التاريخ: أيلول ١٥, ٢٠١٦
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
نجاح المرحلة الأولى من الهدنة في سوريا والتحدي الأكبر فك الارتباط مع "النصرة"
جنيف - موسى عاصي
شجع نجاح التجربة الاولى لوقف الاعمال القتالية في سوريا الولايات المتحدة وروسيا على اعلان تجديد هذه التجربة 48 ساعة اضافية، وهو ما كان اتفق عليه في اعلان جنيف بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف. وبموجب هذا الاتفاق من شأن نجاح التجربة مدة سبعة أيام متتالية اذ يسمح للجانبين الروسي والاميركي بالانتقال الى المرحلة التالية وهي بدء التنسيق عملياً بينهما لتشكيل غرفة عمليات مشتركة من اجل وضع استراتيجية لمواجهة "جبهة فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً قبل اعلان فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة") وتنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش).

كذلك صدرت تصريحات تحذيرية عن واشنطن وموسكو في شأن استمرار الهدنة. وقال كيري إن الاتفاق هو "الفرصة الاخيرة" لصون وحدة سوريا. وأضاف: "اذا فشلنا في تحقيق وقف النار والوصول إلى طاولة المفاوضات، ستزداد حدة الاقتتال بقدر كبير".

بينما وصف الكرملين الهدنة بأنها هشة جداً "لكنها تبعث على الأمل في توفير الظروف الملائمة للحوار السياسي". وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف : "الهدف الرئيسي حاليا هو أن ننتظر الفصل بين المعارضة المعتدلة والتنظيمات الإرهابية"، موضحاً "أنها مهمة رئيسية ومن المستبعد إحراز أي تقدم من دون تحقيق هذا الهدف". وأفادت وزارة الخارجية الروسية ان لافروف اتصل بنظيره الاميركي طالبا مهن أن تفي الولايات المتحدة بتعهدها إبعاد مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة "الخاضعة لوصاية واشنطن" عن "جبهة فتح الشام".

وتزامن ذلك مع اعلان روسي عن استعداد الجيش السوري للبدء بانسحاب مرحلي ومتزامن مع انسحاب المجموعات المعارضة من طريق الكاستيلو في حلب اعتباراً من التاسعة من صباح اليوم، وسيشكل هذا الموعد الاختبار الأول لجدية الطرفين الروسي والاميركي في تطبيق بنود الاتفاق بينهما وخصوصا في ما يتعلق بادخال المساعدات الانسانية الى مدينة حلب والتي لا تزال قوافلها تنتظر عند الحدود التركية الاذن لدخول المدينة.

المنظمات الانسانية
وبدا ان وقف الاعمال القتالية لا يكفي حتى الآن لتشجيع المنظمات الانسانية على تحريك قوافلها. وفي جنيف اكدت هذه المنظمات "انها لن تدخل حلب إلا بعد التثبت من وقف كامل للنار"، فهي غير مستعدة لخسارة أفراد طواقمها لدى ادخال المساعدات. والمبعوث الاممي ستافان دو ميستورا الذي يقول إنه "ينتظر اذن الحكومة السورية" يناقض نفسه بالقول إنه بموجب الاتفاق بين الراعيين "لسنا في حاجة الى تصاريح من احد والاتفاق ينص فقط على اعطاء علم وخبر بدخول القوافل وبما تحمله وتقديم تقرير بعد توزيع المساعدات".

ورأى المبعوث الاممي الذي عقد مؤتمراً صحافياً بعد مرور 24 ساعة على تطبيق وقف النار، ان التحدي الجدي لتطبيق اتفاق جنيف يتمحور على نجاح خطوة الفصل بين الفصائل المعارضة و"جبهة النصرة". وتوقعت اوساط متابعة للمجموعة الدولية الخاصة بوقف الاعمال العدائية التي ستجتمع اليوم في جنيف لتقويم المرحلة الاولى من تطبيق وقف النار، أن يواجه الطرفان الروسي والاميركي صعوبة في عملية فك الارتباط، نظراً الى تداخل المواقع ميدانياً من جهة، والى تعدد المرجعيات التي تتقاطع أحياناً كثيرة بين مرجعيات المجموعات المعتدلة ومرجعيات "النصرة".

وقالت الاوساط ان على الطرفين الروسي والاميركي القيام بمواكبة اكبر لما يجري في الميدان من أجل الدخول عملياً وسريعاً في تطبيق بنود اتفاق جنيف نظراً الى ضيق الوقت. "ففي 23 ايلول الجاري ستجتمع مجموعة العمل الدولية على المستوى الوزاري في نيويورك على هامش اعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة ويفترض في هذا اللقاء ان يمنح دو ميستورا اذن اعادة اطلاق العملية السياسية ودعوة الاطراف السوريين الى المحادثات مجددا وفي وقت قصير".

واعلن النائب الأول لرئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال فيكتور بوزنيخير أن الجانب الروسي يشك في "قدرة الجانب الأميركي على تنفيذ تعهداته الخاصة بفصل وحدات المعارضة المعتدلة عن تنظيم جبهة النصرة".

خروق محلية متفرقة
ميدانياً، مرت الهدنة الأولى المحددة ب48 ساعة من دون سقوط أي قتيل في كل مناطق الاشتباك بين القوات الحكومية وقوات المعارضة، من غير ان يعني ذلك الالتزام التام لقرار وقف الاعمال القتالية . فقد أعلن مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له في اتصال مع "النهار" أن خروقا حصلت في مناطق عدة منها ريف درعا الشرقي وغوطة دمشق الشرقية وريف ادلب الجنوبي وريفا حلب الشرقي والغربي وأيضا ريف حماه الشمالي، لكن هذه الخروق تعتبر هامشية مقارنة بما سبق بدء تطبيق وقف الاعمال القتالية.

اما في المناطق التي يسطر عليها "داعش"، وهي مناطق خارجة عن قرار وقف النار فقد قتل ستة أشخاص خلال غارة للطائرات الحربية السورية على مواقعه في بلدة بزاعة بريف حلب وريف الشدادي جنوب الحسكة.

وأعلن الجيش الروسي ان الطيران الحربي الروسي قصف مجموعة من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" كانوا يستعدون لشن هجوم على مدينة تدمر السورية. وأكد بوزنيخير مدير مركز حميميم الروسي الى أن القوات المسلحة الروسية قتلت 250 مسلحا ودمرت نحو 15 سيارة نقل صغيرة محملة بالمدافع الرشاشة والمدافع المضادة للطائرات.

"داعش" يرتكب مجزرة
الى ذلك، نشر "داعش" شريط فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي يظهر أفراداً من التنظيم وهم يذبحون عدداً من ابناء مدينة دير الزور بتهمة "التعامل مع النظام السوري". وتضمن الشريط مشاهد مقززة لمسلحين يذبحون ضحاياهم كما تنحر الخراف في عيد الأضحى، ويعلقونها بأقدامها كما تعلق الذبائح.
ورداً على ذلك، شنت مجموعات من شباب دير الزور هجوماً على موقع "داعش" وقتلت 16 رجلاً من الذين ارتكبوا الجريمة.

الجولان
على صعيد آخر (الوكالات) قال الجيش الاسرائيلي إن قذائف من الاراضي السورية سقطت على المناطق التي تحتلها اسرائيل من مرتفعات الجولان في احدث موجة من الحوادث التي تزيد التوتر بين البلدين.

والثلثاء أغارت الطائرات الاسرائيلية على مواقع للجيش السوري بعد سقوط قذائف من الجانب السوري على الجولان المحتل.
وكان سلاح الجو الاسرائيلي شن غارة مماثلة ليل الاثنين - الثلثاء رداً على سقوط قذيفة في الشطر المحتل من الهضبة السورية، في هجوم قال الجيش السوري إنه تصدى له باسقاط طائرتين اسرائيليتين إحداهما حربية والأخرى للاستطلاع، الامر الذي نفته الدولة العبرية.