صعّدت روسيا أمس حملتها العسكرية ضد «داعش» وفصائل معارضة في سورية على خلفية تفجيره طائرتها المدنية فوق سيناء هذا الشهر، إذ سُجّل قصف غير مسبوق بالصواريخ الباليستية والمجنّحة ضد مواقع التنظيم شرق سورية وشمالها الشرقي. لكن هذا القصف الصاروخي الذي يتم من طائرات عملاقة أو بوارج حربية لم يقتصر على «داعش»، وانما شمل محافظات تنشط فيها جماعات إسلامية أخرى، ما استدعى رداً من أنقرة تمثّل باستدعاء السفير الروسي وتحذيره من «عواقب وخيمة» للحملة المستمرة منذ 30 أيلول (سبتمبر) الماضي. واستمرت في غضون ذلك، المعارك على جبهات القتال المختلفة في سورية، وأعلنت حكومة دمشق مساء سيطرة قواتها على جبلي زاهية وزويقات في ريف اللاذقية ما يمكن أن يشكّل نكسة للمعارضة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بسقوط عشرات الصواريخ الباليستية الروسية على محافظات إدلب وحماة وحلب والرقة واللاذقية، فيما نددت الخارجية التركية بالعمليات الروسية قرب الحدود التركية- السورية، وبقصف «استهدف قرى ومدنيين تركمانيين» وطالبت بـ «وقفه فوراً».
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن قائد القوة الجوية الروسية في سورية قوله إن سلاح الجو نفذ 394 طلعة وأصاب 731 هدفاً في سورية في الأيام الثلاثة الأخيرة. ونقلت «رويترز» عن «إنترفاكس»، أن اسطول الطيران الحربي الروسي في سورية تلقى دعماً بثماني قاذفات من طراز «سوخوي 34» ووحدة مقاتلات «إس. واي-27 إس. إم3».
وقالت «روسيا اليوم» إن الرئيس فلاديمير بوتين أثنى على نتائج الغارات الروسية «ضد الإرهابيين»، لكنه أشار إلى أنها غير كافية «لتطهير» هذا البلد منهم. وأوضحت أن كلام بوتين جاء خلال اجتماعه بقادة وزارة الدفاع عبر دائرة تلفزيونية في مقر إقامته في ضواحي موسكو. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في تقرير رفعه الى بوتين، إن القوات الروسية «تواصل عملياتها للقضاء على قادة المنظمات الإرهابية وأعوانهم... إضافة إلى تدمير منشآت البنية التحتية العسكرية والنفطية لتنظيم داعش»، معلناً عن قصف بصواريخ كروز (باليستية) على دير الزور أوقع 600 إرهابي في صفوف «داعش». وأضاف أن الطائرات الروسية تنفذ 143 طلعة يومياً. وتبلغ المجموعة البحرية الروسية في المنطقة 10 سفن، منها ست في البحر المتوسط، ويغطي الطيران الروسي عمليات الجيش النظامي في حلب وإدلب وجبال اللاذقية ومنطقة تدمر.
وأوضح أن العمليات الجوية خلال الأيام الأربعة الماضية شملت استخدام «الصواريخ المجنحة» من مياه بحر قزوين والبحر المتوسط، مشيراً إلى أنها قطعت مسافة 1500 كلم. وتابع أن الطائرات المشاركة في الضربات أقلعت من مطارات في كل من سورية وروسيا، بينها 29 طائرة من القاذفات الاستراتيجية أقلعت من جهة بحر قزوين لقصف أهدافها في سورية. وأضاف شويغو أن المسافة التي قطعتها طائرات «تو- 160» الاستراتيجية تجاوزت 13 ألف كلم. وذكر أن سفن أسطول بحر قزوين أطلقت أمس 18 صاروخاً مجنحاً على «مواقع الإرهابيين».
وشدد بوتين على أن نتائج هذه العمليات «لا تزال غير كافية لتطهير سورية من المسلحين والإرهابيين وحماية روسيا من هجمات إرهابية محتملة»، وفق ما أوردت «روسيا اليوم». وتابع: «أمامنا عمل كبير، وأنا آمل أن تكون المراحل اللاحقة (في تنفيذ المهمات) على المستوى نفسه من الجودة والمهنية وتؤتي ثمارها».
وأشارت «روسيا اليوم» إلى أن مقاطع الفيديو التي عرضتها وزارة الدفاع الروسية أظهرت استخدام طائرتي «تو- 95» و «تو- 160» الاستراتيجيتين صاروخ «إكس 101» المجنّح من الجيل الجديد، موضحة أنه يختلف عن سابقه من طراز «إكس- 55» بمدى إطلاقه الأبعد البالغ 5 آلاف كيلومتر وصعوبة كشفه من الرادارات المعادية. كما لفتت إلى اختلاف في ملامحه الخارجية. فقد ازداد طوله حتى 7.45 متر، ما يحول دون نصبه في داخل طائرة «تو- 95» التي بوسعها أن تحمل 8 صواريخ فقط. أما طائرة «تو- 160» (البجعة البيضاء) فيمكن أن تحمل 24 صاروخاً مجنحاً من هذا النوع.
في غضون ذلك، أعلن السفير السوري لدى موسكو رياض حداد، أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيزور موسكو الأربعاء وسيبحث مع الجانب الروسي سير عملية التسوية السياسية. ومن المنتظر أن يلتقي المعلم نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي تحدث أمس مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ضمن جهود حل الأزمة السورية والتصدي لـ «داعش».
روسيا تُصعّد حملة «الصواريخ الباليستية»... وتركيا تحذّرها من «عواقب وخيمة»
صعّدت روسيا في الساعات الماضية حملة قصفها بالصواريخ الباليستية لمناطق سورية خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة أو تنظيم «داعش»، ما استدعى احتجاجاً تركياً رسمياً حذّر من «عواقب وخيمة» للعمليات التي ينفّذها الجيش الروسي على الأراضي السورية بما في ذلك تلك الواقعة على الحدود مع تركيا. واستمرت، في غضون ذلك، المعارك على جبهات القتال المختلفة بين قوات النظام وفصائل المعارضة، فيما اتهمت الحكومة السورية مجدداً «جيش الإسلام» بقصف العاصمة دمشق، علماً أن هذا الفصيل القوي في الغوطة الشرقية لدمشق نفى في اليومين الماضيين اتهامات مماثلة، وسط معلومات عن «درسه» عرضاً قدمه وسطاء لبدء هدنة في القتال ضد قوات النظام.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الدفاع سيرغي شويجو قوله أمس الجمعة إن أكثر من 600 من مقاتلي المعارضة السورية قتلوا في ضربة بصواريخ كروز أصابت هدفاً في محافظة دير الزور بحسب ما أوردت «رويترز». ولم يتضح متى نفذت هذه الغارة الصاروخية، لكن شويجو قال إن روسيا ضاعفت عدد مقاتلاتها التي تشارك في العملية بسورية إلى 69.
وأعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان الجمعة أنها استدعت السفير الروسي في أنقرة للإحتجاج على ضربات نفّذها الطيران الروسي قرب الحدود التركية - السورية. ونقلت «فرانس برس» عن الخارجية التركية أنها وجّهت إلى السفير تحذيراً من «العواقب الوخيمة» للعمليات الروسية، منددة بقصف روسي «يستهدف قرى ومدنيين تركمانيين» (وهم سوريون ناطقون بالتركية) وطالبت بـ «وقفه الفوري».
وجاء الاحتجاج التركي في وقت سُجّل تصعيد في عمليات القصف التي يقوم بها الجيش الروسي في سورية منذ 30 أيلول (سبتمبر) الماضي، وسط تقارير عن استخدام متزايد للصواريخ البالستية البعيدة المدى وذات القدرة التدميرية الكبيرة. ففي محافظة إدلب الواقعة في شمال غربي سورية والمحاذية للحدود التركية، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان أن 6 صواريخ «يعتقد أنها بالستية» سقطت صباح أمس على مناطق في الطريق الواصلة بين بلدتي احسم والبارة ومناطق أخرى بجبل الزاوية وقرية الصحن بريف جسر الشغور، ما أدى إلى سقوط جرحى وأضرار مادية في الممتلكات. وأضاف أن صاروخين يعتقد أيضاً أنهما بالستيان سقطا في محيط مدينتي إدلب ومعرة النعمان، كما سقط صاروخان مماثلان على قرية تل السلطان بريف ادلب الشرقي وقرية مرعيان في جبل الزاوية. وبالتزامن مع ذلك نفّذت طائرات حربية «يعتقد أنها روسية» غارات عدة على مدينة جسر الشغور وقرية الناجية، في وقت قُتل عنصر من «الفصائل الإسلامية» بانفجار عبوة ناسفة في اطراف بلدة سراقب بإدلب.
أما في محافظة حماة المجاورة، فقد سجّل المرصد سقوط صواريخ «يُعتقد أنها بالستية» على مناطق في سهل الغاب في الريف الشمالي الغربي، فيما سقط صاروخ مماثل على بلدة صريريف بريف حماة الغربي. وأشار إلى «ورود معلومات عن استشهاد 4 مواطنين وسقوط جرحى جراء سقوط صواريخ يعتقد أنها بالستية على مناطق في قرية ميدان الغزال بجبل شحشبو بريف حماة صباح اليوم (أمس)».
وفي محافظة اللاذقية (غرب)، قال المرصد إن طائرات حربية «يعتقد أنها روسية» شنّت ضربات على مناطق في جبل التركمان، بالتزامن «مع سقوط صواريخ يعتقد أنها بالستية على مناطق في الريف الشمالي للاذقية». في غضون ذلك، تحدث المرصد عن «اشتباكات عنيفة تدور منذ ما بعد منتصف ليلة الخميس - الجمعة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الاسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محيط جبل زويك بريف اللاذقية الشمالي»، ما أدى إلى مقتل عنصر من الفصائل الاسلامية. كما أشار إلى قصف قوات النظام مناطق في جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي، علماً أن الحكومة السورية تحدثت مساء الخميس عن تقدم كبير للجيش النظامي في ريف اللاذقية. إذ نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن «مصدر عسكري» تأكيده أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية وبدعم من الطيران الحربي الروسي فرضت السيطرة على قرية الشميسة والنقطة 482 والمرتفعات المهمة في منطقة جبل الزويك... بريف اللاذقية الشمالي». كذلك أشار المصدر إلى سيطرة الجيش النظامي على «النقطة 803 جنوب شرقي كسب» بعد يوم من سيطرته على تلة الرشوان. ونقلت «سانا» عن المصدر العسكري تأكيده أيضاً أن الجيش السوري سيطر «على النقطة 1112 شمال شرقي جبل الكارورة والرقرقية وارض قرطب وتلة وادي ... كما سيطر على جبال الزويك وموسى وصقر والسنديان وجليلة وعلى قريتي الدغمشلية والزويك».
أما في شمال شرقي سورية، فقد أشار المرصد إلى دويّ «3 انفجارات على الأقل» في مدينة الرقة، معقل تنظيم «داعش»، ناقلاً عن ناشطيه ترجيحهم «أنها ناجمة عن قصف بصواريخ يعتقد أنها بالستية». وتبادلت روسيا وفرنسا في الأيام القليلة الماضية قصف أهداف لـ «داعش» في الرقة، لكن استخدام الصواريخ البالستية يوحي بأن الهجوم الجديد نفّذه الروس.
في غضون ذلك، سقطت قذيفة هاون على قلب مدينة دمشق، فيما قصفت قوات النظام مناطق سيطرة المعارضة في ضواحي العاصمة، في نكسة لجهود التوصل إلى هدنة بين الحكومة السورية ومعارضيها لا سيما «جيش الإسلام» صاحب النفوذ القوي في الغوطة الشرقية. وكتبت وكالة «سانا» الرسمية أن «إرهابيي ما يسمّى جيش الإسلام» قصفوا ظهر أمس «حي باب توما السكني في دمشق بقذيفة هاون تسببت بإصابة شخص على الأقل» بعد يوم من مقتل خمسة أشخاص وجرح عشرات في قصف مماثل استهدف أحياء في دمشق وضاحية جرمانا. ونقلت «سانا» عن مصدر في وزارة الداخلية قوله إن القذيفة التي سقطت في حي باب توما جاءت «من اتجاه الغوطة الشرقية» لكنه لم يسمّ «جيش الإسلام» تحديداً، بعكس ما ذكرت الوكالة في مقدمة خبرها. وكان «جيش الإسلام» أصدر أول من أمس بياناً نفى فيه ضلوعه في قصف دمشق، في وقت تدرس قيادته عرضاً لعقد هدنة مع قوات النظام في الغوطة الشرقية.
وفي الإطار ذاته، أورد المرصد السوري في تقرير من محافظة ريف دمشق أنه «ارتفع إلى 12 - بينهم طبيب شرعي وطفلتان اثنتان و3 على الأقل لا يزالون مجهولي الهوية حتى الآن - عدد الشهداء الذين قضوا جراء غارات للطيران الحربي وقصف من قبل قوات النظام بالصواريخ والقذائف على مناطق» في الغوطة الشرقية، مشيراً إلى قصف استهدف مدينة زملكا بالغوطة الشرقية أيضاً، وإلى غارات جوية على مدينة عربين أسفرت عن مقتل شخصين. كما تعرضت مدينة داريا وبلدة خان الشيح ومحيطها بغوطة دمشق الغربية لقصف جوي ومدفعي من قوات النظام.
حلب ودير الزور
إلى ذلك، ذكرت وكالة «مسار برس» أن المعارك تواصلت أمس «بين كتائب الثوار وقوات الأسد والميليشيات الداعمة لها في ريف حلب الجنوبي، حيث تصدى الثوار لمحاولة قوات الأسد التقدم إلى قرية خلصة، ما أسفر عن تدمير سيارة عسكرية ومقتل وجرح العديد من عناصر الأخيرة، وتزامن ذلك مع غارات للطيران الحربي الروسي على قرى حوير العيس والبرقوم والزربة والحميرة وتل حدية». وأشارت الوكالة أيضاً إلى أن مقاتلي المعارضة قتلوا 3 عناصر من تنظيم «داعش» جراء تفجير لغم بمبنى كانوا يتحصنون بداخله على جبهة قرية تل مالد في الريف الشمالي لحلب. أما في الريف الغربي، فقد قالت «مسار برس» إن «صاروخين بالستيين» سقطا على مدينة دار عزة، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
وفي شرق سورية، لاحظ المرصد أن «محيط مدينة دير الزور وريفيها الغربي والشرقي يشهد تصعيداً في عمليات القصف الجوي»، إذ شملت الغارات مناطق من أقصى الريف الشرقي عند البوكمال، وصولاً إلى منطقة التبني بالريف الغربي لدير الزور، «حيث استهدفت طائرات حربية بأكثر من 30 غارة مناطق في مدن موحسن والبوكمال والميادين وبلدات العشارة والمريعية والبوعمر وبادية البوليل «الزباري» وبادية بقرص ومناطق في مدينة دير الزور». وأوضح أن «الغارات استهدفت عدة مباني ومرافق ومنطقة تمع لحراقات النفط ... كما استهدفت حقل الخراطة الواقع في جنوب مدينة دير الزور، ومنطقة منجم الملح في التبني بالريف الغربي لدير الزور، إضافة إلى تجمع آليات وصهاريج لنقل الوقود قرب بلدة الكسرة في ريف دير الزور الغربي، وأسفر القصف عن تدمير عشرات الآليات والصهاريج»، وتابع أن «هذه الغارات المكثفة ترافقت مع هجوم عنيف نفذه تنظيم «الدولة الإسلامية» على مطار دير الزور العسكري من الجهة الشمالية والشمالية الشرقية، حيث دارت معارك عنيفة بين عناصر التنظيم من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر، ترافقت مع غارات للطيران الحربي على مناطق في محيط مطار دير الزور العسكري، وأسفرت الغارات والقصف المتبادل والاشتباكات عن مقتل 8 عناصر من قوات النظام، إضافة لمقتل أكثر من 20 من عناصر التنظيم».
وفي محافظة حمص (وسط) قال المرصد إن صاروخين «يعتقد أنهما من نوع أرض - أرض اطلقتهما قوات النظام سقطا بعد منتصف ليلة الخميس - الجمعة على مناطق في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي» الذي شهد «اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الاسلامية والمقاتلة من جهة أخرى». وجاء ذلك في وقت دارت اشتباكات بين قوات النظام وبين عناصر تنظيم «داعش» في محيط بلدة مهين بريف حمص الجنوبي الشرقي والتي يسيطر عليها التنظيم.
وفي محافظة درعا بجنوب البلاد، أشار المرصد إلى قصف من قوات النظام استهدف بلدة زمرين «فيما ارتفع الى 11 بينهم سيدة عدد الشهداء الذين قضوا يوم (أول من) أمس جراء قصف قوات النظام على مناطق في بلدة الشيخ مسكين، إضافة إلى وجود 8 على الأقل لا يزالون مجهولي الهوية حتى اللحظة، قضوا في القصف ذاته». |