مع اقتراب الجيش السوري من آخر جيب للمعارضة في مدينة حلب أمس، أبدت روسيا وإيران وتركيا استعدادها للمساعدة في التوسط من أجل التوصل الى اتفاق سلام في سوريا. ونقلت روسيا جثمان سفيرها لدى أنقرة أندريه كارلوف الذي اغتاله شرطي تركي الاثنين في العاصمة التركية على خلفية التطورات الميدانية في حلب.
واستخدم الجيش السوري مكبرات للصوت لبث تحذيرات للمقاتلين من أنه يستعد لدخول منطقتهم الآخذة في التضاؤل بسرعة وطالبهم بالتعجيل في خروجهم من المدينة. ووافقت الحكومة السورية وأطراف آخرون يقاتلون على الأرض على السماح بإرسال 20 مراقباً إلى شرق حلب، لمدينة عمليات الإجلاء.
وعلى رغم ذلك، فإن الأمم المتحدة تنتظر موافقة جميع الأطراف على ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى حلب، حيث كان يعيش المدنيون تحت الحصار منذ تموز. وجاءت الموافقة غداة تبني مجلس الأمن قراراً بنشر مراقبين للاشراف على عملية الإجلاء وتقديم تقرير عن حماية المدنيين الذين لا يزالون في بضعة أحياء لا تزال محاصرة في المدينة.
وصرح الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: "لقد تلقينا إذنا بإرسال 20 موظفاً دولياً ومحلياً إلى حلب، للقيام بدور حاسم في المراقبة والاستجابة في مدينة حلب". وأضاف أن "الوصول إلى الناس الذين هم في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية التي تنقذ حياتهم، أمر ضروري وملح". وأوضح أن فريقاً من الأمم المتحدة موجود عند نقطة تفتيش لقوات الحكومة السورية في حلب، لرصد قافلة الاوتوبيسات التي تنقل أشخاصاً إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة. وأوضح أن "حماية المدنيين الذيت يغادرون هذه المناطق لا تزال تمثل القلق الأكبر"، مشيراً إلى أنه "يجب السماح للمدنيين بأن يغادروا بأمان، إذا ما أرادوا ذلك".
وقالت تركيا إن عملية إجلاء المدنيين والمقاتلين من شرق حلب شمل إجلاء 37 ألفاً و500 شخص منذ نهاية الأسبوع الماضي. ويتوقع وزراء من روسيا وتركيا أن يكتمل الإجلاء في غضون يومين. ولكن من الصعب معرفة ما إذا كان هذا الهدف واقعياً أم لا نظراً الى المشاكل التي عرقلت الإجلاء حتى الآن والتنوع الواسع لتقويمات أعداد المغادرين وأعداد من سيبقون.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن عدد من تم إجلاؤهم منذ بدء العملية الخميس الماضي بلغ 25 ألف شخص فقط. وأكد مسؤول في المعارضة في تركيا أنه حتى على رغم خروج الألوف الاثنين لم يخرج سوى نحو نصف عدد المدنيين الراغبين في ذلك. وقال مسؤول في الأمم المتحدة إن 750 شخصاً أجلوا من بلدتي الفوعا وكفريا الشيعيتين في محافظة ادلب واللتين تصر القوات الحكومية على إدراجهما في اتفاق إجلاء سكان حلب.
"اعلان موسكو" وتبنى وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف والتركي مولود جاويش أوغلو والايراني محمد جواد ظريف الذين اجتمعوا في موسكو، وثيقة أطلقوا عليها "إعلان موسكو" تحدد المبادئ التي ينبغي أن يقوم على أساسها أي اتفاق سلام. وفي المحادثات التي أجريت في العاصمة الروسية عبروا أيضاً عن دعمهم لوقف نار موسع في سوريا.
وجاء في الإعلان أن "إيران وروسيا وتركيا على استعداد لتسهيل صياغة اتفاق يجري التفاوض عليه فعلاً بين الحكومة السورية والمعارضة وأن تصبح الضامن له". وتبرز هذه الخطوة تنامي قوة علاقات موسكو مع طهران وأنقرة على رغم اغتيال السفير الروسي لدى تركيا الاثنين وتعكس رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تعزيز نفوذه في الشرق الأوسط وخارجه. وقال لافروف إن المفاوضات التي تتوسّط فيها الأمم المتحدة في جنيف وصلت إلى طريق مسدود بسبب شروط المعارضة السورية في المنفى.
محققون روس في تركيا في غضون ذلك، وصل فريق من المحققين الروس الى انقرة للمشاركة في كشف ملابسات اغتيال السفير الروسي، فيما أوقفت السلطات التركية ستة أشخاص على ذمة التحقيق. وقتل الديبلوماسي المخضرم بأربع رصاصات في الظهر أطلقها عليه الشرطي التركي مولود ميرت الطنطاش (22 سنة) لدى افتتاحه معرضاً للصور الروسية مساء الاثنين.
وفيما تبقى العاصمة التركية في حال انذار قصوى بعد سلسلة هجمات هذه السنة، أطلق مسلح النار أيضاً أمام السفارة الاميركية في أنقرة ليلة الاثنين - الثلثاء في حادث منفصل. ومساء الثلثاء وصلت طائرة روسية تنقل جثمان السفير الى موسكو آتية من انقرة. وكان لافروف ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو في استقبال أرملة السفير وأقيمت مراسم عسكرية تكريماً للجثمان.
وأعلن لافروف ان مجموعة من 18 محققاً من أجهزة الاستخبارات وديبلوماسيين روس وصلت الى انقرة للمساهمة في كشف ملابسات اغتيال السفير الروسي. وصرح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بان "المجموعة ستعمل في تركيا في اطار التحقيق في اغتيال سفير روسيا اندريه كارلوف، بموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الرئيسين الروسي والتركي خلال مكالمتهما الهاتفية".
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجهزة الاستخبارات بتعزيز الاجراءات الأمنية في روسيا والخارج. وأفادت وسائل اعلام تركية ان الشرطي التركي استخدم بطاقة الشرطة التي يحملها لدخول المعرض بسلاحه.
ونشرت صحيفة "صباح" الموالية للحكومة ان الطنطاش تسبب باطلاق انذار جهاز رصد المعادن الأمني عند دخوله المعرض في أنقرة وهو يحمل مسدسه. ولكن بعدما أبرز بطاقة الشرطة الخاصة به، سمح له بالمرور.
وأوردت صحيفة "حرييت" ان الطنطاش الذي كان يعمل لدى وحدة مكافحة الشغب في شرطة انقرة منذ سنتين ونصف سنة، نزل في أحد الفنادق القريبة من أجل التحضير للهجوم. وأضافت انه كان في مأذونية وارتدى بزة وربطة عنق وحلق ذقنه في الفندق قبل التوجه الى مكان المعرض. ثم قتلته الشرطة في تبادل لاطلاق النار استمر أكثر من 15 دقيقة.
ويتحدر الطنطاش من بلدة سوكي في محافظة آيدين بغرب تركيا وارتاد كلية شرطة. وأبلغ مولود جاويش أوغلو نظيره الاميركي جون كيري ان الداعية فتح الله غولن "يقف وراء" اغتيال السفير الروسي في تركيا.
وقال خلال اتصال ان "تركيا وروسيا تعرفان من وراء الهجوم على السفير الروسي في انقرة اندريه كارلوف، انها أف اي تي أو" الاسم المختصر لشبكة غولن. ومعلوم ان غولن ينفي أي علاقة له بالانقلاب الفاشل في 15 تموز الماضي. كما عبر غولن في بيان صدر عن "صدمته وحزنه" لاغتيال السفير الروسي.
اقفال بعثات اميركية وايرانية وقالت السفارة الأميركية في أنقرة إنها وقنصليتيها في اسطنبول وأضنة ستكون مغلقة بعد إطلاق نار أمام السفارة. وأضافت أن الشخص الذي فتح النار الساعة 3:50 صباحاً (00:50 بتوقيت غرينيتش) اعتقل ولم ترد تقارير عن سقوط جرحى في الواقعة التي حصلت بعد ساعات من مقتل السفير الروسي لدى تركيا بالرصاص على يد شرطي خارج نوبة عمله. وأعلنت السفارة الإيرانية في أنقرة أن قنصلياتها في مدن اسطنبول وطرابزون وأرضروم ستقفل بعد مقتل السفير الروسي. |