انتظرت المناطق المحاصرة في سوريا بفارغ الصبر وصول قوافل
المساعدات الانسانية الموعودة التي لا تزال عالقة، على رغم انحسار اعمال العنف الى حد كبير إثر الهدنة
التي ترعاها واشنطن وموسكو.
أفاد ناشطون و"المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي
يتخذ لندن مقراً له والامم المتحدة أنه منذ دخول اتفاق وقف الاعمال القتالية حيز التنفيذ مساء الاثنين،
توقفت المعارك تماماً تقريباً بين قوات النظام ومسلحي المعارضة على مختلف
الجبهات.
وتم التوصل الى الهدنة بعد أسابيع من المحادثات بين واشنطن وموسكو من
أجل تشجيع معاودة عملية التفاوض لإنهاء النزاع الذي أوقع أكثر من 300 ألف قتيل وتسبب بتشريد الملايين
منذ آذار 2011.
ويفترض ان تتيح الهدنة نقل المساعدات الانسانية من دون عراقيل
الى مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين في نحو 20 مدينة وبلدة، وغالبيتها على أيدي قوات
النظام. واستبعد مسؤول في مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية احتمال توزيع المساعدات
الانسانية الاربعاء.
وصرح الناطق باسم مكتب الشؤون الانسانية في غازي عينتاب
في تركيا ديفيد سوانسون: "على أساس ما سمعناه على الارض، من غير المرجح ان يحصل هذا الامر اليوم". وأضاف
ان الهدنة التي تبدو صامدة "تعطينا الامل، وهي الفرصة الوحيدة منذ فترة طويلة لإيصال المساعدات". وأضاف:
"لكن التحدي بالنسبة إلينا هو ضمان أن كل أطراف النزاع هم على الموجة نفسها"، مطالباً بضمانات أمنية.
وأكد ان عشرين شاحنة محملة بحصص غذائية كافية لنحو 40 ألف شخص جاهزة لعبور الحدود التركية، و"ما ان نحصل
على الموافقة، يمكننا التحرك".
وأوضح أن "المساعدة لن تسلم فقط الى حلب، ان
الامم المتحدة في سوريا تسعى أيضاً الى تقديم المساعدة الى مناطق أخرى محاصرة أو يصعب الوصول
اليها".
واشار الى ان قافلتين من المساعدات عبرتا الحدود التركية متجهتين إلى
سوريا في المنطقة الفاصلة بين حدود البلدين تنتظر الحصول على تصريح بالتحرك صوب حلب الاربعاء (أمس).
وذكر ان القافلتين اللتين تضم كل منهما نحو 20 شاحنة محملة بالأغذية والطحين، عبرتا إلى الأراضي السورية
أمس قادمتين من بلدة جيلفيجوزو الحدودية التركية على مسافة نحو 40 كيلومتراً غرب حلب، لكنهما لم تتمكنا
من التقدم كثيرا بعد تجاوزهما النقطة الحدودية التركية.
وكان المبعوث الخاص
للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا طالب الثلثاء "بضمانات لعدم التعرض للسائقين وللقوافل". وقال
انه بعد 24 ساعة من بدء سريان الهدنة شهدت سوريا تراجعاً كبيراً في أعمال
العنف.
وتعتزم الامم المتحدة البدء بتوزيع المنتجات الغذائية في الاحياء
الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب حيث لم يتلق أكثر من 250 ألف شخص المساعدات من المنظمة الدولية منذ
تموز. ومن أجل ايصال المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة في حلب حيث ينتظر السكان
المواد الغذائية بشكل يائس، أقام جنود روس نقطة مراقبة على طريق الكاستيلو، محور الطرق الاساسي لنقل
المساعدات من تركيا الى أحياء المدينة الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل
المقاتلة.
ولكن استناداً إلى مصدر أمني سوري، لم ينسحب النظام بعد من هذا
المحور. وروى مراسلو "وكالة الصحافة الفرنسية" في الاحياء الشرقية من حلب أن الهدوء عمّ
الشطرين الشرقي والغربي من المدينة. وحلقت طائرات فوق المنطقة ولكن من دون شن غارات. وأعلن المرصد
السوري انه لم يسقط أي قتيل مدني منذ بدء سريان الهدنة مساء الاثنين، على رغم حصول إطلاق نار متقطع في
محافظة حلب. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان اتفاق وقف الاعمال القتالية "إيجابي جداً ومطبق إلا من
بعض الخروقات القليلة التي لم تتسبب بمقتل مدنيين سوريين". وأضاف :"اذا استمرت الامور على ما هي، فهذا
يعتبر تطوراً ايجابياً للغاية، لأننا حافظنا على أبناء شعبنا السوري المدنيين من القتل والاقتتال
والتشريد".
وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي تفاوض على اتفاق وقف
النار مع نظيره الروسي سيرغي لافروف وصف الهدنة بأنها "الفرصة الاخيرة لإنقاذ البلاد". لكن
الشكوك في استمرارها لا تزال قائمة بعد فشل اتفاقات تهدئة عدة سابقة في الحرب المعقدة التي تشمل أطرافاً
عدة.
ويستثني الاتفاق الجماعات الجهادية من تنظيم "الدولة الاسلامية" و"جبهة
فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً) اللذين يسيطران على مناطق واسعة من البلاد، على غرار الاتفاق السابق
الذي تم التوصل اليه في شباط الماضي واستمر أسابيع.
واستمرت المعارك في محافظة
حماه بين قوات النظام ومسلحي فصيل "جند الاقصى" الجهادي الذي تصنفه دول عدة
"إرهابياً".
واذا صمد اتفاق وقف الاعمال القتالية مدة أسبوع، يفترض أن يؤدي
الى تعاون غير مسبوق بين موسكو وواشنطن لمواجهة التنظيمين الجهاديين. لكن مسؤولاً في وزارة
الدفاع الاميركية صرح بأن صمود الهدنة سبعة ايام لا يعني بدء التعاون تلقائياً. وقال إن "المهل قصيرة
لكن الريبة كبيرة".
إسرائيل أغارت على مواقع سورية ونفت إسقاط طائرتين لها
أعلن الجيش الاسرائيلي ان طائراته أغارت مجدداً مساء الثلثاء على مواقع للجيش السوري، رداً على سقوط قذائف في الجولان المحتل، وذلك بعد ساعات من نفيه ما اعلنته دمشق من انها اسقطت طائرتين اسرائيليتين خلال غارة مماثلة احداهما من دون طيار.
وقال الجيش في بيان إن قذيفتين اطلقتا مساء الثلثاء من الاراضي السورية سقطتا في الشطر المحتل من الهضبة السورية من غير ان توقعا اصابات. وأضاف ان سلاح الجو الاسرائيلي رد باستهداف بطاريات مدفعية للنظام السوري في وسط مرتفعات الجولان السورية.
وكان سلاح الجو الاسرائيلي شن غارة مماثلة ليل الاثنين - الثلثاء رداً على سقوط قذيفة في الشطر المحتل من الهضبة السورية، في هجوم قال الجيش السوري إنه تصدى له باسقاط طائرتين اسرائيليتين إحداهما حربية والأخرى للاستطلاع، الامر الذي نفته الدولة العبرية.
وأصدرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية بياناً جاء فيه: "قام طيران العدو الاسرائيلي عند الساعة الواحدة صباح اليوم (22:00 ت. غ. مساء الاثنين) بالاعتداء على أحد مواقعنا العسكرية بريف القنيطرة، فتصدت وسائط دفاعنا الجوي وأسقطت له طائرة حربية جنوب غرب القنيطرة وطائرة استطلاع غرب سعسع ".
واعتبرت القيادة في بيانها الذي أوردته الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" ان "العدوان السافر يأتي في إطار دعم العدو الاسرائيلي للمجموعات الارهابية المسلحة، وفي محاولة يائسة لرفع معنوياتها المنهارة بعد الفشل الذريع الذي منيت به والخسائر الفادحة التي تكبدتها بريف القنيطرة".
لكن الجيش الاسرائيلي نفى الرواية السورية. وصرح ناطق باسمه الميجر آري شاليكار في القدس: "ليست هناك أي صحة لذلك".
وأورد ناطق آخر هو الكولونيل بيتر ليرنر في موقع "تويتر" ان "صاروخي أرض - جو أطلقا من سوريا بعد المهمة التي نفذها (الطيران الإسرائيلي) ليلاً على مواقع للمدفعية السورية، ولم يكن أمن الطيران في خطر في أي وقت". وكان هذا رابع حادث من نوعه في تسعة أيام.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية أنها احتجت خطياً لدى مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة على "العدوان" الاسرائيلي.
وقالت ان سوريا "تطالب مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة بوجوب اتخاذ كل الاجراءات التى ينص عليها ميثاق الامم المتحدة لمعاقبة +اسرائيل+ المعتدية واجبارها على وقف عدوانها ومطالبتها فوراً ومن دون تأخير بوقف دعمها وحمايتها للارهابيين ومجموعاتهم المسلحة". |