التاريخ: أيلول ٢٠, ٢٠١٦
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: "اعلاء الصوت" بخطة لإعادة اللاجئين وسلام في نيويورك: ماذا فعل العالم للبنان؟
مع بداية الاسبوع الاممي في نيويورك الذي استبقت فيه قضايا اللاجئين افتتاح الدورة العادية للجمعية العمومية للامم المتحدة، اتسمت المشاركة اللبنانية الرسمية في اليوم الأول من هذا الأسبوع الدولي بأهمية بارزة سواء لجهة اعلاء صوت لبنان في شأن أزمة اللاجئين السوريين الذي يعتبر من أكبر البلدان تأثراً بتداعياتها وضخامتها، أم لجهة الصورة الرسمية والحكومية التي تشكل اختباراً دقيقاً للبنان في كواليس المنظمة الدولية وسط احتدام ازمته الداخلية.

والواقع أن طرح مسألة اللاجئين السوريين في لبنان من الباب العريض رسم ملامح تأثيراتها العميقة على الواقع الحكومي والسياسي بدليل تزامن القاء كلمة رئيس الوزراء تمام سلام في الامم المتحدة عن هذه القضية مع مبادرة وزير العمل سجعان قزي الى طرح مشروع خطة تفصيلية لمعالجة الامر الذي رسم معالم رأى فيها البعض انعكاسا لتباينات داخل الحكومة فيما أدرجها البعض الآخر في تكامل الطرحين.

ومع ذلك تجاوزالحضور الرسمي اللبناني في نيويورك في الشكل على الأقل الأزمة الحكومية من خلال مشاركة "منسجمة" في الحدود الدنيا لوزير الخارجية جبران باسيل في الوفد الرسمي الى جانب الرئيس سلام ومندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة السفير نواف سلام والفريق الاستشاري المرافق لرئيس الوزراء. أما مضمون الموقف اللبناني فأعلنه الرئيس سلام أمام مؤتمر الأمم المتحدة للاجئين والنازحين حيث فصل وقائع الاعباء التي يعانيها لبنان جراء أزمة اللاجئين، محذراً من أنه "ما لم تبذل الاسرة الدولية جهوداً كبيرة في هذا المجال فإن لبنان معرض لخطر الانهيار". وطرح على الامم المتحدة تصوراً تفصيلياً لحل هذه الأزمة من أبرز خطواته "وضع خريطة طريق مفصّلة لعودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين الموجودين في لبنان الى بلدهم في غضون ثلاثة أشهر، وتحديد حصص دول المنطقة وغيرها لكي تشارك لبنان في الأعباء على أن تبدأ مفاوضات تفعيل جهود إعادة توزيع النازحين خارج لبنان قبل نهاية السنة الحالية". وأعلن سلام أن "ما فعله اللبنانيون باستضافة مليون ونصف مليون نازح سوري هو عمل غير مسبوق وما فعله اللبنانيون بانفاق 15 مليار دولار لا يملكونها في غضون ثلاث سنوات هو أيضاً عمل غير مسبوق "ليخلص الى التساؤل: "متى سيفعل العالم شيئاً من أجل لبنان؟".

وأفاد مندوب "النهار" الى نيويورك مع الوفد اللبناني أن اطلالة الرئيس سلام في اليوم الأول من أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة كانت بحسب أوساط ديبلوماسية عالية النبرة في مقاربة لبنان لملف اللاجئين السوريين وذلك للمرة الأولى في مخاطبة المجتمع الدولي. وقد جاءت دعوة سلام الى تكثيف المساعدات الدولية وإعلان خطة لاعادة اللاجئين السوريين الى ديارهم او توزيعهم بمثابة تطبيق لخطة "إعلاء الصوت" من الآن فصاعداً، لكن هذا التوجه اللبناني ينتظر تفاعل قضيته في المؤتمر الثاني للاجئين الذي دعا اليه الرئيس الأميركي باراك اوباما وعدد من الدول اليوم في نيويورك، علماً أن سلام بدا حذراً في إبداء التفاؤل بما يمكن أن يحصل عليه لبنان من دعم.

قزي
في غضون ذلك، لم تغب معالم التباينات الداخلية حول هذا الملف في ظل المأزق الحكومي الأخير من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في بيروت وزير العمل سجعان قزي مبادراً الى طرح مشروع تنفيذي لعودة اللاجئين السوريين الى بلادهم، خصوصاً أن قزي انتقد بحدة ذهاب الوفد اللبناني الى نيويورك من دون موقف موحّد. وقد أطلق مشروعه على أساس "انتهاء زمن التكيّف مع مطالب المجتمع الدولي ومشاريعه وبداية زمن تكيّف المجتمع الدولي مع مطالب لبنان ومشاريعه". واذ كشف أنه سيطرح مشروعه على اللجنة الوزارية المعنية بملف اللاجئين السوريين، اعتبر أن مشروعه "هو أول محاولة جدية لعرض خطة تنفيذية مع روزنامة لعودة النازحين السوريين الى سوريا". وقال: "كل ما يتقرر في نيويورك خارج اطار مشروع اعادة النازحين الى سوريا لسنا معنيين به وأنا كوزير عمل غير معني به ولن يدخل عتبة هذه الوزارة". ولفت الى أن الوفد اللبناني ذهب الى نيويورك "من دون أن تتم دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد ولو في جلسة تشاورية" ومع ذلك أكد أنه يؤيّد موقف الرئيس سلام هناك "لأنه تكملة للكلام الذي قاله في القمة العربية الاخيرة في موريتانيا".

بين "التيار" و"المستقبل"
أما على الصعيد الداخلي، فلم تبرز أمس اي معالم تحركات سياسية جديدة فيما تتجه الأنظار اليوم الى الجولة الجديدة من الحوار الثنائي في عين التينة بين "تيار المستقبل" و"حزب الله " كمؤشر وحيد من شأنه أن يخترق واقع الجمود السياسي ولو من دون تعليق أي أمال على نتائج مختلفة عن الجولات السابقة. وفي غضون ذلك ينتظر ان يحدد اجتماع كتلة "المستقبل " الموقف الثابت للكتلة من الأزمة الرئاسية في ما سيشكل رداً على موجة الشائعات والتسريبات الأخيرة التي تناولت التركيز على موقف الرئيس سعد الحريري من انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.

زاسبيكين
وفي الاطار الرئاسي أيضاً استرعى الانتباه كلام للسفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين في حديث أدلى به مساء أمس الى برنامج "وجهاً لوجه " من "تلفزيون لبنان" اذ قال إن ما يحصل في المنطقة "يؤكد ضرورة التوصل الى حل القضايا اللبنانية الداخلية بقرار لبناني لأن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يقدم الحل معلباً الى اللبنانيين". وشدد على أهمية الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية في الأشهر المقبلة في ظل الاقتراب من اجراء الانتخابات النيابية ضمن التوافق وأخذ المصالح الوطنية في الاعتبار. وأكد إن الأجواء في المنطقة "غير مؤهلة لفرض حل على لبنان ونحن لا نحبذ ذلك أساساً".

تقرير الأمم المتحدة: السوريون في لبنان 70 في المئة منهم تحت خط الفقر

عكار ـــ ميشال حلاق
ومما جاء في التقرير: "يظهر التقويم السنوي أن أكثر من 70 في المئة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر وأنهم يتبعون نهجاً مثيراً للقلق في ما يتعلق بالاستهلاك الغذائي ونوعية الأغذية المستهلكة، كما أن جرعات الأوكسيجين التي تمنحها إياهم المساعدات الخارجية هي التي حالت دون مزيد من التدهور.

كما أن حال الفقر التي يعيشها اللاجئون السوريون في لبنان لا تزال تتفاقم وتتدهور، علماً أن هذا التدهور لم يكن حاداً كما في العام الماضي، وذلك بفضل المساعدات الإضافية التي تم تقديمها، وتبيّن أن هؤلاء اللاجئين لا يزالون شديدي التأثر من جرّاء الصدمات الخارجية، كما أنهم شديدو الاعتماد على المساعدات الإنسانية من أجل ضمان بقائهم.

وأظهرت النتائج الأولية للمسح السنوي التي صدرت أخيراً أن 70.5 في المئة من اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر. وقد سجّل ارتفاع مقارنة بالعام 2015 في عدد العائلات التي تعيش تحت ما يُعرف بالحد الأدنى من الإنفاق لضمان البقاء (SMEB)".

وأشارت ممثلة مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار، إلى أن "الأزمة الاقتصادية التي يعانيها اللاجئون السوريون لم تتدهور بالحدّة نفسها كما في العام الماضي، غير أننا ندرك أن ذلك يعود إلى جرعات الأوكسيجين الناجمة عن المساعدات الخارجية. فالوضع كان ليكون أكثر مأسوية لولا المساعدة التي تم تلقيها حتى هذا التاريخ. لا يزال اللاجئون السوريون الموجودون على الأراضي اللبنانية غارقين في الديون، في حين يتواصل اعتمادهم الشديد على المساعدات الإنسانية".

وشهد عام 2016 حتى هذا التاريخ ضخّ 726 مليون دولار أميركي في البلاد، في إطار خطة لبنان لاستجابة الأزمة (LCRP) المنفذة بقيادة مشتركة بين الحكومة والأمم المتحدة، وقد ساعد ذلك على الحيلولة دون انزلاق مزيد من الأشخاص تحت خط الفقر.

وتشير النتائج الرئيسية للدراسة إلى شيوع نهج مثير للقلق يُتبع في ما يتعلق بالاستهلاك الغذائي ونوعية الأغذية المستهلكة كنتيجة لتضاؤل الموارد، فتبيّن أن 34 في المئة من أسر اللاجئين تعاني درجة متوسطة من انعدام الأمن الغذائي، مقارنة بـ23 في المئة في العام السابق. وقد سجّلت زيادة بنسبة 11 في المئة في عدد الأسر التي عمدت إلى خفض الإنفاق على الغذاء، وزيادة بنسبة 7 في المئة في عدد تلك التي تعمد إلى شراء الطعام بالدين.

كذلك أظهر التقويم أن نحو 4.6 في المئة من الأطفال يعانون نقصاً في الوزن، في مقابل 2.6 في المئة عام 2013، تاريخ آخر مقارنة مماثلة. كما تبيّن أن نسبة الفتيات اللواتي يعانين نقصا في الوزن تفوق نسبة الفتيان، وذلك كله سيؤدي إلى عواقب سلبية أخرى على المدى الطويل على كل من الشباب والتعليم وصحة المجتمع كلاً، ما لم يتم التوصل إلى حل مستدام.

أما ممثلة مكتب "اليونيسف" في لبنان، تانيا شابويزا، فقد أشارت إلى أن "النتائج هي تذكير لنا جميعاً بأن نسبة كبيرة من الأسر السورية المقيمة في لبنان تكافح وتقوم بكل ما في وسعها بالوسائل المحدودة المتاحة أمامها للحفاظ على صحة أطفالها وأمانهم. فالرعاية الصحية والغذاء والدعم العاطفي والتعليم هي أمور حيوية وأساسية لهؤلاء الأشخاص الذين عايشوا العنف في سوريا وتحملوا كل المشقات في البلد المضيف".

وفي ما يتعلق بالمسكن، أظهر التقرير أن 54 في المئة من اللاجئين السوريين يحتاجون إلى دعم متواصل من أجل ترميم الملاجئ وتأهيلها لاستيفاء الحد الأدنى من المعايير. إضافة إلى ذلك، 41 في المئة من اللاجئين يقيمون في مساكن هشة وغير آمنة، بما في ذلك خيم مرتجلة في المخيمات العشوائية (17 في المئة) وغيرها من الملاجئ المتدنية المستوى (24 في المئة)، مثل مرائب السيارات والمخازن أو الحظائر والمواقع الصناعية والمباني غير المنتهية.