التاريخ: كانون الأول ١٨, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
حجاب منسّقاً للتفاوض مع النظام السوري وبوتين: اتفقنا مع واشنطن على قرار أممي
العواصم – الوكالات نيويورك – علي بردى
يعقد اليوم في نيويورك الاجتماع الوزاري لـ"المجموعة الدولية لدعم سوريا" من أجل دفع الحوار في شأن تطبيق مقررات اجتماعات فيينا وتحويلها الى قرار ملزم في مجلس الامن. وعشية الاجتماع قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي، إن موسكو تؤيد مبادرة واشنطن لمشروع قرار دولي يتعلق بسوريا وتتفق مع أهم نقاطها، إلا انه لم يستبعد ألا تعجب بعض تلك النقاط الحكومة السورية. 

واختارت هيئة للمعارضة السورية في السعودية رئيس الوزراء السابق رياض حجاب لتنسيق جهودها في عملية السلام. وحصل حجاب الذي انشق عن حكومة الرئيس بشار الاسد في 2012 على 24 صوتا في مقابل ثمانية أصوات للرئيس السابق لرئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" أحمد الجربا. وحجاب سني في الخمسينات من العمر.

وتضم الهيئة ممثلين لجماعات معارضة سياسية داخل سوريا وخارجها. كما تضم ممثلين لجماعات مقاتلة داخل البلاد مثل "حركة أحرار الشام الاسلامية" وعدد من فصائل "الجيش السوري الحر" التي تحصل على دعم عسكري من دول تناصب الأسد العداء بينها السعودية والولايات المتحدة.

وأوضح مصدر أن "المنسق سيكون بسلطة أقل من رئيس". وأفاد مشاركون أن الاختيار وقع على حجاب لمعرفته بالدوائر الداخلية للدولة السورية.
وصرح مصدر في المعارضة مطلع على المحادثات: "إنه (حجاب) اكثر مرشح ملاءمة لهذه المرحلة لتمتعه بسنوات طويلة من الخبرة التنفيذية عكس رموز من المعارضة السياسية في الخارج لا يملكون مهارات تفاوض حقيقية".
لكن آخرين قالوا إن كثيرين يشعرون بالقلق لصلاته السابقة بحزب البعث الحاكم.

واتفقت حركات على انشاء هيئة عليا للمفاوضات خلال اجتماع الرياض الذي استمر يومين وانعقد في اطار اتفاق دولي تم في فيينا الشهر الماضي. ويهدف تشكيل هذه الهيئة الى اجراء محادثات مع الحكومة السورية أوائل كانون الثاني المقبل وتجنب الخلافات التي أضرت بجهود الوساطة.

قرار دولي
وفي نيويورك، تبنى مجلس الامن بالاجماع في جلسة لا سابق لها على مستوى وزراء المال والخزانة للدول الـ15 الاعضاء قرارا تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة من أجل حرمان "الدولة الاسلامية" (داعش) أي موارد مالية، من الافراد او الكيانات او الدول.

ويتألف مشروع القرار، الذي أعدته واشنطن بالتعاون مع موسكو وتبنته عشرات الدول وأعطي الرقم 2253، من 28 صفحة تتضمن مئة فقرة عاملة موجهة مباشرة الى "داعش" باعتبارها كيانا ارهابيا مستقلا عوض الاستمرار في التعامل معها باعتبارها ملحقة بالعقوبات الدولية المفروضة على تنظيم "القاعدة". ويسعى القرار الى تضييق الخناق على "داعش". ويطلب من الدول "التحرك بشكل حازم لقطع التمويل والموارد الاقتصادية الاخرى" عن التنظيم، ومنها النفط وتجارة القطع الاثرية ومعاقبة الجهات التي تقدم دعما ماليا له "بأكبر حزم ممكن". ويدعو الدول الى جعل تمويل الارهاب "جريمة خطيرة في قوانينها الوطنية" وتكثيف تبادل المعلومات في هذا الصدد بما يشمل الحكومات والقطاع الخاص.

وتتولى متابعة التنفيذ لجنة العقوبات التي كان مجلس الامن أنشأها عام 2001 لمتابعة تجميع الاصول المالية لكل الذين يمولون مجموعات مرتبطة بـ"القاعدة". وتشمل اللائحة حاليا 243 فردا و74 كيانا. وسيتغير اسم اللجنة لتصير "لجنة العقوبات ضد تنظيم الدولة الاسلامية – داعش والقاعدة". وسيكون على كل دولة ان تقدم خلال أربعة اشهر تقريرا عن الاجراءات التي اتخذتها لتطبيق القرار. وسيكون على الامم المتحدة ايضا ان تعد خلال 45 يوما تقريرا استراتيجيا عن التهديد الجهادي ومصادر تمويل تنظيم "الدولة الاسلامية".

وستتولى مهمة المراقبة ايضا مجموعة التحرك المالي "غافي" وهي هيئة حكومية تضم 34 دولة مقرها في باريس، ومهمتها مكافة تبييض الاموال وتمويل الارهاب.
وصرح وزير المال الفرنسي ميشال سابان بأنه يعوّل على "الضغط الدولي" لحض الدول على التصدي لهذه المشكلة تحت طائلة فرض عقوبات.

160 تنظيما ارهابيا
وقبيل اجتماع نيويورك، أفاد مصدر في وزارة الخارجية الروسية ان الاردن سلم الجانب الروسي قائمة بنحو 160 تنظيما مشتبها في تورطها في النشاطات الارهابية بسوريا.
ونقلت وكالة "نوفوستي" عن المصدر: "الاردن سلمنا القائمة، وهي تضم نحو 160 تنظيما". وتوقع أن تطرح القائمة الاردنية للنقاش خلال اجتماع نيويورك اليوم.

وفهم أن الاردن وضع على رأس القائمة تنظيم "داعش" والجماعات التي تتبعه في كل أنحاء سوريا، كما ضمت القائمة "جبهة النصرة" وكل كتائبها، و"جيش المهاجرين والانصار"، و"فجر الاسلام"، و"جند الاقصى"، و"حراك نور الدين زنكي" و"لواء التوحيد"، و"كتائب أحرار الشام".

بوتين يُعلن التقارب مع واشنطن حول الحل السياسي في سوريا دستور جديد وآلية موثوق بها لمراقبة الانتخابات وقبول نتائجها

أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس عن تأييده عموماً مبادرة اميركية لحل الازمة السورية، مشيراً إلى ان العمل جار على إعداد مشروع قرار دولي في مجلس الامن وان دمشق قد لا تعجبها بعض النقاط فيه، وتحدى تركيا ان تحاول اختراق الاجواء السورية.

خلال مؤتمره الصحافي السنوي الموسع في موسكو قال بوتين: "نؤيد عموماً مبادرة الولايات المتحدة، بما في ذلك الاقتراح المتعلق بإعداد مشروع دولي حول سوريا. وجاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو (الثلثاء الماضي) بهذا المشروع بالذات".
وأضاف: "أعتقد أنه بعد أن تطلع القيادة السورية على نقاط القرار يجب أن تقبل به... ربما هناك بعض النقاط التي لن تعجبها".
وشدد في هذا السياق على أن تسوية أي نزاع مسلح مستمر منذ سنوات تتطلب دوماً قبول جميع الأطراف بحلول وسط.
وعن المبادرة الأميركية قال: "نرى أنه اقتراح مقبول عموماً، على رغم أنه يتطلب مواصلة العمل على صياغته".

ورأى أن المبادرة الأميركية تدل على قلق واشنطن والدول الأوروبية من التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، وخصوصاً في اليمن وسوريا والعراق. وأكد أن "موسكو ستساهم بشتى الوسائل في تسوية الأزمة السورية وستسعى إلى المساعدة في اتخاذ قرارات سترضي جميع الأطراف". وأوضح "أن العمل يجب أن يبدأ من إعداد دستور سوري جديد، ومن ثم يجب استحداث آلية موثوق بها وشفافة للرقابة على الانتخابات المستقبلية... على أساس هذه الإجراءات الديموقراطية يجب أن تتخذ سوريا بنفسها القرار حول نظام الحكم المقبول بالنسبة اليها وتحدد الشخص الذي سيقود البلاد".

لا نقبل بفرض قرارات
وكرر أن بلاده "لن تقبل أبداً أن يفرض أحد من الخارج مَن سيحكم سوريا، أو أي بلد آخر"، قائلاً إن "الموقف الروسي من هذا الموضوع لن يتغير... إنه أمر لا يتوافق على الإطلاق مع العقل السليم والقانون الدولي".

وكشف أنه بحث في هذا الموضوع لدى لقائه مع كيري، و"إن موقفنا لم يتغير، ويبقى مبدئياً. إننا نرى أنه لا يحق لأحد، باستثناء الشعب السوري، أن يحدد من سيقوده ووفق أي معايير وقوانين".

ثم قال إنه "لا بديل من الحل السياسي لتسوية الأزمة السورية"، وإن "خطتنا تتطابق في النقاط الرئيسية مع الخطة التي اقترحتها الولايات المتحدة، ويدور الحديث عن صوغ الدستور بجهود مشتركة، واستحداث آليات للرقابة على الانتخابات المبكرة، وإجراء الانتخابات وقبول نتائجها". وخلص الى أنه "على جميع الأطراف المتصارعين في سوريا أن يبذلوا كل ما وسعهم من أجل تقريب مواقفهم".

وتحدث عن نجاح روسي جزئي في توحيد جهود الجيش السوري وقسم من المعارضة المسلحة في سوريا في مكافحة "داعش". وقال إن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند هو الذي بادر إلى طرح فكرة توحيد جهود قوات الجيش السوري والمعارضة من أجل محاربة "داعش"، و"إننا ننجح جزئيا في ذلك".

وأفاد أن روسيا لم تبدأ حرباً في سوريا، وأن القوات الروسية تجري "عمليات عسكرية منفردة باستخدام قواتنا الجوية والفضائية ومنظومات الدفاع الجوي والاستخبارات... إننا نوجه جزءاً من الأموال (المخصصة للتدريب) لتمويل العملية في سوريا. ومن الصعب أن نخترع طريقة أفضل من ذلك لتدريب جنودنا. ومن حيث المبدأ يمكننا أن "نتدرب" هناك فترة طويلة، من غير أن يضر ذلك بالموازنة".

"فليحاول الأتراك الآن"
وعن العلاقات مع تركيا، قال إن "تركيا لطالما كانت تخترق الأجواء السورية. أمأ الآن فلتحاول الطيران". ووصف إسقاط القاذفة الروسية بأنه عمل عدواني من تركيا أدى إلى سقوط أرواح. وأعلن أن روسيا لن تقلص وجودها العسكري في سوريا. وأكد أن موسكو كانت مستعدة للتعاون مع تركيا، إلا أن أنقرة لم تتصل بالقيادة الروسية وتوجهت إلى بروكسيل. ولفت إلى أن التدخل الأميركي في العراق أدى إلى ظهور الفوضى والكثير من المشاكل المتعلقة بتهريب النفط. وأعرب عن اعتقاده أن تنظيم "داعش" نشأ كغطاء لتحقيق أهداف اقتصادية خاصة.

وبعدما اعتبر أن من المستحيل التوصل إلى اتفاق مع القيادة التركية الحالية التي لا يرى آفاقاً للتعاون معها في المجال السياسي، اعترف بأن انتشار الفكر المتطرف في تركيا يقلق روسيا، قائلاً: "نحن نرى ونرصد وجود مسلحين متحدرين من شمال القوقاز في تركيا. وقلنا مراراً لشركائنا: نحن لا نفعل ذلك حيال تركيا. ومع ذلك فإنهم موجودون هناك ويتلقون العلاج تحت حماية. وبعد ذلك يسافرون دون تأشيرات ويدخلون بجوازات سفر تركية ويختفون". ومشكلة تدفق المسلحين تحديداً هي التي دفعت موسكو الى إلغاء نظام السفر من دون تأشيرات بين روسيا وتركيا.

التحالف الإسلامي
وفي معرض تعليقه على إعلان المملكة العربية السعودية عن قيام تحالف عسكري إسلامي يضم 34 دولة لمواجهة "داعش"، استبعد بوتين أن يحمل هذا التحالف طابعاً معادياً لروسيا.
وعن انضمام تركيا إلى هذا التحالف، قال إن "موسكو لا تعتبرها دولة معادية على الإطلاق، على رغم إسقاطها القاذفة الروسية، مما شكل عملاً عدائياً حيال روسيا".

وأضاف: "إنني أعول على أن يعمل التحالف الجديد في سياق المصالح المشتركة، وآمل في أننا سنتمكن من وضع مقاربات وقواعد مشتركة بالإضافة إلى إطلاق عمليات فعالة مشتركة وآليات فعالة".

وأقر بأن هناك خلافات بين روسيا والسعودية حول التسوية السورية، لكن هناك نقاطا متطابقة في مواقفهما أيضا.
وأشاد بتطور العلاقات الثنائية بين روسيا والسعودية، مشيراً الى "إننا ندرس حاليا مشاريع مشتركة مع السعودية في مجال التعاون العسكري التقني. ويدور الحديث عن برنامج متكامل بمليارات الدولارات".