القاهرة - محمد صلاح يتجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى تعيين شخصيات محسوبة على الثورة في البرلمان المقبل، بهدف «إحداث توازن»، بعدما تصدر بعض أبرز خصوم الثورة وأعضاء سابقون في الحزب «الوطني» المنحل نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية التي أعلنت أمس.
وقال لـ «الحياة» مسؤول مصري إن «الرئاسة تبحث في قائمة الأسماء لتعيينها في البرلمان بقرار من رئيس الجمهورية، والغلبة فيها للشخصيات المحسوبة على ثورة يناير، وبينهم معارضون معروفون بموضوعيتهم، في محاولة لإحداث توازن في تركيبة المجلس». ويخوّل الدستور الرئيس تعيين 28 شخصاً في مجلس النواب. ويضم البرلمان 568 عضواً منتخباً.
وبدأ مرشحون نجحوا في المرحلة الأولى للانتخابات هجوماً على الثورة، حتى قبل إعلان اللجنة العليا للانتخابات النتائج النهائية مساء أمس، معتبرين أن تلك النتائج «تُظهر الحجم الحقيقي لأنصار الثورة في الشارع»، رغم تدني نسب المشاركة في جولتي الانتخابات.
وقالت لجنة الانتخابات ان نسبة المشاركة في الجولة الثانية من المرحلة الأولى بلغت 21٫7 في المئة، أي أقل من نسبة 26٫5 في المئة التي شهدتها الجولة الأولى. وقال مسؤول لـ «الحياة» إن «الرئاسة ليست راضية عن نسب الاقتراع، وكانت تتطلع إلى ارتفاعها... وعرضت جهات عدة تقاريرها على الرئيس في هذا الشأن».
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات مساء أمس النتائج النهائية للمرحلة الأولى من الانتخابات التي أجريت في 14 محافظة على نصف المقاعد. وحصد معظم المقاعد أعضاء سابقون في الحزب «الوطني» المنحل وشخصيات تعتبر الثورة التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك في العام 2011 «مؤامرة».
وأثار نجاح شخصيات تقود الحملة ضد الثورة، غضباً وسخرية بين مؤيدي الثورة. لكن مراقبين اعتبروا أن هذه النتائج «ليست مقياساً للشعبية» بسبب تدني المشاركة. وقال لـ «الحياة» الخبير السياسي عمار علي حسن إن «تلك النتيجة سببها أن أهل يناير في الغالب الأعم انسحبوا من المشهد. لو كانوا شاركوا لانقلبت المعادلة تماماً. الناس أوصلت رسالتها بهذه الطريقة... الإجراءات لم تكن سليمة، فمثلاً قائمة صحوة مصر التي كانت تضمّ في الغالب الأعم أصواتاً تنتمي إلى الثورة أُطيح بها بإجراءات مقصودة».
وأشار إلى «ضرورة التفكير في إحداث التوازن في البرلمان (عبر التعيين) إذا كان الرئيس يريد أن ينفخ في أوصال البرلمان ويجعله أكثر تمثيلاً لمصالح الناس». وأوضح أن «الفكرة الأساسية هي أن هناك قطاعات من الشعب، إن لم تجد من يمثلها في البرلمان، ستلجأ إلى إسماع صوتها بطريقة أخرى وهي الاحتجاج المباشر في الشارع».
واعتبر القيادي المنشق عن جماعة «الإخوان المسلمين» محمد حبيب أن «إحداث توازن في البرلمان المقبل عبر النسبة المُخصصة للرئيس لتعيينها تفكير جيد. يجب إحداث هذا التوازن من خلال شخصيات تمتلك الرؤية والخبرة والتجربة وتكون محيطة بكل مفردات العمل السياسي والثقافي».
وقال لـ «الحياة» إن «وصول شخصيات معادية للثورة إلى البرلمان لا يعبر بأي حال عن المزاج الشعبي... هناك قطاع قد نختلف في حجمه يهمه بالدرجة الأولى أن يعود عهد مبارك، وبالتالي هم يحاولون قدر الإمكان استعادة هذا الماضي الغابر الذي وصل إلى درجة من السوء والتدني والهبوط والانهيار بحيث أدى إلى الثورة... إحداث التوازن في البرلمان الجديد مهم جداً».
خصوم الثورة المصرية يهيمنون على البرلمان
القاهرة - أحمد رحيم أظهرت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية المصرية التي أعلنت أمس، هيمنة أشدّ خصوم الثورة التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك في العام 2011، على البرلمان الجديد المرتقب انعقاده قبل نهاية السنة.
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات مساء أمس النتائج النهائية للمرحلة الأولى من الانتخابات التي جرت في 14 محافظة وشملت نصف عدد مقاعد البرلمان البالغة 568. وشهدت الجولة الثانية من المرحلة الأولى تدنياً لافتاً في نسبة المشاركة التي بلغت في الجولة الأولى 26 في المئة، وتوقعت اللجنة ألا تتعدى 20 في المئة في جولة الإعادة.
وحصدت أصوات معارضة للثورة تجاهر باعتبارها «مؤامرة» مقاعد في البرلمان الجديد، وفاز أعضاء في الحزب «الوطني» المنحل الحاكم سابقاً بأكثر من ثلث المقاعد المخصصة للمنافسة بالنظام الفردي، وبنسبة أقل قليلاً من المقاعد المخصصة لنظام القوائم. كما نجحت شخصيات غير حزبية معادية للثورة. وقاطعت غالبية القوى المحسوبة على الثورة الانتخابات النيابية، احتجاجاً على قوانين تنظيمها.
وفاز تحالف «في حب مصر» بالمقاعد الستين المُخصصة لنظام القوائم في المرحلة الأولى، وسيحصد 15 مقعداً مُخصصة لقائمة غرب الدلتا في المرحلة الثانية، شرط حصوله على 5 في المئة من أصوات الهيئة الناخبة، إذ لا تنافسه قوائم أخرى في هذه الدائرة. ويضم «في حب مصر» شخصيات محسوبة على نظام مبارك، بينها أعضاء في «الوطني»، ومسؤولون عسكريون وأمنيون سابقون محسوبون على الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأثار نجاح شخصيات تقود الحملة ضد الثورة غضباً وسخرية بين مؤيدي الثورة. وقال لـ «الحياة» الخبير السياسي عمار علي حسن إن تلك النتيجة سببها أن «أهل (ثورة) يناير في الغالب الأعم انسحبوا من المشهد. لو كانوا شاركوا لانقلبت المعادلة تماماً». وأوضح أن «مؤيدي الثورة انسحبوا من مشهد الاقتراع لسبب بسيط، وهو أن مرشحي يناير كانوا قلة قليلة جداً وبالتالي لم ير الجمهور العام أهمية للمشاركة، وقدّر أن عدم المشاركة سيكون رسالة أبلغ من التصويت لعدد قليل من الثوار الذين ترشحوا، وهذا العدد إن نجح كله لن يؤثر في اتخاذ القرارات وصناعة التشريعات».
وأضاف أن «الناس أوصلت رسالتها بهذه الطريقة، ولو أن الشباب الذي مازال معترضاً على الانحرافات المستمرة عن مسار الثورة شارك لانقلبت الصورة. هذا الشباب لم يجد مرشحين لأن الإجراءات لم تكن سليمة، فمثلاً قائمة صحوة مصر التي كانت تضمّ في الغالب الأعم أصواتاً تنتمي إلى الثورة أُطيح بها بإجراءات مقصودة».
وحرص على تأكيد أنه يُصنف «الإخوان المسلمين» ضمن «الثورة المضادة، لأن كل ما فعلوه منذ انطلاق الثورة كان تآمراً عليها، والآن يستغلونها برفع لافتتها». وقال: «يفترض أن تجد الأصوات الثورية طريقها إلى البرلمان، فعلى سبيل المثال هناك 3 ممن خرجوا عن الإخوان يفترض تعيينهم في البرلمان، هم كمال الهلباوي ومحمد حبيب ومختار نوح، ومن الجماعة الإسلامية كرم زهدي وناجح إبراهيم، ومن اليسار يجب تعيين 10 شخصيات على الأقل كي يدافعوا عن الطبقات الفقيرة والعدل الاجتماعي، إضافة إلى بعض الشباب الموجودين في الشارع وسط جيلهم، ولديهم كفاءة وإمكانات وأداء برلماني جيد... ضروري أن يتم التفكير بهذه الطريقة. إذا كان الرئيس يريد أن ينفخ في أوصال البرلمان ويجعله أكثر تمثيلاً لمصالح الناس». ورأى أن «الفكرة الأساسية أن هناك قطاعات من الشعب إن لم تجد من يمثلها في البرلمان ستلجأ إلى إسماع صوتها بطريقة أخرى وهي الاحتجاج المباشر في الشارع».
وقال لـ «الحياة» نائب مرشد جماعة «الإخوان» السابق محمد حبيب إن «إحداث توازن في البرلمان المقبل عبر النسبة المُخصصة للرئيس لتعيينها تفكير جيد. يجب إحداث هذا التوازن من خلال شخصيات تمتلك الرؤية والخبرة والتجربة وتكون محيطة بكل مفردات العمل السياسي والثقافي. هذا شيء جيد».
واعتبر حبيب الذي انشق عن «الإخوان» قبل الثورة، أن «وصول شخصيات معادية لثورة يناير إلى البرلمان لا يعبر بأي حال عن المزاج الشعبي... هناك قطاع قد نختلف في حجمه، يهمه بالدرجة الأولى أن يعود عهد مبارك إلى ما كان عليه، وبالتالي يحاول قدر الإمكان استعادة هذا الماضي الغابر الذي وصل إلى درجة من السوء والتدني والهبوط والانهيار بحيث أدى إلى ثورة يناير. لكن إحداث التوازن في البرلمان الجديد مهم جداً».
ورداً على الاتهامات للثورة بأنها «مؤامرة»، كشف حبيب أنه تلقى في العام 2005 إبان توليه منصب النائب الأول لمرشد «الإخوان» اتصالات من «شخصيات دولية مرموقة أبلغتني بأن الأميركيين يعرضون على جماعة الإخوان تنظيم تظاهرات ضخمة في مصر، تدفع الرئيس السابق حسني مبارك إلى اعتقال الآلاف من الجماعة، فتتدخل الإدارة الأميركية لإزاحة مبارك عن الحكم والإفراج عن المعتقلين، على أن يتم تنصيب رئيس الوزراء الراحل عزيز صدقي رئيساً موقتاً، لأنه كان في تلك الفترة محل توافق وطني، للتجهيز لإجراء انتخابات تعددية يشارك فيها الإخوان بعد إدماجهم في العمل السياسي».
وأوضح حبيب أنه سأل عن المقابل المنتظر من الجماعة في حال تنفيذ هذا السيناريو، فوصله الرد بأن «الإدارة الأميركية تنتظر من الجماعة فتح الباب أمام المرأة للوصول إلى أعلى المناصب، ومنح الأقباط مزيداً من الحقوق، وضمان أمن إسرائيل»، لافتاً إلى أنه أبلغ الوسطاء بأن «هذا الأمر مرفوض والمطلوب هو الإصلاح والتغيير بسواعد المصريين».
وأشار إلى أن «طلب الإدارة الأميركية هذا لا يعني أن ثورة يناير مؤامرة، لأن شخصيات وطنية مصرية مثل الدكتور عبدالحليم قنديل والدكتور محمد السعيد إدريس وجورج إسحاق والدكتور عبدالجليل مصطفى، كانوا يطلبون من مكتب الإرشاد تحريك تظاهرات لحشد 100 ألف مواطن في ميدان التحرير من أجل إسقاط النظام، فهناك مصريون وطنيون من الدرجة الأولى طلبوا ذلك، وكون الغضب انفجر ضد نظام مبارك واستغله الأميركيون والوصوليون، فهذا لا يعني أن يناير مؤامرة». وأضاف: «إن كانت يناير مؤامرة، فماذا يمنع بعض الأصوات من القول إن ثورة يونيو (التظاهرات التي سبقت عزل الرئيس السابق محمد مرسي) هي الأخرى مؤامرة. الشعب المصري خرج طواعية واختار أن يقوم بالثورتين». |