القاهرة - أحمد
مصطفى فتح المصريون المغتربون، بإقبالهم أمس على الاقتراع في المرحلة الأولى
لانتخابات مجلس النواب (البرلمان)، الباب أمام «انتصار» جديد في جولة حاسمة من الصراع بين الدولة وجماعة
«الإخوان المسلمين»، وفق ما يقول مراقبون، فيما تتأهب السلطات المصرية لانطلاق الاقتراع في الداخل اليوم
الأحد. وتسلمت قوات الجيش والشرطة لجان الاقتراع في 14 محافظة مصرية.
وبعد طول
انتظار وجدل داخل ساحات القضاء، أطلق المصريون المغتربون أمس ماراثون الانتخابات التشريعية كآخر
استحقاقات خارطة الطريق التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، إذ توافد الناخبون في 139 دولة في
الخارج إلى السفارات والقنصليات المصرية لاختيار 286 نائباً يمثلون محافظات المرحلة الأولى، ولوحظ أن
الإقبال كان متفاوتاً بين متوسط في دول الخليج، التي تمتلك أعلى كتلة تصويتية، وضعيف في الدول الغربية
والتي يتوقع أن يزيد فيها الإقبال اليوم الذي يمثّل عطلة رسمية.
ويدلي كل ناخب
بصوته في الأوراق الخاصة بالتصويت في الدائرة المدوّن بها محل إقامته داخل مصر، والثابتة في بطاقة
الهوية الخاصة به أو في جواز السفر.
وكانت جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها
أعلنوا رسمياً مقاطعة الاستحقاق، لكن معلومات أفادت بأن العشرات من أنصارها يخوضون
المنافسة.
ويتزامن مع اليوم الثاني للاقتراع في الخارج، انطلاق التصويت في
الداخل والذي يستمر إلى غد (الإثنين) ويجري في 5460 مركزاً تتوزع على 14 محافظة هي: الجيزة والفيوم وبني
سويف والمنيا وأسيوط والوادي الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية والبحيرة
ومرسى مطروح.
ومن المقرر أن يتم إعلان نتائج المرحلة الأولى في 20 الشهر
الجاري، قبل أن تنطلق جولة الإعادة التي تعلن نتائجها نهاية الشهر، قبل انطلاق المرحلة الثانية من
التشريعيات في 13 محافظة هي القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية
ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوبها.
وأوضح الناطق باسم
اللجنة العليا للانتخابات عمر مروان أن المصريين في الخارج بدأوا التصويت في 110 دول أجنبية، بسبب فرق
التوقيت بين مصر وبقية الدول التي تجري فيها الانتخابات، مشيراً إلى إن الإقبال «متوسط»، داعياً
المصريين إلى المشاركة بكثافة لاختيار من يمثلهم في البرلمان. وقالت وزارة الخارجية إن الوزير سامح شكري
يتابع أولاً بأول عملية تصويت المغتربين، وطالب بتذليل كل العقبات التي تواجه الناخبين، وتقديم المساعدة
الواجبة لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، وتشجيع أبناء الجاليات المصرية على ممارسة حقهم
الانتخابي.
ومن المقرر أن تتم عمليات فرز الأصوات عقب انتهاء عمليات التصويت
بكل سفارة مساء اليوم الأحد وفق توقيت كل دولة، حيث تقوم البعثات الديبلوماسية بعمليات فرز الأصوات وحصر
الأعداد التي حصل عليها كل مرشح على المقاعد الفردية، وكذلك ما حصلت عليه كل قائمة انتخابية، وإرسال تلك
الإحصاءات إلى اللجنة العليا للانتخابات، والتي تقوم بدورها بإضافة تلك الأصوات إلى الأصوات التي
سيحصلون عليها في الداخل، تمهيداً لإعلان النتيجة النهائية.
أما على صعيد
الانتخابات في الداخل، فأنهت السلطات المصرية استعداداتها لاستقبال نحو 27 مليوناً للاختيار بين 2573
مرشحاً، 65 في المئة منهم مستقلون، أما الـ35 في المئة المتبقية فتتوزع بين الأحزاب السياسية، فيما
تتنافس 8 قوائم انتخابية على المقاعد المخصصة بنظام القوائم المغلقة وتتوزع بين دائرة «قطاع الصعيد»،
تضم كل قائمة منها 45 مرشحاً، وهي قوائم: نداء مصر، وكتلة الصحوة الوطنية المستقلة، وفي حب مصر، وائتلاف
الجبهة المصرية وتيار الاستقلال. في حين يخوض المنافسة في دائرة «قطاع غرب الدلتا» 4 قوائم أخرى، يضم كل
منها 15 مرشحاً، وهي قوائم: في حب مصر، وحزب النور، وفرسان مصر، وائتلاف الجبهة المصرية وتيار
الاستقلال.
ويصوت كل ناخب لمصلحة عدد من المرشحين على المقاعد الفردية في
دائرته، والذين تتفاوت أعدادهم بين دائرة وأخرى، حيث تتراوح بين مقعد واحد وحتى 4 مقاعد، وهو الأمر الذي
يحتم على الناخب الاستعلام عن عدد مقاعد الفردي في دائرته قبل إدلائه بصوته، بما يتيح له التصويت بصورة
صحيحة إلى جانب اختياره قائمة واحدة من القوائم الانتخابية المتنافسة.
وتجري
العملية الانتخابية بأكملها تحت إشراف نحو 16 ألف قاض، ومتابعة 81 منظمة مجتمع مدني وجمعية محلية تضم 17
ألفاً و465 متابعاً، إلى جانب 6 منظمات دولية تضم 546 متابعاً و171 مترجماً معتمداً. كما تم السماح لـ
68 سفارة أجنبية بمتابعة الانتخابات.
وأعلنت المؤسسة العسكرية أمس أنه تم
تخصيص عدد من طائرات النقل العسكرية للعمل كمجهود جوي لنقل أكثر من 1100 قاض من أعضاء الهيئات القضائية
المشرفة على الانتخابات إلى الأماكن النائية والمنعزلة. وأوضحت في بيان أن المناطق التي يشملها القرار
هي الوادي الجديد وسوهاج والأقصر والبحر الأحمر وأسوان وقنا ومطروح وأسيوط، بهدف تسهيل مهمة القضاة
وتخفيف العبء عنهم وضمان استلام اللجان في التوقيتات المحددة لها.
من جانبه،
شدد مفتي مصر الدكتور شوقي علام على أن ما يتناقله البعض من فتاوى مسيسة لتحريم المشاركة في الانتخابات
أو لصد الناس عن الإدلاء بأصواتهم هي «فتاوى باطلة ومجافية للشرع الحنيف لأنها توظف النصوص والأحكام
الدينية لخدمة الأغراض والأهداف السياسية الخاصة لدى جماعات لا تريد الخير والاستقرار
لمصر».
السيسي يراهن على المشاركة لطي صفحة
«الظلم والفاشيّة»
ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، بثقله وراء حشد
الناخبين المصريين إلى صناديق الاقتراع، في الانتخابات التشريعية التي انطلقت مرحلتها الأولى أمس بتصويت
المغتربين، ما يجعل آخر استحقاقات خارطة الطريق بمثابة استفتاء جديد على استمرار شعبيته في
الشارع.
وحرص السيسي على توجيه كلمة للمصريين عشية انطلاق الاقتراع في الداخل،
ركّز فيها على دعوتهم إلى الذهاب لاختيار ممثليهم في البرلمان، منبّهاً إلى أن «إرادتكم الوطنية الحرة
وعزيمتكم الصلبة كانتا أداة لتحقيق أحلامكم في القضاء على الاستبداد واختطاف الوطن تحت شعارات مزيفة».
وأضاف: «لقد كان اصطفافنا جميعاً من أجل هدف واحد طريقاً لإنفاذ هذه الإرادة، ولم يكن صوتنا الوطني الحر
ليصل إلى العالم لولا توحّدنا، ولعل مشهد ملايين المصريين الذين ملأوا الشوارع والميادين من أجل إسقاط
الظلم والفاشية (في إشارة إلى ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013) سيظلّ رمزاً على أن اصطفافنا حتمي من
أجل الوطن». ونبّه إلى أهمية الاستحقاق التشريعي «الذي سينتج لنا مجلس النواب صاحب السلطة التشريعية
والدور الرقابي، وصوت الشعب، وترتكز أهمية مجلس النواب القادم في اضطلاعه بسن التشريعات والقوانين كافة
المكملة للدستور». |