التاريخ: تشرين الأول ٣١, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
فيينا تؤسس لحوار سوري وتتجنب الأسد وواشنطن تُرسل قوة خاصة إلى سوريا
العواصم الأخرى – الوكالات فيينا - موسى عاصي
لم يحدث الاتفاق على جولة جديدة من المحادثات في شأن الملف السوري بعد أسبوعين في فيينا أي مفاجأة، فمنذ ساعات الصباح الأولى برزت اشارات واضحة توحي بأن الأمور ذاهبة في هذا الاتجاه، انفتاح روسي - ايراني على الحديث عن كل المواضيع ومنها المرحلة الانتقالية، وفي المقابل تعديل في خطاب الفريق المناهض لبقاء الرئيس السوري بشار الاسد. فبعد اجتماع دام نحو ساعة لمجموعة "أصدقاء الشعب السوري" شدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على ضرورة مكافحة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة"، الى جانب الخطاب التقليدي عن وجوب تنحي الاسد عن السلطة في "أي عملية انتقال للسلطة"، وهي المرة الأولى التي يشمل الوزير الفرنسي "جبهة النصرة" بالحديث عن الارهاب.

وداخل قاعة الاجتماعات في فندق "أمبريال" وسط فيينا، واظب وزراء الخارجية لـ17 دولة ومنظمتين دوليتين هما الامم المتحدة بشخص المبعوث الخاص للامم المتحدة ستيفان ذو ميستورا، والاتحاد الاوروبي بشخص ممثلته العليا للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فديريكا موغيريني أكثر من سبع ساعات تخللتها استراحات قصيرة والكثير من الحوارات الجانبية بعيدا من القاعة. وفي نهاية المطاف، ترجم اللقاء الموسع ببيان من تسع نقاط، أهم ما جاء فيه هو التوافق على محاربة الارهاب، وعلى حق الشعب في تقرير مصيره، ودعوة الاطراف السوريين من حكومة ومعارضة الى الاجتماع والتحاور في رعاية الأمم المتحدة، الى جانب الاقرار بوحدة اراضي سوريا والحفاظ على سوريا دولة علمانية والسماح بوصول المساعدات الانسانية ومساعدة اللاجئين والمهجرين.

وعلى رغم تحديد موعد خلال 15 يوما للجولة التالية، فأن عدد المشاركين في هذه الجولة وهويتهم لم تتضح، والاحتمال الأكبر أن ينخفض العدد ليشمل الدول ذات التأثير المباشر فقط في الأزمة السورية، بما يشبه مجموعة العمل الدولية - الاقليمية التي اقترحتها الامم المتحدة لرعاية الحوار السوري - السوري.

وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي ضمه ووزير الخارجية الاميركي جون كيري ودو ميستورا، بأن الحملة العسكرية الروسية جاءت تلبية لطلب الحكومة السورية، وشدد على أن "موضوع الكفاح ضد الارهابيين تحدث عنه الجميع وتوصلنا الى هذا الموضوع اليوم، حيث اتفقنا على مكافحة كل المجموعات الارهابية، وسلطات روسيا ملتزمة مكافحة الارهاب استناداً الى القانون الدولي، ويجب ان يتم تنسيق العمليات العسكرية مع الامم المتحدة ومجلس الامن".

وتوافقت مواقف كل من كيري ولافروف على ضرورة أن يكون للشعب السوري الحق في تقرير مصيره، لكن الوزير الاميركي أوضح أن "وجهة النظر الاميركية حيال سوريا لم تتغير، ونحن نرى ان سوريا تستحق خيارا آخر غير الاسد، ولا يمكننا ان نسمح للاختلافات ان تعوق الديبلوماسية وسبل ايجاد الحل". واضاف انه "يجب اطلاق عملية مفاوضات حقيقية في شأن سوريا"، مكرراً ان "لا سبيل لحكومة موحدة مع استمرار الاسد في السلطة".

وفي حديث الى"النهار"، قال مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين امير عبد اللهيان: "أكدنا أن الشعب السوري هو من يحدد مستقبله وأن محاربة الارهاب مسألة رئيسية بالنسبة الينا، كما اكد أهمية المسار السياسي ودور الامم المتحدة في هذه العملية".

دور الامم المتحدة
وفي اشارة واضحة الى الدور المقبل للأمم المتحدة في الحوار، شارك دو ميستورا في المؤتمر الصحافي الختامي للافروف وكيري، كما كانت له لقاءات ثنائية عدة في فيينا. وفي البيان الختامي ان للأمم المتحدة الدور الاساس في الدعوة الى الحوار بين الاطراف السوريين، ولكن لم تتضح طريقة مشاركة السوريين وما اذا كانت ضمن اللقاءات الدولية - الاقليمية المقبلة، أم انها ستكون منفصلة عنها.

باسيل
وكانت لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل مداخلة في المؤتمر المغلق شدد فيها على الحل السياسي في سوريا وعلى عدم فرض اي قرارات على الشعب السوري الذي يعود اليه تحديد خياراته في شأن قيادته. وعرض للمشاكل التي يعانها لبنان جراء الحرب السورية من حيث النزوح وتمدّد الارهاب ودعا الى المساعدة في اعادة النازحين السوريين الى ارضهم وتقديم المساعدات لهم داخل سوريا لتشجيعهم على العودة كي يأتي الحل السياسي شاملاً ولا تبقى هناك مشاكل كبيرة دون معالجة جوهرية.
وأثر المؤتمر ابدى باسيل ارتياحه الى البداية الجديدة وخصوصاً لجهة اعتماد خيار الحل السياسي، آملاً في التوصل الى تفاهم يشمل كل القضايا الخلافية.

استراتيجية اميركية جديدة
وفيما كان اجتماع فيينا منعقداً، كشفت الولايات المتحدة عن خطط لإرسال قوات أميركية أولى على الأرض إلى سوريا في القتال ضد "داعش". وقالت إن عشرات من افراد القوات الخاصة سيرسلون مستشارين لفصائل تقاتل التنظيم المتشدد.

وصرح الناطق باسم البيت الأبيض جون إرنست في واشنطن: "الرئيس أوضح بجلاء أنه لن يكون هناك حل عسكري للمشاكل التي تعصف بالعراق وسوريا. هناك حل ديبلوماسي". وأضاف إن مهمة القوات الخاصة ستتمثل في "تدريب وإرشاد ومساعدة" الفصائل المحلية. وأوضح أن عدد القوات سيكون أقل من 50 جنديا و"أعتقد أننا لو كنا نهدف الى تنفيذ عملية قتالية فربما كنا سنرسل أكثر من 50 جنديا على الأرض".

وافاد مسؤول دفاعي اميركي إن أفراد قوات العمليات الخاصة الأميركية سيصلون إلى شمال سوريا خلال الشهر المقبل.
وأعلن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن أوباما وافق على نشر طائرات "أي-10 و"إف-15" في قاعدة انجرليك" بتركيا لدعم المعركة ضد التنظيم المتشدد وانه أقر تعزيز المساعدات العسكرية للأردن ولبنان من أجل التصدي لـ"داعش".

وعلى صعيد العمليات العسكرية، قال "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له، ان حصيلة القتلى جراء القصف الصاروخي لقوات النظام لمدينة دوما بريف دمشق، "ارتفعت الى 57 على الاقل بينهم خمسة أطفال"، متحدثا عن "مجزرة" في المدينة.
وفي شمال البلاد، قتل 32 شخصا بينهم 12 طفلا في غارات جوية شنتها طائرات حربية على احياء عدة خاضعة لسيطرة الفصائل في مدينة حلب.

وقال رئيس إدارة العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية الجنرال أندري كارتابولوف: "مر شهر منذ بدء عمل المجموعة الروسية الجوية في الجمهورية العربية السورية، وحان الوقت لاستخلاص بعض النتائج. إذ قامت طائراتنا خلال شهر بـ1391 طلعة عسكرية دمرت خلالها 1623 منشأة للإرهابيين".

وأكد المندوب الروسي الدائم لدى الامم المتحدة السفير فيتالي تشوركين ان سوريا توقفت عن القصف بالبراميل المتفجرة اثر دعوات متكررة من موسكو خصوصاً لوقف استخدامها لسقوط ضحايا من المدنيين.