استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير التركي لدى بغداد للاحتجاج على نشر قوات تركية قرب الموصل في شمال العراق وللمطالبة بسحبها فورا، بعدما اعتبرت الامر انتهاكا للسيادة العراقية، لكن انقرة نفت توسيع عملياتها العسكرية في شمال العراق.
وقالت الخارجية العراقية في بيان إن القوات التركية دخلت الأراضي العراقية من دون علم من الحكومة المركزية في بغداد وإن العراق يعتبر وجودها "عملا عدائيا."
ويتلقى العراق مساعدات من دول عدة في حربه على تنظيم "الدولة الاسلامية"(داعش) ، الا انه يتعرض لضغوط من الداخل في هذه المسالة ما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي اخيرا الى اعتبار نشر قوات اجنبية برية على الاراضي العراقية "عملا معاديا"، ردا على اعلان واشنطن ارسال مزيد من الجنود الى العراق لتنفيذ عمليات محددة ضد الجهاديين.
وقلل الاكراد الذين يتمتعون بحكم ذاتي في اقليم كردستان العراقي من اهمية الخطوة التركية، موضحين انها في اطار عمليات يشارك فيها الاتراك لتدريب مقاتلين اكراد سنة في المنطقة.
وعلق مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان بالقول ان دخول القوات التركية الى الاراضي العراقية "يعتبر خرقا خطيرا للسيادة العراقية ولا ينسجم مع علاقات حسن الجوار بين العراق وتركيا". واضاف ان "السلطات العراقية تدعو تركيا الى احترام علاقات حسن الجوار والانسحاب فورا من الاراضي العراقية".
وقال بيان رسمي عراقي "تأكد لدينا بان قوات تركية تعدادها بحدود فوج واحد مدرعة بعدد من الدبابات والمدافع دخلت الاراضي العراقية (...) بادعاء تدريب مجموعات عراقية من دون طلب او اذن من السلطات الاتحادية العراقية".
ووصف الرئيس العراقي فؤاد معصوم نشر مئات من الجنود الأتراك قرب الموصل في شمال العراق بأنه يمثل "انتهاكا للأعراف والقوانين الدولية."
غير ان انقرة سارعت الى نفي توسيع عملياتها في شمال العراق، وقال رئيس الوزراء احمد داود اوغلو في كلمة متلفزة ان "معسكر بعشيقة على مسافة 30 كيلومترا شمال شرق الموصل، هو معسكر تدريبي أقيم لدعم قوات المتطوعين المحلية التي تقاتل الارهاب"، نافيا التقارير بان نشر القوات هو تمهيد لشن عملية برية ضد تنظيم "الدولة الاسلامية".
واكد داود اوغلو ان المعسكر ليس جديدا، وان تدريب العراقيين فيه بدأ بناء على طلب مكتب محافظ الموصل وبالتنسيق مع وزارة الدفاع العراقية. وكانت وكالة انباء الاناضول التركية القريبة من الحكومة اوردت ان نحو 150 جنديا تركيا مع 20 الى 25 دبابة، وصلوا الجمعة الى محيط الموصل في اطار مهمة لتدريب القوات الكردية العراقية في اقليم كردستان المتحالف مع انقرة.
ووصلت القوات التركية مع دبابات ومدفعية الى منطقة بعشيقة الواقعة بالقرب من حدود اقليم كردستان في محافظة نينوى التي يسيطر على معظم اجزائها تنظيم "الدولة الاسلامية".
وصرح الناطق باسم حكومة اقليم كردستان سفين دزيي في بيان "في اطار التعاون مع التحالف الدولي ضد الارهاب، فتحت الحكومة التركية نهاية العام الماضي معسكريين تدريببين احدهم في سوران في اربيل والثاني في قلاجولان في السليمانية لتدريب قوات البشمركة. وفي الوقت نفسه، تم فتح مركز آخر لتدريب القوات العراقية قرب الموصل، وتم التقديم الدعم العسكري لهذا المعسكر ايضا". واضاف البيان "بهدف توسيع هذا المعسكر، قامت الحكومة التركية بايصال المختصين والمعدات اللازمة في الايام القليلة المنصرمة". والمقصود بهذا المعسكر الاخير معسكر زلكان الذي تتدرب فيه قوات الحشد الوطني المؤلفة من مقاتلين من العرب السنة المناهضين لتنظيم "الدولة الاسلامية" في الموصل.
واعتبر ضابط في القوات الكردية العراقية في اقليم كردستان المتحالف مع انقرة ان ما حصل اجراء روتيني لاستبدال قوات تدريب تركية. ونفى الناطق باسم قوات البشمركة نور الدين هركي ان ان يكون للفريق التركي دور في عملية تحرير نينوى من سيطرة تنظيم "داعش". لكن وسائل اعلام تركية افادت عن وجود انتشار تركي على نطاق اوسع في العراق.
ونشرت صحيفة "حرييت" في صفحتها الاولى ان "تركيا انشأت قواعد في منطقة بعيشقة في الموصل تضم 600 جندي". وقالت الصحيفة ان اتفاقا ابرم مطلع الشهر الماضي بين رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ووزير خارجية تركيا الذي قام بزيارة لاربيل. ومن الطبيعي ان يلقى اتفاق من هذا القبيل معارضة شديدة من الحكومة الاتحادية، لا سيما انه ابرم من دون موافقتها.
ويأتي الانتشار التركي بعد ايام من اعلان واشنطن ارسال قوات برية اضافية الى العراق حيث يتمركز اكثر من 3500 جندي اميركي، للمساعدة في تنفيذ عمليات محددة ضد "داعش". وتسببت التصريحات الاميركية باحراج لرئيس الوزراء العراقي بسبب معارضة اطراف موالية لايران لوجود هذه القوات. ومنذ عامين ونصف يتمركز جنود اتراك في شمال العراق في اطار اتفاق بين انقرة وحكومة اقليم كردستان العراقي. |