القاهرة - أحمد مصطفى ظهرت ملامح التركيبة السياسية للبرلمان الجديد، والمتوقع التئامه قبل نهاية العام الحالي، وفقاً للجدول الزمني للانتخابات النيابية التي دخلت مرحلة فحص طعون المستبعدين من لوائح الترشح، تمهيداً لانطلاق الدعاية الانتخابية. ورسخت لائحة مبدئية للمرشحين اعتقاداً بأن الغلبة داخل قبة البرلمان المقبل ستكون للمستقلين، وسط حضور مفتت لكتل الأحزاب السياسية، التي يتوقع أن تقتسم المقاعد بين حزب «النور» السلفي الممثل الوحيد للتيار الإسلامي في الانتخابات، والأحزاب المدنية.
وبالنظر إلى علاقة القوى المتنافسة على مقاعد البرلمان (568 مقعداً) بين بعضها بعضاً وعلاقاتها مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لا يتوقع ان يواجه الأخير مطبات صعبة في علاقته بنواب البرلمان خلال الفترة المتبقية من ولايته.
ويجري الاستحقاق التشريعي الذي يمثل آخر محطات خارطة الطريق التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، على مرحلتين تنطلق الأولى منهما منتصف الشهر المقبل، في محافظات الجيزة والفيوم، وبني سويف، والمنيا، وأسيوط، والوادي الجديد، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان، والبحر الأحمر، والإسكندرية، والبحيرة، ومرسى مطروح، قبل أن تبدأ المرحلة الثانية في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في محافظات القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء.
ووفقاً لقانون تنظيم الانتخابات، الذي تحفظت عليه غالبية القوى السياسية، فإن المنافسة على مقاعد البرلمان، ستنقسم بين 448 مقعداً خصصت للمنافسة بالنظام الفردي، فيما 120 مقعداً آخر موزعة على أربع دوائر انتخابية، سيتم التنافس عليها بنظام القوائم المغلقة.
وأظهرت لائحة مبدئية للمرشحين أعلنت الأسبوع الماضي ضعف المنافسة على مقاعد القوائم، بعدما استبعدت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات 6 قوائم انتخابية من أصل 15 قائمة تقدمت بأوراقها. وستكون قائمة «في حب مصر»، التي تضم سياسيين وعسكريين سابقين، الأوفر حظاً في حصد حصة معتبرة من مقاعد القوائم، إذ إنها الوحيدة التي تنافس على الدوائرالأربع ، بينها قائمة دائرة «شرق الدلتا»، التي ضمنت «في حب مصر» الفوز بمقاعدها (15 مقعداً)، بالتزكية، فيما سيخوض منافسها - حزب «النور» السلفي - المنافسة بقائمتين على دائرتي «غرب الدلتا» التي تضم 15 مقعداً وقطاع القاهرة التي تضم 45 مقعداً.
في المقابل سيكون لائتلاف «الجبهة المصرية وتيار الاستقلال»، الذي يضم مجموعة من الأحزاب المحسوبة على نظام الرئيس السابق حسني مبارك، ولتحالفي «الصحوة الوطنية» و»الجمهوري للقوى الاجتماعية» اللذين يغلب عليهما المستقلون، ممثلون بقائمة واحدة لكل منهما، موزعين على دوائر «الصعيد» و»القاهرة» و»غرب الدلتا».
ويتوقع إضافة قائمتين إلى اللائحة النهائية للقوائم المتنافسة، بعدما حصل تحالف «الجبهة الوطنية - تيار الاستقلال» على حكم قضائي يلزم لجنة الانتخابات بإدراج قائمتيه على دائرتي الصعيد والقاهرة ووسط وجنوب الدلتا، اللتين كانت اللجنة استبعدتهما من اللائحة الأولية للترشيح، ليرتفع عدد القوائم المسموح لها بخوض الانتخابات إلى 11 قائمة بدلاً من 9 .
في المقابل ستكون المنافسة على المقاعد المخصصة للفردي (448 مقعداً) أكثر شراسة، وأظهرت اللائحة الأولية للمرشحين أن خارطة المنافسة سيتصدرها المستقلون. فمن بين 5420 مرشحاً قُبلت أوراقهم، تصدر ائتلاف «الجبهة المصرية» الذي يقوده حزب «الحركة الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، ترشيحات الأحزاب بالمنافسة على نحو 300 مقعد، فيما حل حزب «الوفد» ثانياً بنحو 275 مرشحاً، وجاء بعده حزب «المصريين الأحرار» بـ 230 مرشحاً، وبعده حزب «النور» السلفي بنحو 200 مرشح، ثم «مستقبل وطن» بـ 190 مرشحاً. وتبرز تلك الأرقام ضعف الأحزاب المصرية، إذ لم يتمكن أي حزب من المنافسة على كل مقاعد البرلمان. ونظراً إلى أن تلك الأحزاب ستنافس بعضها بعضاً، إضافة إلى منافسة المستقلين، فمن المتوقع ألا تحصل الأحزاب مجتمعة على حصة تتجاوز نصف عدد مقاعد البرلمان، في مقابل غالبية ساحقة لمصلحة المستقلين.
وتخالف تلك التوقعات طروحات كثر الحديث عنها حول إمكانية حصول صدام في الصلاحيات بين الرئيس والبرلمان المقبل. وكان السيسي تحفظ خلال حديث أخير على مواد في الدستور الذي «كتب بحسن نية والبلاد لا تدار بحسن النيات»، داعياً المصريين إلى حسن اختيار نوابهم، منبهاً إلى أن سوء الاختيار قد يسبب «عرقلة تقدم البلاد». لكن بالنظر إلى أن كل الأحزاب المتنافسة تقف في صفوف الموالين للرئيس، كما أن الانطباع الحاكم عن كتلة المستقلين، السعي إلى جلب الخدمات لدوائرهم، سيكون من اليسير على النظام الحاكم إدارة توافقات سياسية مع البرلمان الجديد. |