التاريخ: كانون الأول ٢, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
أوباما يتوقّع أن تدفع التطورات الميدانية في سوريا بوتيـن إلى تأييد حل سياسي يتخلّى فيه عن الأسد
واشنطن - هشام ملحم
دافع الرئيس الاميركي باراك أوباما في باريس عن استراتيجيته لانهاء الحرب في سوريا بشقيها العسكري الهادف الى دحر تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) والديبلوماسي المتمثل بما يسمى عملية فيينا الهادفة الى ايجاد عملية سياسية انتقالية تؤدي الى رحيل الرئيس السوري بشار الاسد.

اللافت هو ان أوباما أعرب عن ثقته بأن التطورات الميدانية سترغم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تعديل استراتيجيته الراهنة والمتمسكة ببقاء الاسد في السلطة وانه لاحقا سيؤيد حلاً سياسياً في سوريا يتضمن تخلي الاسد عن السلطة. وقال في مؤتمر صحافي قبل مغادرته باريس عائدا الى واشنطن: "انا أعتقد ان السيد بوتين يدرك ذلك، ما دامت افغانستان لا تزال ماثلة في الذاكرة، كي يتورط في حرب أهلية غير محسومة وتؤدي الى الشلل، ولا أعتقد انه يتطلع الى مثل هذه النتيجة".

تزامن موقف أوباما هذا مع اعلان وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر من واشنطن عن زيادة عديد القوات الاميركية الخاصة لمساعدة القوات العراقية وللتدخل ايضا في سوريا. وكان أوباما قد اعلن قبل أسابيع نشر 50 رجلا من القوات الخاصة لارشاد طائرات الائتلاف الدولي لضرب أهداف "داعش".

وقال كارتر في شهادة امام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب ان "أفراد هذه القوات سيتولون مع مرور الوقت شن الغارات، وتحرير الرهائن، وجمع المعلومات الاستخبارية، واعتقال قادة داعش". ورأى ان ذلك "سوف يوفر لقوات الائتلاف مصادر استخبارية افضل سوف توفر بدورها أهدافاً لقصفها، مع المزيد من الغارات والزخم".

وأوضح كارتر ان هذه القوات التي ستنشر في العراق تزيد على عدد العناصر التي أرسلت الى سوريا. وقالت مصادر اميركية لاحقا ان القوات الجديدة في العراق ستنسق بعض عملياتها مع الحكومة في بغداد، ولكنها ستحتفظ لنفسها بحق القيام بغارات مباشرة من دون الحصول على موافقة مسبقة من بغداد، كما ان هذه القوات سوف تنسق للمرة الاولى مع قوات البشمركة الكردية في شمال العراق من دون العودة بالضرورة الى الحكومة المركزية في بغداد. كما انها ستشن غارات في الاراضي السورية. وتحدث كارتر عن وجود "فجوات" في الحدود التركية - السورية يستغلها "داعش". وكانت واشنطن قد حضت انقرة أخيراً على تكثيف جهودها لاقفال الحدود في وجه "داعش".

وقال رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة الجنرال جوزف دانفورد جونيور إن هذه القوات ستتعقب "داعش" في أي مكان تراه مناسبا في العراق او سوريا .

ولكن أبرز ما في تطورات أمس كانت اشارات أوباما الى ما تفعله او ما يمكن ان تفعله روسيا في سوريا في المستقبل القريب. وقال: "الروس موجودون عسكريا في سوريا منذ اكثر من شهر... لكن الوضع لم يتغير بشكل ملحوظ، وفي هذا الوقت خسرت روسيا طائرة مدنية (فجرها "داعش" فوق سيناء)، كما أسقطت طائرة حربية لها، وتكبدت روسيا خسائر في الارواح". وهنا ذكر أوباما بوتين بهزيمة الاتحاد السوفياتي في افغانستان في ثمانينات القرن الماضي بعد تكبده اكثر من 15 الف قتيل. وتوقع استمرار الخلاف مع روسيا على مستقبل الرئيس الاسد، مكررا انه لا يتمتع بأي شرعية بعد قتله مئات الآلاف من السوريين، ورأى انه لا يزال في الامكان الحفاظ على سوريا موحدة برئاسة حكومة تمثل مختلف أطياف المجتمع السوري.

وبعدما لاحظ أوباما ان ثمة فرصاً أفضل لاحراز تقدم في عملية فيينا السياسية، يضاف الى تحسن الوضع العسكري والميداني ضد "داعش"، اضاف: "اعتقد انه من الممكن خلال الاشهر المقبلة ان نرى معا تحولاً في حسابات الروس وادراكا منهم ان الوقت قد حان لانهاء الحرب الاهلية في سوريا". وشرح انه لا يتوقع ان يرى تحولا "بنسبة 180 درجة في استراتيجية روسيا خلال الاسابيع المقبلة... لقد استثمروا الكثير خلال السنوات الاخيرة لابقاء الاسد في السلطة. ووجودهم هناك مصمم لدعمه... لن يكون الامر سهلا. لقد سفك الكثير من الدماء، ودمّر الكثير من البنى التحتية، واقتلع العديد من الناس... لكنني واثق من اننا سنكون مع الطرف الفائز، وفي النهاية سوف تدرك روسيا ان الخطر الذي يمثله داعش لها، ولشعبها هو الاكثر فداحة وان عليهم ان يتحالفوا مع أولئك الذين يحاربون داعش"، في اشارة الى الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وقبل مؤتمره الصحافي التقى أوباما الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وأكد دعم واشنطن لحق تركيا الشرعي في الدفاع عن أراضيها وأجوائها، لكنه حضها في الوقت عينه على مواصلة مساعيها لحل الخلاف مع روسيا بالوسائل الديبلوماسية، وهو ما وافق عليه اردوغان، الذي اخفق في اقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاجتماع به خلال قمة المناخ في باريس. وقد شكا خلال لقائه أوباما من الغارات الروسية التي تستهدف التركمان في سوريا، مشيرا الى الاهمية التي تعلقها تركيا على حمايتهم.