التاريخ: كانون الأول ٧, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
بدء تطبيق اتفاق حي الوعر في حمص والمعارضة السورية أمام "مهمة صعبة" في مؤتمر الرياض
بدأت السلطات السورية والمعارضة المسلحة تطبيق اتفاق أدخلت بموجبه مواد غذائية الى حي الوعر بمدينة حمص في مقابل خروج المسلحين من آخر معقل لهم في المدينة، بينما سقط 32 مقاتلاً من تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في غارات جوية للائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على الرقة. وتبدأ اطياف المعارضة السورية في مؤتمر هذا الاسبوع في الرياض "مهمة صعبة" للتوصل الى رؤية مشتركة لمصير الرئيس بشار الاسد.

أعلن محافظ حمص طلال البرازي ان أولى المساعدات الاغاثية دخلت السبت حي الوعر، تنفيذاً لاتفاق تم التوصل اليه بين ممثلين للحكومة والمقاتلين. وقال :"بدأت المنظمات الدولية السبت بتسيير قوافل الاغاثة بالتعاون مع الهلال الاحمر العربي السوري الى حي الوعر"، موضحاً ان "اجواء التهدئة التي بدأ فيها اتفاق الوعر انعكست بشكل ايجابي على انسياب المواد الاغاثية والصحية".

وأورد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له أن "مساعدات انسانية" دخلت الحي مع "وفد من الامم المتحدة المشرف على تنفيذ الهدنة".

ونشرت لجان التنسيق المحلية في سوريا شريط فيديو يظهر دخول قافلة تتقدمها سيارات تابعة لمنظمات الامم المتحدة ترفع اعلام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصندوق الامم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" والهلال الاحمر العربي السوري تتبعها ست شاحنات على الاقل محملة بالمساعدات.
وتبدو في شريط الفيديو احدى الشاحنات تحاول شق طريقها بصعوبة بين مئات من السكان الذين تجمعوا بالقرب من كنيسة على وقع الهتافات وصراخ الاطفال.

وتوصلت الحكومة السورية والفصائل المقاتلة في حي الوعر الثلثاء الى اتفاق في اشراف الامم المتحدة ينص على خروج المسلحين على مراحل من الحي، على ان يبدأ تطبيق مرحلته الاولى السبت.
وقال البرازي إنه "من المتوقع ان يكون هناك خروج للدفعة الاولى من المسلحين يوم الثلثاء المقبل".

وبموجب بنود الاتفاق، من المقرر خروج نحو 200 الى 300 مقاتل من الحي على دفعات، وكذلك خروج بعض عائلات المسلحين وتسليم القسم الاول من السلاح الثقيل والمتوسط وتسوية أوضاع المسلحين الراغبين في تسليم سلاحهم. كما ينص الاتفاق على الحفاظ على التهدئة ووقف العمليات العسكرية من اجل تأمين ظروف ملائمة لتنفيذه.

وحي الوعر في غرب مدينة حمص، هو آخر الاحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة في المدينة، وهو يتعرض باستمرار لقصف قوات النظام التي تحاصره تماماً. وفشلت محاولات سابقة عدة لارساء هدنة فيه.

وأفاد البرازي السبت أن الحكومة "بدأت يوم الخميس بزيادة كميات المواد التموينية والفواكه والخضار والطحين" التي تسمح بادخالها الى السكان، بعد يومين من التوصل الى الاتفاق.
ويقيم في الحي حاليا، استناداً الى المحافظ نحو 75 الف نسمة في مقابل 300 الف قبل بدء النزاع في سوريا في آذار من عام 2011.

واطلق لقب "عاصمة الثورة" على حمص التي كانت من اولى المدن التي شهدت تظاهرات احتجاجية شعبية ضد النظام قبل ان يتحول الى نزاع مسلح، اسفر عن مقتل اكثر من 250 الف شخص منذ اذار/مارس 2011 ودفع نحو نصف السكان الى الفرار من منازلهم.

الرقة
في غضون ذلك، قال المرصد السوري إن 32 على الأقل من أفراد "داعش" قتلوا وان 40 آخرين جرحوا في محافظة الرقة السورية في سلسلة من الغارات الجوية التي يعتقد أن الائتلاف الدولي شنها مستهدفا التنظيم المتشدد.
وأوضح أن أكثر من 15 تفجيرا أصابت مواقع تابعة للتنظيم في ريف محافظة الرقة وقرب مدينة الرقة عاصمة المحافظة.

مؤتمر المعارضة
وتبدأ اطياف المعارضة السورية مؤتمراً في الرياض غداً للتوصل الى رؤية مشتركة لمصير الاسد في أي مرحلة انتقالية.
وتدفع السعودية من خلال المؤتمر الاول الذي يشارك فيه المناهضون للنظام سياسيين وعسكريين، لتوحيد صفوف المعارضة قبل الاول من كانون الثاني، وهو الموعد الذي ترغب الدول الكبرى بحلوله في ان تجمع طرفي النزاع المستمر منذ 2011. وستدعى الى المؤتمر على الارجح قرابة مئة شخصية أبرزها ممثلون لـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، و"هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي" المقبولة لدى النظام و"مؤتمر القاهرة" الذي يضم معارضين من الداخل والخارج. وسينضم اليهم ممثلو فصائل مسلحة غير مصنفة "ارهابية"، مثل "الجبهة الجنوبية" المدعومة من الغرب و"جيش الاسلام". ونشرت صحف سعودية ان دعوة وجهت أيضاً الى "حركة احرار الشام".

وفيما كان الموعد المعلن لبدء المؤتمر الثلثاء، قال معارضون الاحد ان وصول المدعوين سيكون الثلثاء، على ان تبدأ اعماله رسميا الاربعاء.

وتوصلت دول أبرزها الولايات المتحدة والسعودية اللتان تدعمان المعارضة، وايران وروسيا المؤيدتان للنظام، في فيينا الشهر الماضي، الى اتفاق على تأليف حكومة انتقالية في غضون ستة اشهر واجراء انتخابات في غضون 18 شهراً بمشاركة سوريي الداخل والخارج.

وعلى رغم الاتفاق، لا يزال مصير الاسد موضع تجاذب يعرقل أي حل للنزاع الذي اودى بأكثر من 250 الف شخص.

وقال عضو الائتلاف سمير نشار ان مؤتمر الرياض سيكون "أمام مهمة صعبة محفوفة بالمخاطر"، أثر ان أبرز أهدافه التوصل الى "موقف مشترك ورؤية سياسية واضحة حول سوريا المستقبل والمرحلة الانتقالية والموقف من بشار الاسد".

وصرّح رئيس هيئة التنسيق حسن عبد العظيم بعيد تلقيه دعوة للمشاركة في المؤتمر: "في ما يتعلق بالرئيس بشار الاسد، هناك نوع من التوافق الدولي على ان هذا موضوع يقرره السوريون".
واستثني من الدعوة الى المؤتمر المقاتلون الاكراد وعلى رأسهم "وحدات حماية الشعب"، احدى أكثر القوى فاعلية ضد الجهاديين.

وحتى في حال نجاح المؤتمر، لا يخفي معارضون عدم تفاؤلهم بالتوصل الى حل للنزاع، وخصوصا بعدما فشلت مفاوضات مماثلة في احراز تحقيق تقدم.