التاريخ: كانون الأول ١٩, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
مجلس الأمن تبنّى خريطة طريق لانتقال سياسي في سوريا والخلافات تستحكم على الأسد والمعارضة والجماعات الإرهابية
نيويورك - علي بردى
وضع مجلس الأمن أمس خريطة طريق هي الأولى من نوعها لإطلاق العملية السياسية في سوريا، بعد توافق الدول الكبرى على قرار يدعو الى اطلاق الحوار بين الحكومة وقوى المعارضة مطلع السنة المقبلة، بالتزامن مع وقف للنار في أقرب وقت ممكن، في سياق عملية انتقالية مدتها 24 شهراً. غير أن الخلافات بقيت مستعصية في شأن مصير الرئيس بشار الأسد والقوى التي يمكن أن تمثل المعارضة وتصنيف الجماعات الإرهابية.

واجتمع وزراء الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف والبريطاني فيليب هاموند والفرنسي لوران فابيوس والصيني وانغ يي والسعودي عادل الجبير والمصري سامح شكري والعماني يوسف بن علوي والعراقي ابرهيم الجعفري واللبناني جبران باسيل والقطري خالد بن محمد العطية والايراني محمد جواد ظريف والتركي مولود جاويش أوغلو، فضلاً عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون ومبعوثه الخاص الى سوريا ستيفان دو ميستورا والممثلة العليا للإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية والأمن المشترك فيديريكا موغيريني والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في اطار مجموعة الدعم الدولية لسوريا وما يسمى "عملية فيينا".

وجاء تصويت مجلس الأمن بالإجماع على القرار 2254 بعد ساعات طويلة من المفاوضات "الصعبة والمعقدة" بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس: الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين، في إطار الإجتماع الثالث لمجموعة الدعم الدولية لسوريا في فندق "نيويورك بالاس" بوسط ضاحية مانهاتن. ويؤكد القرار في صيغته المخففة "تأييده بيان جنيف في 30 حزيران 2012، وبياني فيينا سعياً الى التنفيذ الكامل لبيان جنيف، كأساس لعملية انتقالية سياسية بقيادة سورية (...) من أجل إنهاء الصراع في سوريا"، مشدداً على أن "الشعب السوري سيقرر مستقبل سوريا". ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون والمبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستيفان دو ميستورا "عقد اجتماع لممثلي الحكومة والمعارضة السوريتين للإنخراط في مفاوضات رسمية على عملية انتقال سياسي على أساس ملح، مستهدفاً بداية كانون الثاني 2016 موعداً لبدء المحادثات، عملاً ببيان جنيف وتمشياً مع بيان المجموعة الدولية في 14 تشرين الثاني 2015، بغية التوصل الى تسوية سياسية دائمة للأزمة". وعبر عن دعمه "لعملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة وتقيم، في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر، حكماً ذا صدقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، وتحدد جدولاً زمنياً وعملية لصوغ دستور جديد"، ويدعم "اجراء انتخابات حرة ونزيهة عملاً بالدستور الجديد، في غضون 18 شهراً في إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأرفع المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركـ، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر".

ويسلم القرار بما سماه "الصلة الوثيقة بين وقف النار وانطلاق عملية سياسية موازية"، معلناً تأييده "وقف النار في كل أنحاء سوريا (...) على أن يدخل حيز التنفيذ بمجرد أن يخطو ممثلو الحكومة السورية والمعارضة الخطوات الأولى نحو انتقال سياسي في رعاية الأمم المتحدة (...) على أن يتم ذلك على وجه السرعة". ويطلب من الأمين العام للمنظمة الدولية أن "يقود الجهود الرامية الى تحديد طرائق وشروط وقف النار، ومواصلة التخطيط لدعم تنفيذ وقف النار". ويحض الدول الأعضاء، ولا سيما منها مجموعة الدعم الدولية لسوريا، على دعم كل الجهود المبذولة لتحقيق وقف النار والتعجيل فيها، بوسائل منها الضغط على كل الأطراف المعنيين للموافقة على وقف النار والتقيد به". ويشدد على "الحاجة الى آلية لمراقبة وقف النار والتحقق منه والإبلاغ عنه"، طالباً من الأمين العام تقديم تقرير عن الخيارات المتاحة في هذا الشأن خلال شهر من تاريخ صدور القرار. ويكرر دعوته الواردة في القرار 2249 "لقمع الأعمال الإرهابية التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (المعروف أيضاً بإسم داعش) وجبهة النصرة، وسائر الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المرتبطين بتنظيم القاعدة أو الدولة الإسلامية". ويرحب بـ"الجهود التي بذلتها الحكومة الأردنية للمساعدة في ايجاد فهم مشترك داخل مجموعة الدعم الدولية لسوريا للأفراد والجماعات الذين يمكن أن يحددوا بصفتهم ارهابيين وهو سينظر على وجه السرعة في التوصية التي قدمتها المجموعة لغرض تحديد الجماعات الإرهابية". ويطالب "كل الأطراف بوقف أي هجمات على المدنيين والأهداف المدنية على الفور".

ورحب وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتبني القرار، معتبراً أنه يوجه "رسالة واضحة إلى كل المعنيين بأنه حان الوقت لوقف القتل في سوريا". لكنه أقر بأنه "لا تزال هناك خلافات حادة على مصير الأسد".

في المقابل، رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مصير الرئيس الأسد يحدده الشعب السوري وفقاً للقرار الجديد الذي أصدره مجلس الأمن.

أوباما
وفي واشنطن، كرر الرئيس الاميركي باراك اوباما في مؤتمره الصحافي السنوي في البيت الابيض ان على الاسد ان يتنحى، علما أن مصير الرئيس السوري هو احدى ابرز نقاط الخلاف بين واشنطن وموسكو في مسار البحث عن تسوية سياسية للنزاع في هذا البلد.

وقال انه لن يكون ثمة سلام في هذا البلد "من دون حكومة شرعية". وأضاف: "اعتقد ان على الاسد ان يتنحى لوضع حد لاراقة الدماء في البلاد وليتمكن كل الاطراف المعنيين من المضي قدما". لكنه لم يحدد في اي مرحلة من الانتقال السياسي ينبغي على الاسد ان يترك منصبه. وأشار الى أنه "في نظر بلاده لقد فقد (الاسد) كل شرعية".

وتحدث عن علامات على تقدم مطرد في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مؤكدا أن التنظيم المتشدد سينهزم في نهاية المطاف.