التاريخ: أيلول ١٦, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
الحراك المدني يتحول فوضى وقطع طرق في بيروت
حوّل شباب الحراك المدني بعض أحياء وسط بيروت التجاري الى منطقة محظورة وإلى مزبلة أمس، مع أن تحركهم كان بدأ الشهر الماضي احتجاجاً على تفاقم أزمة النفايات في العاصمة وجبل لبنان، وتحوّلت خطواتهم الى أعمال فوضى يقودها فتية صغار أغرتهم لعبة الظهور على شاشات التلفزة ووسائل الإعلام، فأخذوا يرمون محتويات مستوعبات النفايات في الطرقات وأمام المباني التجارية، وأقفلوا الطرقات المؤدية الى مبنى اللعازارية بحجة تصعيد خطواتهم لإجبار وزير البيئة محمد المشنوق على الاستقالة، عن طريق قلب المستوعبات عند تقاطع الطرقات.

لكن ما قاموا به حال دون وصول مئات الموظفين الى أعمالهم ومكاتب الشركات على أنواعها، ومنع مواطنين من أن يصلوا الى هذه الشركات والمكاتب لإنجاز معاملات أو متابعة أمورهـــم، كما حالوا دون بلوغ السيارات المواقف، وأقفلوا طريقاً موازياً لمجمع أبنية اللعازارية يربط وسط بيــــروت بأوتوستراد بشارة الخوري، أحد الشرايين الرئيسة لطرقات العاصمة.

وتصاعدت أعمال الشغب والفوضى عصر أمس حين قام فتية لا يتجاوز عددهم الـ40، أعمارهم بين 15 و17 سنة، بإفراغ مستوعبات النفايات عند كل مداخل مجمع اللعازارية الذي يضم مئات المكاتب التجارية فضلاً عن مكاتب بعض السفارات، ثم جروا بعض هذه المستوعبات الى دا خل باحة التجمع وفلشوا أكياس النفايات فيه، على مرأى من عناصر قوى الأمن الداخلي وفرقة مكافحة الشغب الذين اكتفوا بالتفرج عليهم، نظراً الى الأوامر الصادرة إليهم بعدم التعرض بالقوة للمتظاهرين، تجنباً للاصطدام بهم.

وأخذ الفتية يطلقون هتافات ضد المشنوق والحكومة وطالبوا المصورين بتصويرهم. وأقفر وسط بيروت من المارة فيما شهدت الطرقات المحيطة به زحمة سير خانقة وتحوّل تعاطف الناس مع الحراك الشبابي والمدني تعبيراً عن وجع الناس من الأوضاع الحياتية المتردية وسخطها جراء أزمة النفايات، الى غضب واستياء من أعمال الشغب والأعمال غير المسؤولة، إذ إن بعض خطوات هذا الحراك انقلب من الاعتراض على الطبقة السياسية الى اعتراض لحركة الناس العاديين، فضلاً عن أنه أدى الى توزيع أضرار النفايات المتراكمة على الطرقات بعد أن كانت محصورة على جوانب بعض الأرصفة، إذ إن الفتية الذين تولوا فلشها فتحوا أكياسها وأخذوا يرمونها أينما كان.

وظهرت مجدداً مظاهر عدم التنسيق بين هيئات الحراك المدني المتعدّدة، وكانت حملتا «بدنا نحاسب» و»حلوا عنا» استبقتا تحرّك اليوم الذي دعت إليه حملة «طلعت رحتكم» في قلب بيروت بالتزامن مع انعقاد الجلسة الثانية للحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري. فقد فوجئ موظفو مبنى الواردات في وزارة المال في طلعة بشارة الخوري بعشرات الشبان والشابات عند الثامنة إلا ربعاً صباحاً يحاولون الدخول إلى مدخل المبنى لكن القوى الأمنية وبعض الموظفين الذين حضروا باكراً استطاعوا إقفال الباب قبل تمكنهم من ذلك. وتجمّع الشبان على الرصيف المحاذي لمدخل الوزارة للمطالبة بعدم دفع رواتب النواب والوزراء ورفعوا لافتات كتب عليها: «راتب كل نائب سنوياً 153 مليون ليرة»، «بدنا نحاسب ونص»، «من أين لك هذا؟». ورددوا الشعارات الداعية إلى النزول إلى الشارع ومحاربة الفساد.

وشددت حملة «بدنا نحاسب» في بيان تلته رلى تلج على ضرورة «وقف رواتب النواب الممدين لأنفسهم والوزراء وتحويلها إلى المواطنين والموظفين الكادحين أصحاب الحقوق الذين تمارس السلطة بحقهم الترهيب النفسي فتوهمهم بعدم توافر السيولة لرواتبهم».

واعتبرت «أننا نقف أمام محطة جديدة من محطات الفساد في الدولة وأمام صرح تابع لوزارة المال يقصده اللبنانيون ليدفعوا أموالهم سداداً للضرائب»، لافتة إلى أن «النواب تقاضوا منذ التمديد لأنفسهم 82 مليار ليرة وهذه كلفة التمديد لمجلس غير قائم بأعماله».

وأشارت إلى أن «وزارة المال تلزم صلاحياتها إلى مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ليسيطر على مفاصل الوزارات كافة، خادماً الجهات المانحة من دول وصناديق ومصارف، والجهات الدائنة». ورأت أن «الأموال التي ندفعها هنا تدفعها الدولة لشركات أمثال «سوكلين» وأخواتها».

وكان الناشطون المضربون عن الطعام اجتمعوا صباحاً مع وزير البيئة المشنوق، وخرجوا بـ «نتائج سلبية» .

وقال المضرب عن الطعام وارف سليمان: «بدأنا الحوار مع وزير البيئة بالعتب عليه بعد مضي 14 يوماً على إضرابنا من دون أن يرسل لنا أي طبيب ولم يرف له جفن». وأضاف: «سألناه عن استقالته، فكانت وجهة نظره انه مع هذا الحراك، ويحارب الطقم السياسي من الداخل».

وأضاف: «ألمح (المشنوق) إلى أن وضع البلد لا يسمح بالاستقالة، وطرحنا عليه خطة ليستقيل، فإذا قدم استقالته لم يعد يهمنا إذا قبلت أو رفضت، إلا أننا نكون أعلنا انتصارنا معنوياً في الشارع، لكنه لم يعط أي رد».