لف الغموض مصير الاتفاق الاميركي - الروسي لوقف النار في سوريا، إذ بينما اعلن الجيش السوري في بيان انتهاء الهدنة وتجدد القصف لحلب الشرقية، قالت واشنطن إنها طلبت إيضاحات من موسكو للبيان السوري، مشيرةً الى وجود اتصالات مع موسكو لتمديد الاتفاق.
وقال الجيش السوري إن الهدنة التي دامت سبعة أيام انتهت. واتهم "جماعات إرهابية"، وهو مصطلح تستخدمه الحكومة السورية للإشارة إلى المسلحين الذين يقاتلونها، باستخدام الهدنة لإعادة تسليح نفسها في حين انها انتهكتها 300 مرة. واكد أنه سيستمر في محاربة الإرهاب من أجل استعادة الأمن والاستقرار. وتزامن صدور بيان الجيش السوري مع عقد مسؤولين روس واميركيين اجتماعاً في جنيف للبحث في امكان استمرار وقف النار.
لكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري رأى أنه من المبكر جداً إعلان انتهاء وقف النار. ولدى سؤاله عن بيان الجيش السوري، تحدث كيري للصحافيين في نيويورك عن عدم تنفيذ الهدنة سبعة أيام وعدم إيصال المساعدات كما تنص الهدنة. وقال: "كان من الأفضل ألا يتحدثوا إلى الصحافة أولا لكن ان يتحدثوا إلى الناس الذين يشاركون في التفاوض". وأضاف: "بدأنا اليوم فقط نرى تحسناً حقيقاً في (نقل) المواد الإنسانية ودعنا نر الى أين وصلنا. نحن سعداء بالتحدث إليهم".
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية جون كيربي: "ترتيباتنا مع روسيا المسؤولة عن التزام النظام السوري... لذا... ننتظر من روسيا تفسير موقفه". ولاحظ أنه كانت هناك درجة من تراجع العنف منذ الاتفاق على الهدنة ولكن لم تصل إلى سبعة أيام متعاقبة من الهدوء كما نص الاتفاق.
واعلن الناطق الاخر باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر أنه في محاولة لاحتواء التوتر المتصاعد في سوريا، يعقد وزراء الخارجية لمجموعة الدعم الدولية لسوريا والتي تضم 20 دولة أبرزها الولايات المتحدة وروسيا ودول اخرى بينها السعودية وتركيا اجتماعا اليوم في نيويورك وسيجرون تقويما للوضع.
وجاء الاعلان السوري عن انتهاء الهدنة بعد ساعات من تصريحات للمسؤول البارز في وزارة الدفاع الروسية الجنرال سيرغي رودسكوي جاء فيها ان الولايات المتحدة لا تملك "وسيلة فعالة للضغط على المعارضة في سوريا". وقال انه "في ضوء عدم احترام المتمردين وقف النار، فان التزام قوات الحكومة السورية له من جانب واحد لا معنى له".
واعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مراقبيها على الأرض سجلوا 53 انتهاكاً لوقف النار في سوريا خلال الساعات الـ24. وقالت إن هناك معلومات عن اندماج وحدات من المعارضة السورية المعتدلة مع "جماعات إرهابية" واستعدادها لشن هجمات بالاشتراك معها. واشارت الى أن الجيش الأميركي أبلغها أن من الصعب جداً التمييز بين المعارضة المعتدلة والجماعات "الإرهابية" في سوريا.
ووصف وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت الاتفاق الروسي - الاميركي بأنه "الاساس الوحيد" للحل في سوريا، على رغم "هشاشته".
تجدد القصف وأفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الذي يتخذ لندن مقراً له أن طائرات سورية أو روسية اغارت على شاحنات إغاثة قرب حلب في ساعة متقدمة الاثنين. وأوضح أن الشاحنات قامت بعمليات تسليم اعتيادية تنظمها منظمة دولية لمنطقة غرب مدينة حلب وأصيبت قرب بلدة أورم الكبرى. وقالت الأمم المتحدة والصليب الأحمر إنهما يحققان في الامر ولكن لم يذكرا ما إذا كانت الشاحنات تابعة لهما .
وأبدى المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا استياءه من هجوم على قافلة المعونات التي تحركت "بعد عملية طويلة من الموافقات والاستعدادات". وقال المرصد إن القوات الحكومية السورية شنّت 35 غارة جوية على حلب والمناطق المحيطة بها منذ انتهاء العمل بوقف النار. وبعيداً من حلب، دخلت قافلة مساعدات مشتركة بين الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الاحمر العربي السوري مؤلفة من 45 شاحنة الى مدينة تلبيسة المحاصرة في ريف حمص الشمالي، وكانت سبقتها الاحد قافلة اخرى من عشر شاحنات.
حي الوعر وعرض الإجلاء المقرر للمئات من مقاتلي المعارضة من حي الوعر آخر معقل للمعارضة في حمص الاتفاق الاميركي - الروسي للخطر أيضاً. وقال مقاتلون من المعارضة إن الخطة تصل إلى حد إعلان الحكومة انتهاء الهدنة.
ونقل التلفزيون السوري الرسمي عن محافظ حمص طلال برازي أن الإجلاء تأجل بسبب "عراقيل لوجيستية" وأن لجان تفاوض تستكمل الاستعدادات. وأضاف أن الإجلاء سيتم صباح اليوم. وتقول المعارضة إن قرارات الإجلاء هذه جزء من استراتيجية حكومية لطرد معارضيها قسراً بعد سنوات من الحصار والقصف. |