التاريخ: كانون الأول ١٣, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
تشكيل «ائتلاف دعم الدولة» يشعل صراعاً بين الموالين للسيسي
القاهرة - أحمد مصطفى 
ما إن وضعت معركة الانتخابات النيابية المصرية أوزارها، وظهرت تركيبة البرلمان المتوقع التئامه خلال أيام، حتى اشتعلت مواجهة جديدة بين أعضائه، ليس على خلفية تمرير مشاريع قوانين وتبني سياسات، أو حتى تنافس بين القوى السياسية على رئاسة البرلمان أو على تأييد أو رفض برنامج عمل الحكومة، وإنما جاء الصراع الجديد على امتلاك لافتة تأييد الرئيس عبدالفتاح السيسي.

فمع إعلان نتائج انتخابات البرلمان الذي فاز المستقلون بغالبيته، سارع القائمون على قائمة «في حب مصر» التي يقودها مسؤولون عسكريو وأمنيون سابقون وفازت بكل المقاعد المخصصة لنظام القوائم (120 مقعداً)، إلى إعلان نيتهم تشكيل تحالف سياسي يحمل اسم «ائتلاف دعم الدولة المصرية»، قوامه أكثر من ثلثي أعضاء البرلمان الجديد، ما أثار حفيظة نواب رفضوا «محاولة الهيمنة على صناعة القرار النيابي».

وجاء أبرز الانتقادات من حزب «المصريين الأحرار» الذي كان منخرطاً في قائمة «في حب مصر»، وحصل على أكبر كتلة نيابية بين الأحزاب، متهماً القائمين على التحالف الجديد بمحاولة «مصادرة الحياة السياسية». وأعلن رفضه «ممارسة السياسة وفق منهج انتهازي يقوم على توزيع المكاسب والمناصب لتحقيق توافق أو غالبية».

ونفى الناطق باسم «المصريين الأحرار» شهاب وجيه سعي حزبه الذي يقوده البليونير نجيب ساويرس إلى «تأسيس ائتلاف موازٍ»، لكنه أقر بأن الحزب الذي يمتلك حصة قوامها 65 نائباً (11 في المئة تقريباً)، سيسعى إلى تمرير برنامجه «عبر الشراكة مع القوى السياسية والمستقلين في البرلمان».

وتعهد الحزب «مواصلة طريقه من أجل تنفيذ برنامجه الذي سيحدد مواقفه من الحكومة والتيارات السياسية كافة»، مؤكداً «رفضه القاطع، أن يكون جزءاً من تحالف يحاول مصادرة الحياة السياسية». وقال في بيان عقب اجتماع لهيئته العليا: «اننا على عهدنا بإعلاء الدستور والقانون، ونعتبر أنفسنا من مكونات الدولة المصرية، كما أننا نؤكد مساندتنا لمشروع الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يتبنى نهج بناء دولة عصرية قوية تؤمن بالحرية والديموقراطية، وتنطلق إلى مستقبل يقوم على العدالة الاجتماعية».

وأضاف: «لما كان الدستور والقانون وعلوم السياسة تحدد معنى الائتلاف بأنه تَجمُع يمارس الحكم وإدارة شؤون الدولة، وذلك يدفعنا إلى رفض محاولة تشكيل ائتلاف لا نفهم مقاصده ولا نعرف له برنامجاً أو أهدافاً، ولأننا نؤمن بالعلم والمنطق، فلا يمكن أن نمضي خلف شعارات جوفاء، ولا كيانات غير رسمية». وأوضح أن «الدستور والقانون يؤكدان أن مصر الحديثة تقوم على التعددية الحزبية، وبناء عليه لا يمكن أن نمضي في اتجاه عكسي لدولة الدستور والقانون... نلتزم بالدفاع عن هذه القيم داخل البرلمان وخارجه».

وبالتزامن مع هذا الجدل تحدثت تقارير صحافية عن أن حزب «الحركة الوطنية» بزعامة المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، والذي حصل على 5 مقاعد نيابية فقط، يسعى إلى «تشكيل كتلة نيابية أسفل قبة البرلمان». وبالمثل يسعى حزب «النور» السلفي، الممثل الوحيد لتيار الإسلام السياسي داخل البرلمان، إلى تشكيل ائتلاف هو الآخر، يضم إلى جواره مستقلين.

وعزز هذا الجدل المخاوف من عدم قدرة البرلمان الجديد على ممارسة دوريه التشريعي والرقابي ليتحول إلى برلمان «الصوت الواحد»، كما أثار تحفظات قوى المعارضة التي تسعى إلى تشكيل تكتل أسفل قبة البرلمان بقيادة الحزب «المصري الديموقراطي الاجتماعي»، عن تهميش دورها، ما يعيد المشهد السياسي إلى برلمان العام 2010 الذي أطاحته الثورة.

ومن المقرر أن يفتتح السيسي في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري أولى جلسات البرلمان التي تديرها امرأتان هما آمنة نصير ونهى الحميلي، باعتبارهما أكبر النواب سناً وأصغرهم سناً على الترتيب. ويلقي السيسي كلمة أمام البرلمان، قبل أن تخصص الجلسة لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، وفقاً للائحة الداخلية، ثم تشكيل لجان البرلمان التي يسعى «ائتلاف دعم الدولة» بزعامة اللواء السابق في الاستخبارات سامح سيف اليزل، إلى الهيمنة عليها.

وتترقب الأوساط السياسية لائحة تضم 28 نائباً يصدر السيسي خلال أيام قراراً بتعيينهم، ما سيحسم في شكل كبير الترشيحات لرئاسة البرلمان، فيما تجرى الاثنين المقبل ولمدة ثلاثة أيام، جولة الإعادة في أربع دوائر كان القضاء أمر بإعادة الاقتراع عليها من المرحلة الأولى، إذ يتنافس 26 مرشحاً على 13 مقعداً لتمثيل دوائر الرمل في محافظة الإسكندرية، ومركز ومدينة دمنهور في البحيرة، وبني سويف والوسطى في بني سويف، تمهيداً لاستكمال تركيبة المجلس النيابي.

ويخوض مجلس النواب سريعاً في ممارسة دوره التشريعي، إذ سيكون عليه في البداية تعديل لائحته الداخلية، قبل اعتماد مئات القوانين التي أصدرها السيسي وسلفه الانتقالي عدلي منصور، خلال 15 يوماً من التئام المجلس، وفقاً لنص الدستور الذي ألزم البرلمان أيضاً باستصدار حزمة من القوانين في أول دور انعقاد، أبرزها قوانين العدالة الانتقالية، وبناء دور العبادة الموحد، وإتاحة المعلومات، والهيئة الوطنية للانتخابات، والمجلس الأعلى لتنظيم شؤون الإعلام والصحافة، وإنشاء مفوضية للقضاء على التمييز.

وأكد وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب مجدي العجاتي أن الحكومة «لن تتدخّل في وضع اللائحة الداخلية لمجلس النواب. هذا الرأي رفعته إلى الحكومة ووافق عليه رئيس مجلس الوزراء». وأشار إلى أن «النواب هم من سيضعون لائحتهم بأنفسهم». وأوضح أن «الجلسة الإجرائية الأولى للمجلس وما سيليها من جلسات، ستكون خاضعة لأحكام اللائحة القائمة حالياً والسارية وفقاً لحكم الدستور، وهي كافية جداً لتحكم تلك الإجراءات في ضوء الأعراف البرلمانية المستقرة حتى ينتهي النواب من وضع لائحتهم الداخلية».

وأكد أن «لا مساس بالحصانة البرلمانية للنواب، لأن لها أصلاً دستورياً مستقراً عليه في جميع دساتير العالم، كما أن امتيازات النواب ومعاملاتهم المالية وغيرها يحكمها الدستور وينظم جزءاً منها قانون مجلس النواب، والتفصيلات الباقية تنظمها اللائحة القائمة حتى يتم تعديلها بصدور اللائحة الجديدة».