التاريخ: أيلول ٢٨, ٢٠١٦
المصدر: جريدة الحياة
احتدام التنافس في المغرب بين الإسلاميين و الليبراليين
مع اقتراب موعد الانتخابات الإشتراعية في المغرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، يتنافس 30 حزباً و6992 مرشحاً لكسب أصوات 16 مليون ناخب مسجل، للفوز بـ 395 مقعداً برلمانياً. وغداة إطلاق «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي الحاكم حملته بتجمع حاشد نظمه أول من أمس، في الرباط، سعى «حزب الأصالة والمعاصرة» المعارض إلى تقديم ذاته كمدافع عن «المشروع الديموقراطي الحداثي» في مواجهة «المد المحافظ» للإسلاميين، مركّزاً على قضايا المرأة والحريات.

وقال الأمين العام لـ»الأصالة والمعاصرة» إلياس العماري في حوار صحافي، إن حزبه «يتخندق في الصف الديموقراطي الحداثي»، مضيفاً: «نسعى إلى تطوير المجتمع في تنافسنا مع المد المحافظ. وهذا المد المحافظ موجود داخل الدولة وخارج الدولة. وإذا أردنا أن نكون حداثيين يجب أن نواجه حتى التيار المحافظ داخل الدولة وليس فقط خارجها».

ويشكل حزب الأصالة والمعاصرة ثاني أكبر حزب في المغرب، تأسس عام 2008 على يد فؤاد عالي الهمة، صديق دراسة الملك محمد السادس ومستشاره. ورأى العماري (49 سنة) أن مشكلة «العدالة والتنمية» متمثلة في «مشروع هذا الحزب الذي ما زال متشبثاً بمواقفه الأيديولوجية». وتوقف عند موقف لرئيس الحكومة عبد الإله بن كيران قال فيه: «نحن على منهاج ابن تيمية»، فصرح: «نحن نعرف من يتبنى مذهب ابن تيمية. هذا المذهب الذي أُخذ عن الإمام أحمد وعن محمد عبد الوهاب، واتبعه سيد قطب في ما بعد كمرجعية داعياً إلى الجهاد وتكفير المجتمع، وهو أيضاً المذهب الذي تتبعه الحركات الدينية التي تستعمل جميع الوسائل من أجل التمكين».

واعتبر العماري أن «وثائق حزب العدالة والتنمية الفكرية لم تقل يوماً: نحن نختلف مع مرجعية سيد قطب»، مطالباً الحزب الحاكم بـ»وضوح أكثر» على هذا الصعيد.

وقال إن ما يحصل في المجتمع بسبب هذه الأيديولوجيا «يخيفنا»، معدداً وقائع شهدها المغرب خلال السنوات الخمس الأخيرة وبينها «قبلة مدينة الناظور»، عندما حوكم قاصران في شمال شرقي البلاد بعدما نشرا صورة لقبلة لهما على موقع «فايسبوك»، إضافة إلى واقعة «تنورة إنزكان» في جنوب البلاد حينما لوحقت فتاتان قضائياً بسبب ارتدائهما تنورة في سوق شعبية، ثم «واقعة بني ملال» في وسط البلاد حيث تم تعنيف مثليين في شقتهما.

ورفض العماري بشدة إمكانية التحالف مع «العدالة والتنمية» في الحكومة المقبلة، وقال: «لن نتحالف معهم أبداً». وقدم العماري في نهاية الأسبوع في مدينة الدار البيضاء برنامج حزبه الانتخابي والمرشحين واللوائح الانتخابية التي ستخوض الانتخابات.

واختار للمناسبة فندق «كولدن توليب فرح» الذي شهد أحد تفجيرات 16 أيار (مايو) 2003 التي أودت بحياة 45 شخصاً من بينهم 12 انتحارياً. وقال: «إنها رسالة مباشرة للإرهابيين، فعنوان تلك العمليات الإرهابية كان: نعم للموت، لا للحياة. واختيار الفندق للإعلان عن انطلاق الحملة هو للقول: نعم للحياة ولا نخاف من الموت».

ويُتهّم «حزب الأصالة والمعاصرة» بكونه «حزب القصر»، الذي «يستمر في الوقوف وراءه» المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة. لكن العماري ينفي ذلك ويقول إن الهمة «كان واحداً من المؤسسين وانسحب». وأضاف: «كل الأحزاب الكبيرة في المغرب وقف وراء تأسيسها أشخاص قريبون من القصر الملكي بما في ذلك حزب العدالة والتنمية الذي أسسه الراحل عبد الكريم الخطيب، كما أن كثيرين من المستشارين الحاليين للملك كانوا أعضاء في أحزاب».وتساءل العماري: «هل هناك أحزاب قانونية ضد القصر كي يكون حزب الأصالة والمعاصرة حزباً للقصر؟»، مضيفاً: «عندما نريد أن نحاكم الأحزاب، علينا أن نحاكمها بمشروعها المجتمعي الخاص بها».

وتبنى «الأصالة والمعاصرة» الذي اختار شعار «التغيير الآن» لحملته الانتخابية، قضية الدفاع عن المرأة كإحدى أولوياته، وقدم في سابقة من نوعها في العالم العربي لائحتين انتخابيتين نسائيتين بنسبة 100 في المئة، إضافة إلى 6 لوائح محلية تترأسها نساء.

وصرح: «نتوقع أن تكون لحزبنا داخل البرلمان أكثر من 30 امرأة، أولاً حتى نكون منسجمين مع خطابنا، وثانياً لإعادة الاعتبار للمرأة المغربية بسبب ما تعرضت له خلال السنوات الخمس الماضية، وما تعرضت له من استغلال مركب قبل وبعد الاستقلال». وأضاف: «أثبتت تجربتي في رئاسة جهة طنجة، وهي الجهة الوحيدة في المغرب التي تطبق المناصفة» في الإدارة المحلية، «أنه أينما كانت المرأة يكون الكثير من المصداقية والتفاني والعمل والنتيجة الإيجابية. ما يحدث اليوم من تغيير في جهة طنجة يعود الفضل لجزء كبير منه لعمل النساء».

في المقابل، أعرب قادة الحزب الحاكم عن ثقتهم بتحقيق الفوز، وذلك خلال تجمع حاشد في الرباط لإطلاق الحملة الانتخابية التي تُختتم مساء السادس من تشرين الأول عشية الاقتراع.

وأقلت عشرات الحافلات والسيارات إلى المجمع الرياضي «الأمير مولاي عبد الله» في العاصمة، آلاف الأعضاء والمتعاطفين مع الحزب للمشاركة في أول لقاء انتخابي بحضور رئيس الحكومة بن كيران الذي يشغل أيضاً منصب أمين عام الحزب.

وتوزع مناضلو ومناضلات الحزب على مدرجات المجمع الرياضي وقبالة المنصة من دون اختلاط بين النساء والرجال. وقوبل بن كيران عند وصوله وأثناء إلقائه كلمته بالتصفيق الحاد. وبعد أن كشفت تسجيلات للصحافة المحلية تورط موظفين وأنصار لأحزاب منافسة في الدفع للتظاهر ضد الحزب الإسلامي، اعتبر ابن كيران أن ذلك كشف «ضعف» خصومه، وأن الحضور الكبير لأنصاره «مؤشر للنصر» في الانتخابات.

ولم يغفل بن كيران الحديث عن علاقة حزبه بالمؤسسة الملكية، فأوضح أنه يدير العلاقة مع الملك «بمنطق التعاون ومنطق الود بعيداً عن منطق التنازع الذي كان سائداً في أوقات معينة في تاريخ المغرب».

من ناحية ثانية، ذكّر بموقف حزبه من ثورات «الربيع العربي» والحراك الشعبي في المغرب خلال عام 2011 التي اعتبرها «سنة شك»، بسبب ما حصل في تونس وليبيا ومصر وغيرها من الدول. وذكّر أن حزبه قال حينها: «لن نغامر ببلادنا ولن نغامر بنظامنا ولن نغامر بالمؤسسة الملكية ضامنة الاستقرار بعد الله»، وهو الشعار الذي ترجمه حزب العدالة والتنمية في ما بعد بشعار «الإصلاح في ظل الاستقرار».