مع أن أي جديد لم يكن متوقعاً في الجلسة الـ33 لانتخاب رئيس
للجمهورية، بدا وقع إرجاء الجلسة الـ 34 الى السابع من كانون الثاني 2016 شديد الوطأة. ذلك ان ترحيل
أزمة الفراغ الرئاسي من سنة 2015 التي تشارف نهايتها الى السنة المقبلة يحصل للسنة الثانية توالياً،
بينما تقترب الازمة من شهرها التاسع عشر وسط ازدياد ملامح الغموض في مجمل المعطيات والوقائع المتصلة
بالصفحة الاخيرة من الكتاب المفتوح لهذه الازمة مع مشروع التسوية الذي طرح فيه اسم رئيس "تيار المردة"
النائب سليمان فرنجيه مرشحاً للرئاسة والذي أحدث خضة واسعة لم يحطّ غبارها بعد، وربما تكون مقبلة على
تطورات جديدة في الساعات والايام المقبلة وما تبقى من السنة الجارية.
وإذ ترحل
الازمة الى السنة المقبلة، تسارعت مجموعة تحركات واتصالات اتسمت بأهمية بارزة، الامر الذي يرشح الاسابيع
الفاصلة عن موعد الجلسة الـ34 لحماوة استثنائية من دون أي قدرة لدى أي فريق على الجزم بما اذا كانت
بداية السنة الجديدة ستشهد حسماً للأزمة. وفيما تترقب الاوساط السياسية ما سيعلنه النائب فرنجيه من
توجهات ومواقف ووقائع في مقابلته التلفزيونية مساء اليوم مع الزميل مارسيل غانم في "كلام الناس"، اكتسب
لقاء معراب بين رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري
والمستشار الاعلامي للحريري الزميل هاني حمود أهمية ودلالة من حيث اعادة ضبط العلاقات بين الحليفين في
اطار تحالف 14 آذار، وإن يكن اللقاء لم يبدد الاختلاف بينهما على الخيارات الرئاسية المطروحة. وأفاد
البيان الصادر عن اللقاء ان موفدي الحريري نقلا الى جعجع حرص الحريري على التحالف العميق والراسخ بين
"تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية". وشدد المجتمعون على أهمية استمرار قوى 14 آذار في استراتيجيتها
وثوابتها. وعلمت "النهار" من مصادر واسعة الاطلاع أن حصيلة محادثات "المستقبل" - "القوات اللبنانية" امس
كانت "الاصرار على إبقاء الحلف والحفاظ على 14 آذار مهما حصل في ملف
الرئاسة".
وأبلغت أوساط وزارية "النهار" أن عدداً من سفراء الدول الكبرى، في
مقدمهم القائم بالاعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز، يعتزمون تمضية عطلة الاعياد في بلادهم الى ما بعد
رأس السنة، مما يشير الى أن محركات الاتصالات لديهم قد أطفئت وأن الاستحقاق الرئاسي بالنسبة اليهم قد
رحّل الى مطلع السنة الجديدة.
أما في ما يتعلق بالمواقف المنتظرة لفرنجيه مساء
اليوم، فعلمت "النهار" من أوساط مواكبة للاستحقاق الرئاسي أن إطلالة فرنجيه ستكون على قاعدة إستعادة ثقة
8 آذار بعدما حصل على تأييد الرئيس الحريري، وهو سيخاطب تحديدا "حزب الله" والعماد ميشال عون من موقع
الحفاظ على الخط الاستراتيجي. لكن مصادر أخرى معنية بأطراف التسوية بين الحريري وفرنجية توقعت ان يعلن
فرنجية ترشحه لرئاسة الجمهورية بما سيترك دلالات مهمة من حيث مضي هذه التسوية اولاً، وكذلك من حيث
الرسالة التي سيتركها ترشيح فرنجيه بنفسه وليس عبر الرئيس الحريري كما كان تردد سابقاً على نطاق واسع.
ومن شأن هذه الخطوة، كما أشارت المصادر نفسها، ان تكسب ترشيح فرنجيه بعدا مغايرا للانطباعات والاجواء
الاعلامية التي سادت عقب اللقاءين اللذين عقدهما فرنجية تباعا مع الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن
نصرالله والرئيس السوري بشار الاسد، إذ أن إقدامه المحتمل على ترشيح نفسه بعد اللقاءين سيعني انه لم
يخرج من هذين اللقاءين بنتائج سلبية، فيما سيثير الامر تساؤلات واسعة عما اذا كان الحليفان الندّان في
قوى 8 آذار العماد عون والنائب فرنجيه سيمضيان في مواجهة انتخابية بكل ما يثيره الاحتمال من عملية خلط
أوراق واسعة في صفوف فريقي 14 آذار و8 آذار.
بكركي في هذا الوقت، تتواصل الإتصالات لإعادة الهدوء إلى الوضع السياسي المسيحي
وضبط الإيقاع بين "الأقطاب الأربعة" بعد الفتور الذي ساد الجو المسيحي العام نتيجة طرح ترشيح فرنجيه
لرئاسة الجمهورية وما واجه هذا الطرح من تحفظ لدى بعض الكتل والقيادات في صفي 8 و14 آذار. وتقود بكركي
هذه الإتصالات إلا أنها حريصة على عدم التسرّع خشية أي دعسة ناقصة، وعلى ضمان
نجاحها.
وعلمت "النهار" أن رأيين يتجاذبان الإتصالات الدائرة على أكثر من
صعيد، وطبعاً في رعاية بكركي. الأول أن يقتصر لقاء يعقد في بكركي على القادة الأربعة أي الرئيس امين
الجميّل والعماد عون وجعجع وفرنجيه، والآخر أن يتوسع ليضم شخصيات أخرى ذات حيثية خشية ألا يتوصل الأقطاب
إلى نتيجة، والعودة إلى النقطة الصفر مع ما يؤدي ذلك إلى تسعير الخلافات والقفز في
المجهول.
كذلك علم أن البحث سيتركز في الإتصالات على إمكان الاتفاق على مرشح
من خارج "نادي الأربعة"، علماً أن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أبلغ المعنيين أن لا مرشح لدى بكركي
وهي لا تزكّي أحداً، بل هي مع الشخصية التي تجمع حولها أكبر تأييد مسيحي، الأمر الذي يستقطب حكماً
تأييداً وطنياً شبه كامل، ويسهل انطلاقته في الحكم وإطلاق الحياة في كل مؤسسات
الدولة.
قبل نهاية
السنة؟ في سياق آخر، تسعى الحكومة الى اقفال ملف النفايات قبل نهاية السنة. ورأس رئيس
الوزراء تمّام سلام مساء امس في السرايا اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النفايات في حضور
وزير المال علي حسن خليل ووزير الزراعة أكرم شهيب ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ورئيس مجلس
الانماء والاعمار نبيل الجسر.
وأوضح شهيب ان اجتماعا آخر سيعقد اليوم "لمزيد
من التوضيحات لأن هناك ملفاً متشعباً، فهو ملف قانوني وفني ومالي وبنى تحتية أي عملية ترحيل النفايات
التي تبدأ من الكرنتينا والعمروسية وتنتهي في المرفأ، والآلية لم تكن موجودة من قبل، ونحن في صدد درسها
مع ادارة المرفأ ومع مدير النقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي وفي الوقت نفسه ندرس الشق المالي مع
وزير المال".
وقال عدد من الوزراء لـ"النهار" ان هناك تكتماً على كلفة ترحيل
النفايات، مما يشير الى أن موضوع تمويل الترحيل لا يزال مطروحا ولم يبت بعد، مما يعني ان هناك علامات
استفهام حول إمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء قريباً جداً.
غرفة المحكمة أنهت جلساتها لسنة 2015 واستكملت إفادة محلّلة اتصالات
شاهدة
كلوديت سركيس انتهت جلسات المحاكمة لعام 2015 امام غرفة
الدرجة الاولى في المحكمة الخاصة بلبنان في قضية عياش وآخرين. وتستأنف الغرفة جلساتها في 12 كانون
الثاني المقبل بعد العطلة القضائية الشتوية.
استكملت هيئة الغرفة امس برئاسة
القاضي دايفد راي افادة محللة في مكتب المدعي العام نيكول بلانش. وهي تعاملت مع الرسائل النصية القصيرة
ومضمون جداول تسلسل الاتصالات، ورصدت اتصالا خليوياً بين سامي عيسى او مصطفى بدر الدين ومرافقه وحارسه
الشخصي جاد في منطقة ساحل علما في منطقة جونيه، حيث انتقل كلاهما منها الى بيروت بهدف اظهار ما ادلى به
الشاهد السري رقمه 416 في ما يتعلق بدور مرافقي عيسى عندما كانوا يرافقونه من جونيه الى بيروت واتصالهم
بعضهم ببعض قبل المغادرة.
وبسؤال لممثلة الادعاء براوير اجابت الشاهدة "ان
الهواتف التي نسبت الى بدر الدين أو سامي عيسى كانت في منطقة جنوب بيروت فيما موقع جاد كان في الحازمية.
واستنتجت من التحركات والاتصالات ان جاد كان موجودا في جونيه مع عيسى وهذا جزء من دوره كمرافق له، وبعد
تلقيه الاتصال انتقل معه من جونيه الى بيروت. واضافت ان جاد كان مسؤولا عن السيارات ومرافقة بدر الدين
عندما يطلب منه ذلك. وتمكنت من خلال تحليل الاتصالات من معرفة مكاني ولادة جاد واقامته بين كانون الثاني
2005 وكانون الثاني 2009. ولم يجر مكتب المدعي العام اي مقابلة معه . واعتبرت ردا على المحامي ايان
ادوادرد عن مصالح مصطفى بدر الدين في الاستجواب المضاد ان افادة الشاهد 416 هي اكثر اثباتا لما توصلت
اليه، مشيرة الى ان الرسائل النصية هي التي تنسب الهاتف الى جاد، وهي مصدر رئيسي وتأتي الاتصالات
المشتركة في مرتبة ثانية. ورد ادوارد على استنتاجات الشاهدة بأن لديها نظرية تريد اثباتها بعرض حفنة من
الرسائل النصية. فاجابته الشاهدة انها استندت الى عينة من مجموع هذه الرسائل بلغت العشرات. وقالت: "لو
كانت ثمة رسائل نصية لا تدعم استنتاجي لما كنت توصلت الى هذه النتيجة". واستفسر القاضي راي عن عبارة "22
سمول" وردت في رسالة نصية من بدر الدين الى هاتف المرافق جاد. فنفت الشاهدة علمها بمعناها ورجح القاضي
راي ان المقصود نوع من السلاح . ورأت الشاهدة ان السلاح جزء من دوره كحارس
شخصي.
وبسؤال للمستشار في الغرفة القاضي نيكولا لاتييري عن طريقة الاحتفاظ
بالرسائل النصية القصيرة، وعن المدى الزمني الذي تم فيه استرجاع فحواها، فاجابت بعدم علمها، مضيفة انها
رأتها للمرة الاولى عام 2010. وذكرت ردا على المستشارة في الغرفة القاضية ميشلين بريدي ان موضوع سامي
عيسى لفت نظرها عام 2009 عندما عُرضت عليها تفاصيل في شأن هاتفه الخليوي "وكانت ثمة تحريات في صدد من
كان وما الذي كان يفعله في ذلك الوقت، وقد اخبرني بها زميل ومصدرها السلطات اللبنانية". وعندما طلب
ادوارد من الشاهدة تحديد هذه السلطات اعترض ممثل الادعاء الكسندر ميلن مذكرا الدفاع بالمادة 118 من
قواعد الإجراءات والاثبات التي تحظر كشف السرية . ورفعت الجلسة الى 12 كانون الاول
2016.
المجلس طوى العام على عدم انتخاب رئيس والموعد إلى 7 ك2 السنيورة: الرئيس القوي هو الذي يستطيع أن يؤمّن 65 صوتاً
طوى مجلس النواب عام 2015 على عدم انتخاب رئيس للجمهورية، ولم تخرج الجلسة الـ 33 للانتخاب عن سابقاتها، فلا هي انتجت رئيسا، ولا التسوية تقدّمت بين الكتل النيابية المختلفة، اذ بقي المقاطعون على حالهم، والحاضرون هم انفسهم.
فتحت القاعة العامة لمجلس النواب امس لمدة نصف ساعة فقط، ليعلن بعدها رئيس المجلس نبيه بري تأجيل الانتخاب الى 7 كانون الثــاني المقبل. التســـوية الرئـــاسيــة لم توصل بعد اي رئيس، في وقت تتوافر معلومات تفيد ان جلسة 7 كانون الثاني ستكون حاسمة. ومع بداية السنة الجديدة، اقفل مجلس النواب عام 2015 على الصورة نفسها. لا رئيس، لا انتخابات نيابية وشبه حكومة لا تجتمع.
وسط تلك الصورة السوداوية، توافد نواب من 14 آذار ومن كتلة " التنمية والتحرير" وعدد من المستقلين الى المجلس ليحضروا تأجيلا متكررا لجلسة انتخاب الرئيس. الحديث مع النواب لم يصل الى نتائج، فمعظمهم اجمع على ضرورة انتخاب رئيس، لاعادة الانتظام الى الحياة السياسية، انما الكلام اللافت اتى من الرئيس فؤاد السنيورة الذي قال: "مبادرة الرئيس سعد الحريري لا تزال مستمرة".
وبمداخلة طويلة، تحدث السنيورة لافتا الى ان "الرئيس القوي هو الذي يستطيع أن يؤمن 65 صوتا، وحتى الآن لم يبرهن أي شخص أنه قادر على تأمين هذا العدد من الأصوات. ان استمرار الشغور الرئاسي يؤدي الى مزيد من الاخطار التي تشكل صدمات للداخل، كما ان للفراغ الرئاسي تداعيات على حياة اللبنانيين، من هنا، لا بد من عودة السلطات الدستورية الى العمل، وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، ونأسف لاننا ننهي عاما ونبدأ عاما جديدا من دون انتخاب رئيس".
وأكد أن "هناك تواصلا بين الرئيس الحريري وجميع الأفرقاء للخروج من الفراغ الرئاسي"، واوضح ان 14 آذار هي "تجمع لمجموعة من الأحزاب والأشخاص والمستقلين الذين تجمعهم قيم معينة تتعلق بالشأن العام، وهي ليست حزبا واحدا، وجميع المنتمين الـى 14 آذار لا يزالون على انتمائهم، وقد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر بين المنتمين الى هذا التجمع".
وفي موضوع الحرب على الإرهاب، أكد أن "هذا الأمر ينبغي ان يكون نتاج تضافر جميع القوى في العالم"، مشيداً "بالمبادرة لتجميع عدد من الدول العربية لاظهار ان هناك موقفا عربيا واسلاميا من اجل التصدي للارهاب، ولبنان يقوم بالتصدي للإرهاب قبل غيره ونحن اول من تصدّى لهذه الظاهرة، في عام 2000 على ايام رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وفي 2007 ايضا حين تصدينا لمجموعة ارسلت الينا في نهر البارد".
وتطرق الى ملف النفايات قائلا: "هذه المشكلة كانت امتحانا لكل اللبنانيين، وبالتالي شهدنا ان هذا الامتحان سقط فيه الجميع، عندما لم يدركوا ان مشكلة من هذا النوع تتطلب عمل الجميع للمساهمة في الحلول، وان اللامعقول هو تصدير النفايات، الأمر الذي لا يتحمله البلد"، وتمنى ان "يسترد اللبنانيون عقولهم وأن ينظروا بتعقل الى هذه المشكلة والعودة الى البلاد لإيجاد الحل". بدوره، تكلم عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان، لافتا الى ان "هناك جهة سياسية في قوى 8 آذار تعطل عملية انتخابات الرئاسة"، وداعيا الى "التزام الدستور والقوانين، ونحن كقوات نقول إذا أردتم تسوية نقترح أن نجتمع لايجاد حل تحت سقف الدستور، لأنه لا يمكن أن نتحمل بعد هذه الفوضى".
وأكد "اننا لا نستطيع أن ننتخب رئيسا وتبقى الامور على حالها، فهل الفريق الآخر قادر على ايجاد تسوية لايجاد حلول؟ ان تيار المستقبل يطمح لهذه التسوية، والفريقان ملتزمان ايجاد تسوية جيدة"، الا انه اعتبر انه "في هذه التسوية المطروحة نأخذ لبنان الى رئاسة شكلية تبقي الوطن على ما هو عليه، وبكل هبة مهوار سننهار، وبهذه الحالة نكون نضحك على اللبنانيين وننصب لهم الفخاخ، فتيار المستقبل يريد بهذه التسوية إنهاء الفراغ فقط، أما نحن فنريد الخروج من الفراغ ولكن نريد ايضا أن نخرج لبنان من هذه المشكلة". |