طارق الفايد عمان ـ «القدس العربي»: في مبادرة منقطعة النظير هي الأولى من نوعها في الأردن، تناولت ندوة حقوقية قانونية موضوعا لم يطرح على الساحة الاعلامية المحلية وذلك لحالة الرعب التي يبثها في نفوس من يتحدث به أو يسمع عنه من المواطنين، وهو موضوع مدى دستورية محكمة المخابرات العامة.
«ان وجدت المحاكم الخاصة في أي مكان وجد الظلم والفساد»، من هذا المنطلق أكد عدد من الحقوقيين أن وجود محكمة خاصة في دائرة المخابرات العامة هو وجود غير دستوري، لأنها تفتقر لقواعد المحاكمات العادلة.
وأشار هؤلاء خلال ندوة نادرة في منزل الناشط السياسي حسام العبد اللات أنه، وخلال رجوعهم إلى النصوص القانونية، وجدوا أن محكمة المخابرات هي محكمة غير دستورية تنشأ بقرار من مدير المخابرات وليس من المجلس القضائي.
وأوضح محامي التنظيمات الاسلامية موسى العبد اللات أن القرارات الصادرة من هذه المحكمة قرارات قطعية أي لا يوجد فيها درجة ثانية (محكمة استئناف أو محكمة التمييز) وبالتالي حرمان منتسبي جهاز المخابرات من أفراد وضباط من هذا الحق الدستوري.
كما أن هناك مسألة دستورية أخرى – يضيف العبد اللات – وهي أن محكمة المخابرات تعقد داخل مبنى دائرة المخابرات العامة، ما يحدث ارباكا أمنيا لدى المحامين والشهود، وهذا يشكل مخالفة صريحة للمحاكمات العادلة.
ومن جانبه، أشار المحامي طاهر نصار إلى أن المحاكم الخاصة تقسم إلى قسمين، نوعي وفئوي. أما القسم الأول كمحكمة ضريبة الدخل ومحكمة الجمارك فهي محاكم فتتشكل بأمر من السلطة القضائية وتخضع أحكامها لرقابة القضاء المدني. وهي مظهر من مظاهر الاختصاص. كما يرى الكثير من الحقوقيين انه لا بأس من الاختصاص القضائي لتشعب القضايا وتنوعها على ان تكون جزءا من البنية القضائية بدون أي استقلال عنها.
أما القسم الثاني، وهو القسم الفئوي من المحاكم الخاصة كمحكمة الشرطة والمحكمة العسكرية ومحكمة المخابرات، فهي تختص بنظر القضايا الجزائية لفئة خاصة من الناس يمنع عرضهم على القضاء المدني كالعسكر والشرطة ورجال المخابرات. وهذه المحاكم تفتقر لقواعد المحاكمة العادلة منذ تأسيسها ومن عدة وجوه.
ولفت نصار في ورقة بحثية قدمها خلال الندوة، إلى أن هذه المحاكم تتشكل في التأسيس بأمر من قيادات الاقسام التابعة لها كمدير الأمن العام ورئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير المخابرات العامة، ويقسم قضاتها قسم ضباط القوات المسلحة أو الأمن العام، والذي يتضمن الطاعة وتنفيذ الأوامر للرتب الأعلى، إذ أن تعيينه أصلا وعزله يتم من تلك الرتب الأعلى.
وأكد أن المكلف بالقضاء في تلك المحاكم ينفذ الأوامر في كل المراحل متجاوزا احكام القانون، لأن عدم الالتزام بالأوامر نكوث بالقسم ويعرض صاحبه للاستبعاد من منصبه، معتبرا أن الفئات المتشابهة والمتقاربة تتعاطف مع بعضها فطريا ومهنيا. فيندر أن يدان رجل أمن لاعتدائه على الحريات العامة وعلى المواطنين لأن الأوامر أتته من رتبة أعلى منه. كما أنه لا يجوز للرتبة الأدنى محاكمة الرتبة الأعلى، وذلك يعني غياب أي ضمانة من ضمانات العدالة.
وأفاد الناشط الحقوقي، طاهر نصار، أن الاحكام الصادرة من المحاكم الخاصة لا قيمة واقعية لها ولا احترام للقانون فيها إذ نصت المادة 58 من قانون العقوبات العسكري في الفقرة (أ) على انه لرئيس هيئة الأركان ان يقرر كف الملاحقة الجزائية بحق أي ضابط أو فرد، وله الحق في احالة القضية إلى المحكمة العسكرية، مما يعني مزاجية الاحالة إلى القضاء من عدمها حسب مصلحة ورغبة الجهاز الذي يتبع له المشتكى عليه.
وجاء في الفقرة (ب) من المادة ذاتها انه «يحق لرئيس هيئة الأركان محاكمة أي ضابط أو فرد أمامه وأن يحكم عليه بعقوبة» أو أكثر. وهذا قمة المهازل إذ تصدر الاحكام من شخص غير القضاه.
وقد لا يكون لرئيس هيئة الأركان أو غيره من القادة أي خلفيات قانونية أو قضائية ولم تشترط قوانين تلك المحاكم أي شيء من ذلك.
وجاءت هذه الندوة بتنظيم من الناشط السياسي حسام العبد اللات وذلك بعد أن اشتكى شقيقه محمود، وهو برتبة نقيب مخابرات، من حجزه الانفرادي بقرار من محكمة المخابرات.
وحصلت «القدس العربي» على رسالة من النقيب محمود، وهي الأولى من نوعها داخل البلاد، تتحدث عن الظلم الذي تعرض له خلال اتهامه ومحاكمته داخل الجهاز الذي يعمل فيه، مبينا انه توجه بمظلمته لمن لديه الحق القانوني والاداري في دائرة المخابرات العامة لرفع الظلم عنه، مدعما بالوثائق والأدلة ومسنودا بنصوص القوانين واصول المحاكمات الجزائية. إلا انه لم يحصل إلا على التجاهل وعدم الاكتراث بموضوع طلبه الذي يتضمن «عزل هيئة المحكمة لوجود الخصومة».
كما ناشد النقيب محمود العبد اللات في رسالته التي جاءت تحت عنوان (إلى من يهمه الأمر) الملك عبد الله الثاني بصفته رمزا للبلاد ورئيس كل السلطات والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، بإنصافه في قضيته وسيادة القانون.
|