أعلنت الأمم المتحدة، أن غارات «الجيش السوري وحلفائه» في شمال سورية، «تستهدف المدنيين والمستشفيات والمخابز والأسواق، وتؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى»، داعية إلى «محاسبة مرتكبيها».
جاء ذلك في جلسة حول الوضع الإنساني في سورية، دعت في ختامها السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامنثا باور، روسيا إلى التوقف عن استهداف المدنيين في غاراتها في سورية. وقالت إن «نظام الأسد ودولاً أخرى تقصف المدنيين من الجو، وتستهدف الإرهابيين من الأرض»، عشية تبنّي مجلس الأمن قراراً يجدد آلية إيصال المساعدات الإنسانية في سورية. وأضافت باور مساء الاثنين، بعد جلسة مشاورات حول عمليات الإغاثة الإنسانية في سورية، أن على «الحكومة السورية وروسيا التحرك بحذر شديد لعدم قصف المدنيين، والتقيّد بقرارات» مجلس الأمن. وأشارت الى أن أعضاء مجلس الأمن يدعمون مشروع القرار الإنساني، متوقعة التصويت عليه الثلثاء (أمس).
وشددت باور على أهمية تبنّي مجلس الأمن القرار ٢٢٥٤ حول خريطة طريق العملية السياسية في سورية، معتبرة أن «الأمم المتحدة حصلت على دعم كامل من المجتمع الدولي لأداء دور مهم جداً في رسم تطبيق وقف لإطلاق النار ومراقبته»، مشيرة إلى أن على المبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا وفريقه «تقديم تقرير خلال ٣٠ يوماً حول شكل وقف إطلاق النار وأسسه، في الوقت الذي يسعى إلى جمع وفدي الحكومة والمعارضة» في مفاوضات مباشرة. وأضافت: «نفهم أن وفد المعارضة سيضمّ اللجنة العليا وآخرين»، لافتة إلى أن دي ميستورا «يبحث عن مشاركة النساء» في المفاوضات، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن، مشدّدة على أهمية التقيّد بالأطر الزمنية المحددة في بيان فيينا ٢.
قرار إنساني جديد
واستعدّ مجلس الأمن لتبنّي القرار الثلثاء، ليجدّد فيه آلية إيصال المساعدات الإنسانية التي كان تبناها في ٣ قرارات سابقة، لعام إضافي. وأعد كل من الأردن وإسبانيا ونيوزيلندا القرار، وهو يطلب من السلطات السورية «الاستجابة سريعاً لكل الطلبات المقدّمة إليها من الأمم المتحدة وشركائها» في خصوص عبور قوافل المساعدات عبر الحدود. ويطلب من «كل الأطراف، خصوصاً السلطات السورية، التقيّد فوراً بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، والتطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن السابقة المعنية بإيصال المساعدات الإنسانية الى سورية، ويذكر أن بعض الانتهاكات المرتكبة في سورية قد يرقى الى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». كما يؤكد ضرورة الحل السياسي والتطبيق الكامل لبيان جنيف ١ وبياني فيينا. ويجدد التأكيد أن المجلس «سيتخذ إجراءات إضافية بموجب ميثاق الأمم المتحدة في حال عدم التقيد بهذا القرار»، والقرارات الثلاثة السابقة المتعلّقة بإيصال المساعدات الإنسانية الى سورية.
ويقرّر تجديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية المقرة سابقاً لعام إضافي حتى ١٠ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٧.
كانغ: غارات «الجيش السوري وحلفائه»
وكان مجلس الأمن بحث مساء الاثنين، الوضع الإنساني في سورية، حيث أبلغت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون المساعدات الإنسانية كيونغ وا كانغ، أن «الجيش السوري وحلفاءه» في شمال سورية «يستهدفون المدنيين والمستشفيات والأسواق والمخابز، ما يؤدي الى سقوط كثر من المدنيين قتلى وجرحى يومياً». وقالت كانغ في جلسة لمجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سورية، أن «ست غارات استهدفت الأحد، أسواقاً مكتظة وأبنية عامة ومناطق سكنية في قلب مدينة إدلب، وأن أعمال الإغاثة أفادوا بمقتل ٤٣ شخصاً، فيما لم يتم التعرف بعد على هويات ٣٠ جثة». وأضافت أن الأطباء المسعفين «أصبحوا أهدافاً بدورهم، ويخشون من أن سيارات الهلال الأحمر والصليب الأحمر لم تعد محيدة كما يجب أن تكون»، مشيرة إلى أن «القصف العشوائي واستهداف المدنيين والتدمير العشوائي، تستحقّ الشجب ويجب محاسبة مرتكبيها». ولفتت الى أن الهجمات على المنشآت الطبية وصلت الى ٣٣٦ منذ بداية النزاع، وهو انتهاك للقانون الإنساني الدولي، مناشدة أطراف النزاع «التأكد من حماية المنشآت الطبية والعاملين فيها».
وطالبت «السلطات السورية بالموافقة على ٤٧ طلباً لإيصال المساعدات لا تزال في الانتظار، والسماح للمواكب الإغاثية التي تمت الموافقة عليها بالتحرك». كما طالبت المجموعات المسلّحة والمنظمات الإرهابية بالسماح بإيصال المساعدات من دون معوقات.
وأبلغت مجلس الأمن أن «وقف النار في حي الوعر في حمص سمح بوصول المساعدات الى ٦٠ ألفاً كانوا محاصرين فيه منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، وهو يدل على ما يمكن تحقيقه في حال التوصّل الى اتفاق بين الأطراف».
وشدّدت على ضرورة السماح بوصول المساعدات «في كل الأوقات، وليس فقط بناء على اتفاقات يتم التفاوض عليها». وأكدت ضرورة توقّف السلطات السورية عن مصادرة المواد الطبية والجراحية من قوافل المساعدات.
واستمع مجلس الأمن في الجلسة نفسها، الى المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس، الذي قال إن خطر الانزلاق إلى ما دون خط الفقر يهدد كل ٩ من أصل ١٠ لاجئين سوريين في لبنان والأردن، ما يؤدي إلى «خروج الأطفال من المدارس وازدياد الزواج المبكر». ودعا إلى تعزيز الاستثمارات في لبنان والأردن وتركيا لتجنّب تعمّق أزمة اللاجئين والمجتمعات المضيفة، ولدعم البنية التحتية فيها. وأضاف غوتيريس أن ٥٠٠ ألف سوري عبروا بحراً الى أوروبا العام الحالي وحده، داعياً الى وضع مخطط استراتيجي بين المجتمع الدولي، خصوصاً أوروبا، مع الدول المجاورة لسورية التي تؤوي اللاجئين، تجنباً لمزيد من تدفّق اللاجئين ولتمكين المجتمعات المضيفة من تحمّل أعبائهم.
«الائتلاف»
وطالب مكتب الائتلاف السوري المعارض في نيويورك، مجلس الأمن بتأمين «الحماية للمدنيين السوريين والضغط لتطبيق قرارات مجلس الأمن وضمان إجراء محاسبة على الجرائم المرتكبة». ووجّه نجيب الغضبان، ممثل الائتلاف في نيويورك، رسالة إلى مجلس الأمن قال فيها إن «نظام الأسد والقوات الروسية»، بعد ٤٨ ساعة على تبني مجلس الأمن القرار ٢٢٥٤، «صعّدا حربهما المشتركة على المدنيين في كل سورية، وقتلا الأبرياء بالقصف الجوي العشوائي في مناطق سيطرة المعارضة في إدلب». وأضاف الغضبان في الرسالة التي وزعت على أعضاء مجلس الأمن، أن استهداف روسيا المدنيين الأبرياء مستمر في «خرق واضح لقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، الذي يطلب من كل الأطراف وقف الهجمات العشوائية على المدنيين». واعتبر أنه إن كانت روسيا «جادة في المساهمة بحل سياسي في سورية، فيجب أن توقف هجماتها العشوائية على المدنيين، والفشل في ذلك لن يؤدي إلا إلى تقويض مسار فيينا لمصلحة المنظمات الإرهابية».
الأمم المتحدة تؤكد انعقاد جولة المفاوضات السورية في جنيف
أعلن مايكل مولر المدير العام لمكتب الأمم المتحدة في جنيف الثلثاء، أن المحادثات المقبلة حول سورية التي ستجرى برعاية الأمم المتحدة ستعقد في جنيف نهاية كانون الثاني (يناير). وقال مولر خلال مؤتمر صحافي في جنيف حول تحديات الأمم المتحدة في 2016، إن «المحادثات حول سورية ستستأنف هنا في كانون الثاني (يناير)». وأوضح: «النية هي أن تبدأ هنا (...) في نهاية كانون الثاني (يناير)»، مشيراً إلى أن «الجميع يرغب في أن تكلل هذه المحادثات بالنجاح».
وفي 19 كانون الأول (ديسمبر) وللمرة الأولى في خلال نحو خمس سنوات من النزاع، اعتمد أعضاء مجلس الأمن الدولي الـ15 بالإجماع، بمن فيهم روسيا، قراراً يضع خريطة طريق لحل سياسي في سورية. وفضلاً عن إجراء مفاوضات بين المعارضة والنظام ووقف إطلاق نار ينص القرار على تشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وإجراء انتخابات في غضون 18 شهراً.
وفي بكين، قالت وزارة الخارجية الصينية إن وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيزور الصين هذا الأسبوع (بدءاً من اليوم) وسط تجدد محاولات بكين للعب دور نشط في جهود إنهاء الصراع السوري.
وقال هونغ لي الناطق باسم الوزارة في إفادة صحافية يومية، إن المعلم سيزور الصين في الفترة من 23 حتى 26 كانون الأول (ديسمبر) وسيلتقي نظيره الصيني وانغ يي. وكان وانغ وجه الدعوة في مطلع الأسبوع للحكومة السورية وشخصيات من المعارضة لزيارة الصين فيما تبحث بكين عن سبل للمساعدة في عملية السلام. واستضافت الصين من قبلُ شخصيات من الحكومة والمعارضة السورية غير أنها ظلّت لاعباً ديبلوماسياً ثانوياً في الأزمة.
وفي حين تعتمد الصين على المنطقة في الحصول على إمدادات النفط إلا أنها تميل إلى ترك ديبلوماسية الشرق الأوسط للدول الأربع الأخرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا.
وقال هونغ إن الصين تأمل في المزيد من التعاون الدولي في محاربة الإرهاب لتجنب حوادث مثل إسقاط طائرة حربية روسية على الحدود السورية- التركية. وكان محققون في موسكو قالوا الإثنين إنهم لم يتمكنوا من استخلاص معلومات من الصندوق الأسود التالف الخاص بالطائرة التي أسقطتها تركيا الشهر الماضي، وهي بيانات كان الكرملين يأمل أن تدعم روايته لملابسات إسقاطها. وقال هونغ إن خبراء صينيين شاركوا أخيراً في تحليل بيانات الصندوق الأسود بناء على دعوة روسية.
وعبّرت الصين عن قلقها من سفر مجموعة من الأويغور المسلمين الذين يعيشون في إقليم شينغيانغ الصيني إلى سورية والعراق للانضمام لصفوف الجماعات المتشددة. |