التاريخ: أيلول ١٦, ٢٠١٦
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
المساعدات إلى حلب تتعقد ودو ميستورا يتهم دمشق بالتأخير
جنيف – موسى عاصي
لم تتوقع أوساط دولية مشاركة في اجتماعات المجموعة الدولية المعنية بالشأنين الإنساني والميداني ان تتمكن الأمم المتحدة من ادخال المساعدات الى شرق مدينة حلب قريباً، فالمسائل "تتعقد يوما عن يوم وتخضع لشروط وشروط مضادة".

وسبق هذا التطور موقف لافت للمبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا ألقى فيه مسؤولية عدم ادخال المساعدات بسبب عدم منح المنظمة الأممية تصريحاً "خطياً وبالانكليزية" لمباشرة توافد القوافل التي تنتظر عند الحدود التركية من الجانب السوري.

وقال إن الحكومة السورية بعثت في 6 أيلول الجاري، أي قبل توصل الطرفين الروسي والأميركي الى اتفاق جنيف، برسالة للأمم المتحدة تعبر فيها عن استعدادها للسماح بإدخال قوافل المساعدات الى خمس مناطق محاصرة منها حلب الشرقية، "ولكن حتى الآن لم تصلنا رسالة خطية وواضحة في هذا الشأن".

ورد مصدر سوري على دو ميستورا بأن "الكلام عن عدم تقديم الحكومة السورية تسهيلات لادخال المساعدات غير صحيح". وتطالب دمشق بأن يشمل اتفاق ادخال المساعدات الغذائية كل المناطق من دون تفرقة وخصوصا بلدتي كفريا والفوعة اللتين تحاصرهما المجموعات المسلحة المعارضة.

والى مشكلة اذونات الدخول، برزت أزمة أكثر تعقيداً تتمثل في مراقبة حمولات القوافل الآتية من تركيا، فالنسبة الى المبعوث الاممي "بموجب اتفاق كيري – لافروف، لن تتعرض الشاحنات لأي توقيف على طريق الكاستيلو ولا لأي تفتيش لحمولاتها". وكرر ان الأمم المتحدة سترفع تقريراً مسبقاً الى الحكومة السورية عن حمولات الشاحنات وتقريراً آخر بعد ادخال المساعدات عن عملية التوزيع.

وتعرض موقف المبعوث الاممي للكثير من الانتقاد من دمشق التي أعلنت ان اتفاق جنيف ينص على "صلاحية الحكومة السورية لتفتيش القوافل"، أو روسيا. وعلمت "النهار" ان المندوب الروسي في المجموعة الدولية الكسندر زورين ابلغ المجتمعين أن موسكو تصر على تفتيش القوافل "ان لم يكن من طريق القوات الروسية أو الجيش السوري بسبب حساسية الموقف بالنسبة الى المجموعات المسلحة، فمن طريق طرف ثالث موثوق به لدى دمشق وموسكو".

وتحدثت المعلومات عن أن الروس يحاولون تسليم المراقبة على طريق الكاستيلو الى حواجز تشرف عليها منظمات مدنية لا تعترض عليها دمشق.

من جهة أخرى، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا الجنرال فلاديمير سافتشينكو أن الجيش السوري بدأ سحب قواته ومركباته على مراحل من طريق الكاستيلو، وأن قوات المعارضة لم تنسحب بعد من الطريق. لكن ناطقاً باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" نفى ان تكون لديه أي معلومات "استخبارية أو حقائق" تشير إلى أن الجيش السوري بدأ الانسحاب من طريق الكاستيلو.

ومنذ بدء سريان الهدنة، توقفت المعارك تماماً تقريباً بين قوات النظام ومسلحي المعارضة على مختلف الجبهات، باستثناء بعض النيران المتقطعة، استناداً الى ناشطين و"المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له والامم المتحدة.

وأكد رئيس مجموعة العمل للمساعدات الانسانية في سوريا يان ايغلاند "تراجع اعمال القتل الى حد كبير" وعدم ورود "تقارير عن مقتل مدنيين خلال الساعات الـ 24 الأخيرة. كما توقفت الهجمات على المدارس والهجمات على المستشفيات".

وترغب روسيا في ان يتبنى مجلس الامن قراراً يصادق على الاتفاق الموقع بين موسكو وواشنطن لوقف العنف في سوريا والاشتراك معاً في محاربة جهاديي تنظيم "الدولة الاسلامية"، كما أفاد السفير الروسي الخميس.

وفي نيويورك، قال المندوب الروسي الدائم لدى الامم المتحدة السفير فيتالي تشوركين ان هناك محادثات في الامم المتحدة في شأن القرار المقترح الذي قد يتم تبنيه الاربعاء عندما يعقد مجلس الامن جلسة خاصة حول سوريا. وأوضح ان القرار سيعتبر "موافقة على اتفاق" وقف النار الذي تم التوصل اليه الاسبوع الماضي ودخل حيز التنفيذ الاثنين.

في غضون ذلك، قال مسؤولون أتراك إن رئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف أجرى محادثات "بناءة للغاية" مع نظيره التركي الجنرال خلوصي اكار في أنقرة في شأن التعاون العسكري والملف السوري، في أحدث مؤشر للتحسن في العلاقات بين موسكو وأنقرة.

وقالت المصادر إن الاجتماع، وهو الأول من نوعه في 11 سنة، سيتيح للجانبين التوصل إلى "رؤية مشتركة" حيال مناطق مضطربة أخرى في الشرق الأوسط.

موسكو تتهم واشنطن بعدم التزام اتفاق سوريا ورئيس الأركان الروسي ناقش الأزمة في أنقرة

اتهم الجيش الروسي أمس الولايات المتحدة بعدم الوفاء بالتزاماتها الواردة في اتفاق الهدنة في سوريا، وبعدم ممارستها ضغطاً على فصائل المعارضة كي تنأى بنفسها عن الجهاديين.

رأى الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال ايغور كوناشنيكوف في بيان أنه "يبدو ان هدف اعتماد واشنطن +ضبابية كلامية+ هو اخفاء واقع انها لا تفي بالتزاماتها وفي المقام الاول فصل مسلحي المعارضة المعتدلة عن الارهابيين"، منتقدا تشكيك بعض المسؤولين الاميركيين الكبار من التعاون بين البلدين.

وقال: "في اليوم الثالث (من الهدنة) وحده الجيش السوري يلتزم وقف النار. في الوقت عينه زادت المعارضة المعتدلة المدعومة من الولايات المتحدة عدد هجماتها على الاحياء السكنية". وأكد ان روسيا تفي "منذ اللحظة الاولى بالتزاماتها المتعلقة بنظام وقف الاعمال القتالية على الاراضي السورية".

وسبق لمسؤولين اميركيين ان عبروا عن شكوك في ما يتعلق باحترام موسكو للاتفاق الذي تم التفاوض عليه الاسبوع الماضي بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف. وقال مسؤول في "البنتاغون" طلب عدم ذكر اسمه ان "المهل قصيرة لكن انعدام الثقة كبير".

وبموجب بنود الاتفاق، توافق القوات الاميركية على التعاون مع الجيش الروسي في سوريا اذا صمدت الهدنة التي بدأ العمل بها الاثنين، مدة اسبوع.
وسينشأ حينئذ "مركز تطبيق مشترك" في جنيف لتقاسم المعلومات عن الاهداف المحتملة لقصفها. والاربعاء، اتفقت واشنطن وموسكو على تمديد الهدنة 48 ساعة.

محادثات روسية - تركية
وفي تطور يعكس تحسن العلاقات بين موسكو وأنقرة، بحث رئيسا الاركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف والتركي الجنرال خلوصي اكار في انقرة في الازمة السورية والتعاون العسكري الثنائي على خلفية انفراج في العلاقات بين روسيا وتركيا بعد أشهر من ازمة ديبلوماسية خطيرة.

واستقبل اكار غيراسيموف خلال احتفال عسكري نقلته محطات التلفزيون التركية في بث مباشر.

وكان كوناشنيكوف اعلن في وقت سابق في موسكو ان غيراسيموف "سيتباحث في انقرة مع نظيره التركي خلوصي اكار في الوضع الراهن وآفاق تسوية الازمة في سوريا". وأضاف ان المسؤولين العسكريين سيعرضان أيضاً "آفاق التعاون الاقتصادي الثنائي".

ولطالما كانت روسيا وتركيا على طرفي نقيض في النزاع السوري الدائر منذ خمس سنوات ونصف سنة، إذ تدعم موسكو النظام السوري في حين تقدم انقرة الدعم لمعارضيه. ولكن أمكن تحقيق تقارب بين البلدين بعد اعادة العلاقات بينهما اثر فترة قطيعة واعتراف انقرة بان الرئيس السوري بشار الاسد يمكن ان يقوم بدور في الفترة الانتقالية. وشهدت العلاقات بين روسيا وتركيا أزمة ديبلوماسية خطيرة بعد اسقاط الجيش التركي مقاتلة روسية قرب الحدود السورية، الا ان البلدين يدعوان الى تعزيز التعاون بينهما منذ المصالحة غير المتوقعة بينهما أواخر حزيران.

وسمحت روسيا مجددا لشركات السفر بمعاودة ارسال السياح الروس الى تركيا، كما عاودت رحلات "التشارتر" من روسيا الى تركيا بعدما كانت قطعت بسبب الازمة الديبلوماسية.
ومطلع آب قام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بزيارة لبطرسبرج للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد ثلاثة أسابيع من محاولة انقلاب فاشلة في تركيا تلتها حملة تطهير غير مسبوقة امتنعت موسكو عن انتقادها.

فرنسا تريد الاطلاع على الاتفاق
وبعد أيام من توصل كيري ولافروف الى اتفاق على وقف النار في سوريا، صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان- مارك إيرولت بأن فرنسا تريد الاطلاع على نص اتفاق وقف النار في سوريا الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وروسيا لئلا يحصل لبس في ما يتعلق بالمستهدف على الأرض.

وقال خلال زيارة لأوكرانيا:‭ ‬"لا يمكن الروس أن يواصلوا القصف منفردين قائلين إنهم يستهدفون الجماعات الإرهابية". وأضاف أن "الاتفاق مع الأميركيين الذي لا نعرف كل تفاصيله - وتلك هي المشكلة في الحقيقة - يضم شروطا تمكن الأميركيين والروس من أن يحددوا على الخريطة مواقع الإرهابيين التي نحتاج الى استهدافها موقعا موقعا. ولكن إذا حصل لبس... فسيكون هناك أيضا خطر يتمثل في احتمال ضرب المعارضة المعتدلة... سنكون مطالبين في مرحلة ما بأن نؤيد التفاصيل الأشمل لهذه الخطة الروسية - الأميركية، وكي نفعل ذلك نحن في حاجة الى الاطلاع على كل المعلومات".