التاريخ: كانون الأول ١٨, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
ليبيا: حكومة وحدة دونها عقبات ومرحلة انتقالية جديدة ثم انتخابات: اتفاق لا يحظى بإجماع
وقّع أعضاء في برلمانَي ليبيا وشخصيات سياسية أخرى اتفاقاً في رعاية الأمم المتحدة في الصخيرات بالمغرب يرمي الى تأليف حكومة وحدة وطنية، وذلك على رغم معارضة رئيسي المجلسين لخطوة التوقيع بعد سنة ونصف السنة من التقاتل الداخلي وتقاسم السلطة.

أقيمت المراسم في احتفال حضره ديبلوماسيون ووزراء خارجية دول أوروبية وعربية، بينها المغرب وتونس وإسبانيا وإيطاليا وتركيا.

ووقع بداية صالح المخزوم العضو في المؤتمر الوطني العام، وهو البرلمان غير المعترف به دولياً ومقره طرابلس، ومحمد شعيب من البرلمان الشرعي ومقره الموقت طبرق في الشرق، ونوري العبار الرئيس السابق للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وفتحي بشاغة عضو البرلمان.

وبعد التوقيع وسط تصفيق الحضور، أدى المشاركون النشيد الوطني وتصافح المخزوم وشعيب. وتوالت بعد ذلك التواقيع على الاتفاق، نحو 80 عضواً من البرلمان الشرعي الذي يضم 188 عضواً، ونحو 50 من المؤتمر الوطني العام الذي يضم 136 عضواً، إلى شخصيات سياسية أخرى وممثلين للمجتمع المدني.
وبعدهم جميعاً وقع رئيس بعثة الأمم المتحدة الى ليبيا مارتن كوبلر، وسط التصفيق والهتافات باسم ليبيا.

واسترعى الانتباه أن الأشخاص الموقعين حضروا بصفتهم الشخصية ولم يمثلوا أياً من السلطتين، على ما أعلن عقيلة صالح، رئيس البرلمان المعترف به دولياً، ورئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبوسهمين.
وينص الاتفاق على توحيد السلطتين المتنازعتين في حكومة وحدة وطنية وقيام مجلس رئاسي وانطلاق مرحلة انتقالية تمتد سنتين وتنتهي بانتخابات نيابية.

ولم توضح بعثة الأمم المتحدة آلية تنفيذ الاتفاق أو كيفية ممارسة حكومة الوحدة الوطنية عملها في ظل وجود حكومتين حالياً في ليبيا منبثقتين من برلمانين رفض رئيساهما خطوة التوقيع.

ولكن من المقرر أن تكون طرابلس مقراً للحكومة التي سيرأسها بموجب الاتفاق رجل الأعمال فايز السراج، على أن تضم 17 وزيراً، بينهم امرأتان، مع العلم أن العاصمة الليبية لا تزال تخضع لسيطرة تحالف "فجر ليبيا" المسلح، وهو موال للحكومة غير المعترف بها دولياً.

ووصف كوبلر الأمر بأنه "يوم تاريخي". وأوضح الديبلوماسي الألماني أن "طبيعة هذا الاتفاق لا تجعل أي طرف سعيداً تماماً. هذا هو الحال دائماً في الأوضاع الصعبة. 75 في المئة فقط راضون عنه. لكنني أعتقد أنه بداية جيدة". وأضاف أن "الباب لا يزال مفتوحاً أمام أولئك الذين لم يحضروا. على الحكومة الجديدة أن تعالج بشكل عاجل بواعث القلق لدى الأطراف الذين يشعرون أنهم مهمشون". وخاطب فايز السراج قائلاً: "سيادة رئيس الوزراء، أنا لا أحسدك على منصبك".

ورأى صالح المخزوم أن "التاريخ يقف اليوم شاهداً على محطة من أهم محطات مسيرة الثورة نحو بناء الدولة الليبية. هذه الخطوة الأولى في سبيل تحقيق أمن ليبيا واستقرارها". ومع أنه قدم نفسه على أنه ممثل المؤتمر الوطني العام، فإن المؤتمر أصدر الأربعاء بعد جلسة حضرها 73 عضواً بياناً أكد فيه أنه لم يكلف أحداً من أعضائه، "لا المشاركة ولا التوقيع" على الاتفاق في المغرب.

تحفظات
وقال عضو المؤتمر الوطني العام محمود عبد العزيز :"لا ندري كيف سيتم الأمر، لكن هذه الخطوة ستزيد بالتأكيد تعقيد المشهد الليبي". وأضاف :"في ليبيا حكومتان وبرلمانان ونسختان من كل مؤسسة رسمية. واليوم قد تصبح لدينا حكومة ثالثة بدلاً من توحد السلطتين المتنازعتين".

وعشية توقيع الاتفاق، اعتبر نوري أبوسهمين أن "الموضوع الجوهري هو أن ما بني على باطل هو باطل... لم يُمنح أي تفويض من المؤتمر الوطني للتوقيع، سواء بالأحرف الأولى أو بالتوقيع النهائي أو بعقد اتفاقات، ولذا فإن الأمر يبقى دائماً خارج إطار الشرعية".

وكان أبوسهمين يتحدث بعد ساعات من اجتماعه بعقيلة صالح في مالطا الثلثاء، في اللقاء الأول لرئيسي السلطتين المتنازعتين في ليبيا منذ نشوب النزاع الحالي صيف عام 2014. وتوافق الرجلان، على رغم خلافاتهما السياسية، على أن من سيوقعون اتفاق الأمم المتحدة لا يمثلون البرلمان المعترف به أو المؤتمر العام، وهم يقومون بذلك بصفتهم الشخصية، معلنين تبنيهما لاتفاق ليبي - ليبي ينص بدوره على تأليف حكومة وحدة وطنية بحلول نهاية السنة، إنما من دون وساطة الأمم المتحدة.
ورداً على ذلك، أعلن عضو البرلمان الليبي أسامة الشعافي أن مئة عضو في مجلس النواب سيسحبون الثقة من عقيلة صالح.

تعاون عسكري
إلى ذلك، أعلن الفريق أول ركن خليفة حفتر، قائد القوات الليبية الموالية للحكومة المعترف بها دولياً، أن قواته مستعدة للتعامل مع روسيا في مسألة محاربة الإرهاب في ليبيا إذا تقدمت موسكو بطرح حول هذه المسألة. وهو كان يتحدث بعد لقائه كوبلر في المرج بشرق البلاد. وقال :"الذي نراه بالنسبة إلى الروس هو أنهم يقومون بعمل جيد جداً ضد الإرهاب، ونحن مشكلتنا الأولى هي الإرهاب. من يستطيع ان يقدم في هذا المجال، فنحن معه، ونحن نرى أن في الروس إشارات تدل على أنهم جديون في مقاومة الارهاب، وربما في الفترة المقبلة، يكون عندنا نظرة في هذا الموضوع".