التاريخ: تشرين الأول ١٨, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
جهود إقليمية لتشكيل «هيئة التحرير السورية» لمواجهة «الاحتلال الروسي - الإيراني»
لندن - ابراهيم حميدي 
تجري دول إقليمية بينها تركيا وقطر اتصالات مع الفصائل المسلحة في المعارضة السورية لتشكيل «هيئة التحرير السورية» والتعامل مع التدخل الروسي - الإيراني على أنه «احتلال» على أساس قناعة مسؤولين في هذه الدول وقياديين معارضين بأن «الثورة انتصرت ودخلت في مرحلة التحرير من الاحتلال». وأعرب قادة في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض عن القلق من مساعٍ لتشكيل جسم سياسي جديد يرمي إلى «الإطاحة» بـ «الائتلاف».

وقال مسؤولون سياسيون وعسكريون في المعارضة لـ «الحياة» إن وزير الخارجية القطري خالد العطية ومسؤولين في هيئة الأركان في الجيش وفي الاستخبارات في قطر وتركيا التقوا قبل أيام قادة عدد من الفصائل المسلحة بينها «حركة أحرار الشام الإسلامية» في اسطنبول، إضافة إلى لقاءات مسؤولين من دول اقليمية أخرى مع «أحرار الشام» و «جيش الإسلام» و «فيلق الشام» بهدف تنسيق الجهود بينها باعتبار أن «المرحلة الراهنة تتضمن زيادة الدول الإقليمية لمستوى الدعم العسكري لهذه الفصائل لمنع روسيا وحلفائها من تحقيق أهدافها من حملتها الجوية ودعم القوات النظامية في استعادة مناطق المعارضة في وسط سورية وشمالها». ودفع العطية ومساعدوه في الاجتماعات المغلقة باتجاه تشكيل «هيئة التحرير» للتنسيق العسكري بين الفصائل وتشكيل مجالس محلية ومدنية وسياسية داخل البلاد مع إعطاء دور إضافي لرجل الأعمال مصطفى الصباغ ورئيس الوزراء الأسبق رياض حجاب المقربين من الدوحة، ما يعني تغييراً في التوازنات القائمة حالياً في «الائتلاف»، الأمر الذي فسره قادة آخرون في «الائتلاف» بأنه بمثابة «خطة للإطاحة بالائتلاف ومحاصرته».

وكان حوالى 40 فصيلاً مسلحاً بينها «أحرار الشام» و «فيلق الشام» الفاعلان في شمال سورية وشمالها الغربي و «جيش الإسلام» الناشط قرب دمشق وقعوا بياناً دعوا فيه «دول المنطقة إلى تشكيل تحالف إقليمي ضد روسيا وإيران في سورية». وأضاف البيان الذي لم توقع عليه «جبهة النصرة» إن التعاون لازم لمواجهة التحالف الروسي - الإيراني الذي «يحتل سورية».

اللافت، أن هذا جاء بعد أيام من توصل «الائتلاف» وكبريات الفصائل المسلحة إلى موقف مشترك بعد سلسلة من الاجتماعات السياسية، تضمن «رفض التصعيد العسكري الروسي المباشر في سورية ويتحمل مسؤوليته النظام الذي حوّل سورية إلى مرتع للتدخل الأجنبي». وزاد: «التصعيد قد يشكل نقطة لا عودة في العلاقة بين الشعب السوري من جهة وروسيا من جهة أخرى ويظهر بطريقة لا تحتمل الشك أن روسيا لم تكن جادة أو صادقة في التزامها بالعملية السياسية، وأنها لم تكن يوماً وسيطاً نزيهاً وإنما طرفاً من أطراف الصراع وحليفاً أساسياً للنظام»، مكرراً وصف تدخل روسيا وإيران بـ «الاحتلال».

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قمة سيدات مجموعة العشرين في اسطنبول أول أمس إن «ما يجري في سورية تخطى مرحلة الثورة إلى حرب استقلال يخوضها الشعب السوري، ونحن نفهم جيداً الشعب السوري كوننا خضنا حرب استقلال في الماضي، لذا نحن في تركيا ندعمه شأننا شأن أي دولة تقف إلى جانب الديموقراطية والحريات».

ووفق مسؤولين معارضين، فإن تحرك «أصدقاء المعارضة» بعد التدخل العسكري الروسي نهاية الشهر الماضي سار على مسارين: الأول، زيادة الدعم العسكري سواء القادم عبر البرنامج السري التابع لـ «وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي اي أيه) وأجهزة استخبارات غربية واقليمية الممثلة في غرفتي العمليات في تركيا والأردن والمخصص لفصائل مختارة من «الجيش الحر». وتأكد وصول حوالى 500 صاروخ «تاو» اميركي مضاد للمدرعات إلى فصائل المعارضة. وقال قيادي في «الجيش الحر» لـ «الحياة» أمس: «كانت هناك سابقاً شروط قاسية للحصول على الصاروخ تتضمن إعادة فوارغ الصواريخ بعد إطلاقها وتصوير كل عملية وتدمير لآلية، أما الآن، فإن غرف العمليات تقدم الصواريخ لكل فصيل يطلق الموجود عنده من دون حاجة للفوارغ والتصوير، خصوصاً بعد قصف طائرات روسية موقع بعض الفصائل المدرجة على قائمة البرنامج السري في ريفي حماة وادلب»، لافتاً إلى بدء ظهور «تاو» في ريف درعا حيث دمر «الجيش الحر» أمس دبابة في بلدة الشيخ مسكين وإلى توقع بتصعيد العمليات العسكرية بين الاردن ودمشق في الأيام المقبلة و «إن كان وجود لواء شهداء اليرموك (المحسوب على داعش) يعرقل سير المعارك».

ويختلف البرنامج السري لـ «سي أي ايه» عن البرنامج العلني التابع لوزارة الدفاع الاميركية (بنتاغون) المخصص لمحاربة «داعش»، وقررت ايقافه لمصلحة تحويل جزء من موازنته البالغة نصف بليون دولار أميركي لمصلحة دعم «الجيش السوري الديموقراطي» (جسد) الذي يضم مقاتلين أكراداً وعرباً استعداداً للهجوم على الرقة عاصمة «داعش» شرق سورية بعد وصول ذخائر ألقتها طائرات أميركية.

الثاني، العمل على زيادة التنسيق العسكري والسياسي بين الفصائل المعارضة لـ «استيعاب التسليح الإضافي القادم وطبيعة المعركة التي تتحول من مواجهة قوات النظام إلى مقاومة التدخل الروسي وغارات طائرات روسيا». وأوضح مسؤول انه بعد حل هيئة الاركان في «الجيش الحر» في 2013 بدأت الدول الحليفة تقديم الدعم في شكل مباشر إلى الفصائل المختارة عبر البرنامج السري لـ «سي أي ايه»، الامر الذي واجهته فصائل اسلامية غير مدرجة في هذا البرنامج بمحاولة التوحد في «الجبهة الاسلامية» أو «مجلس قيادة الثورة» الذي ضم نوعاً من التنسيق بين بعض الفصائل لكنه بقي دون الهدف المعلق.

وحاول رئيس «الائتلاف» خالد خوجة أخيراً التنسيق مع الفصائل المسلحة وعقد اجتماعات دورية لتنسيق المواقف السياسية كما حصل في بيان رفض المشاركة في اللجان الأربع المقترحة من المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ودعوة الدول الاقليمية لـ «التوحد ضد الاحتلال الروسي - الإيراني». وأشار قيادي في «الجيش الحر» إلى اتصالات جرت في الفترة الأخيرة بين المكاتب السياسية والقيادات العسكرية في الفصائل المسلحة لتنسيق المواقف و «عدم الاكتفاء بتوقيع البيانات خصوصاً بعد التدخل الروسي» على أمل الوصول إلى «تنسيق عال بين جميع الفصائل عدا المحسوبة على تنظيم القاعدة، بهدف منع روسيا وحلفائها من تحقيق أهدافها في الفترة المقبلة».

وتوقع أن تسفر الاتصالات بين فصائل المعارضة والتوازنات الاقليمية بين حلفاء المعارضة عن «رفع مستوى التنسيق بين الفصائل الاسلامية وبين جبهتي الشمال القريبة من تركيا وقطر وجبهة الجنوب القريبة من الاردن»، مشيراً إلى استبعاد الوصول إلى «تكتل واحد في المدى المنظور».