الطيب خلال لقائه أمس وفداً من الدارسين في الكليات العسكرية أن «الأزهر هو المرجعية الوحيدة لفهم الإسلام حالياً، وليس ما يبث عبر القنوات من دعاة المال والشهرة والمأجورين من جهات خارجية للعمل على هدم التراث وتشويه الدين، وهم جزء من المخطط الذي يراد به تفتيت عضد الأمة والنيل من أزهرها الشريف». ورأى أن الأزهر «صنعه التاريخ لحماية الأمة والدفاع عن قضاياها»، مشيراً إلى أنّه سيصدر قريباً قراراً بإنشاء أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ «من أجل توصيل الخطاب الديني الصحيح للناس».

وأرسل رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» النائب أنور السادات إلى الرئاسة رسالة تضمنت «مجموعة من الاقتراحات لمساعدة الدولة في مكافحة الإرهاب، تعتمد على تدعيم الأجهزة الأمنية بالوسائل الحديثة مع ضرورة مشاركة المجتمع كله». ودعا إلى «فتح حوار مجتمعي حول وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، ودعوة الخبراء والمسؤولين وممثلي المجتمع والنواب إلى النقاش والحوار في شأنها». ونبه إلى أن «الإعلام المصري عند تغطيته العمليات الإرهابية ليس على درجة عالية من الكفاءة والحرفية لتوعية المجتمع بدوره في مكافحة الإرهاب، ومنعه من الاندماج ضمن هذه الجماعات المحظورة، بل على العكس يشارك في تحقيق أهداف الإرهاب بخلق مساحة من التعاطف مع الإرهابيين وتقديم المبررات التي دفعت بهم لذلك».