التاريخ: تشرين الأول ٢١, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
تقدم تحالف موالٍ للسيسي على «الوطني» والسلفيين
القاهرة - أحمد مصطفى 
أظهرت نتائج اقتراع محافظات المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية المصرية، تقدماً متوقعاً لتحالف موالٍ للرئيس عبدالفتاح السيسي يقوده مسؤولون عسكريون وأمنيون سابقون، في مواجهة قوائم حزب «النور» السلفي وتحالف أحزاب محسوبة على نظام الرئيس السابق حسني مبارك وحزبه «الوطني الديموقراطي» المنحل.

وترسخ النتائج هيمنة السيسي على مقاليد صناعة القرار، إذ كانت قائمة «في حب مصر» التي ضمنت تقريباً جميع مقاعد نظام القوائم الستين المخصصة للمرحلة الأولى، أعلنت عزمها إدخال تعديلات يريدها الرئيس على الدستور لتقليص صلاحيات البرلمان لمصلحته. غير أن اللجنة العليا للانتخابات لم تعلن نسبة المشاركة التي لوحظ انخفاضها في شكل لافت. ويُنتظر أن تعلنها اليوم في مؤتمر صحافي. ولوحظ أن الناخبين رفضوا عودة «فلول الوطني» والإسلاميين، وأيدوا محسوبين على السيسي. فاكتسحت قائمة «في حب مصر» نتائج التصويت على قائمتي قطاع غرب الدلتا (15 مقعداً). ولم تفلح قائمة حزب «النور» السلفي، الممثل الوحيد لتيار الإسلام السياسي، في تحقيق غالبية خارج قواعد الحزب التقليدية في محافظة البحيرة وبعض دوائر الاسكندرية. أما تحالف «الجبهة الوطنية - تيار الاستقلال» الذي يضم مجموعة من الأحزاب التي خرجت من كنف «الوطني» يقودها حزب «الحركة الوطنية» بزعامة المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، فخرج من المنافسة مبكراً بتصويت محدود كشف عن ضعف بقايا الماكينة التنظيمية لـ «الوطني».

وفازت قائمة «في حب مصر» بمقاعد قائمة الصعيد (45 مقعداً) في مواجهة قائمتي «نداء مصر» التي تضم مستقلين وحلت في المرتبة الثانية، فيما جاءت «الجبهة الوطنية - تيار الاستقلال» في المركز الثالث. وإضافة إلى هاتين القائمتين، ضمنت «في حب مصر» الفوز بالتزكية بمقاعد قائمة شرق الدلتا (15 مقعداً) التي يجري الاقتراع عليها في المرحلة الثانية، ليتبقى لها انتزاع 45 مقعداً في قائمة قطاع القاهرة من منافسيها حزب «النور» وائتلاف «الجبهة الوطنية» وقائمة «التحالف الجمهوري».

وجرت المرحلة الأولى على 226 مقعداً للنظام الفردي و60 مقعداً لنظام القوائم في 14 محافظة هي الجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والوادي الجديد والإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح.

وأحيلت غالبية المقاعد الفردية على جولة الإعادة. وكان لافتاً الحضور القوي للأحزاب فيها. وجاء حزب «المصريين الأحرار» الذي أسسه البليونير نجيب ساويرس في الصدارة، فمن بين 112 مرشحاً دفع بهم الحزب سيخوض نحو 50 مرشحاً جوله الإعادة. وحل حزب «مستقبل وطن» المؤيد للسيسي في الترتيب الثاني، إذ فاز مرشحه جمال آدم بمقعد في محافظة الوادي الجديد (جنوب مصر)، فيما يخوض 45 من بين 88 مرشحاً للحزب جولة الإعادة.

أما حزب «الوفد» فضمن خوض نحو 25 مرشحاً المنافسة في الإعادة. وأعلن رئيس «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» محمد أبو الغار أن خمسة من مرشحي حزبه سينافسون في جولة الإعادة، داعياً الناخبين إلى «المشاركة بقوة في الجولة الثانية لاختيار من يمثلهم وفقاً لقدرته وكفاءته على إنجاز مهام النائب البرلماني».

وأكد رئيس حزب «الجيل» المنخرط في تحالف «الجبهة الوطنية» ناجي الشهابي أن نحو 25 مرشحاً عن الائتلاف سيخوضون الإعادة، لكنه عزا الخسارة التي مُني بها تحالفه في القوائم إلى «تدخلات من الدولة لإنجاح قائمة في حب مصر». وقال لـ «الحياة» إن تحالفه «يدرس الانسحاب من التشريعيات بسبب تلك الأوضاع».

وأشارت النتائج إلى دخول 22 مرشحاً عن حزب «النور» إلى جولة الإعادة، لكن نائب رئيس الحزب رفض مصطفى خليفة رفض تأكيد الحصيلة، وقال لـ «الحياة» إن «لجان الحزب لا تزال تعكف على حصر الأعداد وسيتم إعلانها في مؤتمر صحافي». غير أن رئيس الحزب يونس مخيون عزا الهزيمة التي مُني بها حزبه إلى «الهجوم الحاد وغير المبرر الذي تعرض له النور من كل وسائل الإعلام وبعض وسائل الإعلام المملوكة للدولة، وتم هذا الهجوم حتى أثناء فترة الصمت الانتخابي». ورأى أن «الإعلام كان يعمل على تخويف المواطنين من الحزب... الحزب لا يتبنى العنف مطلقاً ويقف إلى جانب الدولة، وشاركنا في كل استحقاقات خريطة الطريق. كنا نتمنى أن تتم الانتخابات في جو من الحياد التام على خلاف ما عشناه».

وكان الناطق باسم لجنة الانتخابات عمر مروان استبق إعلان النتائج الأولية بنفي إصدار أي نسب للحضور والمشاركة في المرحلة الأولى، مؤكداً أن «نسب المشاركة والحضور في الانتخابات التي تم تداولها كافة غير صحيحة جملة وتفصيلاً، ولم تصدر عني أو عن أي من أعضاء اللجنة». ودعا وسائل الإعلام إلى «تحري الدقة».

وأشار إلى أن «لجنة الانتخابات تلقت 289 بلاغاً وشكوى وتم التحقيق فيها بالكامل، وتبين أن معظمها يمثل بلاغات وشكاوى كيدية وتتضمن وقائع غير صحيحة وغير جدية»، موضحاً أن «جانباً من الشكاوى كان يتعلق بإجراء عمليات دعاية لمرشحين في محيط اللجان الانتخابية وفي مناطق أخرى». ولفت إلى أن «تلك الشكاوى أحيلت على لجنة رصد المخالفات لتتولى فحصها واتخاذ اللازم فيها».

وأكد أن «اللجان الانتخابية العامة ستعلن الحصر العددي للجان الفرعية التابعة لها، وأن النتيجة النهائية للعملية الانتخابية ستعلنها اللجنة بعد إجراء الحصر الكامل للجان الانتخابية العامة مضافاً إليها نتائج الحصر الخاص بتصويت المصريين في الخارج».

وعزا رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» محمد أنور السادات ارتباك المشهد الانتخابي الذي تجلى في عزوف كبير للناخبين إلى «سياسات الدولة الخطأ». ورأى أن عزوف الناخبين «أدى إلى ضياع جهد مرشحي الحزب والداعمين لهم وغياب روح التنافس بل وتنامي الشعور لدى الناخبين بأن ما سيقدمه الجدد من المرشحين لن يختلف كثيراً عما قدمه من سبقوهم». وأوضح أن «الانطباع الذي تم الترويج له عن البرلمان وتعطيله للرئيس وخطط التنمية والتأجيل المتكرر للانتخابات والحديث عن تعديل الدستور وغيرها من الأسباب التي تتحمل الدولة مسؤوليتها، جعل البرلمان عديم الأهمية في نظر الكثيرين للأسف واعتبروه خطوة لعرقلة مسار الدولة فأصبح وجود البرلمان أهم خارجياً أكثر منه داخلياً، وبالتالي لم يعد البرلمان بمرشحيه يمثل الكثير لدى غالبية المصريين».

واستنكرت وزارة الخارجية أمس «محاولات بعض الصحف الغربية استباق نتائج الانتخابات البرلمانية وتفسير انخفاض نسب المشاركة على أنه مؤشر على تراجع تأييد الشعب لقيادته الحالية وعدم مشاركة الإخوان»، معتبرة أن «هذه المحاولات تكشف يأس أصحابها واستمرار منهج الترصد ولي الحقائق».

وقال الناطق باسم الخارجية أحمد أبو زيد إن «مثل تلك المواقف تعبر عن يأس من يتبنونها بعد أن خسروا كل محاولة على مدار العام الماضي لتشويه صورة مصر والإيحاء بتراجع عملية التحول الديموقراطي فيها». وأعرب عن «اندهاشه لمحاولات القفز إلى استنتاجات في شأن نتائج الانتخابات ومدلولاتها، في وقت شرعت فيه تلك الصحف في طباعة نسختها الأولى قبل انقضاء اليوم الأول من المرحلة الأولى للانتخابات، ما يؤكد وجود نية مبيتة لتشويه الصورة».

وأضاف أن «محاولات الإيحاء بغياب أشكال المعارضة السياسية كافة في الانتخابات لمجرد عدم مشاركة تنظيم الإخوان، والتشكيك في قدرة البرلمان الجديد على سن التشريعات، رغم ما يمنحه الدستور لمجلس النواب من صلاحيات واسعة في هذا الشأن، كلها تبرهن على عدم صدقية تلك الصحف». ورأى أن «أي مراقب أو محلل يتمتع بحد أدنى من الصدقية والإلمام بديناميات الحياة السياسية في مصر، يدرك بما لا يدع مجالاً للشك أن الانتخابات البرلمانية هذا العام تخضع لاعتبارات ومعايير كثيرة ومتشعبة، يرتبط بعضها بوضع الأحزاب والقوى السياسية، وبرامج المرشحين، ومدى معرفة الناخب بها، وحال الإرهاق الانتخابي التي تمر بها مصر بعد ثمانية انتخابات على مدار أربعة أعوام، فضلاً عن تراجع حال الاستقطاب السياسي السلبية التي خيمت على أجواء انتخابات سابقة».

واعتبر أن «أي محاولة لتصوير الانتخابات البرلمانية هذا العام على أنها تمثل شكلاً من أشكال الاستفتاء على حجم دعم الشعب المصري لقيادته، هي محاولة يائسة ومحكوم عليها بالفشل، لا سيما أن أصحاب هذا الرأي لا يتمتعون بأي صدقية، لكونهم أنكروا في السابق قرائن ودلائل مكتملة الوضوح في شأن تطورات إيجابية على الساحة المصرية، مثل مشروع قناة السويس الجديدة، فضلاً عن محاولات إنكار المدلولات الإيجابية للعديد من الإنجازات التي حققتها مصر أخيراً على المستويين الإقليمي والدولي، وآخرها التأييد الدولي الكبير لحصول مصر على المقعد غير الدائم في مجلس الأمن، والتدفق الإيجابي للاستثمارات الأجنبية، والنجاح الذي يتحقق كل يوم في جهود مكافحة الإرهاب».