توصلت التحقيقات في جريمة التفجيرين الانتحاريين في برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية منذ ليل أول من أمس، إلى معطيات مهمة في شأن الشبكة التي ينتمي إليها الانتحاريان اللذان نفذا التفجيرين. وقال مصدر أمني رفيع لـ «الحياة»، إن الموقوف في طرابلس منذ يوم الخميس الماضي قبل ساعات من جريمة الضاحية الإرهابية، المدعو إبراهيم. ج، أدلى باعترافات أمام شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي ساعدت على تتبع الخيوط المهمة التي تكشف الشبكة، منها أنه كان يهيئ لتفجير نفسه بالحزام الناسف الذي ضبط معه في منطقة جبل محسن، بالتزامن مع تفجيري الضاحية.
وبينما شيع أهالي الشهداء الذين سقطوا في برج البراجنة المزيد منهم أمس في برج البراجنة والبقاع والجنوب، وبينهم فتاة قاصر وامرأة، وسط مظاهر الحزن والغضب، أوضح المصدر الأمني أنه بناء على التحقيقات مع الموقوف في طرابلس ومعطيات أخرى، أوقفت شعبة المعلومات 5 أشخاص آخرين، تبين أن لاثنين منهم علاقة مباشرة بالانتحاريين اللذين نفذا جريمة الضاحية الجنوبية، وأن الثلاثة الآخرين يتم التحقيق معهم للاشتباه بعلاقتهم بالشبكة، وللتأكد من ذلك.
وذكر المصدر الأمني لـ «الحياة»، أن التحقيقات أدت إلى التأكد من أن أحد الانتحاريين سوري الجنسية. ورجحت أن يكون الثاني من الجنسية ذاتها مع استمرار التحريات من أجل التأكد من هويته.
وكشف المصدر، الذي اعتبر أن ما جرى التوصل إليه من معطيات عن الجريمة بعد مرور زهاء 24 ساعة على تنفيذها إنجاز نوعي وقياسي، عن أن هذه المعطيات سمحت بوضع اليد على المكان الذي جرى فيه التخطيط للجريمة وإعداد الأحزمة الناسفة، وأن ملاحقات تجرى في الضاحية الجنوبية ومناطق الشمال وبيروت والبقاع بحثاً عن مشتبه بهم. وقال إن تحقيقات في الساعات الماضية «سمحت بالحصول على كنز من المعلومات في هذا الشأن».
ووزعت مديرية التوجيه في قيادة الجيش أمس، 3 صور شمسية ظهر فيها شخصان (أحدهما له صورة للوجه وأخرى جانبية) يرجح أنهما انتحاريا جريمة برج البراجنة. وطلبت قيادة الجيش ممن يعرف عنهما شيئاً إبلاغ غرفة عمليات القيادة.
وأعلن مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، أن شعبة المعلومات تمكنت من التعرف إلى الشبكة التي ينتمي إليها انتحاريا برج البراجنة. وتم توقيف بعض الأشخاص ويتم التحقيق معهم، فتم التعرف إلى هوية أحد منفذي التفجير.
وفيما يعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق اليوم تفاصيل ما توصل إليه التحقيق، كشف الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله بعض تفاصيله ليل أمس. ودان نصر الله الهجمات «الإرهابية التي شنها مجرمو «داعش» في باريس وما ارتكبوه من جرائم قتل وإرهاب»، مؤكداً أن شعوباً ودولاً في المنطقة ومنهم لبنان «أكثر إدراكاً وإحساساً بما أصاب الشعب الفرنسي»، وعبّر عن «تضامننا الإنساني والأخلاقي».
وعزّى «المصابين بالمحنة التي أصابت برج البراجنة». وشكر الجيش اللبناني والقوى الأمنية والقضائية وكل الذين دانوا الجريمة من دول ومسؤولين ومرجعيات.
وحيّا «تحمل الناس المسؤولية والصبر والبطولات، وبينهم عادل ترمس (قيادي في الحزب الذي أمسك بالانتحاري الثاني فكان بين الذين استشهدوا)»، كما أشاد «بعدم تراجع الناس عن مواقفهم».
وقال: «أصبحت الصورة واضحة لدى الأجهزة الأمنية والمقاومة، اطلعت على نتائج الجهود وما تم التوصل إليه». وترك للمسؤولين في الدولة التحدث عن الحقائق والأسماء بما تقتضيه مصلحة التحقيقات.
وقال: «المحسوم مسؤولية داعش المجرم المتوحش عن هذه العملية وأن شبكات تابعة للتنظيم نفذتها، وهي تبنت التفجيرات والمعتقلون اعترفوا بذلك. الواضح أن هناك انتحاريين. الاسمان الفلسطينيان لا علاقة لهما بالعملية، تم تحديد أن أحد المرتكبين سوري الجنسية والثاني وصلوا لكنيته والمؤشرات تشير إلى أنه سوري».
وكشف عن أن فرع المعلومات والأمن العام أوقف أشخاصاً على علاقة بالعملية لكن الشبكة الأصلية ومديريها أصبحوا في قبضة فرع المعلومات.
وهي شبكة مكتملة لوجستياً وفي الاستطلاع وتقديم التسهيلات. وهذا الإنجاز قطع الطريق على جرائم مشابهة يعد لها في الأسابيع المقبلة.
وأشار إلى أنه لا يوجد اي فلسطيني حتى اللحظة بين الموقوفين. المعتقلون سوريون ولبنانيون. استفادت الشبكة من شقق عدة في بيروت أحدها داخل مخيم برج البراجنة استأجرها سوري ويسكن فيها ويستقبل سوريين لهم علاقة بالشبكة ودوهمت اليوم من قوى الأمن وبتعاون كامل من الجهات المعنية في المخيم.
الجيش اللبناني يطلب التعرف الى اصحاب صوَر
تحول موقع الجريمة الإرهابية المزدوجة في محلة برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية مزاراً للبنانيين ووفود عربية وأجنبية حضروا لإدانة الإرهاب بكل أشكاله ورثاء الضحايا الأبرياء. وفيما راح الناس يلملمون مصائبهم في تلك المنطقة المنكوبة، كانت قيادة الجيش اللبناني- مديرية التوجيه تنشر على موقعها الإلكتروني ثلاث صور لشخصين وتطلب الى «كل من يتعرف إلى أصحابها إبلاغ غرفة عمليات القيادة عبر الاتصال على موزع وزارة الدفاع: 1701 مقسم: 20335. وتشبه إحدى الصور الشخص الذي كان وجد مقتولاً بين ركام انفجار برج البراجنة ويلف خصره حزام.
وفيما استكملت الهيئة العليا للإغاثة مسحها للأضرار في موقع التفجيرين، حضر وفد فلسطيني كبير من المخيمات في لبنان الى الموقع لتقديم التعازي والمواساة لأهالي الضحايا و «استنكار التفجير الآثم وتأكيد وحدة المصاب ورفض الفتنة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني التي يسعى مشغلو الإرهابيين إلى تحقيقها وتضامناً مع أهل الضاحية الجنوبية المقاومة». وتأتي هذه الخطوة على خلفية بيان نقلته وسائل التواصل الاجتماعي باسم «داعش» عن أن أحد الانتحاريين الذي فجر نفسه فلسطيني، خصوصاً أن مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين غير بعيد من موقع الانفجار.
وحرصت بلدية الشويفات أمس، على استنكار ما ورد على بعض المواقع الإلكترونية عن دخول إرهابيين أو انتحاريين الى منطقة صحراء الشويفات. وأكدت أن «البلدية على تنسيق تام ومتواصل مع كل الأجهزة الأمنية والفاعليات الحزبية في المنطقة. ونتمنى على كل الوسائل الإعلامية توخي الدقة والحذر في نشر أخبار مماثلة».
وفيما تتواصل التحقيقات الأمنية بحثاً عن مرتكبي الجريمة ومن يقف خلفهم، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن دورية من مخابرات الجيش أوقفت ليل أول من امس، في بلدة مرياطة في قضاء زغرتا، مواطناً سورياً للاشتباه بتواصله مع مجموعات مسلحة».
وتلقى الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله أمس، اتصالاً هاتفياً من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، دان فيه التفجيرين الإرهابيين، مقدماً تعازيه بالشهداء، وأكد -وفق إعلام «حزب الله»- «تعاطف الشعب الفلسطيني ووقوفه إلى جانب الشعب اللبناني في مواجهة هذا المصاب الأليم». كما تلقى نصر الله اتصالا من نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية للغاية نفسها.
وتلقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري اتصالات استنكار وتعزية من الرئيس ميشال سليمان، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل. كما تلقى برقيتين من رئيس البرلمان القبرصي ياناكيس أوميرو ورئيس الحكومة العراقية السابق أياد علاوي.
أردوغان أبرق لسلام
وعبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في برقية إلى رئيس الحكومة تمام سلام، عن «تعازي الشعب التركي بضحايا العملية الإرهابية في برج البراجنة، واستنكاره لهذا العمل الذي يستهدف السلام والأمن والاستقرار في لبنان».
وقال أردوغان في برقيته: «أعتقد في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة، أن الشعب اللبناني الشقيق سيظهر إرادته بقوة من أجل الحفاظ على وحدته بالحس السليم والتضامن الكامل في مواجهة مثل هذه الاستفزازات».
وفي ردود الفعل الداخلية على العملية الإرهابية، اعتبر وزير الصناعة حسين الحاج حسن «أن كل من يعتقد أو يظن أنه بالقتل سيغير من موقفنا السياسي والجهادي، أو أنه بهذه العمليات الإرهابية التكفيرية يستطيع أن يضغط علينا أو على جمهور المقاومة، فهو واهم، لأننا سنستمر بقتال التكفيريين في سورية، وحيث يجب أن نكون سنكون».
وطالب بعض الدول «التي قدمت استنكارات وبيانات، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، أن تقرن الأقوال بالأفعال».
ورأى وزير الإعلام رمزي جريج أن «الإرهاب لا يرحم وقد يستكين لوقت معين ليكمل بعد ذلك جرائمه». وقال: «جريمة الضاحية زادت من التضامن الوطني ولم تعكره، وبالتالي لن تعكر الجو السياسي الذي بدأ بالانفجار»، معتبراً «أن خطاب السيد نصرالله الأخير كان معتدلاً، والأجواء توحي بأنه آن الأوان لتسوية شاملة في لبنان تبدأ بانتخاب رئيس وتنتهي بقانون انتخاب نيابي».
وتلقى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية محمد رعد اتصالاً من سفير فلسطين أشرف دبور، معزياً باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومستنكراً الجريمة الإرهابية. وشدد دبور على «وحدة العلاقة بين الشعبين الفلسطيني واللبناني». كما تلقى رعد اتصالاً من الرئيس سليمان معزياً ومستنكراً.
وأكد رئيس «تكتل بعلبك الهرمل» النيابي حسين الموسوي، أن «أعداءنا لن يعيقوا مسيرتنا. أميركا كانت ولا تزال الشيطان الأكبر، وما نشر من بيان منسوب الى «داعش» يتضمن دساً وتحريضاً على أهلنا الفلسطينيين والسوريين من خلال إظهار هوية الانتحاريين المضللين، ولا نشك أبداً في وعي مجتمعنا ورشده». |