التاريخ: كانون الأول ٢١, ٢٠١٦
المصدر: جريدة الحياة
إطالة حرب الموصل تنذر بكارثة إنسانية
قال الشيخ عامر الجبوري، أحد وجهاء الموصل، وكان غادرها قبيل بدء المعارك وأقام في تركيا ثم عاد إلى أربيل مع عائلته، إن «أهالي المدينة كانوا يدركون مسبقاً أن المواعيد التي حددتها الحكومة والقوات الأميركية لإكمال تحريرها قبل نهاية السنة الجارية، ليست دقيقة»، وأضاف أن «محاصرتها لفترات طويلة ستؤدي إلى نتائج كارثية إنسانية على مستوى العراق والمنطقة».

وقال إن القضية «ليست محاصرة مجموعة مسلحة في حي من الأحياء، بل في المدينة مليون شخص محاصرون من كل الجهات في هذا البرد القارس، وإذا استمر الحصار شهوراً، كما هو مرجح، فعلى العالم انتظار مجزرة غير مسبوقة».

وكان الناطق باسم «جهاز مكافحة الإرهاب» صباح النعمان، أكد قرب إطلاق «المرحلة الثانية لتحرير ما تبقى من أحياء الموصل في الساحل الأيسر بعد استعادة 40 حياً»، لافتاً إلى أن «الوقت الذي ستستغرقه هذه المرحلة يعتمد على طبيعة الأرض والموقف العسكري».

إلى ذلك، نقل شهود وناشطون استغاثات أطلقها سكان الموصل الذين يخضعون لحصارين، أحدهما من الجيش و «الحشد الشعبي»، بعد قطع كل الإمدادات، والثاني من «داعش» الذي يمنعهم من المغادرة ويتخذهم دروعاً بشرية. وقال بعض من نجح في مغادرة المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في الجزء الشرقي، إن الأهالي داخل هذا الجزء «يعانون، بالإضافة إلى شح الوقود والمواد الغذائية والأدوية، من تحول الشوارع التي يقطنونها، مثل حي الصحة والإعلام والتأميم والبكر وعدن وأجزاء من الزهور والبلدية، وكلها تحت سيطرة داعش، إلى ثكنات عسكرية، ولا يتوانى عناصر التنظيم عن اقتحام البيوت فيها واستخدام أسطحها للرصد أو القنص أو إطلاق قذائف الهاون». وأكد أحد الفارين إلى حي الزهراء الذي بات تحت سيطرة القوات الحكومية، أن الأوضاع «داخل الساحل الأيسر تنذر بكوارث كبيرة، خصوصاً بعد إحكام الجيش سيطرته على محيط هذا الجزء، وبعدما دمرت غارات جوية كل الجسور على دجلة باتجاه الجزء الغربي».

وليست الحال في الموصل القديمة، غرب النهر، أفضل، على رغم عدم وصول العمليات العسكرية إليها حتى الآن، ويؤكد بعض الأهالي في اتصالات نادرة عبر شبكات الإنترنت أن أسعار المواد الغذائية والأدوية «تضاعفت مرات خلال الأسابيع الأخيرة، فيما بات الحصول على الوقود مستحيلاً، خصوصاً بعدما تحركت قوات الحشد الشعبي لقطع الطريق الذي يصل الموصل بصحراء الجلام ومنها إلى الحدود السورية، وهو الطريق الرئيسي للإمدادات».

ويفرض عناصر «داعش» بدورهم حصاراً على السكان، وينفذون عمليات إعدام جماعية، فيما تشير تقارير منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن وحدات من «الحشد العشائري» السني أعدمت معتقلين من التنظيم في حمام العليل التي باتت تحت سيطرة الجيش.

وارتبط اسم الموصل تاريخياً بحصار شهير فرضته عام 1743 قوات نادر شاه الصفوي ودام أسابيع، غير أن الحكايات الشعبية عن تلك المرحلة تختلف عن الواقع اليوم، خصوصاً في أحياء الجانب الأيمن (الغربي) حيث نفدت المؤن ومدخرات الأهالي مع بدء المعارك.