التاريخ: تشرين الأول ١٤, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
مبارزة روسية - أميركية على الساحة السورية
واشنطن - جويس كرم 
على رغم تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن واشنطن «لن تدخل في حرب بالوكالة ضد روسيا في سورية» بعد أسبوعين من إطلاق موسكو ضرباتها الجوية، تحيط علامات التنافس والمواجهة غير المعلنة بين الدولتين ميادين القتال السورية. فمن الاستعدادات الأميركية لبدء «معركة الرقة» شمالاً، إلى تقدّم المعارضة جنوباً، والعودة إلى الحديث عن تحصين دمشق أو إسقاطها، يتبارز خصما الحرب الباردة سابقاً في الملعب السوري.

وقالت مصادر غربية زارت روسيا أخيراً لـ «الحياة» إن توقيت الضربات الروسية جاء في شكل مستعجل «على غير عادة» الرئيس فلاديمير بوتين، وإن مسؤولاً روسياً برر هذا الاستعجال بالقول: «لو لم نتحرك لكانت سقطت دمشق خلال شهرين». ونقلت هذه المصادر عن المسؤول الروسي قوله أيضاً إن موسكو استعجلت التحرك العسكري بعدما رأت تضعضع قبضة النظام السوري وعدم امتلاك إيران القدرة الكافية على تعويمه.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن الضربات التي يشنها الروس في حمص تحديداً هي لتحصين «الممر إلى دمشق» من مناطق الساحل السوري، حيث معاقل النظام. ولا تنفي مصادر أميركية العمل باتجاه الضغط على النظام في العاصمة السورية، وهو أمر تعتبره دوائر أميركية نافذة «مفتاح الحل» كون اهتزاز سلطة النظام في دمشق يعني توجيه ضربة كبيرة إلى «شرعيته».

وفي حين لا تتعارض الاستراتيجيتان الروسية والأميركية في هدف تفادي انهيار مؤسسات الدولة السورية واعتبار «جبهة النصرة» وبعض الفصائل الأخرى في «جيش الفتح» أنها «مثيرة للإشكال»، فإنها تفترق حول «آلية الحل» وموقع الرئيس السوري بشار الأسد. وهنا ترى واشنطن أن الضغط لإخراج الأسد من السلطة سيفتح أفق الحل، فيما ترفض موسكو حتى الساعة الموافقة على جدول زمني لخروجه.

وفي الإطار نفسه، يبدو أن هناك سباقاً أميركياً - روسياً مع الوقت لتغيير الوقائع على الأرض في شمال سورية وشرقها. إذ تشير الضربات الروسية المكثفة في المناطق الفاصلة بين محافظتي إدلب وحماة إلى أن موسكو تسعى إلى كسر إرادة المعارضة المسلحة لمصلحة الأسد وإجبارها على التفاوض بعد فرض ديناميكية جديدة. وقالت مصادر غربية لـ «الحياة» إن روسيا تحاول «جمع لائحة بفصائل الجيش الحر التي يمكن التواصل معها» والدفع معها بحل سياسي في مرحلة لاحقة.

إلا أن تحركات الجانب الأميركي - على رغم تخفيض أوباما اللهجة حول سورية وفض برنامج تدريب «المعتدلين» - تعكس في الوقت ذاته تصعيداً ميدانياً رداً على التحرك الروسي العسكري. فالإعلان عن زيادة التسليح لـ «الجيش الحر» عبر «نيويورك تايمز» قبل أسبوع، وإعطاء الضوء الأخضر لحلفاء آخرين لتسليح المعارضة، والإعداد لبدء «معركة الرقة» على أيدي تحالف كردي - عربي مدعوم من طائرات التحالف، كلها تدخل ضمن أدوات واشنطن لتغيير صورة النزاع. وفي حال ساهمت واشنطن في تحرير الرقة فعلاً من أيدي «داعش»، فإنها تكون بذلك قد رسّخت قوة تحالفها في محاربة هذا التنظيم المتشدد، في مقابل اتهام بوتين بأنه «يضرب المعتدلين ويطيل أمد الحرب» من خلال ضربه تنظيمات مناوئة لـ «داعش».

ويبقى أن الجانب الأميركي يراهن على فشل الخطوة الروسية في المدى الأبعد وبسبب أزمة النظام السياسية. ويقول مسؤول أميركي لـ «الحياة» إن روسيا «بإمكانها إطالة فترة الأزمة لكن لن يكون بإمكانها إنقاذ الأسد».